بعد نحو 11 شهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا .. وعقب اشتباكات عنيفة ومحتدمة بين الجانبين الروسي والأوكراني، تكبد خلالها الجانبان خسائر فادحة، تضاربت الأنباء حول السيطرة على بلدة "سوليدار" الاستراتيجية.
وأعلن الجيش الروسي أنه استكمل بسط سيطرته على البلدة الواقعة شرقي أوكرانيا، وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية "استُكمل تحرير بلدة سوليدار"، التي ظلت لفترة طويلة مسرح قتال عنيف، مشيرة إلى أهمية السيطرة على تلك البلدة في إطار مواصلة العمليات الهجومية، حيث تعد سوليدار، الواقعة على بعد 15 كيلومترا من باخموت، ذات أهمية استراتيجية لكييف، فهي تقع وسط خط الدفاع باخموت - سيفيرسك.
وعلى مدى الأيام الماضية، بدأت الحرب الروسية الأوكرانية فصلا جديداً، بمعركة يصفها البعض بأنها "الأعنف" منذ بدأ الحرب قبل ما يقارب العام، جراء احتدام القتال في مدينة "سوليدار"، والتي تمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى الطرفين الروسي والأوكراني.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية إغلاق المداخل الشمالية والجنوبية لمدينة سوليدار، بواسطة وحدات القوات المحمولة جوا التابعة للقوات المسلحة الروسية، بحسب مصادر إعلامية .
وفي المقابل، أقام الجيش الأوكراني هناك تحصينات دفاعية قوية، حيث سيسمح تحرير سوليدار بقطع طريق الإمداد المباشر بين باخموت وسيفيرسك، وكذلك بتغطية باخموت من الجانب الشمالي.
علامة فارقة في ساحة المعركة
ورغم أنها لن تشكل نقطة تحول في الحرب، إلا أن سقوط سوليدار في يد القوات الروسية بعد أشهر من الدفاع الأوكراني سيكون علامة فارقة في ساحة المعركة، وسيوفر للقوات الروسية نقطة انطلاق استراتيجية لجهودها من أجل تطويق مدينة باخموت القريبة.
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناتشنكوف أن "السيطرة الكاملة على سوليدار تتيح قطع خطوط الإمداد للقوات الأوكرانية المتواجدة في مدينة باخموت ومحاصرة الوحدات الأوكرانية المتواجدة فيها وتطويقها، فيما قال سيرجي تشيريفاتي، المتحدث باسم الوحدات الشرقية للقوات المسلحة الأوكرانية إن "معارك طاحنة تتواصل في سوليدار" مضيفاً أن "القوات المسلحة الأوكرانية تسيطر على الوضع في ظروف صعبة".
كييف تنفي سيطرة موسكو على سوليدار
ويستمر تضارب المعلومات بشأن الوضع في بلدة سوليدار، إذ تبرز روايتان في هذا الإطار، فبينما تصر قوات روسيا أنها سيطرت على البلدة، حيث أعلن الجيش الأوكراني، أن المعركة لا تزال مستمرة على جبهة "سوليدار"، رغم التقارير الروسية التي تواترت حول سيطرة موسكو على المدينة الاستراتيجية.
وبعد الإعلان الروسي، أصدرت كييف نفياً أكدت فيه استمرار المعارك العنيفة بعدما كانت قد أعلنت تصديها لما أسمته بالهجوم المكثف للقوات الروسية على البلدة الصغيرة.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية، إن الوضع في سوليدار صعب للغاية لكنه تحت السيطرة، مؤكدة أن قواتها لا تزال صامدة في سوليدار بعد ليلة "محمومة" من القتال فيما أصبح أحد أكثر ساحات القتال دموية في الحرب برمتها.
وكانت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار قد أعلنت أن "العدو دفع بكل قواته الرئيسية تقريبا باتجاه (منطقة) دونيتسك ويواصل هجوماً مكثفا جدا"، واصفة المرحلة الحالية بأنها "مرحلة صعبة من الحرب".
