مع اشتعال الأدوار الإقصائية، واقتراب معرفة البطل الذى سيحمل كأس العالم فى نسخته الثانية والعشرين، هل هناك علاقة بين الأدب وكرة القدم، وهل الأدباء والمثقفون
متابعون لكأس العالم، وما ذكرياتهم مع الكرة وكأس العالم، وكيف يرى الروائى بعينه التى تركز على الدراما والصراع ما يحدث من تنافس بين فرق المونديال فى ملاعب كأس العالم، بما تنطوى عليه من دراما الفوز والخسارة، وتدخل الحظ أحيانا، والخبرة أحيانا أخرى، والمهارة فى أحيان ثالثة؟، حين يصير الملعب ساحة للصراع والدراما، تماما كما تتصارع الشخصيات داخل فضاءات الرواية.. أسئلة توجهنا بها إلى الأدباء والمثقفين لنرى علاقتهم بالكرة..
وحيد الطويلة: لعبة التاريخ والأقدار
الروائى وحيد الطويلة قال: فى عام 1978 ربما كانت أول مرة ينقل فيها التليفزيون المصرى مباريات كأس العالم مباشرة.. حصلت أرجنتين "كيمبس" على الكأس بفريق بائس، وربما لم يقتنع أحد حتى اليوم به ولا يذكره أحد، حتى جاء مارادونا فغطى على كل شىء. فى هذه الدورة كانت إيطاليا قاب قوسين من الكأس، لولا أن "هان" و"ريب" لاعبى هولندا لاحظا أن "زوف"، حارس إيطاليا، يتقدم حتى خط منطقة الجزاء.. ومن كرتين فقط تقدما على إيطاليا حتى الدقيقة الأخيرة.. ومن ضربة حرة مباشرة طلب "بيتيجا"، رأس حربة إيطاليا، الكرة. كان يشير لرأسه، وهو الموهوب فى ضربات الرأس. وبالفعل وصلته الكرة، لكن العارضة تكفلت بها. عشت زمنا أنعى حظ بيتيجا الموهوب، ولم يعد أحد يتذكره، كما أن الأقدار سارت فى اتجاه آخر، ففى الدورة التالية خطف باولو روسى الكأس. وخطف معها كل الألقاب والحكايات.
ويضيف: التاريخ قاس.. يحفظ فقط أسماء المنتصرين، ولا يأتى على ذكر المغلوبين، إلا إذا كان يشهر بهم. كرة القدم قاسية أحيانا على المنوال ذاته. لو أن "اومام بيك" مهاجم الكاميرون تلقى هدية روجيه ميلا بما يليق بها، وقذف بها فقط فى اتجاهه، لوصلت الكاميرون إلى ربع النهائى مرتاحة.. لم يكن ميلا متألقا فقط، بل بدا أداؤه كأنه فاتورة مجمعة لموهبته، وكأن الأقدار كانت تكافئه على تجاهل الإعلام العربى له. رغم أننى طردت من وظيفتى يوم تعادل مصر مع هولندا، وكنت فى غاية البؤس فإن الأقدار صنعت تألق ميلا والمتعة التى سببها لنا، فنسيت الوظيفة والطرد، واهتممت كثيرا بمن سيفوز، لكن الأهم أننى كنت أنتظر المتعة.
ويكمل: كرة القدم، كما السياسة، ممتلئة بالمستبدين والمتمردين، روماريو نجم البرازيل والعالم والكرة الجميلة والدهاء متمرد، وزاجالو مدرب البرازيل مستبد، اختلفا معا.. أعاده إلى البرازيل، حكم قاس.. وهو من أحرز الكأس السابقة. لحظتها أحسست أن القدر يخبئ شيئا ما، وقد كان. زين الدين زيدان الذى كان غير محسوس طيلة مباريات البطولة، سطع نجمه فى المباراة الأخيرة ضد البرازيل، بدون روماريو.. لدرجة أن الرئيس جاك شيراك قال إن زيدان صار أشهر منه. مازلت على رأيى لو بقى روماريو لتغير الأمر.
