ممسكًا بأشياء ذهبيةٍ متعلقاتٍ قيمةٍ, يرقب الملكُ اليهودي الأطفال يتصايحون في الساحات الظليلة أمام أسوار أريحا متخيلًا رضيعًا في قماطٍ فوق العرش يرقد حكماء الشرق
ممسكًا بأشياء ذهبيةٍ
متعلقاتٍ قيمةٍ,
يرقب الملكُ اليهودي الأطفال
يتصايحون في الساحات الظليلة
أمام أسوار أريحا
متخيلًا رضيعًا في قماطٍ
فوق العرش يرقد
حكماء الشرق الرحالة
ذوو العيون المحدبة
والشفاه البيضاء المتوترة
تنبأوا بالجريمة
وتهامسوا في مَكر
وهم يرشون حرَّاس المَزود الثلاثة
لامتطاء الخيول
وانبسط على التلال
ضياءٌ شرقي
وراء خطى الحرَّاس
الشحاذين الكسالى-
يمتد طويلًا برَّاقًا
ليعبر نوم النجَّار
ذاك الحالم
بالمسامير والمطرقة,
والدماء التي على الأخشاب النضرة
وأُناسٍ
على حين غرة
تغادر.
*******
عجوز تتذكر "الرحلة إلى مصر"
حين يغشى
سحابٌ داكنٌ
وجهَ القمر
نهرع كي نفتح
أبوابَ مَزودٍ ذات صرير
ندفع الحمار للخروج
نحو الترحال إلى مصر
قبيل أن يدهم البوابةَ
جندُ هيرود
راشيل تصيح
ذبحوا الأبناء بأمرٍ ملكي
بينا كنا نحرث حقولَ الشعير
مثلما لصوص
ذوي حقائب مرتخية
ملأى بالفضة
ننظر للوراء في وَجَل
من ميدان إثر ميدان
نسمع ضوضاء الحروب البعيدة
خسارة وانتصار,
خوار ثور,
صفير النسور الهزيلة
وهي تخدش وتتنازع
جيفة خروف
للضفة الأُخرى عبرنا
أسبوعان على درب غزة
لم نعبرالحدود
لكننا استرحنا يومًا
قرب حجرة تخزين رماد الموتى
حيث مخبأ الثوار
يعج بروث الحيوانات
وريش خضر اليمام,
يتوقف يوسف
كي يريح حماره
تحت شجيرة التربنتينة
بينا رضيعي ينتحب
وأبدل حفاضه له
فوق سطح صخرة
أمنحه ثديي.
يا لجماله
يفقوق كل خيال.
وسط غابات شائكة
يجد يوسف ملجأً
سنقتات بعض بيض الطيور
حتى نبلغ وادي النيل
رمسيس ذو تاج الأفعى
كإبن لإله للشمس يحكم
يطلب الصخور
ويأخذ القش
وليس يعرف يوسف.
*************
رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
القديسة تيريزا[2]
الملاك يحذر يوسف:
انهض واسمع صيحتي يوسف
في سرعة وهدوء
وارتحل لمصر
الليلة غادر
هيرود الآن غاضب
في ذروة غضبه
يهفو لذبح الحَمَل
بينما العذراء نائمة,
خذ الأُمَّ والطفل
من البلاء الوشيك
فِرّ.
**************
ملاك الصحراء
القديسة تيريزا
جئتُ,جئتُ, أُغني نبوءتك المبهجة,
أُبارك العائلة التي أغوتني بهذا المكان
في هذه الصحراء الكئيبة, تُشرق!
نجمًا أجمل من سماء في بهائها
لكن من ذا يعي هذا الغموض:
- بإرادته جاء- أمروه بالرحيل
جوَّال على الأرض
وما من أحدٍ يدرك جماله.
لكن, إذا ما ازدُرِيَتْ مملكتك
أنت مليك السماء, النجم الموعود الغامض
تاقت لمملكتك عيون فاضت دمعًا
وطويلًا بحثت عنك من بعيد.
آه يا كلمة الخلود! يا حكمةً حقة وعميقة!
عطاياك ها هنا, للمساكين هي:
للودعاء, المتعبين, والمنتحبين,
يومًا ما ستكون لهم,
سيدوي صوتُك
لأن حكمتك ليست في متناول الجهلاء, لو لم يتواضعوا
لستَ تدعو الآثمين لقلبك
لأن صورتك فيهم لا تتضح
سيجئ يومٌ, يَطعم الحَمَلُ
في سلامٍ, إلى جوار الحمل
وفي ملاذك ها هنا
في الصحاري العتيقة,
سيلهمنا اسمُك مآثرًا مقدسة.