وقالت ماليار إن "الليلة كانت حامية الوطيس في سوليدار والأعمال العدائية مستمرة"، في حين يسعى الروس بلا هوادة إلى السيطرة على المنطقة الواقعة في الشرق الأوكراني في إطار تحقيق هدفها الأساسي وهو فرض سيطرتها على مدينة باخموت.
استخدام روسيا البيضاء في الصراع
قال مسؤول بوزارة الخارجية الروسية إن روسيا البيضاء قد تدخل الصراع في أوكرانيا إذا قررت كييف "غزو" أي من البلدين.
استخدمت روسيا في فبراير من عام 2022 روسيا البيضاء كنقطة انطلاق لغزو أوكرانيا، وتنشر منذ أكتوبر قواتها في روسيا البيضاء لإجراء تدريبات عسكرية مشتركة.
واتفق البلدان منذ ذلك الحين على تكثيف تعاونهما العسكري، مما أثار مخاوف من أن موسكو قد تستخدم حليفتها الوثيقة لشن هجوم جديد على أوكرانيا من الشمال.
وفي مقابلة مع وسائل إعلام حكومية، قال المسؤول بوزارة الخارجية أليكسي بوليشوك إن التدريبات الروسية المشتركة مع روسيا البيضاء تهدف إلى منع التصعيد، لكنه حذر من أن روسيا البيضاء قد تنضم إلى صراع أوكرانيا إذا تم غزوها أو غزو روسيا.
وقال بوليشوك لوكالة تاس للأنباء "من وجهة نظر قانونية، استخدام نظام كييف القوة العسكرية أو غزو القوات المسلحة الأوكرانية أراضي روسيا البيضاء أو روسيا أسباب كافية للرد المشترك"، مضيفاً أن الأمر متروك لزعيمي البلدين فيما إذا كانا سيتخذان هذا القرار، فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده يجب أن "تكون على استعداد" على حدودها مع روسيا البيضاء.
اهتمام روسي بالسيطرة على سوليدار
وترجع أهمية بلدة سوليدار إلى أنه في حالة سيطرة موسكو عليها، ستمنحه فرصة للتقدم نحو مدينة بوخموت المهمة، والتي تقع على بعد نحو 10 كيلومترات في اتجاه الجنوب الشرقي، وهو ما يعني أن سوليدار ستمنح الروس إمكانية شن القصف المدفعي على بوخموت بنجاح.
مناجم الملح
ويشتق اسم المدينة "سوليدار" من اسم الملح باللغة الروسية "سول"، وقد بدأت مناجم الملح في سوليدار العمل نهاية القرن التاسع عشر، وتقدر الاحتياطيات هناك بنحو 13 مليار طن، وخلال حقبة الاتحاد السوفيتي تم استخراج ما يصل إلى 40% من الملح في البلاد من تلك المنطقة، وحتى قبل بدء الصراع في شرق أوكرانيا كانت منتجات مصنع الملح "أرتيوم سول" تباع إلى 22 دولة حول العالم، وفقا لموقع "آر تي" الروسي، فضلاً عن أن مناجم الملح الضخمة يمكن استخدامها لتمركز القوات وتخزين المعدات، بحيث تكون في مأمن من الغارات الجوية الأوكرانية.
الدعاية السياسية
ويوجد سبب آخر في الدفع بكل شيء نحو المعركة، حيث ذكرت شبكة "بي بي سي"، من خلال مراسلها بأوكرانيا، أنه يوجد كم ضخم من الدعاية هناك، وهو ما يجعله نصرا كبيراً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشهره في أوجه المنتقدين في الداخل الروسي.
تغيير قائد القوات
وبعد 3 أشهر من تعيين قائد جديد، أعلنت روسيا تغيير قيادة الحرب التي تخوضها في أوكرانيا مرة ثانية، مما أرجعه محللون إلى "مساع روسية لتغيير استراتيجية سيرغي سوروفيكين الدفاعية، التي لا تفي بأهداف موسكو في ظل أشهر حاسمة".
