قراءة فى فعاليات وتوصيات القمة الأمريكية الإفريقية بعدسة الخبراء

وسط ظروف استثنائية وتحديات صعبة يمر بها العالم .. استضافت العاصمة الأمريكية واشنطن أعمال القمة الأمريكية الإفريقية بحضور نحو خمسين من قادة دول القارة السمراء بينها مصر بالتزامن مع مرور 100 عام على تأسيس العلاقات المصرية الأمريكية.

وناقشت ملفات عديدة منها أزمة نقص الغذاء والطاقة وتأثيرات الحرب الروسية الأمريكية وأسفرت عن نتائج مبشرة منها عرض الرئيس السيسي رؤية مصر للتعامل مع تحديات القارة السمراء و تعهد الرئيس الأمريكى جو بايدن بمساعدات تصل 2.5 مليار دولار إضافية للطوارىء ولدعم الأمن الغذائى فى أفريقيا وتخصيص استثمارات بقيمة 55 مليار دولارلمشاريع بالقارة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، في الطاقة الخضراء وتدريب العاملين بمجال الصحة وتحديث شبكات الإنترنت وتخصيص أكثر من مليار دولار سنويا لدعم الشباب الأفريقى ، ودعوته الإتحاد الإفريقى لعضوية دائمة بمجموعة العشربن وتعزيز عضوية الدول الإفريقية بمجلس الأمن وغيرها.

وقد ألقى الرئيس السيسي كلمة بجلسة تعزيز الأمن الغذائى وتعزيز النظم الغذائية بالقمة دعا خلالها الولايات المتحدة إلى استثمار ثقلها الاقتصادى من أجل تعزيز آليات الاستجابة لأزمة الغذاء وتخفيف أعباء الديون بإجراءات عاجلة منها إعفاء الدول النامية من نسب مُقدّرة وتفعيل مبادرة مجموعة الـ20 لتعليق الديون. وأكد أنه على مؤسسات التمويل الدولية مسؤولية تجاه حصول الدول النامية على تمويل مستدام وتيسير شروط الإقراض و رحب بتزايد استثمارات الشركات الامريكية بالقارة السمراء .

وبعد ختام فعالبات القمة، يلقى موقع أخبار مصر الضوء على رؤية الخبراء لأهميتها ونتائجها وصداها على القارة السمراء.

الاهتمام بافريقيا يزيد شعبية "بايدن"

بداية، قال الكاتب الصحفى عاطف صقر المتخصص فى الشؤون الأفريقية للموقع إن انعقاد القمة فى هذا التوقيت الحساس يرجع بالدرجة الأولى لانتماء الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى الحزب الديمقراطى الذى يضم عناصر لهم أصول إفريقية تحفز "بايدن" على تعزيز الصلة مع القارة السمراء وإعلاء صوتها استعداداً للحملة الرئاسية المقبلة فى نوفمبر القادم .

وأضاف أن الاهتمام بافريقيا يزيد من شعبية الحاكم الأمريكى والحزب الديمقراطى خاصة أن منافسه الجمهورى السابق دونالد ترامب لم يكن يهتم بالقارة ويتجاهل صوت افريقيا .

وأوضح أن التحديات التى يمر بها العالم الآن وجهت أنظار الدول الكبرى للقارة السمراء لما تزخر به من ثروات ومعادن ، إضافة للاكتشافات من البترول والغاز الطبيعي التي تتمتع بها دول أفريقيا كمصر ودول شمال وشرق القارة ما يجعلها مركزا للطاقة، وتمثل مصدراً لبدائل الغاز الروسى فى ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التى أثرت على اقتصاديات العالم .

بوابة افريقيا ومحور العالم

وأكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، أهمية القمة الأمريكية الإفريقية، مشيراً إلى أن السياسة الخارجية المصرية تسير في دوائر متعددة عالمية وإقليمية .

