وسط أجواء توافقية بأن تنعكس نتائجها إيجاباً على معظم الملفات ومختلف القضايا الملحة بالمنطقة، اختتمت القمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين أعمالها مؤخرا بالمملكة العربية السعودية، بحضور ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي واعتمد مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة "إعلان جدة"، حسبما أعلن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان آل سعود"، رئيس مجلس الوزراءبصفته رئيس القمة .
وأكد إعلان جدة الصادر عن الملوك والرؤساء والقادة في ختام قمتهم الثانية والثلاثين مجددا على مركزية القضية الفلسطينية للدول العربية باعتبارها أحد العوامل الرئيسة، للاستقرار في المنطقة، وأدانوا بأشد العبارات، الممارسات والانتهاكات التي تستهدف، الفلسطينيين في أرواحهم وممتلكاتهم ووجودهم كافة.
وشدد القادة العرب على ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وحماية القدس وتوحيد الصف السوداني وتفعيل الدور العربي في تسوية الأزمات وتحقيق النمو الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة.
حلول سياسية
وفي حديثه لموقع أخبار مصر، أكد الكاتب الصحفي جمال الكشكي رئيس تحرير"الأهرام العربي" أن القادة العرب، وفي مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي ، قد دقوا جرس الإنذار من أجل التوصل إلى حلول سياسية لا عسكرية للأزمات التي تشهدها العديد من الدول العربية.
وبسؤاله .. ماانطباعك عن أبرز نتائج القمة ، وقراءتك لكلمة الرئيس السيسي بالجلسة الافتتاحية ؟..قال الكشكي : عندما نتأمل في كلمة الرئيس السيسي نجد أنها جامعة شاملة، حيث نادت بضرورة تكريس مفهوم الدولة الوطنية ومؤسساتها واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، فضلاً عن الحفاظ على الأمن القومي .
فالرئيس السيسي دق جرس انذار كبير من أجل التوصل إلى حلول سياسية، لا عسكرية للأزمات التي تشهدها المنطقة ، وعدم قبول الميليشيات والجماعات الإرهابية والمسلحة .
كل ذلك إلى الجانب الاقتصادي، ومحاور التنمية والتنمية المستدامة ، والمبادرات التي صاغها مجلس الوزراء قبل يوم من القمة ، والتي تركزت في فكرة ضرورة خلق أسواق إقتصادية مشتركة لمواجهة الأزمات من أجل الوصول إلى الاستقلال في اتخاذ القرار .
وفيما يختص بالقضية الفلسطينية ومحوريتها خلال القمة.. قال: القضية الفلسطينية هي دائماً قضية مركزية بالنسبة إلى الدولة المصرية عبر كافة الأزمنة ، وقد لعبت مصر ولا زالت تلعب دورا كبيرا من أجل الوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، عن طريق حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، والامتثال لقرارات الشرعية الدولية، وأيضاً مبادرة السلام العربية .
وحول التنديد بالتدخل التركي داخل العراق والمطالبة بسحب القوات التركية من العراق ..يرى الكشكي أن من أبرز نتائج القمة العربية في جدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ، وبالتالي تنطبق تلك الثوابت على كافة الدول بما فيها تركيا ، التي دخلت مؤخراً في حالة من المصالحة مع الدول العربية، وأيضا بعض دول الجوار .
عودة سوريا للجامعة العربية
وحول قمة جدة بمالها وما عليها ، أجرى موقع أخبار مصر هذا الحوار مع الدكتور حسن أبو طالب الخبير والمحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية :
#بعد غياب دام نحو 12عاما.. ما انطباعك عن عودة سوريا إلى مقعدها داخل الجامعة العربية ؟
-بداية.. القمة العربية هي قمة دورية، حيث تتوالى رئاسة القمة بين الدول العربية وفقاً للترتيب الأبجدي المعتمد لدى جامعة الدول العربية ، وفي بعض الأحيان تعتذر إحدى الدول عن الرئاسة الدورية للقمة ، وتتقدم دولة أخرى ، وهو ماحدث في القمة ال32 ، برئاسة المملكة العربية السعودية .