وجاء القرار في ظل معارك شرسة شرقي أوكرانيا، حيث نجحت مجموعة "فاجنر" الروسية شبه العسكرية، في فرض سيطرتها على مدينة سوليدار، ضمن محاولات تطويق باخموت من الشمال ومن ثم تعطيل خطوط الإمداد على الأوكرانيين.
وأعلنت أن رئيس الأركان العامة الروسية، الجنرال فاليري جيراسيموف، سيصبح القائد العام للمعركة.
وسيكون لجبراسيموف 3 نواب، هم القائد الحالي سيرجي سوروفيكين، وقائد الجيش أوليج ساليوكوف، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة العقيد أليكسي كيم.
وللوقوف على أسباب تغيير القيادة العسكرية للعملية الروسية في أوكرانيا، قال المحلل السياسي أندرو بويفيلد، أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أجبر الجيش الروسي على اتخاذ موقف دفاعي في الجنوب، وأمر سوروفكين بالانسحاب من مدينة خيرسون بعد قصف عنيف وتقدم القوات الأوكرانية.
جعل هذا الموقف الروسي داخل البلاد غير مقبول، وطالت قيادات الجيش انتقادات واسعة.
في المقابل، أمطر سوروفيكين سماء أوكرانيا بموجات من الهجمات الصاروخية والطائرات دون طيار من أجل شل شبكة الطاقة الأوكرانية، لزيادة معاناة المدنيين دون كهرباء وحرارة مع حلول فصل الشتاء، وهي نفس السياسة التي ابتعها سابقا خلال تواجده مع القوات الروسية في سوريا.
يرجع الفضل لسوروفيكين في تعزيز التنسيق وتعزيز السيطرة على القوات الروسية في أوكرانيا بعد تعيينه في أكتوبر.
وتشير خفض رتبته إلى الدور الثاني، إلى أنه في حين أن بوتين لم يكن سعيدا تماما بأدائه، إلا أنه لا يزال يثق في خبرة الجنرال.
تعيين جيراسيموف تطور مهم في نهج بوتين للحرب، واعتراف واضح بأن الحملة لا تفي بالأهداف الاستراتيجية لروسيا.
استبدال سوروفيكين بأحد أعضاء الكرملين أظهر وجود صراع أجنحة داخل الكرملين، ومخاوف من تنامي دور فاجنر.
تطورات المعارك
من جانبه، اعتبر "معهد دراسة الحرب" الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، ويتابع تطورات المعارك، أن "القوات الروسية بسطت (فعلياً) على الأرجح سيطرتها على سوليدار، مشيراً إلى "صور موثقة جغرافياً، نشرت في 11 و12 من يناير، اعتبر أنها "تشير إلى أن القوات الروسية تسيطر على الأرجح على غالبية أراضي سوليدار إن لم يكن على كامل البلدة ودفعت على الأرجح القوات الأوكرانية للتراجع إلى خارج ضواحيها الغربية".
لكن المعهد شدد على أن السيطرة على هذه البلدة الصغيرة "من غير المرجح أن تعني تطويقا وشيكاً لباخموت" و"لن تمكن القوات الروسية من بسط سيطرتها على خطوط المواصلات الأرضية المهمة" التي تربطها بالمدينة الكبرى في المنطقة.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
ما تلبث المنطقة أن تهدأ من وقع تصريح لأحد الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش, حتى تشتعل بفعل تصريح...
يوماً بعد يوم يزداد التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، حيث استشهد 6 فلسطينيين برصاص قوات الجيش الإسرائيلي في جنين،...
مع بدء العام الثاني لأكبر هجوم في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية .. ووسط ترحيب روسي وأوكراني وتشكيك أمريكي .....
فجر يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر فبراير عام 1994، الخامس عشر من رمضان، ارتكب المستوطن الإرهابي ب"اروخ جولد شتاين"...