هو "عندليب" عقدى الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضى، فأغانيه اشتهرت بمذاقها الشعبى المتفرد..إنه المطرب المصرى "عبده السروجى" الذى هجر الطرب
وهو فى أوج شهرته وتألقه؛ اسمه الحقيقى "حافظ أحمد حسنى إمام" وهو من مواليد 13 ديسمبر 1912، وبدأ مشواره مع الطرب وهو طفل فى العاشرة من عمره، حيث حفظ أغانى مطربى "عبداللطيف البنا" و"صالح عبدالحى" و"فتحية أحمد"، وهجر دراسته ليلحق بهم فى مجالس الطرب؛ وذات يوم سمعه المطرب "عبداللطيف البنا" وأعجب بصوته وأثنى عليه ثم نصحه أن يثقل هذه الموهبة، وبالفعل استجاب "السروجى" لنصيحة أستاذه والتحق بمعهد الموسيقى العربية ليتعلم العزف على العود والبيانو وأداء الموشحات التى حفظ منها العشرات، وكان ذلك وسط اعتراض أسرته التى رفضت دخوله لعالم الفن.
كان "السروجى" يعشق صوت "عبد الحى أديب" الذى كانت الإذاعة المصرية تذيع له الأغنيات منذ تأسيسها، فتشكل وجدان "السروجى" الفنى على أغانيه، مثل «ليه يا بنفسج، فرح العزول فيه»، كما كان السروجى يعشق كذلك صوت "فتحية أحمد" أو مطربة القطرين كما كانوا يلقبونها، فضلاً عن صوت المطرب الشاب وقتها "محمد عبدالوهاب".
ظل "السروجى" يغنى طوال 22 عاما، وقدم خلال هذا المشوار الفنى الطويل 400 أغنية عاطفية وشعبية ووطنية، لكن سجل منها للإذاعة فقط 17 أغنية، ومن ضمنها أغنيته الوطنية الشهيرة "تسلم يا جيش الحرية"، فضلاً عن أغنية "الله يصونك يا فلسطين" التى أهدتها ابنته "نادية" بعد رحيل والدها بسنوات إلى المطرب "مدحت صالح" ليغنيها.
تعامل "السروجى" مع كبار الملحنين، ومنهم "محمد الموجى، عبدالعظيم محمد، السنباطى، رؤوف ذهنى، فؤاد حلمى، حسين جنيد، وأحمد صدقى".
ظهور "السروجى" فى السينما لم يسهم فى الترويج له كمطرب، حيث اقتصر هذا الظهور على أدوار قصيرة مساعدة، ومنها دوره فى فيلم "ملكة المسارح" ١٩٣٦ مع الفنانة "بديعة مصابنى" و"بشارة واكيم" إخراج "ماريو فولبى، وفيلم "حياة الظلام" ١٩٤٠بمشاركة أنور وجدى ومحسن سرحان وروحية خالد ومن إخراج أحمد بدرخان، وفيلم "على مسرح الحياة" ١٩٤٢ مع أنور وجدى وحسين رياض وسعاد زكى للمخرج أحمد بدرخان، وفيلم "أحب الغلط ١٩٤٢ بطولة حسين صدقى وإسماعيل ياسين وتحية كاريوكا وإخراج حسين فوزى، وشارك بالغناء فى فيلم "وادى النجوم" ١٩٤٣ من إخراج نيازى مصطفى ورافقه فى العمل "عزيزة أمير" و"محمود ذو الفقار" و"فردوس محمد"، وبالإضافة لندرة عرض تلك الأفلام على الفضائيات؛ لا يتم التطرق لــ "السروجى" عند الحديث عنها، على اعتبار أن أدواره فى تلك الأفلام كانت قصيرة، كما أن اسمه لم يظهر على الأفيش، على عكس ما جرت عليه العادة فى أغنياته التى صنع بها شهرته، فكل المصريين يعرفون تلك الأغنيات عن ظهر قلب، ومنها أغنيات «فتح عينك تاكل ملبن، غريب الدار، بلد المحبوب» وهى الأغنية التى وصلت إلى الناس أيضاً بصوت كوكب الشرق "أم كلثوم" من خلال فيلم "وداد" عام 1936، وأغنية "بلد المحبوب" من ألحان "السروجى" وحققت شهرة كبيرة بعد أن طرحها على اسطوانة لأول مرة، وعندما رأت "أم كلثوم" نجاح الأغنية قررت إعادة غنائها بصوتها، وهو الأمر الذى تسبب فى حدوث قطيعة بين "السروجى" وبين "أم كلثوم" و"السنباطى"، وللأسف الشديد لم يعد أحد يتذكر مطرب الأغنية الأصلى، وحتى أغنية "غريب الدار" تناوب على غنائها بعد "السروجى" مجموعة كبيرة من المطربين، وكذلك الأغنية الشهيرة التى اشتهرت فى أوبريت الليلة الكبيرة "فتح عينك.. تاكل ملبن" وعرفها الجمهور وأخذوا يغنونها إلى يومنا هذا، لم يعرف أحد أن "السروجى" هو الذى غناها بكل براعة وإتقان فيما مضى.
