مفاتيح النصر..في شهر الفتوحات والبطولات

نصر أكتوبر المجيد في العاشر من رمضان، وتحطيم قواتنا المسلحة الباسلة "أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لايقهر "، وكثير من الفتوحات والبطولات التي انتصر فيها المسلمون خلال شهر رمضان المبارك وعلى رأسها غزوة بدر وفتح مكة وموقعة عين جالوت وحطين والقادسية، أبلغ دليل على أن شهر الصيام فرصة ذهبية للعبادات والعمل والإنجازات مهما كانت التحديات وليس شهر للخمول والتكاسل والولائم ومشاهدة المسلسلات .

ثقافة خاطئة عن شهر العمل

وحول مفاتيح النصر في شهر الصبر، قال فضيلة الدكتور محمد داود الأستاذ بجامعة قناة السويس لموقع أخبار مصر ببوابة ماسبيرو إن كثيرا من الفتوحات الإسلامية تمت في شهر الصيام ، الذي شهد أعظم الانتصارات بداية بغزو بدر إلى العصر الحديث وانتصار أكتوبرالمجيد،وقد تم في شهر البطولات فتح مكة عام 8 هجرية وهو علامة فارقة في تاريخ الإسلام ، وغيرها من المعارك مثل معركة عين جالوت 25 رمضان ، التي انتصر فيها سلطان مصر "سيف الدين قطز" على المغول، وطردهم من بلاد الشام نهائيا.

وأرجع د.محمد داود الاعتقاد السائد بأنه شهر الخمول والكسل إلى شيوع ثقافة خاطئة تنم عن ضعف الوعي لدى البعض ، فهو شهر الجهاد خاصة مع حلول رمضان هذا العام والأمة تمر بظروف عصيبة فى مواجهة الأعداء الذين يتربصون بنا الدوائر، فرمضان فرصة لندرب أنفسنا على البذل والعطاء، والصبر والتضحية حتى يأتى الله بالفتح ، وقال تعالى "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ" الآية (128) من سورة النحل .

قوة الإيمان والعزيمة القوية

ويرى د.داود أن سر هذه البطولات رغم الصيام يرجع إلى قوة الإيمان والعزيمة القوية التي تميز جنديا عن آخر وتفصل بين الهزيمة والنصر، وقيمة الإرادة والعزم من القيم الرمضانية التي تشتد إليها حاجة الأمة فى ظروفها المعاصرة، فالله تعالى لم يشرع الصيام إيلامًا للإنسان ، ولكن شرعه ليكون وسيلة لتهذيب النفس وتربية القدرة على السيطرة على الأهواء والشهوات، فكم من الناس من يشتهى ولا يصبر؟، وكم من الناس من يغضب ولا يملك نفسه عند الغضب؟، لو أن لهؤلاء عزم قوي وإرادة صلبة لصانوا عهد الطاعة وما سقطوا فى شراك الشيطان وفساده، والصوم يربى فينا هذا العزم وتلك الإرادة.. فقال تعالى "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" الآية (159) من سورة آل عمران.

وأكد أن لهذا الشهر الفضيل نفحات وبركات تنصر من يطلبها بحسن العبادة والصبر، فيؤيده الله بنصر من عنده ويسدد خطاه مؤكدا أنه شهر الأخلاق والمكارم والفضائل وليس شهر ضيق الصدر وانفلات الأعصاب واللسان وبـهذه القيم تقوى الأمة وتخرج من أزمتها فتتوحد بعد فرقة وتجتمع بعد تشتت، ويأتيها نصر الله وفتحه.

طاقة معنوية ويقين بالله

وقال د.وليد هندي أستشاري الصحة النفسية إن أجواء وطقوس رمضان الروحانية تمد البشر بقوة للانتصار على الشهوات والعادات السلبية وتمنح الجنود طاقة معنوية ويقين بالله يحقق لهم النصر في أعتى المعارك ، فقد وقعت غزوة بدر في 17 رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وأطلق عليها القرآن الكريم"يوم الفرقان"، وكان عدد المسلمين في هذه المعركة قليلا جدا مقارنة بأعداد المشركين، ومع ذلك كان النصر حليف المسلمين.

