ياسين التهامى.. عاشق الصوفية وشعرائها

درس فى الأزهر وحفظ القرآن الكريم نشر الإنشاد فى العالم وقدم حفلات فى باريس وأمريكا وإيطاليا

ياسين التهامى.. غيّر كثيراً فى عالم الإنشاد فى مصر، فهو منشد على أنغام الموسيقى ومع ذلك لا يلتزم بالمقامات.. حالة وجدانية خاصة، تتوحد مع الكلمة، كما يتوحد معها جمهوره، رغم صعوبة مفردات شعراء الصوفية وعدم فهمها أحياناً.. لكنها «الحالة».

التهامى شيخ المنشدين، ليس ظاهرة وليدة الصدفة، ولكنه ابن بيئته، فقد تربى فى بيت دينى، ووسط عائلة متدينة، أثّرت فى نفس الطفل «ياسين» المولود فى 6 ديسمبر 1948، فى قرية «الحواتكة» مركز منفلوط محافظة أسيوط، دخل التعليم الأزهرى كما رغب والده، واستمر به حتى الصف الثانى الثانوى الأزهرى عام 1970، ثم انقطع عن التعليم، يقول الشيخ نفسه إن «هذا الانقطاع كان لظروف خاصة»، لكنه كان قد حفظ القرآن الكريم، واهتم بالصوفية وكبار شعرائها، بدأ الإنشاد فى الموالد والاحتفالات بآل البيت فى أنحاء الصعيد، لكنه واشتهر من خلال برنامج «الفن الشعبى» الذى قدم على شاشة القناة الثانية بالتليفزيون المصرى عام 1989.

تفرد الشيخ ياسين التهامى فى عالم الإنشاد الدينى، بأنه بسّط مفردات الحلاج وابن عربى وابن الفارض ورابعة العدوية، هذا التبسيط ليس بشرح المعانى ولكنه بمجرد النطق والغناء يصل المعنى للقلوب والعقول، على «رتم» الموسيقى، فلم يكن أى من المنشدين قبله قد احترف الإنشاد على وقع الموسيقى، كما أنه نشر الإنشاد فى مصر والعالم، فقدم كثيراً من الحفلات فى باريس وأمريكا وإيطاليا وكل دول العالم.. بعض الجمهور يفهم المعنى وبعضهم يكتفى بالتمايل يميناً ويساراً، والتعايش والدخول فى الحالة الوجدانية.

ورغم أن التهامى نجم الصعيد الأول، هناك علاقة غير مفهومة بينه وبين «وجه بحرى».. نظراً لاختلاف طرق الإنشاد بين شمال مصر وجنوبها، كما أنه احتفظ بملابسه «الصعيدى» منذ بدايته، الجلباب والشال والعمامة، وهى السمات المميزة للصعيد، ولم يتعامل معها وجه بحرى كثيراً، وإن كان الصوت قد دخل القلوب.

فى إحدى أغانيه يقول: عيسى أخوك محمد.. موسى أخوك محمد.. وكلكم بان وشائد.. فالمسلمون بالمساجد، والنصارى بالكنائس واليهود بالمعابد.. ولم لا.. وكلكم بان وشائد.. ألم يك آدم واحد.. أليس دين الله واحد». كلمات بسيطة، لكنها تصل لجمهور من مختلف الأديان، يستمع فى هدوء تام دون حركة، على لحن بسيط وإلقاء صوتى واضح، يعلوه الشجن على صوت الناى.

أما «فى البُعد لوعة وفى القرب رحمة.. وفى الوصل راحة إذا الحب مُنيتى»... فإذا فسرتها تفسيراً دينياً.. فلا مانع، وإذا فسرتها لحالة عاطفية فهى بليغة، تذيب القلب على صوت التهامى، يشدو على صوت موسيقى يأتى من بعيد بصوت واضح شجى، ثم تنهمر الدموع على «فخلصنى من أسر الطبيعة يا ربى واهدنى بنورك.. يا الله.. نور بصيرتى».. لا أنغام موسيقية ولا «رتم».. لكنه الشجن فى صوت الشيخ الذى يأسر القلب.

«نحيا بذكراكم إذا لم نراكم.. ألا إن تذكار الأحبة ينعشنا.. يحركنا ذكر الأحاديث عنكم ولولا هواكم فى الحشا ما تحركنا».

وعلى التمايل يميناً ويساراً، والتخلص من عبء الأحمال وثقل التفكير يعيش الجمهور على «نعم على باب الكريم قصدت حبى وقلت ألهمنى.. يا رب صوابى.. وغاب الوعى عن عقلى».

الشيخ ياسين التهامى يقول فى الحب: «إن لم تكن محب فأنت إذن لاجئ، الحب هو الوطن والهوية، أنا الأسير لك بكلى ووجهتى سجدت لذاتك فى الخفاء الخواطر.. الحب حرفان تفصيلاً وإجمالاً، حرف يذيب القلب وحرف يشغل البال.. حرفان الحاء منه حياة وباء بقاء».

يعشق التهامى صوت كوكب الشرق أم كلثوم، ويرى أنها استثنائية، ويسعد بسماع كبار دولة قراء القرآن الكريم، لكنه يؤمن بالصوفية ومشايخها يقول من كلمات قصيدة «نحن العرايا» للشاعر عمرو فرج «نحن العرايا والذنوب لنا ثياب، الكاف نون والحضور هو الغياب، وإذا المرء لم يلبس لباساً من التقى، تجرد عرياناً ولو كان كاسياً، وخير لباس المرء طاعة ربه ولا خير فى من كان لله عاصياً».

الشيخ ياسين له أغانٍ كالروائع، تُشغّل فى الأفراح والسيارات ومختلف المناسبات، وهى الأكثر شهرة على الإطلاق مثل «أكاد من فرط الجمال أذوب» ومقطع «والله ما طلعت شمس ولا غربت إلا وحبك مقرون بأنفاسى».

بعض أبناء الشيخ ياسين ورثوا منه جمال الصوت، ونفس لون الغناء الذى يقدمه، مثل محمود ياسين التهامى وحفيده أيضاً.

Katen Doe

أميرة حمدى

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

المزيد من فن

«يوم الكرامة».. الثأر للشهيد «عونى عازر» بإغراق المدمرة «إيـــلات»

«يوم الكرامة» عمل سينمائى عسكرى يرصد فترة مهمة وحساسة للغاية من تاريخ مصر، وهى الفترة التى أعقبت حرب يونيو 1967،

«حائط البطولات» تجسيد حقيقى لأهم محطة فى تاريخنا الحديث

فخر إنتاجات التليفزيون المصرى

مطلوب إنتاج فيلم مصرى عــالمى عـن حرب أكتوبر

حققت مصر نصرًا مبينًا فى حرب أكتوبر، تفوقًا مستحقًا لا تخطئه العين ولا يستطيع أحد تكذيبه مهما كانت محاولات الالتفاف...

المواطن المصرى كرم النجار 1- 2 رحلة مع أقنعة الدراما بعيداً عن السياسة

ينتمى كرم النجار «22 مايو 1941 - 16 أكتوبر 2021»، بحكم مولده وبداية عمله الاحترافى بالمسرح نهاية الستينات من القرن...

ارتفاع جديد لسعر الذهب اليوم في مصر
  • الأربعاء، 08 اكتوبر 2025 09:40 م