لأول مرة في مصر..أصبح هناك تشريع قانوني ينظم حيازة الحيوانات في مجتمعنا ويشترط ترخيصها ورعايتها وضبط سلوكها وإصدار بطاقة تعريف بكل حيوان لسرعة التصرف عند الضرورة، بعد أن تورط بعض مربي"الكلاب" في كثير من القضايا بحكم مسئوليتهم عن تصرفات ما يقتنونه من حيوانات منزلية خاصة الشرسة التي تهدد الجيران والمارة المسالمين، وبعدما شهده المجتمع في الأونة الأخيرة من حوادث تسببت في حالات وفاة أوفقدان عضو من أعضاء الجسم إضافة إلى 400 ألف حالة عقر سنويا..فعلى سبيل المثال توفي مدير بأحد البنوك المصرية،يوم 9 أبريل الماضي، نتيجة تعرضه لهجوم من كلب فصيلة "بيتبول" يملكه أحد جيرانه،كما أمرت النيابة العامة بحبس صاحب كلب وعاملة لديه بعد أن عقر كلبه طفلة عمرها 3 سنوات بالدقي أربعة أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات .
وبعد موافقة مجلس النواب مؤخرا على مشروع قانون حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء الكلاب، الذي تقدم به النائب أحمد السجيني رئيس لجنة التنمية المحلية و60 نائبا آخرين بالمجلس (عشر أعضائه)،استطلع موقع أخبار مصر أراء نخبة من الخبراء والمتخصصين في الطب البيطري والقانون حول نصوص المشروع وكيفية تفعيله وسبل تلافي مخاطر هذه الحيوانات وماذا نستفيده من التجارب الدولية في التصدي لهذه الحوادث التي راح ضحيتها عدد من الأطفال والشباب وكبار السن ؟.
تجريم اقتناء الحيوانات الشرسة وتنظيم "غير الخطرة"
بداية .. أعلن هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي بمجلس النواب أن مشروع القانون لا يفتصر على تجريم اقتناء الحيوانات الخطرة والكلاب الشرسة فقط ،وإنما ينظم ظاهرة اقتناء الكلاب غير الخطرة وإصدار تراخيص لحيازتها حفاظا على الصحة العامة، كما يحدد التدابير والإجراءات اللازمة للتعامل مع الكلاب الضالة بما يتفق مع معايير المنظمات الدولية.
وأوضح النائب، أن مشروع القانون يهدف لوضع تنظيم لحيازة الكلاب غير الخطرة، وإيجاد الحلول المناسبة للتعامل مع الحيوانات الضالة، ووضع إطار لحمايتها ورعايتها صحيا وغذائيا من أجل الحفاظ على الصحة العامة وسلامة المواطنين وفقًا للمعايير الدولية.
ويشتمل قانون حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء الكلاب على 5 فصول تضمنت 24 مادة بخلاف مواد الإصدار والنشر، اشتملت على حظر حيازة أو تداول أو إكثار الحيوانات الخطرة أو اصطحابها في الأماكن العامة، وإلزام حائزيها باتخاذ الاحتياطات لضمان عدم هروبها وتوفير الرعاية الصحية لها وتحصينها ضد الأمراض، وكذلك إخطار السلطة المختصة فور إصابة الحيوان بأحد الأمراض المعدية، كما حدد القانون إجراءات قيد الكلاب وترخيصها، وشروط اصطحاب الكلاب في الأماكن العامة، وعقوبات عدم الالتزام بالقانون.
ولفت رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، إلى أن مشروع القانون حظر حيازة أو تداول أو إكثار أي من الحيوانات الخطرة باستثناء الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات البحثية والعلمية التي تقتضي طبيعة عملها التعامل مع الحيوانات الخطرة بالإضافة إلى حدائق الحيوان والسيرك والمراكز المتخصصة في رعاية وإيواء الحيوانات مع إلزامها بتوفير الرعاية الصحية وتحصينها ضد الأمراض، علاوة على إنشاء سجلات بالتاريخ الطبي لها.
