"زكى محرم محمود رستم" أو "زكى رستم" فنان قدير لمع اسمه على مدى أربعين عاما، من منتصف العشرينيات وحتى
منتصف الستينيات، فخلال هذه الفترة استطاع أن ينال مكانة خاصة فى قلوب المشاهدين.
ولد "زكى رستم" فى 25 مارس 1903، وكان والده عضوا بارزا بالحزب الوطنى وأحد أعيان محافظة المنوفية، فضلا عن كون والده صديقا مقربا من الزعيمين محمد فريد ومصطفى كامل، وكان جده اللواء "محمود باشا رستم".
مارس "زكى رستم" الرياضة منذ طفولته، خاصة حمل الأثقال، حتى أصبح من أبطالها المعدودين بمصر عام 1922، وأمضى وقتا قصيرا فى إحدى فرق الهواة، وفى يوم من أيام عام 1954 شاهده الفنان عبدالوارث عسر فى حفل فأعجب بموهبته الكبيرة ودعاه إلى الانضمام إلى أحد العروض، وما أن رآه جورج أبيض فى أحد العروض إلا وعرض عليه الانضمام إلى فرقته التى كانت وقتها من إحدى أكبر الفرق المسرحية، وكانت فرقة أبيض تضم سليمان نجيب وبشارة واكيم ومحمد عبدالقدوس وعبدالفتاح القصرى ودولت أبيض - زوجة جورج أبيض - ومارى كافورى وفردوس حسن وغيرهم.
وفى موسم عام 1925 قدم "زكى رستم" مع فرقة جورج أبيض العديد من المسرحيات، منها "سفينة نوح، صاحب مصانع الحديد، مضحك الملك"، وفى عام 1925 انضم لفرقتى رمسيس ويوسف وهبى، وفيهما حقق مكانة كبيرة بين صفوف ممثلين المسرح الكبار، أمثال عزيز عيد وأمينة رزق وفاطمة رشدى وحسن البارودى وأحمد سلام، حيث قدم مع فرقة رمسيس العديد من الأعمال المسرحية، منها مسرحية "راسبوتين، المائدة الخضراء، كرسى الاعتراف، يوليوس قيصر، عطيل"، ثم انفصل عن فرقة رمسيس عام 1930 وانضم إلى فرقة فاطمة رشدى، وفى عام 1934 انضم إلى فرقة اتحاد الممثلين، وفى عام 1935 انضم للفرقة القومية المصرية للتمثيل والموسيقى التى أسستها الدولة فى شهر أغسطس 1935.
أما السينما فقد دخل "زكى رستم" عالمها الرحب فى عام 1929، وذلك عندما اختاره المخرج "محمد كريم" ليشارك فى فيلم "ليالى" الذى نجح به نجاحا مبهرا، ثم توالت الأعمال وأصبح "زكى رستم" من نجوم السينما الكبار، حيث كون مع "فريد شوقى" ثنائيا فريدا لتجسيد أدوار الشر، وكان ثالثهما فيما بعد الفنان "محمود المليجى".
لم تقتصر أدوار "زكى رستم" فى السينما على تمثيل أدوار الأثرياء والبكوات، لكنه قدم شخصية البسطاء فى أفلام "صراع فى الوادى" إخراج يوسف شاهين وسيناريو وحوار على الزرقانى عام 1954 و"رصيف نمرة 5" قصة فريد شوقى وسيناريو السيد بدير عام 1956 و"الخرساء" عام 1960، وهو فيلم من إخراج حسن الإمام.
لم يتزوج "زكى رستم" طيلة حياته، وكان قليل الأصدقاء، وكان يعيش وحيدا مع كلبه الذى أحبه بجنون وكان يصحبه فى جولة يومية بوسط البلد حيث كان يقيم فى شارع سليمان باشا، لكن فى أوائل الستينيات بدأ سمع "زكى رستم" يضعف شيئا فشيئا حتى فقده تماما، الأمر الذى أجبره على اعتزال الناس والتوقف عن التمثيل حتى رحل عن عالمنا فى 15 فبراير 1972 عن عمر ناهز 69 عاما إثر أزمة قلبية، وكان قد كرمته الدولة عام 1962 بمنحه وسام الفنون والعلوم تقديرا لما قدمه للفن المصرى والعربى.
فى الصفحات التالية تنشر "الإذاعة والتليفزيون" حوارا عمره 63 عاما، أجراه زكى رستم على صفحات العدد رقم 1317 بتاريخ 11 يونيو 1960.
