قراءة في ديوان ( قصاقيص أحلام ) للشاعر / أحمد زغلول

( قصاقيص أحلام ) هذه هي التركيبة اللغوية التي غزلها أو حاكها الشاعر / أحمد زغلول ببراعة وارتضاها ليصدر بها منتجه الشعري كلافتة دالة ومفتاح أولي يضعه بين يدي قارئه

( قصاقيص أحلام ) هذه هي التركيبة اللغوية التي غزلها أو حاكها  الشاعر / أحمد زغلول ببراعة وارتضاها ليصدر بها منتجه الشعري كلافتة دالة ومفتاح أولي يضعه بين يدي قارئه للدخول إلى عالمه الابداعي الذي يمور بين ضلفتي ديوانه أو بالأحرى بين كائنات هذا العالم أو قصائده .. هذا إذن هو عنوان الديوان الذي نحن بصدد قراءته ..

(قصاقيص أحلام ) هذه التركيبة اللغوية المُنتجة من تجاور جمعين مُنكرين لإثبات شمولية ما غير محدودة ولا مُحددةٍ لتضعنا منذ البداية أمام معنى إبداع منفتح بلا شواطئ ؛ والتي تنجز الدهشة في متلقيها بوصفها ( قصاقيص ) لأحلام ؛ فتدل على مدى خبرة الشاعر وتمكنه من صنعته الفنية ؛ خصوصاً أنه بعد أن عاشرنا كائنات هذا العالم – الديوان – معاشرةً نصيَّةً فقد تأكد لنا أن مساحة إنجاز الحلم خلاله تتضائل كثيراً وتتقازم أمام إنجاز مساحة التجربة الحياتية الحقيقية بواقعيتها المعاشة بصدق وبراءة وعفوية وبراعة فنية .. مما يدل على غلبة الصنعة والحرفية في غزل أو حياكة هذا العنوان ويؤكد إرادة الشاعر مع سبق الإصرار والترصد تصدير منتجه بمعنى كُلي شامل .. وذلك ليس عيباً يشار به للشاعر بقدر ما هو إشارة مبدئية دالة وجرس تنيه إلى أنك أيها القارئ ستكون بين يدي شاعر صنَّاع ليس عادياً أو كلاسيكياً تقليدياً مُجتراً لتجارب سابقة أو نسخة مُكررة ممسوخة كما هو حال الكثير من النسخ المطروحة في الوسط الثقافي ؛ مما يضع شاعرنا في ثلة الشعراء الحقيقيين الذي يملك كل منهم عناصر خصوصيته وفرادته .. يقول  د. محمد مصطفى أبو شوارب في مقدمته لهذا الديوان :

" إن قصائد هذا الديوان لا تتورط في المباشرة والسطحية على الرغم من نقائها ووضوحها الشديد ؛ ولا تسقط في الغموض والالتباس ؛ على الرغم من احتماليتها أحياناً وما تفجره من طاقات إيحائية " .. أمَّا عن العناصر الفنية فيقول : " إنها تكشف بوضوح عن نضج موهبة الشاعر وقدرته على إحكام اللغة والسيطرة على حركتها ؛ كما تكشف عن مهارته في التقاط مفردات الصورة الشعرية وإعادة تشكيلها وعن إحساس واع بالإيقاع الموسيقي وبدوره في التجربة ؛ كما تكشف عن أسلوبه الخاص في بناء نصوصة الشعرية بطريقة تميل إلة الومض والتكثيف " ..

ولعل خصوصية البناء التي أشار إليها د. أبوشوارب تتجلى في ثلاث تشكيلات متمايزة لبنية القصيدة في هذا الديوان وتلك سمة خصوصية وتفرّد رغم أنه الديوان الأول ؛ الأمر الذي يشي أنه ليس كل ما لدى الشاعر من منتج فني فهناك بالتأكيد مرحلة سابقه له من الكتابة ومرحلة تالية عليه ..

