عدوى القتل باسم الحب تدق ناقوس الخطر

نيرة ، سلمى ، وأماني .. فتيات في عمر الزهور كانوا ضحايا لجرائم العنف التي أصبحت ظاهرة غريبة على مجتمعنا المصري . تلك الحالات لم تكن الوحيدة التي هزت المجتمع ، بل هناك

نيرة ، سلمى ، وأماني .. فتيات في عمر الزهور كانوا ضحايا لجرائم العنف التي أصبحت ظاهرة غريبة على مجتمعنا المصري .

تلك الحالات لم تكن الوحيدة التي هزت المجتمع ، بل هناك العديد من الجرائم التي لم نكن نعرفها ولم تكن ضمن قاموس المجتمع المصري ، والتي يندى لها الجبين لما لها من أثر سلبي على الجميع ، وفي مقدمتهم أسر وأهالي الضحايا ، فضلاً عن باقي أفراد المجتمع ، وقد قال المولى عز وجل في الآية 32 من سورة المائدة : "من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ". صدق الله العظيم .
لقيت الطالبة نيرة مصرعها بيد الغدر ، لا ذنب اقترفته وانما بسبب رفضها الارتباط بطالب زميل لها ، أدى رفضها له إلى شعوره بحالة من الرغبة في الانتقام منها ، دون رحمة أو شفقة ، وغيرها كثير من الجرائم التي ارتكبت بسبب الرفض ولأسباب لا ترقى إلى أن يسفك بسببها دم برئ ، فما الذي أدى إلى انتشار مثل تلك الجرائم وغيرها في المجتمع وما هي الطرق المناسبة للحيلولة دون انتشار تلك الجرائم ؟

موقع أخبار مصر استطلع آراء المواطنين ورجال الدين وخبراء علم النفس حول أسباب انتشار تلك الجرائم .

في البداية تقول إيمان محمد ربة منزل أن السبب الرئيسي وراء انتشار مثل تلك الجرائم هو الأعمال الدرامية المليئة بمشاهد العنف والبلطجة ، والتي تجعل الشباب يقتدي بها في جميع تصرفاته وأفعاله ، ويجب أن يراعي صناع تلك الأعمال عن العنف ، وأن نراعي المعايير الأخلاقية والقيم الدينية والإجتماعية ، وأن نعود إلى زمن الفن الجميل الذي يراعي القيم والأخلاق .

أما "ه . د "محامية فتقول أن التربية هي أساس كل شئ ، وأنه يجب تنشئة الطفل منذ نعومة أظافره على الثقافة الإسلامية وعلى قيم وعادات المجتمع المصري الشرقي المحافظ وأن تبتعد عن الثقافة الغربية الغريبة على مجتمعنا ، وألا نترك أبنائنا بدون رقابة ، خاصة أثناء استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي .

أما س م ربة منزل فتقول إن كثرة الهرج والقتل بدون أسباب وبدون حق علامة من علامات يوم القيامة" ، و أن كثرة حوادث القتل من علامات القيامة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج أي القتل" ، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا: "ليأتين على الناس زمان لا يدر القاتل فيم قتل ولا يدر المقتول على أي شيء قتل"، و أننا تقريبا نعيش في هذا الزمان ، ولابد من أن نجهز أنفسنا للقاء الله تعالى .

ويقول أ م فني بشركة مياه الشرب والصرف الصحي إنه من غير الطبيعي أن نتعاطف مع شخص ارتكب جريمة تهتز لها الأرض والسماء ، فقتل جسدًا بناه الله سبحانه وتعالى هو أمر محرم ، فمن يهدم البنيان الذي بناه الله وصوره في أحسن صورة فهو بالطبع مجرم ، مطالباً باستخدام أقصى درجات الشدة على المجرمين طالما ارتكبوا تلك الجرائم البشعة .

