حسين جنيد قاطع العندليب الأسمـــر بسبب «سمراء»

حسين جنيد.. علامة من العلامات البارزة فى حقل الموسيقى العربية، قدم أكثر من 80 عملاً لأوركسترا الإذاعة،

ولحن مائتى لحن، كما كتب ودون 200 مدونة موسيقية تراث شرقى، كون فرقته الموسيقة" فرقة حسين جنيد" وكانت تقدم مقطوعات من تأليف كبار الملحنين فى حفلات الاذاعة، كما اكتشف لطيفة ومحمد الحلو وأنغام..

ولد فى 10 نوفمبر عام 1918 بمدينة الإسكندرية، وتلقى تعلميه بمدرسة "ليسيه الحرية" بحى الشاطبى وحصل منها على شهادة البكالوريا عام 1936، وقطع مسيرة طويلة مع الفن، قبل أن توافيه المنية بالقاهرة فى 15 نوفمبر 1990عن عمر ناهز الـ72 عاماً، ونتذكره هنا فى ذكرى ميلاده الـ 104وذكرى رحليه الـ32 من خلال الحديث مع ابنته د. إيمان جنيد- أستاذ آلة القانون بالمعهد العالى للموسيقى العربية- التى تطرقت معنا للكثير من أسرار حياة والدها، كما نستعيد هنا نشر حوار أدلى به لمجلة الاذاعة المصرية من 72 سنة، ونشرته فى عددها  رقم (801) بتاريخ 22 يوليو 1950م.

بداية.. من أين نبع شغف والدك بالفن؟

من البيت؛ فقد كانت والدته تمتلك صوتا جميلا وتجيد العزف على العود، ووالده يجيد الغناء ويمتلك صوتاً جميلا، وشقيقه الأكبر "فتحى جنيد" عازف ماهر للكمان وله فرقة تحمل اسمه وله العديد من الألحان بإذاعة الإسكندرية. اكتشفت أسرة حسين موهبته الموسيقية فى سن مبكرة، وأستمع منذ الطفولة إلى الموشحات، وهذا شكل مخزونه الموسيقى وأخذ يقارن بين عزفه على آلة الكمان أو العود، وأنحاز للكمان، فبدأ محاولات فى تعلم العزف عليها، وفى عام 1939 التحق بمعهد "فيردى" وتعلم على يد الأساتذة الطاليان الذين كانوا يعيشون فى الإسكندرية، تعلم  العزف على آلة الكمان بشكل أعمق، والتحق بقسم الغناء الكورالى، وكان يملك صوتا جميلا جدا، ظل بالمعهد 3 سنوات كانوا بمثابة بعثه لإيطاليا، ومع اشتراك إيطاليا فى الحرب العالمية الثانية أغلق المعهد، ولكنه لم يتوقف وواصل القراءة والاطلاع على الكتب والموسوعات والمؤلفات الموسيقية العربية والغربية، وكان من بين زملائه بالمعهد فؤاد الظاهرى وأندريا رايدر.

 كان يقول أن التأليف الموسيقى يحتاج رغبة ودراية بالموسيقى العالمية والشرقية معاً.. لماذا؟

كان يقول أن التأليف الموسيقى لابد لمن يقبل عليه أن يكون لديه الدراية الكافية بالموسيقى الغربية والموسيقى الشرقية، حتى يحدث اندماجا بينهما، لأن كل منهما تفيد الأخرى.

