القاهرة تبذل جهودا كبيرة من أجل حل الأزمة الليبية على أساس سياسى

تواصل مصر جهودها من أجل إيجاد حل سياسى للأزمة الليبية المستعصية، وتعمل على جمع الفرقاء إلى مائدة الحوار فى القاهرة،

 للاتفاق على سبل عبور مرحلة الفوضى إلى الاستقرار السياسي، وإعادة إعمار الدولة.

على مدار أكثر من عقد من الزمان، تسعى مصر إلى وضع قاعدة دستورية للتحاور حولها، وإعادة توحيد مؤسسات الدولة، لاسيما المؤسسات العسكرية والأمنية، وإعادة بناء الدولة الليبية من جديد، ونجحت فى عقد العديد من اللقاءات بين مختلف الفصائل والكتل السياسية وزعماء القبائل، إلا أن التدخلات الأجنبية والمرتزقة يحيكون دائما المؤامرة من أجل استمرار حالة الفوضى فى ليبيا، لنهب ثرواتها.

وفى مرحلة جديدة من المساعى المصرية لجمع الفرقاء الليبيين، زار كل من المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وخالد المشرى رئيس مجلس الدولة القاهرة، مؤخرًا، واستقبلهما المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب.

وأكد جبالى على دعم مصر لسيادة واستقرار ليبيا باعتباره امتدادا للأمن القومى المصرى مؤكدًا على دعم مصر الكامل لجهود مجلس النواب الليبى والمجلس الأعلى للدولة فى ليبيا والتى تُوجت بالتوافق حول الوثيقة الدستورية والتى تُعد خطوة مهمة فى إطار الوصول إلى تسوية تُنهى الأزمة الليبية من خلال حل ليبى – ليبي.

ومن جانبه، قدم المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبى الشكر للدولة المصرية وجهودها من أجل التوصل لتوافق ليبى – ليبى والتى أسفرت عن التوافق حول الوثيقة الدستورية بين مجلس النواب الليبى والمجلس الأعلى للدولة فى ليبيا كما جدد خالد المشرى رئيس المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا الشكر للدولة المصرية قيادة وشعبًا على تبنيها واستضافتها اجتماعات المسار الدستورى وهو ما يتناسب مع العلاقات التاريخية المصرية – الليبية.

كما وجه المشري، الشكر لمصر قيادة وشعبا على مساعدة بلاده فى الوصول إلى قاعدة دستورية واضحة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وأضاف المشري، فى تصريحات له: استطعنا من خلال اللجان التى اجتمعت فى القاهرة والغردقة على مدار عام ونصف العام الوصول إلى وثيقة دستورية واضحة المعالم، مؤكدا أنه لم يكن لهذه اللجان أن تجتمع فى ليبيا فى ظل حالة الانقسام الشديد الذى تشهده البلاد.

وأضاف: "أنه  بفضل الرعاية المصرية الكريمة تم وضع العربة على الطريق الصحيح، مضيفا أن القوانين التى ستكون محل خلاف ستطرح أمام الشعب الليبى المصدر الرئيسى للسلطات للاستفتاء عليها، وسنعمل على تذليل العقبات.

واتفق رئيسا مجلس النواب ومجلس الدولة الليبيان، على وضع خارطة طريق واضحة ومحددة يعلن عنها لاحقا لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية سواء التى تتعلق بالأسس والقوانين أو المتعلقة بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات، فى أعقاب الاتفاق على الوثيقة الدستورية.

وانتهت المباحثات بين رئيسى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، إلى إنجاز وثيقة دستورية توافقية للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وتتضمن الوثيقة مجموعة من المبادئ، وهي: قيام اللجنة المشتركة بين المجلسين بإحالة الوثيقة الدستورية للمجلسين لإقرارها طبقا للنظام.

ووضع خارطة طريق واضحة ومحددة يعلن عنها لاحقا لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية سواء التى تتعلق بالأسس والقوانين أو المتعلقة بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات.

وتقدم رئيسا المجلسين بجزيل الشكر لجمهورية مصر العربية قيادة وشعبا لاحتضانها وتوفيرها الأجواء المناسبة لإجراء مباحثات المسار الدستورى التى أفضت إلى هذا الاتفاق.

ومن جانبها، رحبت مصر، بنتائج اجتماع رئيسى مجلسى "النواب" و"الأعلى للدولة" الليبيين، مؤكدة أن مسار اللجنة الدستورية الليبية هو السبيل لحل الأزمة سياسيا.