ويقول صاحب "باب الليل": ما بالى دائما أحاول أن أعاند الأقدار "اسامواه جياه"، نجم غانا، غادره الحظ، ولو أن كرته لم تصطدم بالعارضة فى مباراة اورجواى لوصلت غانا إلى ربع النهائى. لا يتذكره الكثيرون، لكنه إلى جانب ميلا أفضل مهاجم أنجبته أفريقيا، وكان هو القاطرة التى كادت تجر غانا إلى المجد الكروى. لم أر "جورج وايا" جيدا، لكن التاريخ على الأقل كان رحيما به، إذ انتقل من موقع رأس الحربة، لرأس ليبيريا، وأصبح رئيسا للجمهورية.
واختتم الطويلة حديثه قائلا: ربما الخاسر الوحيد الذى فرض نفسه، كان "يوهان كرويف"، أحد أجمل المبدعين فى تاريخ المستديرة، ولو هناك أسى ما، فهو أسى أكثر مما يصاحب ميسى اليوم، لأنه لم يفز بالكأس. وإن كان من أسى عندى، فأنا أتمنى أن يفوز نيمار بالكأس، إن لم تقف الأقدار مع ميسى. أنا من فريق السرد الممتع الذى يطير بالروح، ما بالى أنظر للماضى، أفتش فيه عن الخاسرين، ولكن الخاسرين أحيانا هم الموهوبون.
سعيد سالم: أشاهد صراعات الحياة
الروائى الكبير سعيد سالم يقول: بطبعى شخص غير مهتم بالكرة، ولكنى أتابع كأس العالم فى النادر، خاصة المباريات المهمة أو النهائية، ولكنى مؤخرا بدأت أتابع بعض المباريات، لأن حفيدى يلفت نظرى لمشاهدتها. عندما أتابع المباريات، أشعر كأننى أشاهد الدنيا، فأتأمل وأشاهد الصراع بين البشر، أشاهد لذة الفوز ونشوته، فالنجاح والفوز عند الإنسان شىء مهم جدا، ومشاعره جديرة بالدراسة، فلكل مجتهد نصيب. أيضا، أشاهد مفهوم الحظ فى الحياة، فهناك فرق رياضية تلعب بشكل جيد جدا، ولكن ليس لديها حظ.
ويضيف: هناك سر فى الحياة، هو سر الحظ أو الرزق أو النصيب، وهذا السر أراه بوضوح فى مباريات كرة القدم، وفى نفس الوقت أرى غرور وعنجهية البعض، وتواضع البعض الآخر. أرى العزيمة والإصرار.. وأرى أيضا مشاعر الهزيمة والانكسار، أشاهد كل هذه المشاعر وأتأملها، هذه فلسفتى مع الكرة، فأنا لا أشاهد مباراة كرة قدم، ولكنى أشاهد صراعات الحياة.
ويختتم سالم قائلا: سعيد جدا بكأس العالم هذا العام، لأن قطر نجحت فى إدارة المونديال بشكل كبير وربما أفضل من بلاد أوروبية كبيرة، وهذا يعد نجاحا كبيرا للعرب أمام الغرب، الذى دائما ينظر لنا نظرة دونية ظالمة، فينظرون للعرب على أنهم إما إرهابيون، أو بدو، أو نساء راقصات، أو لديهم أموال كثيرة ويشترون بسفاهة كل شىء، وهذه نظرة ظالمة للعرب الذين نقلوا الحضارة اليونانية إليهم، وأنكروا ذلك، والذين علمهم علماؤنا الطب والهندسة والكيمياء، مثل ابن النفيس وابن الهيثم وابن سينا وابن رشد وابن حيان، وتجاهلوا ذلك. وأتمنى أن تتغير هذه النظرة، لأن العرب أقوياء وأصحاب تاريخ كبير فى كل العلوم والآداب.