 فى منتصف الأربعينيات أنشأ فرقة بالإسكندرية.. ماذا عنها؟

شعر والدى برغبة كبيرة فى تكوين فرقة موسيقية بعد وفاة شقيقه "فتحى" الذى كانت له فرقة باسمه، فكونها للهواة بنادى الموظفين بالإسكندرية، وبدأ تأليف بعض المقطوعات الموسيقية  لها، وقدمت الفرقة حفلات كثيرة من خلال إذاعة الإسكندرية، وكان ضمن أعضاء الفرقة زملائه بمعهد "فيردى" منهم "جورج ميشيل" عارف العود، وعبد الحكيم عبد الرحمن عازف الكونترباص، ومجدى بولس عازف القانون، ومنسى عازف القانون. وفى منتصف الخمسينيات قرر الانتشار، ففكر أن يترك الإسكندرية ذاهبا إلى القاهرة، وهناك ذهب إلى الإذاعة التى كان يرأسها "الشجاعى"، فى ذلك الوقت كانت الإذاعة كونت فرقتين الأولى فرقة الموسيقى العربية، والثانية أوركسترا الإذاعة السيمونى، وعين والدى زائراَ لفرقة موسيقى الإذاعة، وقدم من خلالها أكثر من 80 مقطوعة موسيقية منهم (فى حى الحسين، أعياد الطفولة، توسل، زهور الليل، على شاطئ النيل، نور الأمل، بشاير، راقصة المعبد، ومن الأوبريتات جزيرة السبع نبات، شعلة حق، سلمى الراعية الحسناء، شهامة عربى،  جوريه) وغيرهم الكثير.

 كان يملك صوتا جميل فما أجمل ما كان يغنى؟

- كان يجبد العزف على كل الآلات الموسيقية الشرقية كلها،ما عدا القانون، وكنت أحب أسمع منه أغنية "علموه كيف" لمحمد عبد الوهاب وكان يغنيها بمصاحبه العزف على العود، وكنا نستمتع بها فى المناسبات العائلية.

 قدم والدك عبد الحليم حافظ فى بدايته لشادية وشهرزاد.. كلمينا عن هذا؟

بفيلم (لحن الوفاء) كان أول ظهر للمطرب عبد الحليم حافظ أمام "شادية"، وكانت فى حالة قلق من أنه موهبة جديدة، ولكن والدى قال لها: "أعطيه فرصة وأسمعى صوته ثم أحكمى عليه" وبالفعل اسمعها صوته، فوافقت وخرج الفيلم للنور وحقق نجاح كبيرا، وقدما معا أشهر أغنيه بالفيلم وهى "احتار خيالى"، وكانت أول عمل يجمع شادية وعبدالحليم حافظ، وهو أول من قدم العندليب فى أوبريتات الإذاعة،  فعرض على المطربة "شهرزاد" أن يشاركها "حليم" فى أحد الأوبريتات الإذاعية، ففى البداية رفضت لأنه لم يكن معروفا وقتها،فرد عليها بابا قائلا: "اعطية فرصة واسمعية وبعدين أحكمى"، وأثبتت الايام صدق كلامه.

 ما الأعمال التى قدمها لعبد الحليم؟

قدم له عدة ألحان منها أغنية "بتقوللى ايه خلانى أحبك"، وأغنية "أنا أهواك" التى غناها بصوته وبطريقة الدوبلاج بفيلم (بائعة الخبز).

 ما سبب القطعية بين جنيد وعبد الحليم؟

كان والدى انتهى من لحن لكارم محمود بعنوان (سمراء يا حلم الطفولة) وسمعها حليم وطلب أن يغنيها، فرفض والدى، وقال له "هذه الأغنية تخص كارم"، وبدون علم والدى ذهب "حليم" إلى المؤلف واشتراها وأعطاها للملحن محمد الموجى ليلحنها، فغير الموجى فى المقدمة الموسيقية، وهذا أحدث خلافا وقطيعه بين والدى وبين حليم والموجى، ولكن مع الوقت زال الخلاف بينه والموجى، وظلت القطعية مع حليم إلى آخر أيام حياته.

