عام 2022 هو عام الغناء الشعبى بامتياز.. فلا صوت يعلو فوق صوته على كل تنويعاته.. فشلت كل محاولات شيطنته وتلويثه، وعاد رافعا رأسه بشكل طبيعى دون أن يخبر أحدا بثلاث أغنيات فقط..
اكتسح بلا هوادة عالم اليوتيوب، الوسيلة الوحيدة المتاحة الآن لتحديد أسهم الصاعدين والهابطين فى مجال الغناء.
عشرات المهرجانات.. وملايين التغريدات.. وآلاف الفتاوى والتنظيرات.. وفى النهاية سقط المقلدون وأصحاب التجارب العادية.. حتى نقابة المهن الموسيقية اضطرت إلى استيعاب المحسوبين على الشعب باسم الغناء والشعب والغناء منهم براء.
نهاية العام كانت مثل أوله.. فجأة وجد الناس أنفسهم على اختلاف أذواقهم أمام تريند "شفيقة"، وراح أبناء "الهاى كلاس" يسألون بجدية "من تكون شفيقة.. ماذا تعنى.. ولماذا لم نسمع بها من قبل؟!".. وراح صحفيو السوشيال ميديا مثلهم يسألون.. ويفتشون فى أروقة الفضاء الإلكترونى.. عساهم يجدون ما يشبع السائلين.
اسمها "شفيقة محمود رياض"، مواليد عام 1957 بمدينة طنطا قبلة الغناء والعازفين الذين هو أحدهم.. والدها الذى كان يجوب الأفراح مع الفرق بمواله يعزف ما يبدعه أنور العسكرى ورفاقه مثلما يعزف ألحان السنباطى وعبدالوهاب.. لم يكن يعرف أن " وش السعد" هذه التى جاءت وجاء معها الخير ستكون مطربة الدلتا بلا منازع.
فى الثامن والعشرين من ديسمبر عام 1970 مات جمال عبدالناصر.. وحزن عليه المصريون كثيرا.. لكن الحزن لا يدوم كما هو الفرح لا يدوم.. انتشرت فى الأسواق أغنيات غريبة لم تكن تعرف لنفسها اسماً.. فى ذلك العام صعدت شفيقة إلى المسرح لأول مرة.. ولم تنزل منه لمدة عشر سنوات كاملة.. فلم يخل فرح فى بيت ريفى من "صوت شفيقة"، بعدما عرفت مصر "صناعة الكاسيت" الذى تحولت شفيقة من خلاله إلى نجمة شعبية بامتياز كما هو حال عدوية الذى أقلق مقاعد ومضاجع الجميع بمن فيهم عبدالحليم حافظ نفسه.
"جربت الحب مرة
كات مرة وهى مرة
أنا عشت فيه ليالى
كانت ليالى مرة"..
أغنيات شفيقة البسيطة سمحت لها بالمرور إلى القاهرة التى كانت على استعداد فى هذه الفترة لقبول أشكال مختلفة من الغناء: أحمد منيب وموسيقاه من النوبة.. وجمالات شيحة من الدلتا.. وشفيقة أيضا لكنهما مختلفتان.. فجمالات شيحة ابنة تجربة زكريا الحجاوى التى أبدعت فاطمة سرحان وخضرة محمد خضر وهى امتداد لهما.. شفيقة ليست كذلك.. هى ابنة الغناء "الريفى" بلا ضوابط محدودة كالتى وضعتها فرقة الفلاحين مع الحجاوى.. أو تجليات فرقة رضا بتوزيعات على إسماعيل.. شفيقة صوت ريفى.. يغنى على هواه..
"جابلى العنب يا امه
قطفلى حبه اللى استوى
شلت العنب يا امه
من خوفى عليه م الهوى
آه يا خوفى عليه م الهوى"..
نجحت كل أغنيات شفيقة التى أصدرتها عبر عشرة ألبومات بدأت عام 1980 واستمرت حتى عام 2004.. إلا أنها تأثرت بما جرى فى حياتها الشخصية التى لم توفق بها من ناحية.. وبما جرى فى سوق الغناء من ناحية أخرى.. وراح زمانها فانزوت تعانى من المرض.. وحاولت العودة فى عام 2007 لكنها لم تنجح بعدما خاضت تجربة الإنتاج لنفسها فغادرت عالم الموسيقى وراحت "تتاجر فى السمك" بأحد محلات الإسكندرية.. لكنها لم تنجح أيضا لتعانى من "الفشل" والمرض معا حتى رحلت فى مايو 2011.