فريد عبد العظيم: كالرواية تماما.. ترتكز على الصراع
الروائى فريد عبدالعظيم يقول: للمونديال ذكريات لا تنسى عند أبناء جيلى، كأس العالم كان يذاع كاملا عبر القنوات الأرضية، لم يكن هناك تشفير أو رسوم للاشتراك، كل ما عليك هو ضغط زر تشغيل التليفزيون لبدء ساعات لا تعوض من المتعة الخالصة، الوضع فى التسعينيات وأوائل الألفية مختلف تماما عن الآن، لم نكن نشاهد إلا فرقنا المحلية، لم نتعرف على الفرق الكبرى والنجوم العالميين إلا من خلال كأس العالم، لم تكن هناك قنوات فضائية حينها أو أقمار صناعية تبث الدوريات الأوربية. تبدأ البطولة فتتربع العائلة بأكملها أمام شاشة التليفزيون، أتذكر أننى كنت أشاهد ثلاث مباريات على الأقل يوميا، الجلوس لساعات منبهرا ومندهشا من المهارات الفذة والمواهب المتوهجة، تعرفت على مارادونا وروبرتو باجيو وروماريو وكافو وروجيه ميلا خلال بطولات كأس العالم، سمعت بأسماء دول لم أكن أعرفها، شاهدت أناسا من قارات مختلفة واستمتعت بطرق تشجيعهم وأزيائهم الوطنية.
ويتذكر علاقته بكرة القدم قائلا: أتذكر مشاركة منتخب مصر بكأس العالم عام 1990 بإيطاليا، رغم أن عمرى ساعتها لم يتجاوز سبع سنوات، الشوارع الخالية تماما من المارة، الهدوء الغريب عليّ، الكل متسمر أمام الشاشات ليشاهد فريقه القومى يلاقى أبطال أوربا، لحظة سقوط حسام حسن فى منطقة جزاء هولندا، وجملة محمود بكر الخالدة "نزلت عدالة السماء على استاد باليرمو"، ركلة الجزاء وتقدم مجدى عبد الغنى، ويدى الموضوعة أمام عينى، مغادرة أبى الغرفة وإشعاله سيجارة، أمى التى تبتهل إلى الله بالدعاء ويدى الموضوعة أمام عينى، الزغاريد التى انطلقت من الشرفات، طوفان البشر فى الشوارع والأعلام الضخمة، الأغانى الوطنية المنطلقة من أجهزة الراديو وأطباق الحلوى التى أعدتها الأمهات على عجل ابتهاجا لنتيجة المباراة.
ويضيف: لن أنسى مونديال 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية، للمرة الأولى بحياتى أظل مستيقظا حتى الفجر وأرى شروق الشمس، فرق التوقيت بين أمريكا ومصر جعل أغلب مباريات البطولة بعد منتصف الليل. كرة القدم مليئة بالدراما والتشويق، لذا قد تجذب أى كاتب، مثل الرواية تماما ترتكز على الصراع، مليئة بالانفعالات والتوترات ولحظات الفرح والحزن. أى رقعة لعب تحوى متنافسين، حولها مشجعون متحمسون، هى نموذج مصغر للحياة بكل تعقيدها.
ويختتم فريد قائلا: عندما شرعت فى كتابة روايتى "يوميات رجل يركض"، لم أخطط أن ترتكز على كرة القدم، مع تقدمى فى الكتابة اكتشفت أن كرة القدم وسيلة مناسبة للغاية لإيصال ما أريد قوله للقارئ، مباراة كرة القدم مشابهة للرواية، بها شخصيات رئيسية وأخرى هامشية، مليئة بالتقلبات التى قد تجعل من كومبارس بطلا، ونجم يتحول فى لحظة من معشوق للجماهير إلى منبوذ، ضيف شرف يظهر لدقائق قليلة لكنها كفيلة بقلب الأحداث رأسا على عقب، وملاك حارس يظهر فى التوقيت المناسب ليحل أزمة ثم يختفى.
شريف عبد الهادى: الساحرة المستديرة لغة عالمية
الكاتب شريف عبد الهادى يقول: الأدب لغة إنسانية لكل الشعوب والثقافات، وهذا هو العامل المشترك مع كرة القدم الساحرة المستديرة، فهى أيضا لغة عالمية يلتف حولها الجميع، على اختلاف أعمارهم وثقافتهم وجنسياتهم، وبالتالى فإن الأديب يعشق ما تلتف حوله الجماهير، حتى وإن لم تكن له ميول كروية، فكل ما يوحد الشعوب ويبهجها ويجعلها تتشارك، هو أمر هام للأديب والمثقف. على المستوى الإنسانى، فالأديب لو لم يكن مشجعا لفريق بعينه، لكنه كإنسان له ذكريات ترتبط بطفولته وبميول عائلته وتشجيعها لكرة القدم، وبذكريات طفولته وشبابه، وهذا متأصل فى شخصيتى.