إلى نص الحوار.
زكى رستم
أبو الهول الفن يتكلم
حديثان صحفيان فى ٣٥ عامًا.. وهذا هو الثالث
لا أتردد فى تمثيل الكوميديا إذا بعدت عن الإسفاف
العملاق الذى تراه علی الشاشه إنه طفل فى ضحكته البريئة، ابتسامته فيها صفاء النفس ونقاءها.. إنه الفنان الذى شهدت له خشبة المسرح وشاشات السينما عشرات الأمجاد، شهدت طيبته وبساطته.. متحفظ حريص فى لفظه، وعلى صلاته وحركاته.. متدقق فى حديثه إذا عرفت له المفتاح.. ومفتاح قلب زكى رستم، أن يطمئن إليك.
منذ أن بدأ حياته الفنية فى عام ١٩٢٤ لم يتحدث إلى الصحف غير مرتين.. وهذه هى الثالثة:
بدأت فى فرقة جورج أبيض، ثم فرقة رمسيس عام ١٩٢٤، وحتى عام 1926 لم أكن أتناول أجرا لضآلة الأجر الذى عرض علىّ.
أول أجر كان ١٥ جنيها شهريا، ارتفع إلى ٣٠ جنيها مع فرقة فاطمة رشدى وعزيز عيد.
عادت بى الدولة إلى مرتب ١٥ جنيها فقط فى الفرقة المصرية، وصل إلى ٢٢ جنيها - بعلاوة الغلاء - حتی تركت المسرح عام ١٩٤٥.
شخصية "عطيل" هى الشخصية التى تمنيت تمثيلها، وفى عام ۱۹۳۰ عهدت إلى الأستاذ حامد عبد العزيز بترجمة "عطيل" لأمثلها بفرقة خاصة ولكن ما حصلش قسمة!
بينما كنت استعد لتكوين فرقة خاصة ، كون إخوانى اتحاد الممثلين، ودعونى إلى الانضمام إليهم، فتنازلت عن الفكرة السابقة إيمانا منى بقيمة "انحاد الممثلين" فى فرقة مستقلة ولكن فشلت التجربة، وأعقبتها تجربة الفرقة "القومية" تحت إدارة المرحوم "خليل مطران"، فكان ذلك إيذانا بطرح الفكرة من رأسى نهائيا.
حين تقرر تمثيل "عطيل" رشحنى الأستاذ "فلاندر" المخرج الفرنسى الذى كان يخرج للفرقة القومية، للدور كما رشح زميلى وأخی حسین ریاض لدور "ياجو" والزميلة روحية خالد لدور ديدمونة، ولكن المدير خليل مطران رفض هذا الترشيح.
وكان المسرح العربى قد عرف فقيدنا الكبير جورج أبيض فى "عطيل"، وكان فقيدنا الغالى منسى فهمى قد اشتهر فى "ياجو"، وإن كان قد لعبه بعده زميلنا الكبير يوسف وهبى.
أعز ادوارى على المسرح هى: فى فرقة رمسیس: دور "محافظ المدينة" فى "كرسى الاعتراف" ودور الدوق البا فى "الوطن".
فى فرقة فاطمة وعزيز: دورى فى مسرحية "الشيطانة".
فى الفرقة القومية: دور "الباشا" فى "اليتيمة" ودور الأب بوبوزو فى "تحت سماء أسبانيا" ودور "القسيس الوطنى" فى "تلميذ الشيطان".
أما فى السينما، فإن جميع أدوارى السينمائية لها قيمتها الفنية، إذ تعودت أن يكون لى حق قبول أو رفض ما يعرض علىّ من أدوار.
وأنا أتحمل مسئولية أدوارى السينمائية باطمئنان، على أن من أدوارى السينمائية التى أعتز بها، الأدوار الآتية حسب أولويتها:
دورى فى "هذا جناه ابی" وفی "الأب" و"معلهش یا زهر" و"عائشة " و "الفتوة".
إننى لا أتردد فى تمثيل الأدوار الكوميدية، متى كانت كوميدية أخلاقية بعيدة عن الإسفاف، فأنا أكرم فنی بالابتعاد من الابتدال والترخص.
لا شىء مطلقا بفضل المسرح.. المواهب الحقيقية لا تظهر إلا على المسرح.
على المسرح تتجلى عبقرية فنانتين نادرتين: فاطمة رشدى وأمينة رزق.
أعظم مخرج مسرحی عربی حتی الآن: عزيز عيد.
فى السينما تبهرنى أعمال: بركات، وأبو سيف، وعز الدين ذو الفقار.