فى تلك الفترة أعاد مطرب شعبى كان قد عرف الطريق إلى عالم الفيديو كليب والسينما معا إحدى أغنياتها "العنب".. ونجح سعد الصغير فى إعادة الناس إلى اسم شفيقة.. لكن صوتها لم يعد واختفى تماما إلا عند محبيها ممن يحتفظون بأغنياتها وذكرياتها أفراحهم التى شاركت فى إحيائها.. حتى جاء عام 2022 ليعيدها إلى صدارة التريند بعد إذاعة مقطع ترويجى لفيلم تسجيلى عنها وعن حياتها وأغنياتها من إنتاج مركز المصطبة للموسيقى الشعبية.
تريند شفيقة الذى ظل لأيام منافسا لأحمد سعد وأصالة اختفى كما بدأ.. لكنه أعاد الأسماع إلى شلة الغناء الشعبى مجددا.. ولم يكن الوحيد.. فقبلها بشهور تسببت أغنية ملطوشة لمحمد منير فى إعادة طرح اسم "بنات مازن" إلى المقدمة والسبب "على".
الملك يهرب جنوبا
فى السنوات الأخيرة راح محمد منير يجرب أشكالا مختلفة من الغناء عساه يحتفظ بجمهوره الذى لم يستوعب "اختصار" رحلة مطربه المفضل منذ الثمانينات فى مسلسل "مشوه" تم تقديمه على عجل.. بعدها تعرض منير لمشكلات صحية جعلته يغيب كثيرا ويظهر على فترات متباعدة بمجموعة من الأغنيات بعضها لمجدى نجيب ومحمد رحيم وآخرها مع أحمد حسن راؤول.. لكنها لم تنجح فى إشباع ذوق وحاجات الجيل الذى تربى على أغنياته.. فكان أن استعان بلحن قدمه له الممثل الكوميديان أكرم حسنى منحوتا من التراث الصعيدى.. وفجأة امتلأت صفحات السوشيال تتهم حسنى بلطش الأغنية من مطرب شاب كان قدم ذات اللحن بكلمات مختلفة.. وفى سياق تبادل الاتهامات بالسرقة مرة وباللطش من الفولكلور مرات.. ظهر اسم "بنات مازن" أول من قدم ذلك اللحن..
"يونس خطر فى السوق
يا ولد الهلالية
وسلم على التجار
ردوله التحية"..
ذلك النجاح المدهش والذى استكثره البعض على أبوحفيظة الذى اضطر فى النهاية للاعتراف باستلهامه للحن من الفولكلور لم يشر إلى بنات مازن وتجربتهن.. لكن مؤشر البحث على يوتيوب فعل ذلك.. ولأنه لا توجد نسخة مسجلة بصوت "بنات مازن" وجدوا النسخة الأولى المسجلة بصوت خضرة محمد خضر.. التى جاء زوجها زكريا الحجاوى بإحدى بنات مازن وقام بتقديمها عبر برامج السامر والفن الشعبى فى القاهرة، وهى آخر الثلاثى الذى سيطر على أفراح جنوب الصعيد لسنوات طويلة خاصة أنه كان يستمد شهرته ليس من "الطبل والرقص" فقط.. ولكن من غناء السيرة الهلالية أيضا.
يبدو أن ذلك المزاج المصرى الذى حير الجميع فى طريقة استيعابه وتبنيه لأشكال مختلفة من الغناء، أرهقته تلك النقلات التافهة من عالم الراب والميوزيك هاوس إلى موسيقى التراب وما سميناه "المهرجانات".. لحظة زهق جعلته فى عام 2022 يذهب إلى غيط فى الدلتا حيث جلست سيدة سبعينية تغنى مع نجلها بدون موسيقى ولا إيقاع سوى من آلة يخبط على جوانبها لتصبح "مطربة البامية" فى يوم وليلة هدفا لكل برامج الفضائيات فى مصر.. والأهم أن عددا من الفرق المستقلة أدركت أهمية اللحن الفولكلورى فراحت تعيد تقديمه بشكل أكثر دقة وانضباطا.