الظلم الواقع على أغنياته جعل "السروجى" يعتزل الغناء مبكرا، حيث قرر الاعتكاف فى منزله بحى عابدين إلى آخر يوم فى حياته، وبعد رحيله لم يرجع الحق إلى صاحبه أيضاً، حيث ظلت أغنياته الشهيرة منسوبة لمطربين آخرين، وتتردد كلماتها على ألسنة المصريين دون أن يعرفوا منشدها الأول "عبده السروجى" الذى ظل مظلوما فى حياته وبعد مماته أيضاً.
"الإذاعة والتليفزيون" تحتفل بذكرى ميلاده العاشر بعد المئة من خلال نشر مقالة كتبها منذ 76 عاما، تحدث فيها عن حياته، ونشرها على صفحات مجلتنا العريقة التى كانت تصدر وقتها باسم "الراديو المصرى" فى العدد رقم 608 الصادر بتاريخ 9 نوفمبر 1946.. فإلى نص المقال:
كان مولدى فى يوم من أيام سنة ١٩12، فى قلعة الكبش بحى السيدة زينب بالقاهرة
تفتحت عيناى على الحياة فى نشأة متواضعة، فقد نشأت يتيما فقيرا لا أملك لنفسى خيرا ولا شرا، ودخلت فى طفولتى مكتبا تعلمت فيه القرآن والقراءة والكتابة، ثم التحقت بمدرسة أولية مكثت فيها حوالى عامين، بيد أننى لم أواصل طلب العلم نزولا على إلحاح طلب العيش، وكان أهلى متعهدى الصحف، فبدأت كفاحى فى طلب العيش مبكرا، واشتغلت بتوزيع الصحف.
وأول ما طرق أذناى من الأنغام، هى ألحان المرحوم الشيخ سيد درويش، الذى كان عالى الصوت فى ذلك العهد.. كنت أسمع ألحانه تتردد فى الطريق، ومنها "يا منعنشة يا بتاعة اللوز" و "يا سالمة يا سلامة" وما إليها فكنت أرددها وأتغنى بها بين أصحابى وجيرانى، كما كان هناك مسرح شعبى متنقل فى حى "أبو الريش" فكنت أقصده أحيانا وأسمع فيه ألوانا من الألحان فأحفظها وأغنيها وكبرت مع الزمن، فتعلقت بالرياضة، وكانت هوايتى المفضلة كرة القدم، فاشتركت فى عدة نواد رياضية، وكنت أغنى لزملائى اللاعبين بين المباريات، وبعد الانتهاء منها كنا نسير جماعات فى الطرقات، فأغنى وتحتشد حوالينا الناس، وكان الغناء وقتئذ عزيزا والناس يتلهفون على السماع، قبل ظهور الراديو.