وسوف تتوزع قراءتنا لهذا الديوان على محاور ثلاثة نقترح لها عناوين :

  1. -      تحولات الذات  والمكان والبناء الفني للقصيدة .. وسوف يغطي هذا العنوان القصائد الأولى من الديوان من ص 9 حتى ص 27 وهي عشر قصائد .
  2. -      الخبرة ودليلي اتساع الرؤية في القصيدة البرقية ... وسوف يغطي هذا العنوان المرحلة الثانية والمعنونة ب ( حالات مختلفة ) وهي قصائد برقية أو برقيات شعرية مما يطلق عليه قصيدة الومضة من ص 27 حتى ص 35 وهي 13 قصيدة .
  3. -      انفتاح التجربة وتحولات الزمان ... وسوف يغطي هذا العنوان باقي قصائد الديوان .

يبني شاعرنا قصيدته في المجموعة الأولى من قصائد ديوانه بتقنية فنية بارعة تخصه وتخصصه وتفرده من خلال انتاج حالتين على التوازي بينهما علاقة عضوية ووشيجة حسية ومكانية ؛ واختلاف زماني ينتج المفارقة والأثر الذي يريد أن يتركه الشاعر ويثبته في متلقيه أو قارئه وتنتظم هذه البنية كل قصائد المجموعة اولى بلا استثناء مما يثبتها للشاعر كتقنية فنية تميزه وتخصصه كما أسلفنا ..

ففي قصيدته الأولى بعنوان ( أصبح بخيل ) يقول شاعرنا :

كنت المحه

وقت اما يتلقى السؤال

سنك يا شاطر كام سنه ؟

ووقتها

عمر ف إجابته م كان بخيل

كان يرمي فوق سِنه سنين

من غير حساب .

إلى هنا يكون الشاعر قد انتج لنا الحالة الأولى وهي حالته أو حالة الذي يخبر عنه وأكبر الظن أنه هو يُجرد من ذاته ذاتاً في مرحلة عمرية ما هي كما بلمح الخطاب مرحلة المراهقة ..

التي ترغب الذات خلالها أن تكون أكبر من عمرها الحقيقي أو أنها تستشعر في نفسها ذلك ..

ثم ينتقل إلى انتاج الحالة الثانية والتي يؤكدها تغير الفعل من ( كنت ) إلى ( دلوقتي ) :

دلوقتي ليه أنا بالمحه

من بعد م يعد في صوابعه يعضها ( أي أسفاً )

أصبح بخيل

دايماً يحس انه اتسرق .

نلاحظ تحول شيمة النفس من الكرم إلى البخل ..وهو الأثر الذي يريد الشاعر أن يتركه مع تحول الزمن بالنفس البشرية ..

في النص  الثاني نلاحظ نفس البنية الفنية حيث تبداً الحالة الأولي مع ( كنا ) المسبوقة بحرف ( واو ) الإضافة مما يفيد أنها حالة مسبوقة بأخرى ومضافة إليها أغلب الظن أنها القصيدة الأولى حيث ( كنا ) تفيد الجمع وليس الإفراد ؛ فالمقصود الحالتين السابقتين واللتان هما معاً ذات الشاعر في كلٍ واحدٍ متحد  :

وكنا نعبي ف جيوبنا حكاوينا وأحلامنا

ونتشاقى ..

إلى أن يقول :

ولا عمرك شغلت البال ولا عمري ..

حيث تنتهي الحالة الأولى لتبدأ الحالة الثانية مع قوله :

فليه يا صاحبي بتلومني ف تكشيرتي

وبيت شعري اللي متلفع بشال منهوك .. إلى آخر القصيدة

وهنا نلاحظ استخدام الشاعر لأبجديات الطبيعة : القمري – شفايف الورد – الشوك – عيون الشمس .. يضفرها بأبجديات الخاص :  جيوبنا – المريلة الكحلي – البال – الشال المنهوك – القلب – طعم المرار .. ليمتزجا معاً بكيمياء الشعر لإنتاج الأثر المرجو ..