أيها الإله الخفي!
لهيب نار حبك الوسيعة
تحظى عذارى الأرواح به
يُساقون لأرض الفراغ
مُعلنين أنك
إلى هناك قُدتهم.
أرواحهم المتوهجة
وعشقهم الذي يشبه ملائكةً مباركة
سيبهج الملائكة بهجة سامية
لترانيمهم سترتعد الجحيم
لكن مجد الله لن يغيب ليلًا أو نهارًا
عندها سيغار إبليسُ ويسعى
إلى دمار بيوت الله
لكنه يدرك عجزَه وجهلَه
عن هذا الطفل الواهن
المتواضع, المجهول.
يحلم ألا يهجع قلبُ العذراء
في سلام.
ليس يحلم بالقوة بعيدًا عن ألاعيبه
القوة التي وهبها الله لها,
ذاك الذي لا تنتهي عجائبه.
ربما
يشاطرك المنفى زوجُك الغالي, ذات يوم,
ويح طفلك المبارك
وما من شئ سيخمد حبهما
ذاك الذي يصطلي صفاءً
رغم منفاهم وبربرية الغاضبين
ولا ضغائن العالم الدنس
تحيد بالأطهار عن دربِ الإله
ولا بوسعها أن تُدنس
ثيابَهم البضاء
ولا أن تفسد مرآهم
أمام ربهم المعبود
سوف ينتهي عهدك
أيها العالم الجاحد
أوَ لستَ ترى
أقدسَ الأطفالِ
كيف انتقى بفرح
زهورًا كالشمس,
هذا النخيلَ الشهيد
والزنبقَ النقي
أوَ لست ترى زمرتَه الطاهرةَ المؤمنة
وقناديلًا بأياديهم, بالحب تضئ؟
أو لستَ ترى
مداخلَ السما مهيأةً
لترحب بالقديسين
لمجدٍ ساطع؟
يا لحظةَ النشوة!
البهجةَ التي لا تغيب
حين يلج المختارون
ويكافَؤون على حبهم
ليروا وجهَ الله
الرؤيةَ الرائعة الموعودة
منفى الحياةِ قضى
مضت الآلامُ والمحن
حتى الإيمان نفسه مضى
والأملُ.
وستعرف هذه الأرواحُ راحةً أبدية
ونشوةَ الحب, والسلامَ الذي
سوف لا ينقطع.
21 يناير 1896م.
***********
شحاذ ليلة الميلاد
ملاكٌ بدا
على ذراعيه
حمل المسيحَ
راح الملاكُ,
وملاكٌ من خلفه, يصيح
جئتُكم بالمجد الخالد
صغيرًا جدًا
وضعيفًا جدًا
ألتمسُ الكلمةَ المُجَسَّمة
لأنه للآن لا يتكلم
نُفِيَ المسيحُ من وطنه
الكلمةُ القاسية
لا تمنح مأوىً
لذا لظلال الكرمل جئتُ
كي أجدَ ملاذَه الذي يريد
امنحوه مجدَكم
عطفَكم
ترحيبَكم العذب
عناقَكم الدفئ
كونوا لهذا الطفل!
آه, احترقوا بالحب, لأنه يحبكم,
هذا الطفلُ سيدُكم,
الغموضُ المثير, أن من يرجوكم الليلة
هو الكلمة الخالدة
تعالوا إذن يا إخوتي
دونما خوفٍ تعالوا
كلٌ بدوره, لأقدام المسيح
قدِّموا حبَّكم
وستدركون إرادتَه الحلوة
نعم, سأُخبركم رغباتِه التي
وسط الجليد وُلِدت
لأنكم أنقياء كالملائكة
وستعانون أيضًا, تعرفون!
رعايتكم, معاناتكم وأفراحكم
جناحٌ خفيف.
احترقوا بالحب
لأنه يحبكم
هذا الرضيع, سيدكم
وضَعَ الملاكُ المسيح الرضيع في مهده
وأسلم للأُم الراعية
والراهبات, سلةَ هدايا
أو ربما مظروفًا
تناولت كلُ راهبةٍ مظروفًا دون أن تفتحه
ثم ناولته للملاك
ذاك الذي غنَّى
شَمَلَ مطلبُه آنذاك
الهديةَ التي يطلبها الطفلُ المبارك
من كل راهبة.
