فى الخامس عشر من نوفمبر من كل عام يحتفل الشعب الفلسطينى بذكرى إعلان الاستقلال، الحدث الذى انتظره الفلسطينيون طويلاً، وتجسد بإعلان الدولة الفلسطينية
فى عام 1988 أو بما سمى بـ"إعلان الجزائر"، كما يحتفل الفلسطينيون كل عام بذكرى يوم التضامن مع الشعب الفلسطينى فى التاسع والعشرين من نوفمبر، وهو ذكرى صدور قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947، والذى على إثره أعلن قيام الكيان الصهيونى فى مايو من العام 1948.
ومع حلول ذكرى الاستقلال ينظر الفلسطينيون بإجلال لما قدمته مصر العربية لهذه القضية، عبر عدة عقود. فلا ينسى الفلسطينيون عشرات آلاف الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً لقضية فلسطين، ودفاعاً عن شعبها.
كما أن الفلسطينى ينظر اليوم فيجد أن مصر، الطرف العربى الذى لم يتراجع يوماً عن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية، ويجد مصر الطرف العربى المقاتل فى سبيل توحيد الصف الفلسطينى وإنهاء حالة الانقسام تمهيداً للدخول فى مرحلة جديدة من التحرر الوطنى، مرحلة تنتهى بتحقيق أحلام الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
فلسطين جزء من الأمن القومى المصرى
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة سامح الجارحى إن القضية الفلسطينية أحد أهم ركائز الأمن القومى المصرى على مدار التاريخ. وهذا موقف ثابت للدولة المصرية مهما تغيرت الأنظمة. ويذكر التاريخ أنه عقب إعلان دولة إسرائيل بدقائق فى 15 مايو 1948، كان الطيران المصرى يقصف تل أبيب. ليدخل الجيش المصرى الحرب ضد الكيان الغاصب، ومن بعدها عددًا من الحروب الأخرى التى خاضتها مصر دعماً للقضية الفلسطينية ولفلسطين والتى كان آخرها حرب أكتوبر 1973، والتى سبقت التوقيع على معاهدة السلام. وهى معاهدة كانت "مصر السادات" تسعى من خلالها لحصول الفلسطينيين على جميع حقوقهم واسترداد أرضهم المحتلة.
وأضاف الجارحى أن مصر فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى تعتبر القضية الفلسطينية ركيزة أساسية للأمن القومى المصرى. وهذا جزء من عقيدة القوات المسلحة المصرية، ما جعل القيادة السياسية المصرية تواصل جهودها لدعم الشعب الفلسطينى فى مختلف المجالات، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. فضلاً عن الدور المصرى الملحوظ فى إعادة إعمار قطاع غزة، ومن قبله دور القاهرة فى إنهاء الانقسام الفلسطينى، كخطوة أساسية فى تقوية الموقف الفلسطينى وإجبار دولة الاحتلال على الجلوس على مائدة المفاوضات، لبعث عملية السلام. كخطوة فى طريق حصول الشعب الفلسطينى على حقوقه التاريخية وأهمها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التى هجروا منها فى عام 1948.
جهود مصرية لكبح آلة العدوان الإسرائيلية
أشار الجارحى إلى دور مصر فى وقف جولات العداون الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو الدور الذى تتولاه مصر انطلاقاً من إيمانها بدورها التاريخى فى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى. وهو دور يعترف به العالم أجمع. مضيفاً أن مصر لا تكتفى بهذا الدور بل تتجاوزه إلى إعمار ما دمرته آلة العدوان الإسرائيلية، فضلاً عن جهود مصر فى إقرار تهدئة طويلة الأمد فى قطاع غزة، تهدئة تسمح بإعادة الإعمار وتحسين ظروف سكان القطاع المعيشية، كجزء من مخطط مصرى شامل لإقرار السلام فى المنطقة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى بإعلان دولته المستقلة على جميع التراب الوطنى المحتل فى عام 1967. وذلك لأن التسوية السياسية تنهى معاناة الشعب الفلسطينى وتحفظ الأمن القومى المصرى.
قدر مصر
من جانبه يقول الخبير فى الشئون الفلسطينية الدكتور خالد سعيد إن انحياز مصر للشعب الفلسطينى حقيقة راسخة، حقيقة تؤكدها مشاركة مصر فى جميع الحروب التى خاضتها الأمة العربية ضد الكيان الصهيونى، منذ إعلان قيامه فى عام 1948، وحتى حرب أكتوبر 1973. مضيفاً أن مصر تنحاز بصورة مطلقة لجميع المطالب الفلسطينية، وعلى رأسها ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى لجميع الأراضى العربية المحتلة فى عام 1967، وإقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وإقرار الحقوق الكاملة للاجئين الفلسطينيين فى العودة إلى ديارهم بحسب قرار مجلس الأمن 194. وهذا الموقف المصرى الثابت تكرره مصر فى جميع المحافل الدولية بوصفه موقفاً ثابتاً لمصر، موقفا يضمن الحقوق الفلسطينية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى العربى عامة، والمصرى بصفة خاصة.