وعن مد الله المسلمين بالملائكة ، قال تعالى " وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم "الآية (10) من سورة الأنفال .وقال تعالى " إن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" الآية (160)من سورة آل عمران.

أيضا موقعة حطين بين المسلمين بقيادة القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي والصليبيين وقعت في رمضان سنة 584 هجرية.

أقوى مضاد للاكتئاب

وأكد استشاري الصحة النفسية، أن العبادات والصلوات في هذا الشهر الفضيل مثل صلاة التراويح تذهب الهموم وتمثل ترويحًا للنفس البشرية عند أدائها، وتعتبر أقوى مضاد للاكتئاب ، فعندما يقترب العبد من ربه، ويتذوق حلاوة تلاوة القرآن ويتدبر إعجاز الآيات الكريمة ويكثر من الطاعات، وفعل الخيرات، سواء بالعبادات أو بالمواقف الحياتية، يقترب من الراحة والسكينة والطمأنينة، وهكذا قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" الآية (28)من سورة الرعد.

عناصر القوة ومفاتيح النصر

وأضاف د.هندي أننا يمكن أن نستلهم من قراءة التاريخ وظروف المعارك التى تحقق فيها النصر برمضان عناصر القوة ومفاتيح النصر، فمثلا فتح المسلمون عمورية ( بالطريق العسكري البيزنطي من القسطنطينية إلى قلقيلية) تم بقيادة الخليفة العباسي الثامن المعتصم بالله في 17 رمضان سنة 223 هجرية 838 م على يد شاب عمره 20 سنة وهذا يحفز الشباب لينتصر لإرادته على المغريات والفتن ، فهناك نحو 18 مليون مدخن و8 ملايين متعاطي أمامهم فرصة لشحن العزيمة للانتصار على أنفسهم في رمضان .

وأكد وجود جسر قوي بين الصبر والنصر، فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" الآية (200) من سورة آل عمران،قائلا : علينا أن نتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة،فقد أجبر على الخروج من مكة وتعرض للايذاء وتحمل فراق الزوجة والأبناء حتى انتصر للاسلام وقد خلق الانسان ضعيفا كي يطلب العون من الله ويأخذ بأسباب القوة وليس ليستكين ويتخاذل.

روشتة للتركيز

وعن تأثير الصيام على النشاط والتركيز ، أكدت الدكتورة ايمان عبد المنعم خبيرة التغذية إن تنظيم الوجبات وتناول إفطار وسحور صحي وممارسة الرياضة والترويح النفسي يجنب الصائم الكسل في رمضان موضحة أن الخمول ، شعور ينتج عن امتلاء المعدة التي ترسل إشارات للجهاز العصبي تطلب زيادة تدفق الدم لها لتقوم بمهمة هضم ثقيلة خلال وجبة الإفطار، فيقوم الجهاز العصبي بإرسال إشارات للجهاز الهضمي تؤدي إلي تمدد الأوعية الدموية به لزيادة ضخ الدم .كما ترسل إشارات عصبية للقلب ليزيد من معدل نبضاته ليعوض انخفاض ضخ الدم لباقي أعضاء الجسد، وإشارات عصبية للأوعية الدموية المنتشرة بالجسم لتنقبض لتعوض انخفاض كمية الدم التي انتقلت للجهاز الهضمي مؤقتًا، مما يسبب انخفاضا بضغط الدم وخللاً بالتوازن الهرموني المنظم لمستويات الجلوكوز في الدم، مما يفسر الخمول والكسل والشعور بالإعياء.

ونصحت بالتخفيف من الإرهاق واستعادة الحيوية من خلال تلافي هذه العادات والممارسات السلبية عن طريق تناول كميات معقولة من الطعام عند الإفطار لا تزيد عن حاجة الجسم للقيام بوظائفه الحيوية وبمهمة هضم يسيرة لا تسبب شعورا بالتعب .

كما حثت على تناول طعام متوازن يحتوي على البروتين والفيتامينات والكربوهيدرات والتركيز على الخضراوات خاصة الورقية، وتناول المكسرات والعسل والتمر والسمك ، بالإضافة إلى اللبن والحليب والبيض، مع الاكثار من السوائل والعصائر الطبيعية، مثل التمر هندي والخروب والكركديه والعرقسوس وقمر الدين.