النبوءة
فرانسيس سيلفيستر[3]
الرحلة إلى مصر
"قصة شعرية"
ثمة أسطورة
عن غجريةٍ تحكي
كانت تسكن أرض الأهرام
طُرِّز بالنجوم ثوبُها
ونِطاقُها أُعجوبة للنظر
حين كان طفلًا سيدنا
على ثدي أُمه النقي
حين من أعدائه فرَّ- لمَّا نُفي لمصر
مضى مع القديس يوسف
المصرية كانت عارفة بالتنجيم
وبدا لها ما سوف يحدث؛
كانت تقطن بجوار مسلة
على أعتاب بيتها
لطالما سهر أبو الهول
شاردة كانت
دائمة العزلة
ولم تُر قط
تغشى فجورًا
وتناجي دومًا
فيما أحسبها
أرواحَ فراعين,
أو زوارًا في أكفان
ثم أقبل رجلٌ مُسن
من الصحراء جاء
جاء برفقة عذراء
- على ظهر بغل-
يهجع في حضنها طفل
إلى بيت الغجرية
أودت بهم السبيلُ
أضنتهم رحلتهم
فراسخَ عدة
فرارًا من غضب عدو
فبدوا منهكين
على جهدٍ مضوا مرهقين
أقبلت الغجرية, وابتهلت أن يرتاح المرتحلون لديها
وأعدت مضجعها للعذراء المرهفة
تلك التي أضناها المسير
الغجرية داعبت الرضيع
ورَجَت المسنَّ أن يستريح:
- هنا يجد الغريبُ راحتَه,
ومن جراحه يُشفى المرتَحِل.
ثم استكان في كهفها الضيوفُ
من وهج الظهيرة
قدَّمت هنالك فاكهةً لهم
وفي مَزودٍ ذي سقيفة
آوت بغلهم
مع نبيذ النخيل, وبعض الرُطب
ومحت جهد الرحلة عنهم
بأُغنية غامضةٍ
هَدْهَدَتْ الرضيع
عابرَ السبيل
في حضنها
حين تلقفت الغجرية
بيدها الإثيوبية راحة الطفل الصغيرة
راعتها الملامح التي رأتها
في هجوع الرضيع في هدوء
لاحظت كل لمحةٍ
وكل خطٍ خطه القدر
صاحت في دهشة:
- من أين أتيت؟
"لأن ذاك الطفل نسلٌ مقدس"
ردَّ يوسف:
- من الناصرة
"من أرض فلسطين"
من طاغية خُضِّبَت ثيابه بالدما
فررنا وجئنا هنا
أُمرنا بالبقاء
إلى أن يأمر الملاك
بالعودة للناصرة
سنقطن الأرض الغريبة
ونقيم بمصر
قالت فرحة:
- أقيموا معي
كم لله صليت
أن يجئ ابن الناصرة "أمل الوثنيين"
وقَبَّلَت قدمي الطفل, وانحنت.
أُعجبت به في التو,
فأضاءَ وجهُ الأُم,
تلك التي
على ضفة النيل
مع الغجرية
أقامت.
**********
[1] أستاذ جامعي في اللاهوت, وُلد في جريت فولس في مونتانا 1921م, التحق بطائفة صومعة القديس جون عام 1945م(المترجم).
[2] وُلِدت باسم ماري فرانسوا- تيريزا مارتن "2يناير 1873م- 30 سبتمبر 1897م" كرملية فرنسة وعُرفت باسم "وردة يسوع الصغيرة" (المترجم).
[3] فرانسيس سيلفيستر ماهوني "31 ديسمبر 1804م- 18 مايو 1866م" صحافي وشاعر أيرلندي واتخذ اسم الأب براوت (المترجم).
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
أُغنيةٌ للغروب فريدريك جيورج سكوت ثمةَ بقعةٌ وحيدةٌ في روحِ رجلٍ وحيدةٌ أكثر من بحرٍ بلا قمرٍ وخليجٍ, ما من...
بوسع الجمعية العمومية القادمة فى اتحاد الكتاب أن تعدل الوضع المائل لو أرادت، وأن تقفل باب المهاترات المفتوح على مصراعيه،...
سأبدأ منْ حيثُ انتهى الشَّاعر والنَّاقد شريف رزق ، أقصدُ منْ حيثُ اكتشافه مُعْضِلاتِ المَرَضِ ؛ فكِتَابُ :" قصيدة النَّثر"...
الشاعر / جندي وحيد: هو مؤجج بالمفردات في وجه الطغاة يحارب في كل أركان الحياة من اجل من هم في...