أيضاً يرى أن السبب الرئيسي وراء إنتشار تلك الجرائم انعدام الوازع الديني لدى معظم الأسر ، فضلاً عن غياب الرقابة الأسرية ومتابعة الأباء لأبنائهم وانعدام الحوار والنصيحة من جانب الأباء للأبناء.

من أكبر الكبائر في الإسلام


وعن رأي الدين، فيحدثنا الدكتور نظير محمد عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية عن خطورة تلك الظاهرة على المجتمع ، قائلاً:

بسم الله الرحمن الرحيم

مما لا خلاف فيه ان الله تعالي قد خلق الانسان ونفخ فيه من روحه وكرمه علي كثير ممن خلق تفضيلا ،ومن ثم ينبغي ان تكون النظرة اليه علي هذه الدرجة والمكانة .

ولذا لا يجوز أو يصح بأي حال من الاحوال الاعتداء عليه أو التطاول او العمل على إنهاء حياته خصوصاً وأن إقامة الإنسان والحفاظ على بقائه دعوة أساسية في الشريعة الإسلامية بل وفي كل الشرائع السماوية
بل حتي المذاهب البشرية والأديان الوضعية اتفقت مع التعاليم الإلهية في هذا الجانب ولا غرابة في ذلك فالإنسان بنيان الله في أرضه وهدم هذا البنيان الذي وجد لإعمار الأرض هي جريمة أخلاقية ودينية وإنسانية،لهذا كانت النفس من بين المقاصد الضرورية التي عليها قوام أمر الدين و الدنيا وكل ذلك تأكيدًا علي قدر النفس الانسانية وسموها وعلو قدرها ومقدارها .

ولذلك عد قتل النفس من أكبر الكبائر في الإسلام، وقد نهى الله عن ذلك وبيّن حرمتها، فقال سبحانه: «وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ»، وقوله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً".

وإذا كان هذا بعض ما جاء في القرآن الكريم ،فإن السنة النبوية الشريفة قاسمت القرآن الحديث في هذا الشأن وكانت واضحة في تحريم قتل النفس البشرية وإراقة دمها وهو ما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه: اجتنبوا السبع الموبقات ، وعدَّ منها قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ومن هنا فإن المجتمع في حاجة ملحة إلى مواجهة هذه الجريمة مواجهة حاسمة حتى لا تنتشر بين الأجيال الحالية والقادمة ، خاصة وأن تلك المخاطر التي يترتب عليها استحلال البعض للدماء ينتج عنها فوضى مجتمعية تهدد بقاء النسل وهو ما يدعونا جميعًا إلى التكاتف المجتمعي ومواجهة هذه الجريمة التي ترتكب في حق الإنسان، وهو ما يتحقق بالوعي المجتمعي العام الذي يسهم فيه الجميع ويدلي فيه بدلوه، فالتعليم له دور لا يقل أهمية عن دور المؤسسات الدينية، كما أن الثقافة لها دور في ذلك، وكل ذلك يعكسه إعلام واع لديه القدرة على تقديم منتج يؤثرفي الشباب والأطفال ويجرم تلك الأعمال في حق الإنسان بأعمال إيجابية مفيدة للمجتمع تنشر النماذج والقدوة الحسنة بدلًا من النماذج المحرضة على القتل والبلطجة والتي قد تسهم في تكوين ثقافة خاطئة وجيل لا يقدر الأمور حق قدرها وسلوكيات شاذة واعراف وعادات غريبة لا تتناسب وقيم المجتمع ، فضلاً عن أن هذه النماذج يلزم عنها تعطيل مسيرة التنمية ، ووأد كل جميل يأخذ بالعباد الي الرقي وبالمجتمع الي العلو وبالدولة إلى القيادة والريادة .