- وحاولت المملكة العربية السعودية أن تعيد سوريا إلى الحضن العربي ، وأن تشغل مقعدها داخل الجامعة العربية بعد غياب دام نحو 12 عاما، مما يعكس توجهات جديدة ليس لدى السعودية فقط ، ولكن أيضاً لدى عدد كبير من الدول العربية التي كانت تدعو إلى إنهاء القطيعة العربيةلسوريا ، وإعادتها لشغل مكانها في جامعة الدول العربية ، غير أن الظروف آنذاك لم تكن تسمح بأن يكون هناك توافق عربي ، وهو ما توافر بشكل ظاهر في القمة العربية بجدة ، والمتمثل في التوافق العربي على أن يكون هناك جهد لحل المشكلات والأزمات العربية داخل البيت العربي ، على سبيل المثال ما يحدث في السودان ، واليمن وليبيا ، واعتقد هنا أن توافر الرغبة والإرادة القوية لدى الدول العربية لحل تلك الأزمات وحدها ليست كافية ، لوجود أيادي خارجية غير عربية تلعب دورا كبيرا في صناعة تلك الأزمات ، وتستفيد أيضاً من استمرارها ، والأزمة اليمنية هي خير شاهد على ذلك ، وبالتالي يجب أن تتجاوب القوى الخارجية عبر كافة الطرق لإنهاء تلك الأزمات والتخلص منها بشكل كامل .
-الأزمة السورية أيضا تعد نموذج واضح للتدخل الخارجي الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع ، فهناك موقف أمريكي ، وآخر تركي ، إضافة إلى الموقف الأوروبي من الأزمة ، وكل له تحفظاته وقوانينه الخاصة بالأزمة السورية ، ومن يتعامل معها ، وبالتالي يجب أن توجه الجهود لتلك القوى الخارجية وأن يتم التعامل معها ، وان يكون هناك جهد عربي خالص في مواجهة أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية المعترضة على المصالحة مع سوريا ، إلى جانب مساعدة الحكومة السورية على أن تتجاوز مثل تلك العقبات .
#هل نجحت القمة في تكريس مصالحة عربية شاملة ؟
-مما لا شك فيه ، هناك أهمية كبرى للاتجاه التصالحي ، وهو ما حاولت قمة جدة في أن تكرس لإتجاه تصالحي عربي عام ، ولكن يجب بذل مزيد من الجهد كي يكون اتجاه واقعي ملموس ، فهناك الكثير من العقبات التي تواجه هذا الأمر ، على سبيل المثال ، العلاقات المتوترة والقطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب العربي ، فلم يلتفت إلى تلك الأزمة على الإطلاق ، مما يعد تأجيل غير محبذ لهذا الملف بين دولتين عربيتين كبيرتين ، وهنا يجب أن يبذل جهد كبير لحل مثل تلك الأزمات بصورة جماعية عربية ، فضلاً عن ضرورة التنسيق العربي الأفريقي ، فيما يتعلق بالحالة السودانية ، لمساعدة السودان الشقيق في إعادة فكرة الدولة المستقرة مرة أخرى ، وانتخاب حكومة قادرة على تسيير شؤون البلاد ، من أجل الحفاظ على مصالح الشعب السوداني.