وأضاف سعيد أن مصر تتعامل مع نصرة القضية الفلسطينية بوصفها قدر مصر، فهى الشقيقة الكبرى، والحاضنة الأولى للقضية الفلسطينية، ولجميع القضايا العربية. كما حدث خلال فترة التحرر الوطنى فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى. فمصر تعاملت مع ثورات الجزائر واليمن وحركات التحرر فى جميع البلدان العربية بوصفها قضايا مصرية. لافتاً إلى أن مصر تقوم حالياً بجهود داعمة للقضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة. ففى الوقت الذى تدعم حقوق الشعب الفلسطينى فى جميع المحافل الدولية، فإنها تقوم بعملية مصالحة وطنية على أعلى مستوى، لإنهاء حالة الانقسام الفلسطينى، وإعادة الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة. فضلاً عن مواصلة إعادة إعمار القطاع بعد الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية المتكررة خلال العقد الأخير.
تأييد مطلق لحل الدولتين
وشدد سعيد على أن مصر تتبنى موقفاً ثابتا فى المحافل الدولية، موقفا يدعو إلى حل القضية الفلسطينية وفق مبدأ "حل الدولتين"، وهو موقف يتطابق مع جميع قرارات الشرعية الدولية. لافتاً إلى أن هذا الموقف أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مقابلاته مع قادة وزعماء العالم، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكى جو بايدن.
وأكد سعيد أن مصر تجعل من إحياء عملية السلام هدفاً استراتيجياً خلال المرحلة المقبلة، لوضع إسرائيل أمام التزاماتها وإجبارها على الجلوس على مائدة المفاوضات ما يتيح الفرصة للجانب الفلسطينى لاسترداد حقوقه المشروعة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف تجرى القاهرة اتصالات مكثفة ومستمرة مع القوى الدولية والإقليمية، كما تعقد لقاءت ثنائية أو جماعية داخل مصر أو خارجها، بهذا الشأن وذلك بالتنسيق مع الجانب الفلسطينى، من أجل الوصول إلى الهدف الرئيسى وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإقامة دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشريف.
فلسطين "قضية مصرية"
من جانبه يقول الكاتب الفلسطينى ثائر أبوعطيوى إن الشعب الفلسطينى وهو يحتفل بذكرى اليوم الوطنى وكذلك بذكرى اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى، فإنه لا يمكن له أن ينسى من قدم عشرات آلاف الشهداء من أجل فلسطين، ومن سخر كل ما لديه لمساعدة الشعب الفلسطينى. ومن لم يمن على الفلسطينيين بالمساعدة ولا القتال من أجل قضيتهم، إنها مصر العربية التى لم تتأخر يوماً عن نجدة الشعب الفلسطينى ولم تتنازل يوماً عن هذا الواجب الذى ألزمت به نفسها كشقيقة كبرى لكل الدول العربية. مضيفاً أن مصر العربية هى الحاضر دوماً فى كل ذكرى عزيزة على الشعب الفلسطينى، فلا استقلال لفلسطين دون مساعدة مصر ولا تضامن مع قضيتها دون دعم مصر.
وأضاف أبوعطيوى ان يوم التضامن العالمى مع القضية الفلسطينية لا يخص مصر من قريب أو بعيد، فمصر لم تعلن يوما التضامن مع القضية الفلسطينية، لسبب بسيط، وهو أن مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الرئيسية، فهى شأن مصرى، مهما اختلف النظام الحاكم فى مصر. وذلك لأن الموقف من القضية الفلسطينية جزء من وعى شعبها العظيم، ومن استراتيجية قواتها المسلحة.
وأوضح أبوعطيوى أن الشعب الفلسطينى فى هذه الأيام يعيش ظروفا استثنائية بسبب حالة الانقسام وكذلك بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة فى الضفة الغربية، وهو ما دفع القيادة المصرية لبذل الجهود لإنهاء الانقسام ولوقف الاعتداءات الإسرائيلية. وهى جهود لم تتوقف حتى خلال فترات تردى العلاقات بين مصر وهذا الفصيل الفلسطينى أو ذاك، فمصر العربية تترفع عن أخطاء البعض من أجل المصلحة الفلسطينية العليا التى تعتبرها القاهرة جزءا لا يتجزأ من أمنها القومى، وقبل كل ذلك جزءا من الأمن القومى العربى الذى لم تتأخر مصر يوماً عن الدفاع عنه.
باقة ورد لكل شهيد مصرى
وشدد أبوعطيوى على أنه فى اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى لابد من التأكيد بأن القضية الفلسطينية كانت وما تزال محور اهتمام القيادة المصرية، وكذلك محور اهتمام الشارع المصرى، فالشعب الفلسطينى لا ينسى حملات التضامن التى لم تتوقف والتى تتصاعد خلال الانتفاضات الفلسطينية، أو الاعتداءات الإسرائيلية، فالمواطن الفلسطينى يدرك جيداً أنه يقاتل وظهره محمى بأمته العربية وفى القلب منها مصر العربية.
واختتم أبوعطيوى بتقديم الشكر للقيادة المصرية التى لم تتأخر يوماً عن نجدة الشعب الفلسطينى، "وتحية وباقة زهور لكل شهيد مصرى قدم روحه فداءً لفلسطين".
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
يحرص الرئيس "السيسي" فى كل مناسبة أن يبعث بمجموعة من الرسائل للداخل والخارج؛ علّها تكون مرشدًا ودليلاً للخروج
حما أرضه وصان عرضه ولا انحنى لغير مولاه
لقد اختارهم القدر أن يحملوا لقب شهداء، وإن كانوا قد تركوا فى القلب غصة، بعدما راحوا ضحية الإرهاب الغاشم الذى...
تحرص الدولة على رد الجميل لأبناء وأسر الشهداء والمصابين فى الحرب ضد الإرهاب، وتعمل وزارة التربية والتعليم