فى عيد الطفولة ..كيف نحاسب أبناءنا ؟

  • السبت، 19 نوفمبر 2016 01:57 م

تحقيق د.هند بدارى  "من سوبر ستارالكلاس؟ "،وعلى من الدور فى رفع الشارة الحمراء أو طلاء الأظافر باللون الأسود "..نموذج من طرق الثواب والعقاب العصرية المطبقة حاليا فى كثير من المدارس الخاصة والدولية  لتشجيع وتهذيب التلاميذ بأساليب غير تقليدية بينما مازالت هناك شكاوى من الضرب المبرح ببعض مدارسنا الحكومية.  فالمدرس يرى أن العقاب بمختلف صوره ضرورى لتربية وتعليم النشء، بينما يشعر  التلميذ  بالقهر سواء تم عقابه  بالعصا، أو حرمانه من ميزة أو مكافأة .  ومازال مبدأ الثواب والعقاب يثير جدلا بين الاباء والمدرسين وخبراء التربية ،حيث يتجه فريق منهم الى أساليب التربية العصرية المعتمدة على الطرق المعنوية ،بينما يتمسك فريق اخر بالطرق التقليدية القائمة على العقاب البدنى .  وبمناسبة الاحتفاء بيوم الطفل نطرح تساؤلات لاتزال حائرة : كيف نحدد الأسلوب الأمثل لإثابة ومعاقبة أبنائنا ؟وهل من حق الطفل اختيار الاسلوب المناسب له والاعتراض على اخر ؟وأيهما أجدى الاسلوب المعنوى أم البدنى ؟ ..الاجابة بين سطور هذا التحقيق :  حجرة ..العقاب  "ابنى الكبير يدافع عن أخيه الصغير عند عقابه  بالضرب "..هكذا بدأ د.طارق على أخصائى أمراض باطنة كلامه موضحا أن الجيل الجديد معتز بشخصيته ويرفض الاهانة ،قائلا "لذلك لا أضرب أبنائى أمام أحد حتى لو ارتكبوا خطأ جسيما ولا أصفع أحدا على وجهه لأن هذا يهدر كرامته ويضعف ثقته فى ذاته ومن هنا بدأت أبحث عن طرق للعقاب غير مهينة ".  وأضاف "أن ابنى الكبير بالاعدادى اذا أخطأ أنهره وأغلق عليه حجرته لعدة ساعات وحرمه من مشاهدة التلفزيون واللعب على الكمبيوتر أما الصغير بابتدائى اذا عمل ضوضاء أو رفض يعمل الواجب ممكن أخبطه على ظهره برفق واذا استفزنى  أضربه بلا عنف" .  والطريف ان مرة الولدين تشاجرا ،فحبست الكبير وضربت الصغير وبعد ساعة وجدت الكبير يتوسل الى ألا أضرب أخيه وانما أحبسه معه حتى يتصالحا ويلعبا معا ؟.  الضرب ..أقوى   بينما قالت غادة  محمود موظفة لديها ابن فى المرحلة الاعدادية  :جربت طرق الثواب والعقاب أثناء المذاكرة لابنى وللأسف اكتشفت أن العقاب البدنى أكثر جدوى ربما لأن ابنى شقى ولا يتحمل المذاكرة لساعات طويلة إلا بالاجبار .  واستدركت قائلة "هذا لا يعنى أنى أضربه بقسوة وانما أبدأ بالصوت العالى والتوبيخ وعندما يستفزنى أضطره لمد يدى وأحيانا أشياء اخرى !". وتابعت "والده كان معترضا على اسلوبى ويتهمنى بأنى أدمر شخصيته لكنه عندما جرب بنفسه التمس لى العذر ولكنه طلب منى ألا أجرحه أو أمد يدى عليه أمام أحد ".  فى حين  قالت سهير فاروق مدرسة بالمرحلة الثانوية "اسلوب الضرب المبرح مرفوض وما أفعله مع بناتى أمارسه مع تلمبذاتى بالمدرسة مثل التوبيخ والحرمان من ميزة ..فمثلا اذا أخطأت تلميذة أو رسبت فى الامتحان أعاقبها بالجلوس أخر صف أو الحرمان من رحلة أو هدية تشجيعية ". وأشارت الى أن هناك مدرسين يلجأون الى طرق معنوية للعقاب لكنها مهينة مثل تكليف التلميذ المخطىء بمسح السبورة وتنظيف "الحوش أو دورة المياه "!.  %d9%86%d8%b8%d8%a7%d8%b1%d8%a9  نظارة ..