ويضيف: عند صعود مصر لكأس العالم 1990 كنت طفلا فى الابتدائية، وشاهدت والدى يقفز بسعادة شديدة، وشاهدت فرحة أهل الحى والليلة الجميلة العظيمة التى عاشها الشعب المصرى احتفالا بالتأهل لنهائيات المونديال، وهذا جعلنى أشعر بالامتنان لهذا الحدث الذى أسعد والدى وعائلتى ومنطقتى وبلدى كلها، وانتظرت تكرار هذا التأهل مرة أخرى، إن لم يكن من أجل ميولى، فمن أجل إنسانيتى والإحساس بالسعادة التى كنا نبحث عنها.
ويختتم عبدالهادى قائلا: فى مونديال هذا العام، سعدنا بوجود منتخبات عربية، بيننا وبينهم روابط مشتركة من اللغة والعرق والدين، سعدنا بالفوز الغالى الذى حققته السعودية على الأرجنتين، رغم وجود ميسى فى صفوف الفريق، كما أننا سعداء بتنظيم دولة عربية للحدث العالمى بهذا الإبهار والاحترافية، كما سعدنا بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لدولة قطر. نبحث لحظة صلح ولحظة سلام وهدوء، خصوصا أننا نعانى من التوتر العالمى فى ظل الأجواء المشتعلة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وجائحة كورونا وتبعاتها، وبسبب الأسعار والتضخم والخسائر الاقتصادية، كلنا فى حاجة إلى حدث يهدئ الأعصاب ويبدل جرعة التوتر بجرعة تفاؤل وأمل.
حاتم رضوان: الأدب وكرة القدم دراما لا تنتهى
الروائى حاتم رضوان يقول: كرة القدم هى اللعبة الشعبية الأولى والقريبة من قلوب الملايين حول العالم، بمن فيهم الأدباء، لذلك نجدها فى كثير من أعمالهم الإبداعية، سواء قصة أو رواية أو مقال أو شعر، مثلا هناك قصة للكاتب النمساوى بيتر هاندكة اسمها "خوف حارس مرمى أثناء ضربة جزاء"، ورواية "الرجل الذى يكره كرة القدم" للكاتب الألمانى ويل باكلى، وكتاب "ذكريات مدينة" لأورهان باموك عن ذكرياته مع أبيه وكرة القدم، ورواية "الفريق" للكاتب المغربى عبد الله العروى. وتوجد قصائد كثيرة منها قصيدة "كرة القدم" للشاعر معروف الرصافى، وغيرها كثير من الروايات والقصص والقصائد.
ويكمل: فى روايتى "بقع زرقاء"، تعود بى الذاكرة لمباراة صعودنا إلى كأس العالم عام ١٩٩٠، ومباراة العودة بين منتخبنا ومنتخب الجزائر، كنا تعادلنا فى مباراة الذهاب بدون أهداف، وجاء هدف صعودنا برأس حسام حسن لتعلن فرحة عارمة، ليس فى مصر فقط بل فى جميع أنحاء الوطن العربى، واكب هذا الصعود حادث مؤسف، وقمت بدمجه فى أحداث الرواية، خرج الكثير من المصريين فى العراق إلى شارع الرشيد يحتفلون بصعودنا لكأس العالم، وقام شاب عراقى مخمور بدهس عدد من المشجعين المصريين بسيارته، ويومها ثار المصريون وحطموا واجهات المحلات والسيارات، ليواجههم رجال الشرطة العراقية، وتحدث بينهم معركة دامية، وترتب على ذلك ترحيل العاملين المصريين من العراق.
