البنك المركزى يحاصر تجار العملة ويتصدى للممارسات المشبوهة لاستنزاف العملات الأجنبية التوسع فى إقامة معارض السلع المخفضة والقوافل التى تجوب القرى لتوفير السلع بأسعار مخفضة
"كثرة الأحزان تُعلّم البكاء".. مثل متأصل فى ثقافة الشعب المصري؛ يعكس حالة الهلع والضيق التى انتابت جموع المواطنين على مدار الأيام القليلة الماضية؛ تأثرًا بارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكى فى البنوك الرسمية، والذى تجاوز الـ30 جنيهًا، وزاد عن ذلك كثيرًا فى السوق السوداء.
بكائيات لها ما يبررها
على الرغم من أن غالبية أهالينا ليسوا على دراية كافية بالقواعد الحاكمة للسياسات النقدية (قرارات البنك المركزي)، وما يترتب عليها من تداعيات إلا أن المتابع لمنشورات المصريين وتعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى خلال الفترة الماضية يتأكد أن الغالبية من هذا الشعب العظيم أصبحوا على دراية كافية بأن تحريك سعر العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار الأمريكى سوف ينعكس على حياتهم اليومية بشكل مباشر. وقد ظهر ذلك جليًا فى المرثيات والبكائيات التى امتلأت بها صفحات "السوشيال ميديا"، خاصة الـ"فيس بوك" على مدار الأيام الماضية.
وكعادة المصريين فى أوقات الأزمات والمحن، انطلقت النكات والقفشات والرسوم الكاريكاتيرية التى تنال من هيبة وقيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي. ومما لاشك فيه أن حالة الهلع والضجر التى أظهرها المصريون عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو خلال تجمعاتهم لها ما يبررها؛ خاصة أن قرارات البنك المركزى باتباع "سياسة سعر صرف مرنة" كان لها بالغ الأثر على أسعار السلع الأساسية التى لا يمكن لأى بيت الاستغناء عنها تحت أى ظرف. ولكن ما لا يمكن قبوله أو السكوت عنه هو التلاعبات والمضاربات التى قام بها البعض لجنى مكاسب سريعة أو لتحقيق أهداف خبيثة؛ من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، ونشر الإحباط بين جموع المواطنين.
ممارسات مشبوهة لزيادة الأزمة
قبل الخوض فى الأسباب التى دفعت البنك المركزى لاتباع سياسة سعر صرف مرنة، أو ما يُعرف مجازًا بـ"التعويم"، سوف نستعرض جانبًا من الممارسات المشبوهة التى قام بها البعض ( أفرادًا أو جماعات)، وكانت سببًا فى تراجع حصيلة الجهاز المصرفى من العملة الأجنبية ( الدولار) وزيادة تفاقم الأزمة.
أولى هذه الممارسات، تمثلت فى زيادة نشاط تُجار العملة، الذين راحوا يبثون الشائعات حول سعر الصرف، والترويج لتوقف البنوك عن تلبية احتياجات المستوردين والتجار؛ متخذين من منصات التواصل الاجتماعى وسيلة لإثارة البلبلة بين رواد هذه المواقع. ونظرًا لأن أسواق العملة شديدة الحساسية تجاه الشائعات فقد انتابت عملاء البنوك حالة من الخوف والهلع على ودائعهم بالدولار، واتجه الكثيرون لسحب مدخراتهم من الجهاز المصرفي، ما أدى إلى زيادة الضغوط على البنوك التى وقفت عاجزة عن تلبية كامل احتياجات عملائها من المستوردين والمصنعين الذين لم يجدوا أمامهم سوى الشراء من السوق السوداء بأسعار تفوق كثيرًا المعلن عنه فى البنوك الرسمية.
محاولات لضرب الاقتصاد الوطني
ثانية هذه الممارسات، ظهرت فى تراجع تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، والتى تشكل أحد الروافد الرئيسية لحصيلة الدولة المصرية من العملة الأجنبية، وبالبحث والتنقيب عن هذا الأمر تبين أن تجار العملة وغالبيتهم من أتباع جماعة "الإخوان" الإرهابية كثفوا جهودهم خلال الفترة الماضية لتجميع مدخرات المصريين العاملين فى الخارج ـ تحديدًا العاملين فى الدول الخليجية ـ وذلك عن طريق شراء الدولارات فى الخارج بأسعار مغالى فيها؛ على أن يقوم أعوان تجار العملة بتسليم ذوى العاملين عائدات البيع بالعملة المحلية داخل مصر.