وقالت وزارة الخارجية، فى بيان لها، إن توافق رئيسى مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح ورئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" خالد المشري، على إحالة مشروع الوثيقة الدستورية للمجلسين لإقرارها، بهدف استكمال الإجراءات المتمثلة فى القوانين الانتخابية والإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات الليبية، خطوة هامة على صعيد المضى قدماً صوب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن فى ليبيا فى أقرب وقت.

وأشاد المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير أحمد أبوزيد، بدور مجلسى النواب والدولة الليبيين فى اضطلاعهما بمسئولياتهما، مشيراً إلى أن مسار اللجنة الدستورية الليبية المكونة من المجلسين، والذى انطلقت جولاته من القاهرة فى أبريل ٢٠٢٢ برعاية من الأمم المتحدة، هو المسار الرئيسى الذى يجسد إرادة الشعب الليبى باعتباره جاء بملكية ليبية خالصة من جانب المؤسسات الليبية ذات الاختصاص، وبهدف استيفاء جميع الأطر التى تتيح تنفيذ التسوية السياسية نحو المستقبل.

كما أعرب أبوزيد عن تطلع القاهرة لاستكمال المجلسين لباقى مهامهما فى الفترة القادمة، مؤكدًا أن مصر ستظل دائماً داعمة لخيارات الشعب الليبي، ومساندة لدور المؤسسات الليبية، وبما يفضى إلى تحقيق أمن واستقرار ووحدة ليبيا، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من أراضيها، والحفاظ على سيادتها ومقدرات الشعب الليبى الشقيق، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مسارى باريس وبرلين.

دوليًا، رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، بتلك الخطوة، وحثت فى بيان  لها القادة السياسيين الليبيين على الإسراع فى الاتفاق على ترتيبات كاملة ونهائية ومحددة زمنيا للسير بالبلاد نحو الانتخابات خلال 2023.

وقالت البعثة الأممية إنها "تحث المجلسين بقوة على الإسراع فى التوصل إلى اتفاق كامل ونهائي، بما فى ذلك حول القضايا الخلافية، بغية استكمال الخطوات الضرورية لإجراء انتخابات وطنية شاملة ضمن إطار زمنى محدد".

وجددت البعثة "التأكيد على أنه من واجب القادة السياسيين إبداء التزام حقيقى ومتواصل إزاء تحقيق سلام دائم من خلال البناء على الاتفاقات السابقة لمجلسى النواب والأعلى للدولة، بهدف حل الأزمة السياسية عبر إجراء الانتخابات فى أقرب وقت ممكن".

ويرى الخبراء السياسيون أن مصر تبذل جهودًا كبيرة من أجل حل الأزمة الليبية على أساس سياسي، وإنهاء حالة الفوضى والانقسام، وصولا إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، تفضى إلى البدء فى مرحلة إعادة الإعمار وبناء الدولة.

وأعرب حسن الزرقاء، عضو مجلس النواب الليبي، عن تفاؤله بشأن الاتفاق بين مجلسى النواب والدولة بشأن الوثيقة الدستورية، مشيرا إلى أن هذا اللقاء كان من الصعب إتمامه لولا جهود مصر، وثقة الجميع بها فى ليبيا.

وأضاف أن التقارب بين مجلسى النواب والدولة، خطوة مهمة فى طريق حل الأزمة فى ليبيا، معتبرا أن المشهد السياسى فى ليبيا سوف يتغير بعد هذا اللقاء، وسيقود المجلسان الجهود نحو إعداد خارطة طريق تؤدى إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

ولفت إلى أن المفاوضات بين الطرفين سوف تستمر إلى حين الانتهاء من الاتفاق على كافة النقاط الخلافية بشأن ترشيح العسكريين ومزدوجى الجنسية، ومصير المؤسسات الأمنية والعسكرية والميلشيات والأسلحة والمرتزقة، وغيرها من الأمور الخلافية، ثم تعتمد البعثة الأممية تلك الخارطة، ليتم بعدها تشكيل حكومة موحدة للإشراف على إجراء الانتخابات.

وقال الباحث السياسى الليبي، أحمد الفيتوري، إن عقد لقاء بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، إنجاز مهم، مشيرا إلى أن ذلك يثبت قدرة القاهرة على جمع الطرفين، ويؤكد أن مصر تتمتع بثقة كبيرة لدى جموع الليبيين، لاسيما أنها تسعى إلى التوصل إلى حل سياسى سلمى للأزمة الليبية.