ويختتم حاتم قائلا: أملك الكثير من الذكريات الجميلة عن كأس العالم فى السنوات الماضية قبل دخول المال والسياسة واحتكار المباريات، كنا نشاهدها على الهواء مباشرة على قنواتنا المحلية، ونحن جالسون كأسرة واحدة داخل بيوتنا حول التليفزيون، دون دفع الكثير من المال أو اللجوء إلى الجلوس فى المقاهى. وأذكر أيضا كأس العالم إيطاليا ١٩٩٠ ومباريات منتخبنا، كنت حينها أقضى سنوات التدريب بنيابة جراحة العظام. توقفت الحياة وكانت الشوارع شبه فارغة، ولم يستقبل المستشفى أى مرضى فى أى تخصص، مع هدف تعادلنا مع منتخب هولندا تعالى الصياح فى كل مكان فى مصر. فى النهاية، الأدب وكرة القدم يتشابهان كونهما دراما لا تنتهى.
محمود رضوان:
جيلى كان محظوظًا بـ«الحريفة»
الكاتب محمود رضوان يقول: ذكرياتى مع كأس العالم بدأت عام 1982، وقتها كان لنا جار عائد من السعودية وكان لديه تليفزيون ملون، وكانت لحظات الاندهاش الطفولية المبكرة أن نشاهد الكرة بالألوان، وقتها فازت إيطاليا وهدف باولو روسى الشهير والختامى، وأتذكر أيضا سقراط لاعب فريق البرازيل، وقتها كان بداية صعود مارادونا وكان مازال فى البدايات، ثم لمع فى كأس العالم عام 1986، كانت هذه أول بطولة أشاهدها كاملة، وكنت أسهر لمتابعة المباريات التى كانت تذاع فى الفجر، وكنا فى إجازة الصيف، فكان الجميع يسهر لمتابعة المباريات، وكان مارادونا حديث الشارع المصرى والكروى وقتها.
ويضيف: جاءت كأس العالم 1990، التى صعدت فيها مصر لكأس العالم، وجون مجدى عبد العنى الشهير، والتعبير الأشهر للمعلق محمود بكر "عدالة السماء تنزل على ستاد باليرمو"، أتذكر اللعب الدفاعى مع كابتن الجوهرى، ورغم أن الجماهير كانت غاضبة، ولكن فى نفس الوقت لا ننهزم ولا نحمل نتائج ثقيلة، وقتها أيضا كانت الجماهير تشعر بالضيق لعدم مشاركة طاهر أبو زيد فى المباريات، وقتها كان كابتن الخطيب معتزلا حديثا، وكان الجميع يتمنى مشاركته فى المباريات بأى طريقة. بعد ذلك انقطعت علاقتى بكأس العالم لفترة ولم أعد أتابعه كما يحدث الآن، وسبب اعتراضى كان تشفير المباريات ونقلها على قنوات خاصة، لذلك كنت منزعجا جدا وقتها.
ويكمل حكاية جيله مع كرة القدم قائلا: جيلنا كان يحرص على متابعة أخبار المباريات وتحليلها فى الصحف الرياضية مثل جريدة المساء والأهرام المسائى والكرة والملاعب وأخبار الرياضة والأهرام الرياضى، بالإضافة إلى الصحف والمجلات العالمية التى كانت تأتى من الخارج، كل هذه الأشياء كان لها نكهة خاصة وطبيعة مختلفة عن ما يحدث الآن من المتابعات الإلكترونية وخلافها. جيلى كان محظوظا لأننا استمتعنا بكرة الحريفة الذين كانوا يلعبون لمجرد الموهبة، وكان آخرهم مارادونا، كنا نستمتع بكرة التخطيط والأسلوب العلمى وتحليل الأداء، وكل المصطلحات التى يمكن أن نقولها حاليا، نحن بالفعل كنا سعداء.
ويختتم رضوان قائلا: أحب الكرة البرازيلية جدا لأنها سريعة وممتعة، طول الوقت أنت مندهش، كرة لا تعتمد على القوة البدنية، ولكن على الذكاء. أحب أيضا فريق فرنسا الفائز بكأس العالم 2018، أتمنى التوفيق لكل الناس. سعيد بدولة قطر التى نجحت فى التنظيم رغم الإشكاليات الجدلية التى حدثت، ولكن هذا واقع العالم العربى وسنظل هكذا بسبب بعض العقليات المتخلفة التى تحاول أن تلصق أى شىء فى الإسلام، وتلصق السياسة فى كل شىء. هذه بطولة كرة قدم عادية جدا، ويجب أن نضعها فى إطارها السليم. البطولة جيدة وتنظيمها جيد، وفخور بالدول العربية التى شاركت فيها، وإن كنت حزينا لعدم مشاركة مصر، لأنه كان من السهل المشاركة، ولكن لدينا مشاكل كثيرة جدا فى اتحاد الكرة، وأعتقد أننا لن نصل لكأس العالم لأننا نتعامل مع الموضوع فى إطار التسلية، مع أن الموضوع علمى جدا، ويعتمد على قوة شرائية وأشياء كثيرة جدا، ولكن أتمنى أن يكون القادم أفضل.