مهلة عام للتسجيل
وكشف هشام الحصري، عن منح مشروع القانون مهلة لمدة عام لحائزي الكلاب غير الخطرة للتقدم للجهات المعنية لقيدها في السجل المعد لذلك، والحصول على علامة تعريفية يتم تثبيتها في رقبة الكلب تحمل البيانات المتعلقة بالكلب وحائزه مثل اسم الحائز ومحل إقامته وأوصاف الكلب وعلاماته المميزة وكذلك التطعيمات والتحصينات الدورية والوبائية للحفاظ على الصحة العامة، أما الكلاب الشرسة والحيوانات الخطرة يتم تسليمها للجهات المختصة لاستخدامها في أعمال البحث العلمي والحراسة.
عقوبات متدرجة
كما أضاف الحصري أن هناك عقوبات متدرجة بمشروع القانون مرتبطة بالمخالفات حسب كل حالة وفق المواد من 15-17، موضحا أن العقوبات تبدأ من فرض غرامات مالية بدءً من 10 آلاف جنيه وحتى مليون جنيه، لمن يخالف إجراءات الترخيص أو يقوم بتشريس كلبا دون أن يتسبب في أذى أو ضرر، ويتم إضافة عقوبة الحبس للغرامات المالية في حالات التعدي على الغير باستخدام الحيوانات الخطرة أو الكلاب، ويتم تشديد عقوبة الحبس إذا كان التعدي صادرا عن سبق إصرار أو ترصد وتصل العقوبة في هذه الحالة للحبس مدة لا تقل عن عام وغرامة تصل إلى مليون جنيه، وحال تسبب التعدي في القتل تصل عقوبة حائز الحيوان الخطر أو الكلب للسجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
ويجوز التصالح فى حالة إزالة المخالفة إذا لم تنتج إصابة أو وفاة أو إضرار بالممتلكات،وفق المواد من18-20 في الحالات الآتية:
-قبل إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة مقابل أداء مبلغ لا يقل عن الحد الأدنى ولا يزيد على ربع الحد الأقصى للغرامة المقررة.-بعد إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة وحتى صدور حكم نهائي فيها مقابل أداء مبلغ لا يقل عن مثلي الحد الأدنى ولا يزيد على نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة.-بعد صدور حكم نهائي في الدعوى مقابل أداء مبلغ لا يقل عن خمسة أمثال الحد الأدنى للغرامة ولا يزيد على ثلاثة أرباع الحد الأقصى للغرامة المقررة.
سد الفراغ التشريعي
وقال الدكتور عادل عامر الخبير القانوني والاجتماعي للموقع إن المجتمع المصري شهد الفترة الماضية عددًا من الحوادث المفجعة والتي سببتها بعض الحيوانات ، ومنها الكلاب خاصة الأنواع المشهورة بشراستها سواء كانت بصحبة حائزها أو أثناء تجولها حرة بالحدائق والمتنزهات أو الأبنية السكنية أو الفندقية دون اتخاذ جائزها أو مصطحبها الإجراءات والتدابير التي توفر الحماية والأمن للآخرين، وقد أسفرت هذه الظاهرة عن إصابة عدد كبير من الأطفال والشباب وكبار السن من الجنسين بإصابات بالغة واودت بحياة البعض.ويرى أن أهمية مشروع قانون حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء الكلاب ترجع للتصدي لظاهرة ارتفاع معدلات الحوادث الناتجة عن حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء بعض أنواع الكلاب الشرسة التي تسببت في حالات وفاة وفقدان عضو من أعضاء الجسم إضافة إلى 400 ألف حالة عقر سنويا، إضافة إلى تحديد كيفية التعامل مع ظاهرة الكلاب الضالة التي تشوه الوجه الحضاري للشارع المصري.
وأوضح أنه تأكيدا على اهتمام البرلمان بضرورة بالتصدي لهذه الظاهرة، تم إعداد تشريع لهذا الغرض لأول مرة في مصر حيث تنص المادة 122 من الدستور المصري، على أحقية رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، وكل عضو في مجلس النواب اقتراح القوانين، ويحال كل مشروع قانون مقدم من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب، لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس، ويجوز للجنة أن تستمع إلى ذوي الخبرة في الموضوع.