سوداء   والتقطت خيط الحديث بسنت محمود مدرسة لغة انجليزية بمدرسة ايتدائى لغات فى الرحاب ،لتسرد تجربتها : كل شهر أعمل امتحان لتلاميذ الفصل والأوائل يتم التصفيق لهم واهدائهم زهور وحلويات أما الراسبون يتم حرمانهم من الاشتراك فى مسابقة التلميذالمثالى واجبارهم على ارتداء نظارة سوداء لمدة اسبوع وبالتالى الكل يعرف أنهم رسبوا وغالبا الشهر التالى ينجحون خوفا من تكرار هذا العقاب واذا تفوقوانعوضهم بمكافأة كبيرة كى يستردوا ثقتهم وتقديرهم  .  وترى مدرسة الانجليزى أنه لابد من  عقاب التلاميذ على أخطائهم بالصورة المناسبة وحسب حجم الخطأ حتى يتمكن المعلم من أداء دوره والحفاظ على هيبته .  أما نبيل غنيم مدرس رياضيات بمدرسة اعدادى بالجيزة ، فيقول "كلنا تعلمنا بالضرب فى المدارس ونجحنا وظهر من جيلنا علماء مثل الدكتور مجدى يعقوب والعالم أحمد زويل والأديب نجيب محفوظ  الذين تعلموا فى مدارس حكومية، ولكن كان المعلم يتعب ويجتهد ومن حقه العقاب بطريقة انسانية كأب يخاف على مستقبل أبنائه .  ونبه الى أن  منع الضرب أفقد المدرس هيبته وسلطته  خاصة مع انتشار المدارس الخاصة والدروس الخصوصية التى جعلت الطالب يعتقد أنه اشترى المدرس ومن حقه يحاسبه أو يحرمه من الفلوس أو تقديم شكوى ضده لو عاقبه بطريقة عنيفة .  %d8%a7%d8%b8%d8%a7%d9%81%d8%b1  أما سها سكرتيرة فأبدت دهشتها من طرق العقاب الغريبة ببعض مدارس اللغات،قائلة "فوجئت بابنتى بثانية ابتدائى عائدة من المدرسة واظافرها مطلاة باللون الأسود وعندما سالتها ليه اللون ده ومين اشترى لك "المونيكير ده ،فى البداية لم ترد وبعد توبيخها بكت واعترفت انه عقاب على اهمالها فى الواجبات بأكثر من مادة ."  تصويرالعقاب .. إهانة   و نبه وليد محاسب واب لطفل فى الابتدائية بمدسة حكومية بالسيدة الى خطورة إطلاق العنان للمدرسين فى اختيار العقاب حتى لو كان معنوى لأن زميل ابنه عندما أخطأ وكسر زجاج شباك بالمدرسة عاقبه المدرس بربطه فى شجرة وتصويره بالموبايل أمام زملائه وطبعا والده اعتبرها اهانة واشتكى فى الادارة التعليمية .  "ابنى يذهب الى المدرسة صباحا ويتعلم النجارة فى ورشة بجوار البيت بعد الظهر وعندما يبكى لأن المدرس ضربه بالعصا أو المعلم خبطه بالشاكوش لا أتدخل ولا أعترض لأنى عايزه راجل ناشف زى ما أنا اتربيت واتعلمت وبقيت أسطى"..كان هذا رأى أحد الاباء ،يعمل سائقا بالبساتين لأن  لديه 8 أولاد موزعين بين الورش ويكتفى بتعليمهم حتى الاعدادى بسبب الظروف الاقتصادية ولأن الصنعة تحقق مكسبا أكثر من التعليم من وجهة نظره .  وحتى على مستوى العالم ،هناك تباين فى الآراء حول اسلوب الثواب والعقاب بدليل تعدد الشكاوى من طرق معنوية بدول متقدمة مثل مدرسة بالولايات المتحدة الامريكية أجبرت الطلبة المخطئين على تنفيذ عقوبة الرسم على وجه تلميذ لتعليمه القراءة والكتابة  واخرى باليابان عاقبت الراسبين بتنظيف دورات المياه بأيديهم، وثالثة صينية  عاقبت أحد تلاميذها البالغ من العمر خمس سنوات بوضع الشريط اللاصق على فمه لمنعه من الثرثرة مع زملائه .  %d8%b9%d9%82%d8%a7%d8%a8-%d9%84  برامج تأهيل تربوى  وتعقيبا على اسلوب التربية الأمثل صرح د.عبد اللطيف محمود استاذ التربية بجامعة عين شمس بأن هناك برامج علمية للاعداد التربوى للاسرة ولكن مازالت الكثير من الاسر والمدارس تمارس التربية وتطبق آلية الثواب والعقاب بشكل اجتهادى يحتمل الصواب أو الخطأ .  