 وماذا عن صفاته كأب؟

كان عطوفا لدرجة كبيرة جدا، ويقدس البيت والأسرة، فلم يكن يحب السهر، وكان يرغب فى أن يدخل ابناءه الوسط الفنى، فشقيقى "محمد" تخرج فى كلية التجارة وكان مدير شركة وانتقل الى رحمة الله، وشقيقتى "مريم" أستاذ دكتور فى كلية الصيدلة جامعة القاهرة، وأنا حققت رغبته ودخلت المعهد العالى للموسيقى العربية، وبعد أن تخصصت فى آلة العود شاهدت إحدى زميلاتى تعزف على آلة القانون فأحببته، وطلبت من بابا التغيير إلى القانون فوافق، وحققت به الكثير من النجاحات.

 عام 1972 أسندت إليه رتيبه الحفنى قيادة الفرقة الموسيقى العربية للتراث.. كيف تم ذلك؟

كانت الدكتورة رتيبة الحفنى رئيسة للمعهد العالى للموسيقى العربية آنذاك، وسمعت عن والدى لأنه كان قائد للكورال الغنائى التابع لوزارة الثقافة، وتم ترقيته إلى قائد الأوركسترا فى نفس المسرح عام 1970، وطلبت منه أن يقود فرقة التراث للموسيقى العربية التى قادها من قبله عبد الحليم نويرة وشعبان أبو السعد، فوافق وبدأ فى تكوين الفرقة من طلاب المعهد، وكانوا يعرضون حفلاتهم على مسرح الجامعة الأمريكية، وفى الذكرى الأربعين لأم كلثوم حضر وزير الثقافة آنذاك يوسف السباعى، وكانت الفرقة تقدم أغانى لأم كلثوم، فطلب تغيير اسم الفرقة لفرقة أم كلثوم للموسيقى العربية.

 من خلال فرقة أم كلثوم ظهر العديد من الأصوات فى الوسط الغنائى.. فمن هم؟

كانت بالفرقة أصوات جيدة منها سوزان عطية وإجلال المنياوى، وكذلك لطيفة عندما جاءت إلى مصر والتحقت بالمعهد للدراسة به، ومحمد الحلو وأحمد إبراهيم وميساء عبد الغنى وتوفيق فريد، وأنغام فى أول ظهور لها وكان عمرها 20 عاما وقدمت أول أغنية لها من خلال الفرقة كانت أغنية (بسبوسة) للمطربة "شادية"، وكان بالفرقة أمهر العازفين من بينهم ياسر عبد الرحمن، وحققت نجاحات كبيرة وطاف بها الكثير من البلاد العربية مثل لبنان وسوريا والكويت والعراق وقطر والبحرين وكذلك أمريكا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وكندا واليابان وأسبانيا.

 لحن جنيد لشادية وليلى مراد وغيرهم.. فما هى تلك الأعمال؟

تعامل مع ليلى مراد فى تلحين آخر أغانى أفلامها "دور يا موتور" بفيلم القطار، و"الحلوة تنام" فى نفس الفيلم عام 1955، ولحن فى فيلم آدم وحواء أغنية "أنا بغير عليك"،  ولحن "بهية"من الفولكلور الشعبى، و"من بعيد يا حبيبى بسلم"، ولحن لشادية "غايب عنى وواحشنى"، و"مادام بعادى"، ومع محمد عبد المطلب قدم (بنت الحتة، اسمر كحيل العين، ما بيسألش عليا ابدا، وبغير عليك، احتار خيالى، صالحك)  ومع محمد قنديل "قولولى أعمل ايه وياه"، كما لحن لكل من فايزة أحمد وكارم محمود ونجاة على ونادرة وسعاد أحمد وسهير حشمت ومنار أبوهيف وعباس البليدى.

 وما أهم الابداعات التى قدمها للمسرح الغنائى؟

وضع الموسيقى للعديد من الأوبريتات المسرحية منها (ملك الشحاتين، الحرافيش، الليلة العظيمة، طبيخ الملايكة) لفرقة ثلاثى أضواء المسرح.

 كيف كان الحب والزواج فى حياة حسين جنيد؟

تزوج من والدتى بعد حب شديد بينهما وتزوجها فى مدينة الإسكندرية واستقروا فى القاهرة، وكان يجمعهما تفاهم وحب كبير، وأسفر هذا الزواج عن ثلاث ابناء.