وأضاف ان لقاءات الرئيس السيسي خلال القمة  أكدت محورية دور مصر، في حل أزمات أفريقيا والعالم وأن مصر دولة لها مكانتها وتواجدها بالكونجرس ..فمصر هي بوابة أفريقيا وتتزعم قيادتها، موضحا أن مصر تتحرك في الاتجاه الذي يفيد دول القارة الأفريقية بالكامل ويحقق مكاسب كبيرة اقتصادية وسياسية لمواجهة التحديات العالمية، ولذلك سعت أمريكا للتقارب السريع مع إفريقيا بتقديم الدعم الحقيقي بمناقشة ضمها لمجموعة العشرين وزيادة الدعم والعلاقات الاقتصادية الأمريكية الإفريقية،

وأكد أن حرص الرئيس على حضور القمة تأكيد الحضور الإفريقي القوي في هذه القمة الكبيرة، وأن يكون هناك تأكيد على بعض الثوابت الخاصة، فحضور الرئيس يؤكد القدرة الدبلوماسية للرئاسة على التحرك بنشاط واتزان بين مختلف دوائر السياسة الخارجية المصرية لتحقيق مصالح الداخل المصري.

ولفت فهمي، إلى أن الرئيس السيسي ركز بالقمة على الملفات التي تهم الدول الإفريقية أولاً في ظل التحديات العالمية القائمة، وتعزيز الشراكة الإفريقية الأميريكية لمواجهة أزمة الأمن الغذائي، وتيسير اندماج الدول الإفريقية في الاقتصاد العالمي، لاستفادتها مما يوفره من فرص ومزايا في تحقيق النمو الاقتصادي، ونقل التكنولوجيا ودفع حركة الاستثمار الأجنبي.

وأكد أن القمة الأمريكية الإفريقية تعتبر مرحلة فاصلة لأنها تشير إلى كثير من قواعد اللعبة الجديدة في أفريقيا، بجانب المساعدات الأمريكية للقارة خاصة في مجال مشروعات السكك الحديد والموانئ والطرق وغيرها.

كما أن لقاء الرئيس السيسي مع نخبة من رجال الأعمال الأمريكيين على هامش القمة يزيد من حجم الاستثمارات الأمريكية في مصر خلال الفترة القادمة لافتا أن أكثر من 300 شركة أمريكية وإفريقية شاركت فى فعاليات قمة القادة بين الولايات المتحدة وإفريقيا والتى أثمرت التعهدات الأمريكية التى يترقب العالم مدى الوفاء بالتزاماتها تجاه إفريقيا والأقاليم الأخرى. 

ثروات وخبرات واعدة

وأوضح الخبير الاقتصادي شريف الجبلي، أن القارة السمراء غنية بالخبرات والثروات مما يعزز فرص الشراكة مع الولايات المتحدة لافتا إلى أن إفريقيا تمثل سلة غذاء العالم ومنجم الثروات الخام والمعادن النفسية التي يمكن استخدامها في التحول للطاقة النظيفة وأن صناعة السيارات الكهربائية بأمريكا، تحتاج مواد خام لصناعة البطاريات تتواجد في إفريقيا،كما أن الزراعة بعد أن كانت غير جاذبة للاستثمار لأنها مكلفة إلا أن العالم تنبه بعد جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، لضرورة التوسع الزراعي وتعد أراضى افريقيا الزراعية مناسبة لهذه المشروعات حيث تمتلك أخصب الأراضي الزراعية.

وأضاف أن إفريقيا اليوم مختلفة فى إمكانياتها مقارنة بـ 10 سنوات مضت، خاصة مع ارتفاع نسب النمو بها بين 5% و6 % أثناء جائحة كورونا، كما أن نقل التكنولوجيا الأمريكية لدول القارة السمراء يحقق فوائد كبيرة عن طريق تحويل الثروات الخام إلى منتجات تامة الصنع يتم تصديرها للخارج بدلا من تصدير الخامات والثروات في صورتها الأولية بما يضاعف العوائد المالية .

وأشار إلى أن معظم الاستتثمارات الأمريكية في مصر بمجال الطاقة  مثل إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراءحيث وقعت مصرإتفاقيات كبيرة بهذا المجال .

وبعد ختام القمة.. نترقب ترجمة رؤية مصر وتوصيات القمة وتعهدات الولايات المتحدة الأمريكية إلى مبادرات قابلة للتنفيذ تحقيقاً لطموحات شعوب القارة السمراء وتعزيزاً للعلاقات الإفريقية الأمريكية.