في قصيدة ( قناعة ) تكون الحالة الأولى خاصة بشخص والثانية خاصة بشخص آخر هو جاره

فتصور الحالتان معاً شريحة هامة من شرائح الواقع الاجتماعي وتبلور عملية الحسد بين الجيران وتقد النصيحة للشفاء منها :

نفسك هفاك

على طعم العنباية الطارحة

ف جنينة جارك

نفسك تستطعم حباتها في بقك

تتضلل تحت سماها ف يوم

وترشرش عنقودها بعطرك .

إلى هنا تتم الحالة الأولي ؛ ثم تأتي كلمة ( ملحوظة ) كقطع يفصل بينها وبين الحالة الثانية التي تتضمن العلاج :

حاول تسقي العنبايه الطارحه ف دارك

ليشد عطشها ف يوم حنيّة جارك .

وهكذا ... ينجز الشاعر تجربته فنياً خلال هذه المرحلة وكأني به وقد سأله سائل هذا السؤال فأجابه بهذه القصيد بعنوان ( على شطك ) التي تتناول الهم العام ويتضح جلياً بها التأثر بالبيئة السكندرية وبها إقرار صريح عن كيفية تفتح ورود شعر الشاعر :

بامرغ قلبي في ترابك

وباتمسح في أعتابك

ويجي الليل

ألم شوارعك التايهة في تكويني

وباطلقها في أحلامي

تنسيني هموم اليوم

وحين الصبح م يصبح

أقوم اغسلها بمشاعري

ف تتفتح ورود شعري .. إلى آخر القصيدة ..

التي يتأكد لنا معها أن إحساس الشاعر بالغربة في وطنه هو من أهم مفجرات الهوس الإبداعي لتجربته فالغربة ليست بالانتقال بالجسد من مكان إلى مكان ولكنها الاحساس بالاغتراب في الوطن والأهل والصحاب الذي يجعل الشاعر يصرح :

وبنكش كل يوم عني .

في قصيدة ( جايز ) تبدأ الحالة الأولى بتعبير فني رائع عن ضيق المسافة الفاصلة :

ورقة بافره يا دوب

كانت الحد الفاصل .

بين الولد الذي يكني عنه الشاعر بلفظة ( الجينز ) والبنت الذي يكني عنها بلفظة ( الجيبة ) :

بين الجينز

وبين الجيبه الفاضحه .

وتوق الالتصاق الذي يعبر عنه بقوله :

باتمنى مطب

حيث تنتهي الحالة لتبدأ الحالة الثانية مع قوله :

إحساسي المرة دي غريب .

إلى أن تنتهى القصيدة .

في قصيدة ( عايش ميت ) يبدأنا الشاعر بحالة عامة :

كان نفسه يعيط

لكن

مش دايماً بيلاقي مشاعره منين م يعوزها

من وقت م غير دايرة قلبه

وهوه ملخبط.

 ثم يعمد لإنتاج الحالتين بتكثيف شديد في أربع أسطر شعرية :

احياناً

يضحك في صوان العزا

رغم ان الميت كان .....!

كان عيط يوم دخلته

مع أنه

كان بيحب البنت بجد.

ثم يفصل للحالة الثانية :

بعدها سافر

فايت جوه رحمها بواقي الحلم الكاذب

وبراح م يسعش اتنين ..

إلى آخر القصيدة التي تنتهي بحالة من التوحد المبد الأكثر روعة :

ولوحده

كان المقرئ

وطابور الناس

والميت .

في هذه القصيدة التي تبلور خيبة أمل العريس مع عروسه التي يحبها وموته المعنوي بالسفر يؤكد الشاعر على معنى صوفي مؤداه كما عبر عنه الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور في مسرحيته 0 مأساة الحلاج ) حين قال :

الحبُ الصادق

موت العاشق

حتى يفني في المعشوق .