عدوى السوشيال ميديا


و تقول دكتورة إيمان عبدالله استشاري العلاج الأسري لموقع أخبار مصر إن الجريمة موجودة منذ أيام سيدنا آدم ، عندما قتل قابيل أخيه هابيل وكانت هذه أول جريمة قتل في البشرية ، ولكن انتشار الجرائم في الآونة الأخيرة يرجع لعدة أسباب على رأسها المتغيرات التكنولوجية العالمية ، والتي تبث في المجتمع قيم وعادات غريبة عن مجتمعنا مما يسبب ازدواجية في التفكير ، ويختلط الحابل بالنابل كما يقال .

أيضاً مشاهدات العنف عن طريق السوشيال ميديا وغيرها من وسائل الإعلام المختلفة تسبب عدوى ، فعلى سبيل المثال قضية الطالبة نيرة أشرف وما أعقبها من جرائم مشابهة لأسباب واهية لمجرد مشاهدة تلك الجرائم وتكرارها بشكل كبير مما يعطي إيحاء بأن هذه الجرائم مباحة وتجعل من يرتكبها في ارتياح من العلاقة وانهائها كوسيلة من وسائل الحل .

أيضاً هناك علاقة بين انتشار الجريمة وبين التفكك الأسري ، وتختلف الدوافع وراء الجريمة باختلاف أهدافها ، فهناك دوافع إجتماعية ، وبسبب الانتقام ، والغيرة ، و الحب المرضي ، مثال حي التملك ، إلى جانب وجود بعض المشاكل الأسرية أو قضايا أخلاقية ، نجد أن الدراما تمثل تلك الجرائم ، وتنقلها وسائل التواصل الإجتماعي فور حدوثها مما أثر على هذا الجيل الذي وجعل الجريمة تنتشر بشكل علني وفي وضح النهار ، على خلاف الماضي ، حيث كانت معظم الجرائم تتم في طي الكتمان ويحاول من يقوم بها اخفاء أثرها ، على عكس الوضع الراهن ، إذ يتباهى مرتكب الجريمة بجريمته مما يعكس خللا في الفكر ، وتشوه ناتج عن أفكار شاذة وخلل سلوكي وأمراض نفسية واجتماعية ناتجة عن إنتشار الأفكار الغريبة الواردة إلينا عبر وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة ، حيث يتأثر الإنسان بمشاهدة العنف ويؤثر فيه بشكل كبير ، حيث يتأثر اللاوعي عند الإنسان بشكل كبير بمشاهدة تلك الأفلام ولا يفرق بين الواقع والخيال .

ويرى ابطال ونجوم تلك الأفلام بعد قيامهم بدور البلطجي والقاتل يعيشون متهمين وفي حالة من البذخ والثراء الفاحش فيربط العقل اللاوعي بين الواقع والخيال على أنهما شىء واقعي ، وبالتالي يبتعد عن الدراسة أو العمل وعن كل ما هو إيجابي في حياته اليومية ويلجأ إلى تقليد أبطال أفلام العنف التي شاهدها في محاولة منه للوصول إلى ما وصل إليه هذا البطل من ثراء وهمي ، وهنا يجب علينا الاهتمام بتنمية المواهب عند الأطفال ، إلى جانب الاهتمام بالرياضة ، حيث تهذب الرياضة النفس البشرية وتقومها وتحول دون الوقوع في الخطأ ، وتجعل الإنسان مشارك اجتماعي إيجابي في المجتمع.

أيضاً تعرض الإنسان للضغوط النفسية والاجتماعية قد يكون سبب من أسباب إنتشار الجرائم ، حيث يجد من يتعرض للضغط النفسي من القتل أو ما شابه متنفسا ومخرجا من الضغط النفسي الذي يتعرض له .

أيضاً من الأسباب الرئيسية لانتشار العنف والجريمة التربية السلبية ، بمعنى أن تتلفظ الأم بكلمات سلبية لأبنائها كأن تتهمه بالفشل أو السرقة أو الإجرام أو غيرها من الأفكار السلبية التي تنعكس بشكل سلبي على الطفل وتؤدي إلى نتائج عكسية ، كما أن استخدام العنف من جانب الأباء لأبنائهم يؤدي إلى توريث هذا العنف إلى الأبناء .