وتابع د.عامر أن القانون يأتي في إطار رصد الظواهر السلبية بالمجتمع، وفى إطار عدم تصدى التشريعات القائمة لهذه الظواهر المجتمعية وخلوها من نصوص تنظيمية لها لتنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب وتداولها وإكثارها و استخدامها لترويع المواطنين وعدم اتباع أساليب علمية للحد من ظاهرة تزايد أعداد الكلاب الضالة وعدم الأخذ بتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وغياب الوعي للتعامل معها وبما يتوافق مع معايير منظمات الصحة الحيوانية العالمية وجمعيات الرفق بالحيوان.
الإبلاغ عن حائزي الحيوانات الخطرة
وطالب القانون في المادتين الثامنة والتاسعة كل من يجد أياً من الحيوانات الخطرة سائبة أو ضالة، أو علم بوجود حيوان خطر لدى حائز غير مرخص له بامتلاكه، الإبلاغ الفوري عن ذلك لأي من الوزارة أو السلطة المختصة أو أقرب مركز شرطة.
دوافع القانون المختلفة
وأشار الخبير القانوني إلى أن دوافع تبني القانون يمكن تقسيمها إلى 3 مسارات : في المسار الأول الخاص باقتناء الحيوانات الخطرة: يكمن الدافع في أن بعض الأشخاص يسعون إلى اقتناء بعض الحيوانات المفترسة في منازلهم وهو ما أدى إلى تكرار حوادث هروب هذه الحيوانات من حائزيها، الأمر الذي كشف بدوره عن عدم وجود تنظيم قانوني مواجه لمثل هذه الحوادث باستثناء بعض أحكام قانون البيئة الصادر بالقانون رقم (4) لعام 1994.
المسار الثاني الخاص بحيازة واقتناء الكلاب غير الخطرة: يكمن الدافع في تبني المشروعات لانتشار ظاهرة اقتناء الكلاب لدى المواطنين، واتجاه البعض نحو تشريسهم واستخدامها لترويع المواطنين أو الاعتداء عليهم، ورغم وجود بعض الكلاب المرخصة إلا أن أصحابها يفتقدون الوعي الكافي للتعامل مع هذه الكلاب بشكل يحافظ على الصحة العامة، الأمر الذي ظهر في بعض الممارسات مثل عدم الاكتراث لتكميم الكلب أثناء اصطحابه للخارج وسط المارة، أو عدم تقييده بقلادة مناسبة الأمر الذي ترتب عليه تلقي جهات التحقيق العديد من بلاغات العقر بواسطة هذه الكلاب، لذلك تم تنظيمها بواسطة قانون بدلاً من قرار يصدر من الوزير المختص بشئون الزراعة واستصلاح الأراضي.
أما المسار الثالث ظاهرة الحيوانات الضالة: يكمن الدافع في تبني إجراءات بشأن هذا المسار في انتشار الكلاب الضالة التي تكمن خطورتها في حملها العديد من الأمراض المعدية على رأسها مرض السعار “rabies” والذي يطلق عليه (داء الكلب)، فوفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن داء الكلب يتسبب في وفاة ما يقرب من (60) ألف شخص سنوياً وأكثر من (95%) من الوفيات البشرية في إقليمي آسيا وأفريقيا.ويشار هنا إلى ارتفاع مستمر في أعداد الكلاب الضالة حيث بلغت نحو (20) مليون كلب ضال عام 2020 وتختص الكلاب بوجه عام بنحو (85%) من حالات العقر، ويمكن الاستشهاد في هذا الشأن بالبيانات الصادرة وفقاً لأخر تقرير رسمي للهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة وبيان وزارة الصحة، حيث بلغ إجمالي عدد حالات العقر الآدمية (300) ألف حالة عام 2014، ثم ارتفعت تدريجياً لتصل إلى (482.5) ألف حالة عام 2018.
تجارب دولية
وعن تجارب الدول الاخرى في الخارج ، ذكر د.عامر أن معظم القوانين سواء في الوطن العربي أو الأوروبية تتفق فيما بينها تشريعيا على إلزام مشروع قانون حيازة الحيوانات الخطرة واقتناء الكلاب، لأصحاب الكلاب في الأماكن العامة بوضع كمامة أثناء التنزه أو عند اصطحابها خارج أماكن الإيواء، وتقييد الكلاب بقلادة مناسبة للسيطرة عليه..فمثلا القانون الاتحادي بالإمارات رقم 22 لسنة 2016، بشأن تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة، يهدف إلى تنظيم امتلاك وحيازة تداول وإكثار الحيوانات الخطرة، وحماية الإنسان والحيوانات الأخرى من أذى الحيوانات الخطرة، وانتقال أمراضها ومسبباتها إليه وإلى الحيوانات الأخرى، وضمان حصول تلك الحيوانات على الرعاية الجيدة.