الحاجة نبيلة التى لم تقصد أن تصبح "أحد تريندات" عامنا الأخير، ولم تقصد أن تحترف الغناء من الأصل، بل هى فلاحة أصيلة كان زوجها يحب الطرق على إحدى الآلات وتغنى هى معه.. أو فى حنة " ستات البلد".. ربت أولادها من خير الغيط الذى جعلها نجمة للفضائيات فى يوم وليلة.
الغريب أن هذا العام سمح لأغنيات مصنوعة على مهل بالتواجد فى المكان اللائق بها، ومنها أغنية "لوحة باهتة" لنادر عبدالله والملحن المطرب تامر عاشور، وقد غنتها أنغام.. فيما لم تنجح عشرت الأغنيات الأخرى باستثناء الدويتو الذى قدمته إليسا مع سعد لمجرد لكنه لم يستطع الاستمرار كثيرا.. المدهش أنه إلى جوار تلك الأغنيات الشعبية السابق ذكرها.. نجحت ثلاث أغنيات تتميز بأنها أٌقرب إلى الروح الشعبى.. أولاها كانت أغنية للطفل محمد أسامة وتمت صناعتها لتكون جزءا من دراما فيلم سينمائى لكريم محمود عبدالعزيز اسمه "من أجل زيكو" ولم ينجح الفيلم "نقديا" وتجاريا بشكل كاف.. لكن الأغنية نجحت جدا وصنعت اسما لمطربها الطفل وأعادت اسم مؤلفها وملحنها إيهاب عبدالوهاب إلى صدارة الملحنين فى العام الجديد.. حيث قدم بعدها واحدة من أهم أغانى العام وأكثرها وصولا إلى الناس وهى أغنية أصالة "غلبان"..
"ليه هنمسك فى اللى غايب
مش من قلة الحبايب
بابنا مايتسابش موارب
احنا بنقفل ع الشاريين"..
وكلمات منة القيعى التى لم تخرج من حالة "الردح النسائى" المنتشرة منذ سنوات فى أغنيات.. وجدت لحنا مدهشا رغم استخدامه لمقام مهجور فى بدايتها هو مقام "النكريز".. إلا أن عبدالواحد انتقل بصوت أصالة ولحنه إلى مقام هو الأقرب إلى الذوق الشعبى المصرى الشيك وهو مقام "النهاوند".. فكان أن التقى المزاج المستعد شعبيا مع الملحن الموهوب مع صوت أصالة فى وقت واحد.. فحضرت الأغنية وصاحبتها أعلى المشاهدات فى هذا العام.. وأعتقد أن نجاحها سيستمر فى العام القادم أيضا.. شأنه شأن أغنية أحمد سعد الصوت الرجالى الذى عرف سكته مؤخرا.. "عليكى عيون".. فاللحن الذى يبدو شعبيا هو ليس كذلك.. ورغم عدم انسجام الكلمات وركاكتها فى بعض المقاطع فإن اللحن الذى استوعبته حنجرة سعد لم يجعل أحدهم ينتبه لذلك الانفصام فى لغة الخطاب الذى تبثه الأغنية من مديح فى عيون أنثى فى نفس الوقت الذى تشكو فيه الزمن وما شابه.. لكنها على كل حال طريقة شعبية معروفة فى الغناء المصرى القديم.. وبخاصة فى الفلاحين والصعيد.
مر العام.. بكل ما فيه من تقلبات اقتصادية .. وحرب على الجانب الآخر من العالم.. تأثر بها الجميع بمن فيهم أهل الموسيقى والغناء.. لكن هذا لم يمنع الناس من أن تغنى وأن تستعيد ذاكراتها أغنيتها الشعبية سواء فى صيغتها القديمة أو فى أشكال تبدو أقرب إلى صيغتها وبشكل جديد.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
استقطبت جامعة "عفت" مجموعة من الرموز الفنية السينمائية العالمية، وذلك كضيوف شرف، والمشاركة في فعاليات مهرجان أفلام
أبناء الأبطال الخارقين ينقذون العالم من تهديد شرير ويصبحون أفضل الأصدقاء.. حول هذه الفكرة تدور أحداث فيلم
تشهد الدورة الـ 24 لمهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة التى بدأت فعالياتها مساء الثلاثاء 14 مارس
نجح مسلسل «الأصلى» للنجمة ريهام عبد الغفور، منذ الحلقات الأولى، فى لفت الانتباه للمواهب الموجودة به..