 هل كانت له طقوس قبل أى حفل؟

كان يشعر بقلق ويكون مضطربا، وقبله بيوم يجلس فى البيت للراحة والهدوء، وقبل أن يذهب للحفل يقرأ القرآن الكريم ويصلى ركعتين لكى يوفقه الله.

 كيف طور جنيد تراث الموسيقى العربية؟

والدى قضى على الجمود الذى كان سائدا ومسيطرا على الكثير من الألحان العربية وموسيقانا من آخر القرن 19 19 وأوائل القرن 20، وبعدما كان المغنى هو العنصر الغنائى فقط فكان يصاحبه خمسة عازفين وأربعة من المنشدين، هم أعطاء التخت، فهو غير هذا الوضع عندما تناولنا تراثنا العربى بطابعه وأصالته، وجعلها بالغناء الجماعى بدلا من المطرب المنفرد، فى شكل حوارى بين الكورال والمغنى المنفرد، ثم أدخل المسرح الغنائى فى أعماله وألحانه فى برنامج فرقة (أم كلثوم) قدم مسرحيات لسيد دوريش منها "على قد الليل ما يطول"، ولداود حسنى "المباخرة والمركبية".

 كيف حافظ على هذا التراث؟

قدم مكتبة كاملة أو ريبورتال كامل من التراث الشرقى والمدون والمكتوب بأسلوب موسيقى صحيح، كما ساهم فى كتابة ما يزيد على 200 مدون تراث شرقى، وهى تعتبر مكتبة كاملة من التراث الشرقى المندثر، كما قدم الأغانى الحديثة لأم كلثوم وفريد الأطرش ومحمد فوزى وليلى مراد.

 ما أهم الجوائز التى حصل عليها؟

حصل على العديد من الجوائز منها جائزة فى التأليف الموسيقى عن مجمل أعماله فى مجال الأفلام التسجيلية عام 1984، وجائزة الدولة التشجيعية عن الموسيقى التصويرية للفيلم التسجيلى "المدرسة الجوهرية"، وعام 1985 جائزة الدولة التشجيعية عن الموسيقى التصويرية للفيلم التسجيلى (البوسطة)، كما تم ترشيحه لجائزة الدولة التقديرية لكنه توفى قبل ميعاد الجائزة بثلاثة أيام.

 ماذا عن ظروف وفاته؟

كان رحيله بعد احتفالية بعيد ميلاده الثانى والسبعين بأربعة ايام بسبب أزمة قلبية مفاجأة عقب انتهائه مباشرة من قيادة الفرقة لمدة ساعتين، وبعد أن انتهى مباشرة وأغلق الستار طلب كوب ماء، وبعد أن أخذ منها رشفة توفى ووقع على الأرض، وظل الجمهور خلف الستار يصفق له وينتظر أن يعود ويقف على المسرح ليحيه، ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة فى 14 نوفمبر 1990.

جنيد: ميكروفون الإذاعة جبار.. وأستاذى الأول هو سيد درويش

هنا نص حوار جنيد مع مجلة الإذاعة المصرية فى 1950م:

 ماذا عن النشأة؟

ولدت فى الإسكندرية سنة ۱۹۱۸م فى وسط كله فن وموسيقى، حيث إن أسرتى رجالا ونساء يحبون الموسيقى، ووالدى رحمه الله شخصيا أراد أن نحظى بالتكوين الفنى.