وأصبحت أرتاد المسارح أسمع السيدة منيرة المهدية فى رواياتها المشهورة بمسرح الأزبكية وبرتانا والكورسال، فأحببت أغانيها وغنيتها كما أن الأستاذ "عبداللطيف البنا" كان فى أوج مجده فى ذلك العصر فحفظت عنه أكثر أغانيه ومنها "تعالى يا شاطر نروح القناطر" "حذر فظر" إلخ، ثم بدأ نجم أم كلثوم يشرق، فما لبثت أن وعيت جميع ألحانها وسمعنى رجل طيب من محبى الفن، فأخذنى إلى الأستاذ يعقوب بك عبدالوهاب، وكان يومئذ وكيلا لمعهد الموسيقى، وغنيت أمامه فأعجب بصوتى وألحقنى بالمعهد فى سنة 1929، فدرست هناك التواشيح والأدوار القديمة، وقضيت به نحو أربع سنوات تتلمذت خلالها على أساطين النغم، ومنهم الشيخ درويش الحريرى والأساتذة السيد كامل وإبراهيم عثمان وعلى محمود وفؤاد الاسكندرانى وغيرهم، وكان مصطفى رضا بك والمرحوم الأستاذ مصطفى العقاد يأخذانى معهما فى الجلسات الفنية الخاصة، وكانت لمصطفى العقاد فرقة تحيى الأعياد الملكية والمناسبات القومية فى الأقاليم، فكان يأخذنى مع فرقته للغناء.
كل هذا وأنا فى المعهد، وكنت فى الوقت ذاته أواصل عملى فى توزيع الصحف من أجل العيش، وكثرت مطالب العيش، كما ذاع اسمی ولقيت إقبال الليالى على، فاستجبت لنداء الحاجة، وتركت المعهد قبل أن أنجز دراستى فيه، آسفا على تركه كل الأسف، ولكن ما حيلتى ومسئوليات الحياة تثقل كاهلى؟
اجتذبنى الاحتراف، ومضيت فى طريقين الحياة معا، الغناء وتعهد توزيع الصحف، ومازلت حتى الآن أقسم وقتى بينهما، فنهاری موهوب للصحف، وليلى موهوب للفن، ولعل فكرتى هذه القسمة أن الفن كثيراً ما يغدر بأهله، أريد أن أتكئ فى حياتى على شىء ثابت، ذلك هو عمل النهار، الذى أعتز به خشية أن تدور الدوائر على الفن يوما، فلا تضيق علىّ سبل العيش.
أما السينما، فقد كان لى فيها رصيد مختصر بدأت بأغنية "على بلد المحبوب ودينى" التى غنتها فى فيلم "وداد"، ثم غنت أفلام "ملكة المسارح" و"حياة الظلام" و"مسرح الحياة" و"حب من السماء" و"النجوم" و"نجف"، وكانت أدوارى كلها هذه محدودة، وأعتقد أن عملى الآخر- أعنى الصحف- قد شغلنى عن المشتغلين بالسينما والمنتجين والمخرجين، ولهذا قل معهم نصيبى ولم أحقق أحلامى على الستارة.. ولكن الصبر طيب.
وعن الألخان، أنا ألحن لنفسى قليلا.. عندما أجد أنه تصادف هوى فى نفسى وتأثر بها تأثرا عميقا فإن لم أتأثر بها قدمتها لأهل التلحين، فإن المغني مهما أوتى من البراعة فى التلحين، لا يجوز له يلحن لنفسه دائما، فإن التلوين مطلوب دائما الجماهير .
أما عن القديم والجديد في النغمات، فإن النغمات الشرقية هى الأساس، ويجب أن تظل كذلك دائما، على أن نقتبس من الجديد من اللون والذوق.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
"زكى محرم محمود رستم" أو "زكى رستم" فنان قدير لمع اسمه على مدى أربعين عاما، من منتصف العشرينيات وحتى
ولد "أحمد حافظ مظهر" بحى العباسية وسط القاهرة، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1938، وضمت دفعة تخرجه
ولدت "سيدة الشاشة العربية" فى 27 مايو عام 1931 بالمنصورة، وقدمت -وهى لاتزال طفلة- فيلمين،
ولدت "وردة فتوكى" أو "وردة الجزائرية" فى فرنسا فى 22 يوليو 1939 لأب جزائرى وأم لبنانية، وبدأت الغناء فى وقت