نقاط دبلوماسية
#هل حظيت القضية الفلسطينية على ما تستحقه من دعم عربي ؟
- تعد القضية الفلسطينية بالنسبة للعالم العربي من أهم الثوابت التي طالما أكد عليها القادة في مختلف المناسبات ، مشددين دائماً على إدانة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في حق أبناء الشعب الفلسطيني ، ولكن اعتقد أنه لابد من دعم القضية الفلسطينية في هذا التوقيت تحديداً ، حيث تواجه القضية الفلسطينية تحديات وجودية حقيقية على مستوى أعلى من الفترات السابقة ، جراء عدة أسباب ، وعلى رأسها الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، فضلاً عن وقوف واشنطن مناهضة لكل خطوة تتعلق بالتسوية الحقيقية وفقاً للقوانين الدولية ، ووفقاً للقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ، وبالتالي فإن دعم القضية الفلسطينية مهم للغاية ، وتحتاج إلى وجود آلية لإعادة الإعتبار إلى تلك القضية تحت مظلة جامعة الدول العربية ، وبمشاركة عدد من الدول العربية الفاعلة، فقد تحدث الجميع عن وجود جهد أكبر خلال الفترة المقبلة، بهدف الضغط للعودة إلى التسوية والتفاوض ، وهنا أرى ضرورة ترجمة تلك الجهود إلى أعمال حقيقية ، وأود الإشارة إلى أن القضية الفلسطينية تكتسب في بعض الأحيان نقاط سياسية ودبلوماسية مهمة جداً ، مثل قرار الأمم المتحدة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار 15 من مايو عام 1948 يوم النكبة للشعب الفلسطيني ، وما ترتب عليه من نزوح أكثر من 980 ألف فلسطيني ، ينطبق على نحو 6 ملايين فلسطيني لقب لاجئ طبقا لهذا القرار ، ولن يكن ليحدث مثل هذا التطور في القضية الفلسطينية لولا شعور كثير من الدول التي وافقت على مثل هذا القرار في الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، لذا يجب على العالم العربي بذل مزيد من الجهد لاكتساب مزيد من النقاط الدبلوماسية وتحويلها إلى واقع ، وهذا هو التحدي الحقيقي ، والجزء الآخر من التحدي هو أن يبتعد الفلسطينيون أنفسهم عن الانقسامات منذ عام 2007 ، وأن ينظروا إلى المستقبل نظرة مختلفة.
#هل ترى أن الوقت مناسب لتفعيل آلية أكثر صرامة ضد إسرائيل ؟
-توجد مشكلة في اختلاف توجهات العالم العربي تجاه إسرائيل في الوقت الحالي ، مما يضعف من فرصة إيجاد آلية معينة للضغط على إسرائيل، حتى وإن وجد نوع من أنواع التأكيد على وجود مثل تلك الآلية، أرى أنه من الصعب تنفيذها على أرض الواقع ، نظراً لاختلاف المواقف العربية تجاه إسرائيل ، حتى أنه قيل في بعض الأحيان أن تلك المواقف الجديدة، والتي من شأنها أن تخدم القضية الفلسطينية ، إلا أن الأمر قد ازداد سوء ، واعطت تلك المواقف الحكومات اليمينية المتطرفة في إسرائيل الضوء الأخضر لمزيد من الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني ، وبالتالي يجب أن يتبنى العالم العربي استراتيجية موحدة يتمسك بها الجميع ويحترمها ، وتصب الجهود والتاكيدات في هذه الاستراتيجية ، وهو ما لا نراه في عالمنا العربي، حتى الآن.