وبالدرجة الأولى استهدفت هذه الممارسات إجهاض مبادرات الحكومة لتشجيع العاملين بالخارج على تحويل مدخراتهم إلى الداخل المصري.
أما ثالثة الممارسات المشبوهة التى استهدفت ضرب الاقتصاد الوطنى فى مقتل فتمثلت فى التحايل على الإجراءات التى اتخذتها الحكومة للسيطرة على خروج النقد الأجنبى من البلاد؛ حيث رصدت الأجهزة الرقابية قيام بعض أصحاب بطاقات الائتمان ـ الفيزا ـ بشراء الذهب من مواقع تسوق أجنبية وسداد ثمنها بالدولار بمبالغ لا تتناسب مع استخدامات أصحاب هذه البطاقات.
الغريب فى هذا الأمر، أنه تبين للأجهزة الرقابية أن أصحاب هذه البطاقات يمارسون هذه المعاملات من داخل البلاد، وهو ما يُعد إحدى الوسائل لتهريب النقد الأجنبى بعيدًا عن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة للحد من خروج الدولارات من السوق المصرية .
"المركزي" يرصد ممارسات مشبوهة
فى ضوء هذه الممارسات كان على البنك المركزى أن يتحرك لمواجهة هذه التلاعبات، وعلى الفور أصدر تعليماته للبنوك الوطنية بضرورة إخطار العملاء بـ"أنه يحظر إساءة استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر، خاصة العملاء الذين لا يغادرون البلاد".
وأكد "المركزي" أنه فى حال ملاحظة البنك وجود استخدامات متكررة بشكل متزايد، بما يتنافى مع طبيعة استخدامات العميل، وبما يشير إلى الشك فى إساءة استخدام العميل للبطاقة أو العملة التى تم تدبيرها، خاصة فى حالة توافر مؤشرات على عدم مغادرة العميل للبلاد، فإنه يتعين على البنك موافاة الإدارة المركزية لتجميع مخاطر الائتمان بالبنك المركزى ببيانات كاملة عن هؤلاء العملاء، حتى يتسنى اتخاذ اللازم مع الجهات المعنية حيال هذه الممارسات".
كما أصدر "المركزي" مجموعة من التعليمات الأخرى تم بمقتضاها (تعديل حدود السحب النقدى بالعملات الأجنبية على جميع البطاقات ـ تعديل حدود وتقييد استخدام البطاقات على بعض عمليات الشراء من الخارج).
ووجّه "المركزي" خطابًا للمصارف الواقعة تحت إشرافه ورقابته، أكد خلاله على أنه "فى حالة عدم ورود حصيلة العمليات التصديرية الخاصة بالذهب خلال مدة أقصاها 7 أيام عمل من تاريخ الشحن، وبعد متابعة المصرف للعميل 3 أيام عمل تالية فقط، يتعين عليه إبلاغ البنك المركزي".
مواجهة السوق السوداء بالضربة القاضية
جهود البنك المركزى للسيطرة على تجارة العملة بالسوق السوداء، ومساعيه لإحباط ما يجرى من ممارسات مشبوهة فى سوق الصرف، لم تتوقف عند حد إصدار التحذيرات للبنوك العاملة فى السوق المصرية لمواجهة التلاعبات المشبوهة، بل إنه اتخذ إجراء تأخر 20 عامًا بالتمام والكمال، تمثّل هذا الإجراء فى تحرير سعر الصرف بشكل شبه كامل، أو ما يُعرف بـ"سياسة سعر الصرف المرن"، وبذلك يكون "المركزي" المصرى نجح فى توجيه الضربة القاضية لتجار السوق السوداء والمتلاعبين بالاقتصاد الوطنى ومدخرات المصريين.