وأوضح د.محمود أنه قبل المفاضلة بين أساليب العقاب المعنوية والبدنية لابد من أن تكون رؤية المربى سواء كان مدرسا أو أبا لاستحقاق الطفل أساسا للعقاب على تصرف ما فى توقيت معين صحيحة بمعنى أن نفس التصرف قد يعاقب عليه اب ويثيب عليه اخر حسب درجة الوعى البيئة والموقف والتوقيت ..فمثلا اذا سأل طفل أمه "أين ربنا قد تنهره وتعاقبه فى حين ترد عليه اخرى بوعى وحكمة وتتفهم أنه يفكر وبتأمل ويبنى وجدانه وشخصيته ".  واشار الى أن البيئة تلعب دورا فى تحديد نوعى الثواب والعقاب ، ففى أمريكا بعض الولايات تجيز الضرب بحكم من المحكمة الدستورية  مثل شيكاجو واخرى ترفضه لأن البيئة العنيفة لاتستوعب مثلا العقاب بالحرمان من الفسحة أو من لقب الطالب المثالى ولن يستجيب فيها التلميذ الى الثواب برسم نجمة على كراسته .  وطالب بان تكون هناك ضوابط وشروط وتوقيت للثواب والعقاب حسب البيئة والثقافة والتجارب السابقة مع الطفل .  واكد على خطورة الافراط سواء فى الثواب لدرجة التدليل والغرورأو القسوة فى العقاب لدرجة الاذلال والقهر مشيرا الى ان العقاب المعنوى يكون أحيانا أكثر عنفا من البدنى خاصة ان وصل لدرجة الاهانة مع طفل حساس ومعتز بكرامته وشخصيته.  العنف بمدارس البنين  وحذر الدكتور عصام المغازى، الخبير التربوى والأستاذ بجامعة عين شمس، من تزايد حوادث العنف بالمدارس خاصة بعد منع الضرب والتى تصل أحيانا الى  اصابة التلميذ بعاهة أو تطاول التلميذ على المدرس بالضرب .  وأشار الى أن العنف يظهر بشكل أكبر بمدارس البنين خاصة فى المناطق العشوائية وبالتالى يصعب أن نطالب بتطبيق العقاب المعنوى فيها لأنه لن يكون مجديا وانما لابد من ادارة حازمة واسلوب قوى للعقاب لضبط العملية التعليمية  دون الاضرار بأحد أو انتهاك كرامته .  %d8%b4%d9%87%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%aa%d9%82%d8%af%d9%8a%d8%b1  العقاب حسب الثقافة      وترى د.عبير سكر خبير التنمية البشرية ان العقاب المعنوى من طرق التربية العصرية ولكنه غير مطبق إلا فى المدارس الخاصة والدولية بخلاف مدارس الحكومة بل إن كثيرا من الاسر مازالت متمسكة بالضرب خاصة عند المذاكرة او ارتكاب خطأ جسيم .  وأضافت ان تحديد نوع العقاب يتوقف على ثقافة الاسرة وشخصية الطفل وعمره ،فمثلا طالب ثانوى لايناسبه الثواب  بنجمة أو منحه شيكولاتة وانما له طرق اخرى مثل الحرمان من شىء يحبه .  واشارت د.سكر الى  أساليب جديدة للثواب والعقاب مثل تنظيم مسابقة لسوبر ستار الفصل أو طلاء أظافر الأطفال المقصرين باللون الأسود أو تعليق شارة على الزى المدرسى تحمل نجمة أو كحكة مؤكدة أن العقاب المعنوى أحيانا يكون أكثر جدوى وأعمق تأثيرا من مجرد الضرب خاصة أن بعض الأطفال تعتاد على الضرب ولاتبالى بالعقاب .  وأضافت أن التربية على الالتزام والاحترام تغنى عن الضرب بدليل  حصول طلاب المدارس الأجنبية والخاصة على أعلى الدرجات رغم  عدم وجود أى نوع من العقاب القاسى  فى تلك المدارس.  *فى النهاية ..تربية وتعليم النشء تتطلب نوعا من الحزم والحساب ولكن الطريقة تختلف من مجتمع لاخر ومن طفل لغيره حسب رؤية المربى وتقديره دون انتهاك للكرامة أو إلغاء للشخصية أواضعاف للثقة بالنفس .