ينتقل شاعرنا بعد ذلك إلى قصيدة لصاحبه وأكبر الظن أنها لنفسه فهو كالعادة يجرد من ذاته ذاتاً وتلك خصيصة من خصوصياته الفنية لتتبلور لنا سمة أخرى من سماته الفنية إلا وهي سمة الحكي والتداعي وهي سمة نثرية بالأساس ولكن الشاعر يجيد استخدامها في شعره فتضيف جماليات زائدة إلى جمالياته ؛ وسمة الحكي تتكئ كما هو معروف على تقنية ال ( كان وكان  أيام م كان ) ..وهي قصيدة ( صاحبي العجوز ) التي يؤكد شاعرنا من خلالها على الغربة النفسية من خلال النفارقة :

من أد إيه م قابلتهوش

مع إننا

عايشين سوا

اللقمة والهدماية واحدة

صمتنا

نفس الكلام

والبسمه والتكشيرة لأ

ما اتغيروش .

وفي هذه القصيدة يؤكد شاعرنا على أن الشعر هو رحلة غايتها  البراءة والطفولة  :

أيام م كان الحلم لسه في لفته

حلمك تكون راجل كبير

لو كنت تعرف إننا

أحسن كتير

واحنا صغار .

وفي قصيدتيه ( رفرف وطير ) و ( أجمل ولد ) يتوجه الشاعر بالخطاب لإبنه ؛ ونلاحظ أنها أيضاً تنتهج نس التقنية الفنية والبناء الشعري فيجئ المقطع الأول من قصيدة ( رفرف وطير ) بمثابة تهيئة ومدخل لتقبل البن لمل سيأتي من نصائح والده له وفيه إجمال :

وباحب موت لون بسمتك

ولا عمري حسيت الحرج

وسط البشر

لو بوست إيدك  .. جزمتك

م أنا عمري محسوب في الحياة

يوم مولدك .

بعد ذلك يأتي التفصيل وتأتي النصائح في ثوبها الفني كتشبيه قلب الشاعر بالطائر الكبير والأطفال بالعصافير لتكون النصيحة بالحرية في قوله : رفرف وطير .. أي كُن حُرَّاً طليقاً ..والنصيحة بالاستقامة والثبات والرسوخ في قوله :

إياك تطاطي لأي شئ وتقول ده ريح

عايزك تكون زي النخيل .

وعدم الالتفات للحاقدين المعرقلين في قوله موظفاً أو متناصاً مع القول المأثور ( الكلاب تعوي والقافلة تسير ) :

واعى الكلاب لو هوهوت مرة عليك

إياك تفكر تلتفت .

وهكذا ينتج شاعرنا لإبنه قصيدتين غاية في الروعة والابداع بما يدغدغ مشاعر الأبوة لدي القارئ بقدرة فنية فائقة وبراعة وجمال يقول في قصيدة ( أجمل ولد ) :

بابا يااااه

وكأنك دوبت الكلمة ف سكر

وباحسك كون

جوايا بيكبر

واما شفايفك تلاغيني

بكلام النونو المتكسر

القاني باكسّركل حواجز الخوف  والهم

وبيضحك جوه عروقي الدم .. الخ ..

ولا تخلو هذه البنية الشعرية المتفرَّدة من دفوع قومية تكون ال ( هي ) فيها هي الوطن فتأتي قصيدة ( يا طيبة ) لتؤكد تباهي هذه الدفوع في نفس الشاعر ؛ وتمتاز ببساطة وبراعة الطرح الشعري حين يجعل الشاعر من الأم معادلاً موضوعياً لمصر :

مستنظرين مسحة إيديكي الطيبة

مستنظرين الطبطبة

ورغيفك المغموس بطين المصطبة .