عصام حسين عبد الرحمن: كرة القدم أقرب للفنون والإبداع
يقول الروائى عصام حسين عبد الرحمن: أول كأس عالم تابعته كان عام 1974، وقتها كان الوضع مختلفا تماما، فلم يكن هناك أقمار صناعية، وكان التليفزيون المصرى يحصل على حقوق بث مباريات معينة مثل النهائى، وكان كأس العالم على ما أذكر فى ألمانيا، وكان النهائى بين ألمانيا وهولندا، والفريقان كانا من العمالقة، وهذه كانت بداية معرفتى بكأس العالم، والفريق المفضل لى حتى الآن هو البرازيل. معظم المصريين يحبون البرازيل، لعوامل كثيرة منها شخصية اللاعبين وطريقة أدائهم فى الملعب، التى تعتمد على الإبداع والفن أكثر من اعتمادهم على القوة واللياقة البدنية، ولكن هذا لا يمنع أن هناك فرقا أخرى جيدة.
ويضيف: كرة القدم هى الأقرب للفنون والإبداع بصفة عامة. ككاتب، أرى أن مباراة كرة القدم مثل النص الإبداعى، لابد أن يتوافر فيه الحد الأدنى من الإبداع والتميز والتفرد، حتى يحقق النجاح الكافى.
ويختتم حسين قائلا: مونديال قطر هذا العام له خصوصية، فلأول مرة بلد عربى يفوز بتنظيم كأس العالم، وفخور كمواطن عربى أن بلدا عربيا ينظم هذا الكرنفال الجميل جدا. كرة القدم عامل مشترك لكل ما هو إنسانى، رغم محاولات البعض إقحام أشياء سياسية وغير سياسية وسط عالم الكرة. أهم شىء فى الكرة هو محاربة العنصرية، فهى تجمع الناس على شىء واحد، وهى اللعبة الشعبية الأولى فى العالم، وهناك حوالى 8 مليارات من سكان الكرة الأرضية يتابعونها، ونفخر أن لدينا 4 فرق عربية شاركت فى كأس العالم، وإن كان هناك مسحة حزن لعدم مشاركة المنتخب المصرى.
أحمد الصاوى: الأدباء جزء من جمهـور الكرة
الروائى والكاتب الصحفى أحمد الصاوى يقول: كرة القدم تشغل الجمهور من مختلف الأجيال والأعمار، والكتاب والأدباء جزء من هذا الجمهور، وأكيد لهم شغف بكرة القدم أو بهوايات أخرى، وعلاقة الأدب بكرة القدم تطورت، حتى أصبحت الكرة حاضرة فى الأعمال الأدبية والفنية، وشاهدنا ذلك فى بعض الروايات والأفلام السينمائية وفى الدراما. علاقتنا بكرة القدم قديمة، فعلى أيامنا كانت كرة القدم لعبة غير مكلفة، بها نوع من التصاحب والتصالح والتنافس اللطيف. أول كأس عالم تابعته كان عام 1986، وكان يعد أوج ظهور لاعب كرة القدم العالمى مارادونا، وأيضا كان هناك ميشيل بلاتينى، ومولر، ولوثر ماتيوس، وكلينسمان، ورودى فولر، وعدد كبير جدا من اللاعبين الكبار فى البرازيل مثل سقراط، وزيكو، ولكن ارتباطنا الرئيسى بكأس العالم زاد مع دخول مصر مونديال 1990، ومباراة مصر وهولندا أكثر مباراة تابعها المصريون.