وأضاف أن هذا اللقاء وإنجاز الوثيقة يجب البناء عليه، وتضافر كل الأطراف المحلية والدولية من اجل المضى قدمًا فى المزيد من التقارب بين الأطراف الليبية المتناقضة.

وشدد على ضرورة أن تتضافر الجهود الدولية والإقليمية مع الجهود المصرية، للوصول إلى اتفاق شامل يضمن إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، معتبرًا أن حالة التجاهل واللامبالاة من المجتمع الدولى تجاه ليبيا غريبة، ويجب على الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة التحرك بجدية نحو إنهاء الأزمة الليبية.

وكشف المركز الليبى للدراسات ورسم السياسات، فى تقرير حديث له، أن الأطراف الدولية المعنية بالمسألة الليبية تجنح إلى منطق الحَذر ولم يقابَل ما اتفق عليه رئيسا المجلسين فى مؤتمرهما الصحفى بالقاهرة، بـ"استبشار".

 ويرجع المركز السبب إلى "تحفظ مسبق على مضامين خريطة الطريق، وما قد يترتب عليها من تعثر المسار السياسى ودفع الانتخابات إلى المجهول"، مضيفاً: "ليس مستبعداً أن يكون إعلان المشرى وصالح عن التوصل إلى اتفاق حول إجراء الانتخابات والتوافق على القاعدة الدستورية وتجاوز النقاط الخلافية محاولة لتجاوز حالة الضغط الدولى ابتداءً، والشعبى بدرجة أقل".

وقال الدكتور أحمد عليبة، الخبير فى الشئون الليبية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إن الأزمة الليبية واحدة من أعقد الأزمات فى المنطقة العربية، وتعمل مصر بكل الجهد بالتعاون مع الأطراف الدولية والأمم المتحدة على حلها سياسياً.

وأضاف أنه منذ أكثر من عقد من الزمان لم تشهد الساحة الليبية حلا حاسمًا، ولكن كل ما تم طرحه ليس إلا حلولا تكتيكية مرحلية، معتبرا أن كل ذلك يرجع إلى تقاطع المصالح الأجنبية والتدخلات الخارجية فى ليبيا، بالإضافة إلى انتشار الأسلحة والميلشيات والمرتزقة على الأرض.

وأوضح أن مصر تعمل على إنقاذ الموقف، والتحرك إلى الأمام نحو حل سياسى جذري، مشيرا إلى أن جمع رئيس مجلس النواب الليبى عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، فى القاهرة بشأن الوثيقة الدستورية، خطوة مهمة جدًا من مصر، نحو مواجهة حالة الانسداد السياسي، وحلحلة الأزمة، لاسيما أن هذه الخطوة يتبعها خطوات أخرى، تنتهى إلى إجراء الانتخابات.

ونبه إلى أن الاتفاق بين صالح والمشرى بالقاهرة على الوثيقة الدستورية، يعنى أنها تضع أساسًا للحل فى ليبيا عبر قاعدة الدستور، ولكن مازالت هناك خلافات بين الطرفين، لاسيما على ترشيح العسكريين ومزدوجى الجنسية للانتخابات الرئاسية، كما أن وجود حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها يشكل عقبة أخرى أمام تنفيذ الاتفاق والانتقال إلى مرحلة الانتخابات، مشددًا على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولى مع مصر من أجل حل المسائل الخلافية العالقة بين الأطراف الليبية وصولًا إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي، والانتقال من مرحلة الفوضى إلى الاستقرار والبناء والتنمية.

Katen Doe

صبرى عبد الحفيظ

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave
ابوالغيط

المزيد من سياسة

wave
أجواء الحرب العالمية الثالثة تلوح فـوق البحر الأسود

تصاعدت حدة المواجهات بين أمريكا وروسيا بشكل مفاجئ على خلفية الحرب الأوكرانية، وذلك فى أعقاب إسقاط طائرة

مصر تربك حسابات "بارونات القمح" بقرار الانسحاب من اتفاقية الحبوب الأممية

يحرص الرئيس "السيسي" فى كل مناسبة أن يبعث بمجموعة من الرسائل للداخل والخارج؛ علّها تكون مرشدًا ودليلاً للخروج

فيلم يروى بطولات شهداء مصر فى الحرب على الإرهاب

حما أرضه وصان عرضه ولا انحنى لغير مولاه

أسر الشهداء: الدولة لا تنسانا أبداً.. وتكريم الرئيــس مصدر فخر واعتزاز

لقد اختارهم القدر أن يحملوا لقب شهداء، وإن كانوا قد تركوا فى القلب غصة، بعدما راحوا ضحية الإرهاب الغاشم الذى...