أخبار ذات صلة

بالفيديو..ماذا يميز أول مدرسة للتنمية المستدامة بمصر؟/رئيسية الاخبار
أمراض الشتاء...كيف نحمى أطفالنا منها؟/رئيسية الاخبار
أزمة المعلمين ..نقص عدد أم سوء توزيع؟/رئيسية الاخبار
الفصل الدراسى الثانى... تطلعات وتحديات/رئيسية الاخبار
امتحان الكتاب المفتوح.. تجربة مثيرة للجدل/رئيسية الاخبار
الدروس الخصوصية...كلاكيت مليون مرة/رئيسية الاخبار

المزيد من تحقيقات وحوارات

ماراثون انتخابات الرئاسة بالخارج .. تيسيرات وطموحات

حالة من الترقب والتفاؤل بالمستقبل تصاحب انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية المصرية في الخارج 2024 على مدار ثلاثة أيام من 1-3...

د.أبو اليزيد: صادراتنا الزراعية 6.5 مليون طن في السنة بقيمة 3.3 مليار دولار

المشروعات الزراعية.. الزراعة الذكية مناخيا.. التحديات العديدة.. الأمن والأمان الغذائي.. المشروع القومي الكبير.. منطقة الدلتا الجديدة.. كل هذه الموضوعات وغيرها...

مشروعات خضراء ذكية بالعاصمة..كيف تخدم المجتمع؟

مشروعات واعدة صديقة للبيئة كشفت عنها المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية وكان المركز الأول بمسابقة المبادرة بفئة المبادرات والمشاركات المجتمعية...

اتفاق الهدنة الإنسانية بغزة ..ماذا بعد؟

صدى عالمي واسع وترحيب عربي ودولي كبير وتساؤلات وتوقعات صاحبت نجاح جهود الوساطة المصرية القطرية في التوصل إلى  هدنة إنسانية...