ويضيف: كأس العالم بالنسبة للمصريين، خصوصا مع الإخفاقات الكبيرة التى تحدث كل مرة مع التأهل، وتجعل الوصول له حلم، وتناولت ذلك فى روايتى "إصابة ملاعب"، وركزت على هذا الحلم، الرواية صدرت عام 2015، قبل النبوغ الكبير للنجم محمد صلاح، وكان بها سعى أو استشراف لحلم الوصول إلى كأس العالم، وأيضا حلم أن يمثل مصر لاعب كبير فى الأندية الكبرى، وينافس على الجوائز الكبرى، ويكون رقما صعبا ضمن كبار نجوم الكرة، وكرة القدم وحالة التنافس والجهد الذى يبذل فيها وتطورها الكبير فى الفترة الأخيرة، وتحولها إلى صناعة متكاملة يمنح الإلهام للشباب.
ويكمل الصاوى: أهتم بتجارب اللاعبين، خصوصا الأفارقة الذين يلعبون فى منتخبات غير بلادهم الأصلية، ووراءهم قصص كبيرة عن مهاجرين خرجوا من بلادهم فى ظروف صعبة، فمثلا لم يتوقع أحد لطفل خرج على مركب هجرة غير شرعية أن يتحول فى النهاية إلى نجم كبير فى مجتمعه الجديد، وهذه الحالة تكررت كثيرا، فمثلا فى مباراة سويسرا، لاحظنا المهاجم السويسرى -كاميرونى الأصل- يسجل فى منتخب الكاميرون بلده الأصلى، ولكنه رفض الاحتفال بالفوز، فرغم أنه يلعب باسم سويسرا ومعه جنسيتها ويعتبر مواطنا أوروبيا، فإن جذوره طغت عليه لحظة تسجيل الهدف، ووقف صامتا غير قادر على الاحتفال، كل هذه لحظات درامية نراها فى كرة القدم.
ويواصل: قطر بذلت مجهودا كبيرا للحصول على حق هذا التنظيم الكبير، وللوفاء بالالتزامات وتجهيز البنية التحتية الأساسية، ولكن الأهم هو الإقبال الجماهيرى الكبير على مشاهدة المباريات فى الملاعب، وأعتقد أن هناك أرقاما قياسية فى عدد الجماهير، وربما وصلنا إلى 90 ألف مشجع فى المباراة الواحدة، وهذا رقم كبير جدا فى منافسات كأس العالم.
ويختتم الصاوى قائلا: أتمنى أن يفوز بكأس العالم فريق جديد لم يسبق له الفوز به، ومن اللحظات الدرامية التى يمكن ملاحظتها أن فريقا كبيرا مثل الفريق الهولندى وصل إلى منصة التتويج مرتين، وطوال الوقت مرشح بقوة للفوز بكأس العالم، ولكنه يخرج فى اللحظات الأخيرة. منتخب مثل هولندا من الصعب تاريخيا ألا يكون له سجل فى أبطال كأس العالم، بعض الأمنيات أن كريستيانو رونالدو يختتم مسيرته بالحصول على كأس العالم، إلى جانب الأمنية الكبرى أن يحصل فريق أفريقى على البطولة.
مدحت صفوت: كرة القدم هى الحياة نفسها
الناقد مدحت صفوت يستهل حديثه قائلا: ينسب للفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر قوله «كرة القدم هى مجاز يعبر عن الحياة كلها»، ومن ثم فإن الارتباط بالساحرة المستديرة وقوع فى الحياة نفسها، لا فى غرامها فحسب، صحيح الكتابات اﻷدبية العربية عن كرة القدم ليست بالوفيرة لكنها مميزة، اﻷمر الذى دفع بالناقد مصطفى بيومى إلى إصدار كتابه "كرة القدم فى الأدب المصرى".