وهي قصيدة في مجملها عبارة عن لوحة فنية تشكيلية بارعةتكاد تراها وأنت تقرأها وكأنها خطت بريشة فنان رسام .. ولكنها – كما أرى – تنتهي عند قوله :

يا ام الولاد عايشين كابوس

يا طيبة .

ويمكن الاستغناء عن المطقع الأخير بكامله لأنه لم يضف شئ إلى ما قيل بل إنه قد قيل ضمناً .

أمَّا إذا وصلنا إلى ( حالات مختلفة ) وهي مجموعة القصائد القصيرة أو الومضات أو البرقيات الشعرية ؛ فتعد كل قصيدة منها نمطاً من أنماط الصورة الكلية فهي بنية فنية مختلفة عن سابقتها لأنها تعتمد الاكتناز والتصوير وإنفاذ الرأي والرؤية بأقل عدد ممكن من الألفاظ ؛ ويعتد شاعرنا في انتاجها على المقابلة والمفارقة أيضاً ؛ ولكنها تمتاز بأنها تعكس ذروة خبرة الشاعر الحياتية والفنية  ؛ وحكمته .. فهي دفقات حكمية بشكل لافت .. ودليل اتساع رؤيته مصداقاً لقول النفري:

كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة .. يقول شاعرنا  على سبيل المثال لا الحصر :

قفطك .. موقوف للدود .

غنمك .. معدود .

زمارة قطرك .. توت

قطرك ح يفوت .

م تخلص كل ايامك فجأة .. وتموت .

ويقول :

كانت ملامحها الصايته

زي طبيخ الجيش الحامض

لكن ؛ من وجهة نظر العورة

أمورة .

وهكذا يطرح شاعرنا من هذا التكنيك الفني ثلاثة عشر قصيدة ..

وهي كلها قصائد تمامة التماسك وكاملة الامتزاج فهي لا بد وأن تكون خالية تماماً من كل الزوائد والأهداب والنوافل وكل ما يسئ إلى التناسق الجماعي المدهش فيها .

بعد ذلك تنفتج تجربة شاعرنا إنتاج مجموعة كبير من القصائد التفعيلية الطويلة التي تمتاز  في انتاج جمالياتها باتكائها على المستوي الصوتي المتفتق من الانتظام العروضي والموسيقى الداخلية التي يتنجها ببراعة واقتدار من العزف على موسيقى الحروف والسجع والجناس إلى آخره والقوافي التي تأتيه طائعة دون تكلف أو تصنع وهو لا يعد أبداً لنحت القافية أو اصطناعها وتلك سمة من أهم سماته الفنية فلديه قصائد كاملة عارية تماماً من التقفية مثل قصيدة ( عايش ميت فيها ) على سبيل المثال ؛ ولديه مقاطع كاملة  عارية من القافية كما في المقطع الأول من قصيدة ( صاحبي العجوز ) والمقطع الأول من قصيدة ( رفرف وطير ) ..لكن القوافي لديه تتوزع بعد ذلك إلى نوعين هما القوافي البعيد التي يفصل بين كل منها أكثر من سطرين شعريين تصل إلى خمسة أسطر غلى غرار قوله  على سبيل المثال لا الحصر :

إياك تطاطي لأي ريح

عايزك تكون زي النخيل

حتى ولو

تخرج جريح

واوعي الكلاب

لو هوهوت مرة عليك

اياك تفكر تلتفت

ل.. هتنهشك

عايزك صريح .

والقوافي القريبة المتواترة التي تنتج ضربات إيقاعية غاية في الروعة والجمال على غرار قوله علي سبيل المثال لا الحصر :

نفسي أعيش

أفتح بإيدي كل باب

تدخل يا صاحبي للحياة من غير عذاب

وان مت يا ابني مش بإيدي

ح يكون تراب

عاد للقراب

أو قوله :

سيبك من اللون الغبي

عايزك نبي .

وهكذا ......