قد لا يعلم الكثيرون أن "سياسة السعر المرن" كان يجب اتخاذها فى العام 2003 عندما قام البنك المركزى آنذاك بتحريك سعر الصرف ليصبح الدولار بـ5 جنيهات بدلاً من 325 قرشًا إلا أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك رفض ذلك بدعوى أن الاقتصاد المصرى لا يتحمل، ولو أن هذا القرار تم اتخاذه وقتها ما كنا وصلنا لما نحن فيه الآن، لأن تحرير سعر الصرف كان سيجذب مئات المليارات من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى يتم ضخها فى المشروعات كثيفة العمالة مثل صناعات السيارات وصناعة السفن العملاقة، وتكرير البترول، والحديد والصلب والصناعات الزراعية الكبرى.. إلى آخره من مثل هذه المشروعات، خاصة أن فترة الثلاثين عامًا السابقة على أحداث 25 يناير 2011 كانت أكثر استقرارًا من أى وقت مضى.
ولكن تثبيت سعر الصرف حتى العام 2016، أدى إلى زيادة نشاط تجارة العملة، واستقطاب الأموال الساخنة التى يمكن تسييلها وإخراجها من أسواق المال بضغطة زر حال حدوث هزات أو أزمات اقتصادية أو فى حال ظهور أسواق أكثر ربحًا من تلك المتواجدة بها، ولعل هذا ما يفسر أسباب خروج ما يزيد عن 20 مليار دولار من السوق المصرية خلال العام المنصرم.
"الدواء المر" لتصحيح المسار
البعض يرى أن قرار البنك المركزى باتباع "سياسة سعر صرف مرنة" كان غير موفق، وساهم فى زيادة الأعباء على المواطنين. ولأصحاب هذا الرأى كل الحق من وجهة نظرهم، خاصة أن أسعار السلع الرئيسية حققت قفزات هائلة ولم يعد أحد قادرًا على التعايش معها، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: هل كان هناك بديل آخر؟، وهل كان فى استطاعة المواطن البسيط تحمل الأسعار حال تجاوز سعر الدولار فى السوق السوداء حاجز الـ40 جنيهًا ويزيد؟، وهل كان يجب استمرار احتجاز البضائع والمنتجات الغذائية ومستلزمات الإنتاج فى الموانئ؟. بالطبع لا.
هذا القرار كان بمثابة "الدواء المر" للمريض لإنقاذه من حالة الموات التى أوشك عليها، خاصة أن رفاهية التأجيل ليست موجودة؛ فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعانيها جميع دول العالم، وتحت وطأة استمرار الأزمة "الروسية ـ الأوكرانية" التى لا يعرف مداها أحد؛ بما فى ذلك أطراف الصراع أنفسهم.
إذا كان الجميع تألم من قرار البنك المركزى باتباع سياسة "سعر صرف مرنة" إلا أن أدوات السياسة النقدية التى تتبعها البنوك المركزية حول العالم، تؤكد أن تجارة السوق السوداء تنمو وتترعرع فى ظل وجود سعرين للسلعة الواحدة، ولا مجال لمواجهة هذه المعضلة إلا من خلال تحرير السعر وتركه لقوى العرض والطلب. ومن هنا يمكن التشديد على أن تجار السوق السوداء لن يجدوا مجالاً لممارسة نشاطهم مرة أخرى، وسوف يتوافر الدولار خلال الفترة المقبلة لدى الجهاز المصرفي، وسوف تستقر الأسعار عند مستوياتها الحقيقية خلال الفترة المقبلة.
فضلاً عن ذلك سوف يتمكن الاقتصاد المصرى من جذب الاستثمارات الأجنبية التى تأخر مجيئها إلى السوق المصرية لمدة تجاوزت الأربعين عامًا، وهو ما يترتب عليه توفير ملايين الفرص للشباب العاطل عن العمل.
إعادة الروح للجنيه المصري
يضاف إلى ذلك أن قطاع السياحة سوف ينمو بصورة تتناسب مع المقومات التى تتمتع بها الدولة المصرية، خاصة أن انخفاض قيمة العملة المصرية يعتبر عامل جذب للسائح الباحث عن أسعار تناسب دخله المنخفض، وهو ما يعنى زيادة مصادر الدولة المصرية من العملة الأجنبية، واستعادة القطاع لعافيته التى كان عليها قبل أحداث 25 يناير 2011.