كما أن غياب الوازع الديني لدى الأسرة يؤدي إلى عدم التخوف من الجريمة ومن عقاب المولى عز وجل ، فضلاً عن اختلاط المفاهيم الخاطئة بالمفاهيم الصحيحة .

من هو مرتكب الجريمة ؟

مرتكب الجريمة هو شخص يعاني من ضعف شديد في التواصل الإجتماعي مع الآخرين ، ولا يمتلك استراتيجية لحلول المشاكل ويرى أن الطريقة المثلى للتخلص من المشاكل هو ارتكاب الجريمة أو القتل أو ما شابه ذلك من أعمال عدائية .

أيضاً هناك علاقة بين الجريمة والأمراض العقلية مثل الفصام والاكتئاب ، وأيضاً إدمان أنواع مختلفة من المخدرات ، ومما يزيد الأمر خطورة هو أن المخدر أصبح مخلق مما يدمر خلايا المخ ، ويجعل الإنسان غير مدرك لأفعاله ويقبل على الجريمة دون إدراك منه لذلك.

كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا من الوقوع في براثن الجريمة ؟

أكدت استشارى العلاقات الأسرية أنه يجب أن يعود للأسرة دورها المنوط بها في تربية وتنشئة الطفل منذ الصغر على الأخلاق والقيم الدينية والإجتماعية ، ويجب أن يكون هناك نموذج في كل أسرة يحتذى به ويمثل القدوة الحسنة لأفراد الأسرة ، ويجب إعادة بناء الأسرة من جديد ، وتدريب المقبلين على الزواج ، وتوعيتهم بمعنى الزواج وقيمته في المجتمع من خلال دورات مبادرة " مودة " ، التي تقدمها وزارة التضامن الاجتماعي تخت رعاية الدولة بهدف تقليل نسب الطلاق .
كما يحب التفريق في العلاقات بعضها البعض ، فيجب التفريق بين علاقة الصداقة والزمالة ، ويجب أن يوضع كل شيء في نصابه الصحيح ، ويجب تثقيف الشباب كما يجب أن تضطلع المؤسسات الدينية والإجتماعية بدورها في تثقيف المجتمع وزيادة الوعي الديني لدى جميع أفراد الأسرة ، إذ أن الأسرة هي نواة المجتمع ، والأسرة السليمة تنتج أفراد أصحاء نافعين المجتمع ، بعكس العائلة المفككة تنتج أجيال منحرفة تؤدي إلى ما نراه من جرائم في المجتمع .


Katen Doe

أخبار مصر - سلوى مصطفى

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave

المزيد من تحقيقات وحوارات

wave
عميد طب طنطا:خطة لزيادة عدد المستشفيات والتوسع في المنظومة الطبية الجامعية

القطاع الطبي في جامعة طنطا.. من العلامات البارزة .. والذي حقق الكثير من النجاحات خلال فترة زمنية وجيزة.. سواء على...

بعد اكتشاف ورشتين بسقارة.."أخبارمصر" يكشف غموض ورش التحنيط بمصر القديمة

ظل التحنيط أحد أهم أسرار الحضارة المصرية القديمة وشهد عدة محاولات لفك شفرة هذا اللغز الذى كان السبب وراء حفظ...

"العاصفة الترابية" تفتح ملف صيانة اللوحات الإعلانية بالمحاور المرورية

"صيانة اللوحات الإعلانية" على الطرق أصبحت ضرورة ملحة بعد مصرع شخص وإصابة 4 أخرين إثر سقوط لوحة إعلانات ضخمة على...

فيديو .. رئيس جامعة طنطا: طورنا استراتيجيتنا لتنفيذ رؤية مصر 2030

في إطار احتفالات جامعة طنطا الممتدة باليوبيل الذهبي بمناسبة مرور خمسين عاما على إنشائها .. والتي أصبحت واحدة من أكبر...