ويضيف: فى الكتابات اﻷدبية مثلًا، نتذكر رواية محمد البساطى "دق الطبول" التى تحكى عن سكان بلدة يهجرونها ويسافرون وراء فريقهم عند صعوده لكأس العالم. بجانب رواية أحمد الصاوى "إصابة ملاعب"، وتحمل عنوانًا فرعيًا "رواية من شوطين"، وتدور عن عالم كرة القدم، لتلامس عوالم السياسة والإعلام والألتراس والتطرف، حتّى تصل إلى الصراع العربى الإسرائيلى. فى السرد القصصى، فى مارس 1964 نشر بهاء طاهر فى مجلة الكاتب أولى قصصه القصيرة، "المظاهرة"، وتدور حول مظاهرة جمهور فريق فائز، واحتفى بها يوسف إدريس مبشرًا بميلاد كاتب "لا يستعير أصابع غيره". وبعد طاهر بسنوات أربع تقريبًا، يكتب محمد حافظ رجب "الكرة ورأس الرجل" 1968 وهى تعادى فى رؤيتها الشغف بالكرة والتلاعب بها. وكما احتفى إدريس بقصة طاهر، احتفى النقاد بسردية رجب، التى تفترض أن لاعبين للكرة لم يجدوا كرة يلعبون بها فأعطاهم زميلهم رأسه ليلعبوا بها، فى إشارة ساخرة إلى العقل المتراجع واللامنطق. أضف إلى ما سبق، قصة لـ"أبو المعاطى أبو النجا" بعنوان "الشوط الثانى" كتبها أوائل التسعينيات، كذلك قصة "الشهاب" لسامية أبو زيد من مجموعة "فرشاة أسنان وحيدة".
ويوضح صفوت: غربيًا، احتفى اﻷدباء بالكرة والرياضة عمومًا، ولعل أبرز الروايات كانت The Football Factory للإنجليزى جون كينج، فضلًا عن سيرة مارادونا الشهيرة بعنوان الديجو El-Diego
ويواصل: عودة إلى مقولة سارتر، المجاز الذى يعبر عن الحياة، وإيمانًا بذلك دشنت فى 2019 مبادرة تربط بين الثقافة وكرة القدم، تحت مسمى "شجع واقرأ"، واستهدفت الدعوة إلى متابعة وممارسة الرياضة من جهة، والتشجيع على القراءة والاطلاع، من خلال توزيع إصدارات حديثة وصلت نحو 300 كتاب ساهمت بها دور النشر المصرية.
وعن بدء علاقته بكأس العالم، يقول: بدأت بمتابعة مونديال إيطاليا 90، ولحسن الحظ كانت مصر تشارك، ولا أذكر كثيرًا عن تفاصيل متابعتى لصغر سنى وقتها، بيد أننى أتذكر جيدًا شغفى بمباريات مونديال أمريكا 1994، وسهرى حتّى منتصف الليل لمتابعة المباريات. مع الوقت انحزت إلى فرق متباينة فى اللعب، كإيطاليا التى تغيب عن المونديال الحالى، وفرنسا حاملة اللقب، ولا أميل إلى الكرة البرازيلية منذ مطلع اﻷلفية الجديدة.
ويختتم صفوت قائلا: كثير من المثقفين أشعر وكأنهم يشاهدون صراع التحرر مع الإمبريالية، ما يعنى أن نشجع فرق الدول المستعمَرة فى مبارياتها ضد الكولونياليين، وأى مشجع "مجنون" يتمنى فوز دولة أوروبية يصبح مناصرًا للاستعمار. فى المونديال السابق، شجعت بلجيكا ضد البرازيل، إيمانًا منى أن آخر كرة برازيلية فعلًا كانت فى جيل كاكا ورونالدو ورونالينهو وقبل منه جيل روماريو وبيبيتو ودونجا، بالطبع يلعب فريق السامبا فى مسابقة كرة وليس فى مؤتمر لدول البريكس، وأوروجواى تلاعب إسبانيا فى ملعب وليست تفاوضها على الاستقلال، ولا حتى صراع على أدبية "ماريو بينديتى" أديب أوروجواى المعروف.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
"فانوس علاء الدين.. ادعكه وحقق أحلامك!".. يقولها البائع بحماس كلما مر أمامه زبائن محتمَلون، ثم يعود لصمته،
مفاجأة ليست فى الحسبان يفجرها لنا روبير الفارس عن كتاب "عبقرية المسيح" للعقاد، الذى كنا نحسبه تحية مقدرة من الأقباط...
قصة حياة "لطفية النادى" فيها التحدى، وفيها الثقة بالنفس وحب المغامرة و"الجنون"، فهى ابنة أسرة متوسطة،
بناءً على تعليمات وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور رضا حجازي، واللواء أحمد راشد محافظ الجيزة؛ وفي اليوم الأول لتدريب...