وقبـل أن أنال شهادة الابتدائية لم أفكر فى أن أكون فنانا، ولكنى كما يقولون «من عاشر الحداد انكوى بناره» وجدتنى مسوقا إلى هواية الموسيقى، وبدأت أعشقها، فعزفت أولا على البيانو ثم على العود والكمان، وهى آلتى المفضلة الآن. ولما دخلت مدرسة الليسيه ازدادت هوايتى للموسيقى، وحصلت على شهادة الكفاءة، وحينئذ صممت على دراسة الموسيقى وهجر الدراسة، ولوجودى فى الإسكندرية عشقت فن سيد درویش، أستاذى الأول، ودرست جل ألحانه بطريق غير مباشر، ثم تخصصت فى دراسة الكمان، فأخذت أدرسها وحدها حتى أتقنت العزف عليها ، وكرست لدراستها خمس سنوات، وساعدنى استعدادى الفطرى على أن أتقنها سريعا.

 هل كان هناك حادث معين فى حياتك الفنية له أثر ملموس؟!

كنت دائما أشعر بالأنغام الموسيقية تتردد على سمعى دون وعى منى، وبعد حين وكأى فنان، عشقت – ولكنه لم يكن عشقا للموسيقى - وإنما أحببت فتاة كان لها أكبر الأثر فى حياتى، وتشاء الأقدار أن نفترق، وهجرت الدنيا حينا من الدهر، وجدت نفسى فيها أكتب موسيقى، ولم أعهد نفسى كاتبا من قبل، ولا واضعا للموسيقى فكتبت أول قطعة من تأليفى كان عنوانها "ذكريات" ووددت لو سافرت إلى الخارج لإتمام دراستى الموسيقية، ولكن عاقتنى الحرب عن تحقيق أمنيتى فظللت فى حجرتى، أكتب ما يتردد على سمعى من أنغام حتى ألفت ما يقرب من السبع مقطوعات.

وفى عام ١٩٤٢ رأيت فى نفسى الكفاءة لتكوين فرقة موسيقية أتقدم بها إلى المختصين فى الإذاعة المصرية، وقُبل طلبى، وتقدمت للاختبار ونجحت، وبدأت حياتى الموسيقية على رأس «فرقه حسين جنيد الموسيقية» بعد مجهود كبير، وما زلت أقدم هذه الفرقة من استديو الإسكندرية، ثم وضعت بعض الألحان لإحدى مطربات الإسكندرية.

 ما هو المجهود الفنى الذى تعتقد أنه رسالتك فى حياتك المقبلة؟

خدمة الموسيقى وترقية الوعى القـومى عن طـريق موسيقاى.

 وهل تعتقد أنك ستخلد من وراء الموسيقى؟!

أعتقد ذلك.

 لماذا؟!

إننى کرست حيـاتى للفن، وأعتقد أن هناك قطعا ربما صارت مألوفة لدى الجميع، وقد سمعتها بنفسى من عدة فرق تعزفها مثال ذلك.. «معبد الفن»، تلك القطعة التى هى من نوع «السيمفونيك».

 أى نوع من الموسيقى يستأثرك وتهواه؟

الموسيقى الشرقيـة الصميمة التى تسير مع النهج الغربى، حيث إننى أعتقد أنه هكذا يحب أن تكون الموسيقى الشرقية الحديثة، وانى أعتقد أن النهج الغربى عالمى، فنأخذ به ونطبعه بالطابع المصرى.

 هل تؤمن بمبدأ «الفن للفن»؟

نعم، ويجب أن يؤمن به كل من آمن بفنه وشاء الخلود.

 ماذا كان شعورك حينما وقفت أمام الميكروفون لأول مرة؟

قبل بدء الإذاعة بربع ساعة دخلت إلى الأستديو"استديو الإسكندرية" وأخذتنى رجفة خفيفة لما اعترضنى من أضواء ومن جو أعهده من قبل، فكل شىء يوحى بالخشوع داخل هذا الاستديو المغلق، وأمام ذلك الجبار (الميكروفون).