فاتتنى فرصة الاشتغال بالإخراج.. وإنى لآسف عليها، على أننى إذا أتيح لى فأمثل وأخرج معا.
على الشاشة أستريح للتمثيل أمام فاتن حمامة. إنها فنانة تترك أثرا فى القلوب، والفارق بينها وبين أية فنانة تليها.. فارق شاسع!
عماد حمدى من أكثر الممثلين تعبيرا عن معانى أدوارهم.
يوسف وهبى لم أشاهده فى أدواره الحديثة. آخر مرة رأيته فيها ممثلا.. عام ۱۹۳۰.
أورسن ویلز فشل فى "عطيل" الذى مثله على الشاشة أخيرا.
أروع من مثل "عطيل" سينمائيا كان ممثل الفيلم الروسى.
حسين رياض ممثل مبدع فى کل أدواره.. أذكر له بالتقدير دور "الجنرال" فى "ناتاشا".
أحمد علام أستاد متمکن: دوره "البرنس بوسوبوف" فى "الراسبوتين" لا ينسى.
محمود المليجى ممثل دراما عظيم ونادر. ولعل اقتصاره - بأمر المخرجين - على دور "الشرير" مبعثه أنه يجيده بشكل فذ، ولكن هذا الدور يظلم باقى ملكاته.
زكى طليمات: أفضله مخرجا مسرحيا ممتازا.
عباس فارس: طابعه الفنى الغالب: أدوار الحكمة والتؤدة والرزانة، وهو قادر عليها. أما فى ثوبه الكوميدى الجديد، فلم أشاهده.
يخيل إلىّ أننى ممثل "كويس" بدليل رضى الله والناس والأفلام النزيهة.
لقد نشرت مجلة "لايف" الأمريكية إحصائية عن الممثلين العالميين، ولم يذكروا من ممثلى الشرق سواى.. وقارنونى بالعملاق "شارلز لوتون" وهى ثقة أشاعت فى نفسى الارتياح والشكر.
الحكمة التى خرجت بها من تجاربى، هى أن الاجتهاد والعمل والمثابرة لها نتيجة إلى حد ما.. والباقى- وهو الجزء الأوفر- مرجعه إلى الساحر المغناطيسى غير المنظور: الحظ!
أملك بحمد الله الإحساس والتذوق الأدبى دون ممارسة عملية للكتابة، وقراءاتى المفضلة فى الأدب والفلسفة، وآه لو وقع فى يدى كتاب فلسفة، إذن لما تركته دون أن أتمه.
مارست الرياضة صبيا.. كنت بطل مصر فى رفع الأثقال عام ۱۹۲۲ قبل اتجاهى إلى الفن بعام واحد وبدأت أتعلم المصارعة فى ذلك العام على يد أساتدة المصارعة، ومنهم بيانكى بطل العالم فى حينه ورودلف السويسرى، وكان بطل العالم وقتا ما وكنت أدفع فى درس الرياضة جنيها، وأتلقى ثلاثة دروس أسبوعيا قيمتها ٣ جنيهات!
وقد تركت الرياضة العنيفة إلى رياضة أخرى هى "البلياردو". يهمنى فى الأغانى تلحينها أولا، وحبذا طبعا لو اقترن التلحين الممتاز بالتأليف الناضج.
وعلى هذا أفضل من أغانى الوهاب: "الجندول" و"الكرنك" ومن أم كلثوم: "جددت حبك ليه؟" ومن المطربات المحدثات: نجاة الصغيرة فى كل ما تغنيه وفايزة أحمد وخاصة فى "ست الحبايب"، وكذلك أحب الاستماع إلى نجاح سلام.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
"رتيبة الحفنى" أسطورة الغناء الأوبرالى والسوبرانو، حيث حققت فى هذا الفن الغربى ما لم تحققه فنانة عربية من جيلها أو...
قبل 50 عاماً صدر عدد مجلة الإذاعة والتليفزيون فى مطلع أكتوبر دون أى إشارة للمعركة المحتملة، رغم تواصل أبنائها الدائم...
سر نجاحى فى كلمتين «التواضع» و«عدم الغرور»/ «كمال سليم» أستاذى فى السينما.. و«عزيز عيد» فى المسرح/ راتبى بعد الضرائب «42...
وقف الطفل "كمال الشناوى" يؤدى أول أدواره السينمائية فى مدرسة المنصور الابتدائية، وكان فى العاشرة من عمره، لتمر السنوات ويشاهد...