وتضمن القانون، الذي نشر في الجريدة الرسمية الإماراتية، غرامات تتراوح ما بين 10 آلاف درهم، وتصل إلى 700 ألف درهم، وعقوبات تصل إلى السجن المؤبد، إذ يعاقب القانون بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على سبع سنوات، كل من استخدم حيواناً خطراً للاعتداء على الإنسان، إذا أفضى الاعتداء إلى عاهة مستديمة.
وتكون العقوبة بالسجن المؤبد، إذا أفضى الاعتداء إلى الموت. كما نص القانون على أن تكون العقوبة، الحبس مدة لا تزيد على سنة، والغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف درهم، ولا تزيد على 400 ألف درهم، إذا لم تصل نتيجة الاعتداء إلى درجة الجسامة المذكورة في البندين السابقين.
وفي حال اعتدى الحيوان الخطر على الغير دون قصد من حائزه وقت الاعتداء، يعاقب جنائياً بعقوبة القتل الخطأ، أو الإصابة الخطأ، الواردة في قانون العقوبات حسب الأحوال.
ونصت المادة (11) على قيام السلطات المعنية في كل إمارة، بحجز أي حيوان خطر سائب أو ضال أو غير مرخص، واتخاذ التدابير اللازمة بشأنه، وعلى السلطة المختصة بالتنسيق مع وزارة التغير المناخي، إنشاء مراكز إيواء ورعاية الحيوانات المحجوزة، ويحق لهما التصرف فيها وفقاً للائحة التنفيذية، فيما حظرت المادة 16 على أي شخص التجول برفقة أي من الحيوانات الخطرة خارج المنشأة المرخصة.
التوعية والرقابة
ويرى د.خالد سليم، رئيس نقابة الأطباء البيطريين أنه لامانع من تربية العديد من الأسر المصرية تربية الحيوانات في المنازل، بشرط أن تكون على وعي بكيفية رعاية الحيوان، وتحصينه بشكل دوري لتجنب نقل الحيوان للمرض أو إحداث ضرر للغير، لكن لابد من الرقابة والمحاسبة لأن بعض المواطنين غير المسئولين يقومون بتشريس الكلاب مما يتسبب في حوادث مؤلمة سواء عن قصد وغير قصد .
وطالب نقيب البيطريين، بتغليظ العقوبات المالية والحبس في حالات اقتناء الكلاب الخطرة وتشريسها، واستخدامها عن قصد في ترويع المواطنين، و عدم فتح باب التصالح في هذه الحوادث لتجنب تكرار وقوعها ، على أن يتضمن القانون منح صلاحية التعامل مع الحيوانات وتحصينها للأطباء البيطريين المتخصصين في التعامل الطبي والعلاجي مع الحيوانات، وحصول جمعيات رعاية الحيوان على التراخيص من النقابة أو وزارة الزراعة لضمان توافر الرعاية للحيوانات.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
صورة مشرفة و احتفالية وطنية بطلها المصريون بالخارج رصدتها عدسة الخبراء ووسائل الإعلام خلال الانتخابات الرئاسية للمصريين بالخارج، على مدار...
رسائل مهمة يبعثها منتدى شباب العالم من شرم الشيخ لنشر مباديء السلام والتنمية والإبداع من خلال إطلاق مبادرة جديدة بعنوان...
حالة من الترقب والتفاؤل بالمستقبل تصاحب انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية المصرية في الخارج 2024 على مدار ثلاثة أيام من 1-3...
المشروعات الزراعية.. الزراعة الذكية مناخيا.. التحديات العديدة.. الأمن والأمان الغذائي.. المشروع القومي الكبير.. منطقة الدلتا الجديدة.. كل هذه الموضوعات وغيرها...