كما أن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكى سوف يؤدى إلى ارتفاع تنافسية الصادرات المصرية، حيث سينخفض سعرها فى السوق العالمي، وبالتالى يزداد الطلب عليها، ما ينعكس إيجابًا على حصيلة الدولة من النقد الأجنبي.
وكل هذه العوامل مجتمعة سوف تمنح العملة الوطنية (الجنيه) قوة فى مواجهة سلة العملات الرئيسية بما فيها الدولار الأمريكي.
من المؤكد أن كل هذه الأمور سوف تستغرق وقتًا، فهل سيظل المواطن يعانى غلاء المعيشة حتى تتحقق الأهداف المشار إليها، ولكن ماذا عن دور الحكومة فى تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين خلال الفترة المقابلة، خاصة أن شهر رمضان المعظم على الأبواب؟.
توجيهات عليا بحماية البسطاء
بناء على توجيهات الرئيس "السيسي"؛ تحركت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى مبكرًا؛ لتلافى تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، واستغلال التجار لأزمة ارتفاع الدولار فى مواجهة الجنيه المصري، وأعلنت عن تفعيل العقوبات المنصوص عليها فى "قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية".
وتنص المادة السادسة من القانون ـ قبل التعديل الأخير ـ على "غرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تتجاوز 500 مليون جنيه"، والحبس والغرامة لكل من "الأشخاص الذين تسببوا فى علو أو انحطاط أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها فى المعاملات التجارية".
ولم تكتف الحكومة بتلك العقوبات، بل إنها تقدمت بمشروع قانون ـ وافق عليه البرلمان مؤخرًا ـ لتغليظ العقوبات المنصوص عليها فى قانون" حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية".
ولا شك أن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لمواجهة انفلات الأسعار كانت نتيجة طبيعية لما يجرى فى السوق العالمية وما تم رصده من ممارسات لا أخلاقية يرتكبها تجار الأزمات وبعض ضعاف النفوس فى حق المواطن المصري.
متابعة دورية لرصد التطورات
فى السياق ذاته، حرص الرئيس "السيسي" على متابعة الأوضاع الاقتصادية بشكل دورى مع رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى والمسئولين المعنيين كل فى اختصاصه، ودائمًا ما يؤكد الرئيس على مراجعة ومتابعة موقف مخزون السلع الغذائية الأساسية على مستوى الجمهورية، وكذلك زراعات المحاصيل للموسم الزراعى الحالي؛ ما يؤشر على أن الأولوية القصوى فى هذه المرحلة هى العمل بكل جدية للحفاظ على توفير السلع الغذائية للمواطنين بكميات وأسعار مناسبة، ومواجهة أى تلاعب قد تشهده الأسواق من جانب التجار أو منافذ التوزيع.
وفى ضوء توجيهات القيادة السياسية، شكّل الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية لجنة عليا من اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية وجهاز حماية المستهلك لوضع سعر عادل للسلع الإستراتيجية والأساسية، مشددًا على أنه لا يوجد "تسعير إجباري" للسلع، بل سيتم وضع سعر عادل طبقا لتكلفة الإنتاج والمدخلات الخاصة بالسلعة.
كما أصدر الوزير تعليمات بتشكيل لجان مشتركة من مديريات التموين ومباحث التموين وحماية المستهلك وهيئة سلامة الغذاء للنزول على الأرض، ومتابعة وضع السعر على السلع فى مكان وخط واضحين للجمهور.
إجراءات مكثفة للسيطرة على الأسعار
الإجراءات الحكومية للتخفيف من وطأة آثار الأزمة الاقتصادية على المواطنين لم تتوقف عند هذا الحد ولكنها امتدت لتشمل التسريع فى الإفراج عن السلع الموجودة فى الجمارك، خاصة السلع الأساسية والاستراتيجية، من أجل الحفاظ على معدلات الإنتاج، وزيادة المخزون السلعى قبل حلول شهر رمضان.
كما كثفت الحكومة حملاتها الرقابية على الأسواق، وخصصت منافذ لبيع السلع المخفضة؛ لمواجهة أى غلاء فى الأسعار، فضلاً عن التوسع فى برامج الحماية الاجتماعية، وعلى رأسها برنامج "تكافل وكرامة"، من خلال ضم الأسر الأولى بالرعاية إلى برامج الدعم النقدي.