ولا يخلو مشروع شاعرنا من قصيدة للطفل العربي ولكنه يمتاز في هذا الخصوص بأن هم القصيدة هم قومي عروبي هو القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي ؛ ويتوجه الشاعر إلى الطفل بالخطاب باعتباره هو التاريخ يقص عليهم .. وهو يعتمد تقنية الحكي ( كان يا كان ) ويجعلها عنواناً لقصيدته ونلاحظ كيف ينجح شاعرنا في تبسيط هذا الهم للطفل  وكيف يوصل إليه الرسالة ليعرف من عدوه ؛ وكيف يزرع في هذا الطفل قيم الانتماء والغيرة على الوطن والشجاعة وغيرها وغيرها وغيرها ..

كان يا كان

أطفالنا يا حبة حنان

كان يا ما كان

كان فيه هنا

في الحته ديّه ناس .. غيطان

زرع وزتون .. قمح ولمون

حبة بشر

وحدي اللي فاضل منهم

بيقولوا عني اني التاريخ

شايل في جوه الذاكرة

حبة عيال .. إلى آخر القصيدة ..

ثم تأتي عتبة الخروج كأروع ما يكون من انتقاءات الشاعر في مواضعها الأكثر مناسبة لها :

عيان بالخوف

سرطان وف دمك

تنبت في مشاعرك

حتى ف شعرك

يا تموّت خوفك

يا تموت .

ليقول لنا شاعرنا إن الشاعر هو الانسان القادر على الوعي بخوفه والقادر على الاعتراف به والقادر على التعبير عنه جمالياً وفنياً .

الشاعر / أحمد زغلول هو واحد من أهم شعراء الاسكندرية المعاصرين وأكثرهم امتيازاً وتميزاً وقد وقع عليه وعلى ديوانه ظلم كبير وآن أن يقيد الله له من ينصفه ويضعه في المكان والمكانة اللائقين به .. أسأل الله له التوفيق والتألق الدائم وإلى مزيد من الابداع مع هذا الشاعر الذي يقطر فناً.


Katen Doe

محمود عبد الصمد زكريا

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

جماليات التشكيل الانزياحي في (الحقايق تتشاف في العتمة)
قراءة في  ديوان " الموتى يقفزون من النافذة " لفتحي عبد السميع
فلسفة المتاهة ..  مدخل لقراءة ديوان" البيوت الصغيرة"
قراءة في "تفسر أعضاءها للوقت"  لوليد علاء الدين
اللغةُ العربيةُ في يومِهَا العالميِّ
ثورَةُ الأنقاضِ
جيرار جينيت: البويطيقا والعلاقات النصية مقاربة نظرية شارحة
عن فاسدٍ خمسيني ينتصر على الموت بالحياة قراءة في ديوان " أبيض شفاف "

المزيد من دراسات نقدية

جماليات التشكيل الانزياحي في (الحقايق تتشاف في العتمة)

الصورة الشعرية في الشعر العامي ، ترتكز على الانزياح الفني ، لاسيما في قصيدة النثر العامية ؛ لأنها تهتم بتحقق...

قراءة في ديوان " الموتى يقفزون من النافذة " لفتحي عبد السميع

كم شغلت حقيقة الموتِ الفلاسفة، ومضتْ تؤرقُ مجاز الشعراء على مختلف العصورِ، فتحدثَ الشعراءُ عن الموت كمعادلٍ للفقدِ في معظم...

فلسفة المتاهة .. مدخل لقراءة ديوان" البيوت الصغيرة"

حين تقتني ديوان "البيوت الصغيرة" للشاعر أمجد ريان أحمله برفق وأصغ لنبض حرفه ،فإن كل حرف يحمل في طياته تجربة...

قراءة في "تفسر أعضاءها للوقت" لوليد علاء الدين

في مجموعة قصائد "تفسر أعضاءها للوقت " ينتقل وليد علاء الدين إلى الضفة الأخرى "قصيدة النثر" الصريحة إلى حد بعيد...