ولکنی بدأت أتمالك أعصابى حين صورت فى نفسى جسـامة المسئولية، والسمعة أمام آلاف المستمعين، فذهبت عنى الرجفة، وخيل إلى أننى فى حفل خاص بمنزلى، لا يستمع إلىّ إلا أعضاء فرقتى. ولما دخل حضرة المذيع وقدمنى، وسمعت اسمى يدخل إلى المنازل والأماكن العامةـ لأول مرة ـ أحسست بالفخر الذى عاودنى على أثره الخـوف والوجل، ولكنى ما كدت أنتهى من تقديم حفلتى الأولى واستغرقت عشر دقائق، حتى دعانى حضرة المهندس للتحدث بالتليفون إلى صوت يدعونى.. ولكم كانت دهشتى حينما عرفت أن أول مهنئ لى كان أحب صوت إلىّ، هو صوت وحيى وإلهامى، تلك الفتـاة التى جاء ذكرها من قبل. وعلى إثر ذلك الحدث الهام فى حياتى، وضعت مقطوعة جديدة احتفظت بهـا لنفسى عنوانها « تهنئة».

 أى مجهوداتك الفنية.. تعتز بها كوحدة معينة؟

كان ذلك فى عام ١٩٣٨، حينما اكتشف مواهبى الكمينة مخرج سکندری هاوٍ معروف.. هو الأستاذ "مصطفى سامی"، وكان حينئذ يخرج حفلة مدرسية للمدرسة العباسية الثانوية، فدفعنى إلى مجهود فنى لاشك أنه كان حينـذاك يفوق سنى بكثير، وشجعنى دائما، ووضع ثقته بى لوضع أوبريت غنائى موسيقى لقصة «الذهب» التى من تأليفه، ووضعت الموسيقى واللحن، وكنت دائما أشك فى مقدرتى على هذا العمل الكبير. ولكن كم كانت دهشتى حينما أعجبه اللحن والموسيقى فهنأنى بذلك المجهود، الذى كان بمثابة حدث سعيد فى تاريخ الحفلات السكندرية، كما كان حافزا قويا دفعنى إلى مواصلة مجهوداتى التى تزايدت فيما بعد، كل هذا بفضل تشجيع هـذا المخرج، الذى ذكرت اسمه بعد إذنكم، حيث إنه أستاذ مستقبلى بلا شك.

وشجعنى هذا على دراسة المسرح والموسيقى المسرحية، التى لا ينجح فيهـا كل من شاء.. هذا هو العمل الكبير الذى أعتز به.

 اسال نفسك أى سؤال، وأجب عنه؟

السؤال: (هل أنا راض نفسی؟!).

لا..

 لماذا؟

إن سنى الآن 32 سنة، وأعتقد أنه كان يجب فى مثل هذه السن أن أكون أكثر شهرة ومجدا منى الآن، فإن شوبان مثلا، قد بلغ أوج مجده وهو دون هذه السن، ولكنى أعتقد أننى فى مدى خمس سنوات سأكون راضيا عن نفسى إن شاء الله.

Katen Doe

سماح جاه الرسول

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave

المزيد من المجلة زمان

wave
خطوات الانتقال لمنزلك الجديد مع شركة "الماسة" الالمانية

عند شراء منزل جديد وتجهيزه للانتقال إليه نحتاج دائما إلى معرفة كيفية نقل العفش والاثاث من المنزل القديم الى المنزل...

«الموجى الصغير»: والدى احتفظ بـ «دبلة» أم كلثوم فى إصبعه حتى وفاته

"مـحـمـد أمــين مـحـمـد" الشـهـيـر "بمحـمـد الموجى" اسم يعرفه كل المصريين، فقد ارتبط اسمه بعالم الموسيقى والطرب؛

أهم مراحل الحقن المجهري بمستشفى "بداية"

يعتبر الحقن المجهري من أهم التقنيات الطبية الحديثة، حيث يعكس العديد من التطورات التكنولوجية في عالم الأجنة، ويحدث من خلال...

نصيحة عمرها 77 عامًا لـ «هالة فاخر» من والدها

ولد الفنان "فاخر محمد فاخر" عام 1912 فى قرية الدوير مركز صدفا بمحافظة أسيوط، وهو ممثل من العيار الثقيل؛