وحسب وزيرة التضامن الاجتماعى نيفين القباج فإن عدد الأسر المستفيدة من الدعم النقدى الذى توفره موازنة الدولة المصرية 4.6 مليون أسرة، من الأسر التى تقع تحت خط الفقر، بإجمالى 20 مليون مواطن تقريباً، هذا بخلاف 600 ألف أسرة أخرى يتحمل "التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموي" تكاليف تغطيتها، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية الداعمة لأنشطة الدعم النقدي.
فى الإطار ذاته، توسعت الحكومة فى معارض "أهلا رمضان" على مستوى محافظات الجمهورية؛ جنبًا إلى جانب مع منافذ وزارات الزراعة والتموين والداخلية، بهدف إتاحة كميات كبيرة من السلع أمام المواطنين فى مختلف المحافظات، بأسعار تقلّ عن أسعار السوق.
الأزمة طاحنة .. والحياة ليست وردية
بالطبع الحياة ليست وردية، وقادم الأيام قد يحمل تحديات جديدة على جميع دول العالم وفى القلب منها مصر، فهناك نقص فى سلاسل الإمدادات الغذائية على مستوى العالم، والأسعار تلتهب فى كل مكان على وجه الأرض .. الشعوب تتجرع ويلات القفزات الهائلة فى أسعار السلع والخدمات، وحكومات العالم تسارع الخطى لتكوين احتياطات من السلع الغذائية تكفى بالكاد عدة أسابيع أو حتى شهور.
الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، أو ما يُعرف بـ"الأموال الساخنة" هربت من الأسواق الناشئة لتتجه صوب المكاسب السريعة التى أوجدتها سياسات بنك "الاحتياطى الفيدرالى الأمريكي" والمتمثلة فى رفع سعر الفائدة على الودائع بالدولار، فيما وقفت حكومات العالم تجابه خطر نقص السيولة الدولارية التى على أساسها تقوم حركة التجارة العالمية منذ أربعينيات القرن الماضي.
الأمر جد خطير، ويحتاج إلى صبر وقُدرة كبيرة على التحمل، خاصة بعد فشل المنظمات الأممية والقوى الدولية المؤثرة فى وضع حد للأزمة الروسية الأوكرانية، أو على الأقل تحديد مدى زمنى لمواجهة تداعياتها. وفى ضوء كل ما يجرى على الساحة الدولية وانعكاساته على حركة التجارة الدولية؛ تسعى الحكومة المصرية للبحث عن حلول غير تقليدية لتخفيف آثار الأزمة الراهنة على السوق المحلية والمواطنين كافة، فقد حرصت الدولة على مواجهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية بكل ما تمتلك من أدوات وفى حدود المتاح، وذلك من خلال العمل على تكوين احتياطى استراتيجى من السلع الأساسية يكفى لـ6 شهور قادمة على الأقل.
كما أنه لا توجد مخاوف من نقص إمدادات القمح للسوق المصرية، لأن الدولة عملت مبكرًا لتأمين احتياجاتها من هذه السلعة الاستراتيجية؛ باعتبار رغيف الخبز منتجا أساسيا على جميع الموائد المصرية، خاصة أن الأزمة الحالية ستطول أكثر من المتوقع لها، ولا يمكن لأى متخصص أو خبير على مستوى العالم أن يتنبأ ـ فى الوقت الحالى بموعد انتهائها.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
تصاعدت حدة المواجهات بين أمريكا وروسيا بشكل مفاجئ على خلفية الحرب الأوكرانية، وذلك فى أعقاب إسقاط طائرة
يحرص الرئيس "السيسي" فى كل مناسبة أن يبعث بمجموعة من الرسائل للداخل والخارج؛ علّها تكون مرشدًا ودليلاً للخروج
حما أرضه وصان عرضه ولا انحنى لغير مولاه
لقد اختارهم القدر أن يحملوا لقب شهداء، وإن كانوا قد تركوا فى القلب غصة، بعدما راحوا ضحية الإرهاب الغاشم الذى...