#ما رأيكم في إدانة القمة للتوغل التركي داخل الأراضي العراقية ؟
-تعتقد تركيا من وجهة نظرها بأن هناك مشكلة تتعلق بحماية حدودها مع العراق ، وهذا أمر غير صحيح ، لوجود حكومة عراقية قادرة على تأمين الحدود مع دول الجوار ، والتوجه لمطالبة تركيا بسحب قواتها من العراق، يمثل دعم عربي للموقف العراقي، ولكن في الوقت نفسه نحن نعلم أن تركيا لديها وجود عسكري قوي جداً في شمال سوريا، وحتى يتم تسوية الصراع يجب أن تبسط الحكومة السورية سيادتها على كافة أراضيها ، الأمر الذي يؤيده العالم العربي من حيث المبدأ ، لكن في الوقت نفسه لم يكن هناك مطالبة لتركيا بأن تنسحب من الأراضي السورية ، وأن تتوقف عن دعمها للجماعات الأيديولوجية المسلحة ، والتي تشكل أساس للإرهاب ، وتقليص للسيادة السورية ، وبالتالي عدم الاستقرار ، مما كان يستدعي تبني موقف قوي تجاه التوجهات التركية المتناقضة مع المصالح العربية ، وأيضاً كان يجب أن تكون هناك إشارة واضحة لتركيا بأن تسحب قوات المرتزقة الموجودة في غرب ليبيا ، وأن يكون المبدأ الأساسي هو الحفاظ على سيادة الدول العربية دون استثناء ، ولا أن يتم التعامل مع دولة دون الأخرى ، ومطالبة تركيا بسحب قواتها من العراق ، تعد إشارة إيجابية مفيدة للشعب العراقي ، ولكن كنت أتمنى ، بل وأطالب أن يمتد هذا الأمر إلى الوجود العسكري التركي غير المشروع في الأراضي السورية والمناهض لكافة الاتفاقات وقواعد حسن الجوار .
وفيما أكدت القمة العربية على أهمية الأمن والاستقرار لمواجهة التحديات وتحقيق التنمية بالمنطقة ..أكد د.أمجد عامر خبير التنمية أن القمة العربية الـ32 قد شرفت بحضور عدد كبير من ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية ، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي ، فضلاً عن حضور الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة منذ عام 2010 ، مما يعكس تعاون كبير وإرادة قوية لحل الأزمات والصراعات الموجودة في المنطقة العربية، وعلى رأسها الأزمة السورية ، ومحاولة دعمها ، وهناك تساؤل مهم تعقيباً على عودة سوريا للجامعة العربية ، هل تنتهي الأزمة السورية بعودة دمشق إلى الجامعة العربية ، تساؤل ستجيب عنه الأيام .
ومن الجدير بالذكر أن كل الاجتماعات خلال القمة قد شددت على السيادة السورية على كامل أراضيها واستقرارها، فضلاً عن تكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها الحالية وإنهاء معاناة الشعب السوري.
أيضاً تناولت القمة العديد من القضايا المهمة في المنطقة ، مثل القضية الفلسطينية وتمسك الدول العربية بدعم المبادرة العربية لحل الدولتين، والأزمة السورية والوضع اللبناني ، والتعامل مع إيران ، فضلاً عن قضايا الأمن القومي العربي والأمن الغذائي ، إضافة إلى ملفات اجتماعية واقتصادية مهمة.
وهناك أزمات مستجدة طرأت على جدول أعمال القمة منها الأزمة السودانية ، والتي حظيت برفض تام لأي تدخل خارجي في الأزمة باعتبارها شأن سوداني خالص، أيضا كان توقيع طرفي النزاع في السودان على إعلان جدة ووقف إطلاق النار ، أمراً غاية في الأهمية على طريق إنهاء معاناة الشعب السوداني الشقيق.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
وسط تحديات عديدة لمواكبة متطلبات العصر ومسايرة القفزات الهائلة فى عالم الإعلام، يواصل الإعلاميون المصريون أداء دورهم باحترافية ومهنية لتقديم...
وسط أجواء توافقية بأن تنعكس نتائجها إيجاباً على معظم الملفات ومختلف القضايا الملحة بالمنطقة، اختتمت القمة العربية العادية في دورتها...
شبابنا النابغون من طلاب الجامعات المصرية على موعد مع ماراثون عالمي لإنتاج ملابس ومنسوجات صديقة للبيئة وضد الحريق،بعد فوزهم في...
أثار تجسيد ممثلة صاحبة بشرة سمراء لشخصية الملكة المصرية "كليوباترا" جدلا واسعا ، منذ إعلان منصة “نيتفلكس” عن ترويج فيلم...