عدلى يكن.. راعى التفاوض مـع بريطانيا فى زمن الاحتلال

شخصيات لها تاريخ «50» اختاره أثرياء مصر ليكون زعيمًا لحزبهم «الأحرار الدستوريون» وكان له دور كبير فى صدور تصريح 28 فبراير 1928 كان المنافس التقليدى للزعيم «سعد زغلول» وكان يرفض «الثورة» ويتبنى مبدأ المفاوضات والإصلاح الهادئ توفى فى باريس وكان آخر منصب شغله فى مصر هو «رئيس مجلس الشيوخ» وقبله شغل منصب «وكيل الجمعية التشريعية» ورئيس الوزراء ووزير المعارف والداخلية والخارجية تولى الوساطة بين «لجنة ملنر» الإنجليزية و«الوفد المصرى» وكان له الدور الأكبر فى تشكيل لجنة كتابة «دستور 1923»

هو عدلى خليل إبراهيم، الأرستقراطى التركى، الذى تربطه قرابة الدم بالباشا "محمد على" الكبير، وكان جده ابن أخت "الباشا" وهذا ما منحه لقب "يَكن"، وهى كلمة تركية تعنى "ابن الأخت"، والعرب يقولون إن ابن أخت القوم، هو منهم، بموجب القرابة وصلة الرحم، وهذا الموقع الاجتماعى من العائلة الحاكمة منحه امتيازا ماليا ومعنويا، فأصبح "زعيم" الطبقة الأرستقراطية، مالكة الأراضى وصاحبة المصلحة فى التقارب والتعاون والتفاوض مع "بريطانيا العظمى" التى كانت تحتل مصر بالقوة المسلحة، ولما قررت طبقة "الأرستقراطية" سرقة "العمل الثورى" الذى تفجر فى مصر فى "9 مارس 1919" لم تجد غيره ليقود "سفينة التفاوض"، ولم يجد "الاحتلال" غيره، هو وفريقه ليمنحه "تصريح 28 فبراير 1922" وبموجب التصريح تشكلت لجنة "الدستور" وفيما بعد، كان ـ عدلى ـ هو مؤسس "حزب الأحرار الدستوريين"، حزب كبار الملاّك ـ أو أصحاب المصلحة الحقيقية فى مصر، حسب التعبير الذى أطلقه "لطفى السيد" فيلسوف "الليبرالية" ورسولها فى تلك الحقبة من تاريخ مصر.

فى سنوات مضت من القرن العشرين، استكمل المصريون الحرب المعنوية التى خاضــوها ضد "الممــاليك" الذين كانــوا "نواة الجيش" الذى أسسه "سليمان باشا الفرنساوى" أو "الكولونيل سيف" الضابط الفرنسى الذى استعان به "محمد على" فى بناء هيكل الجيش، وكان "محمد على" ـ الجندى فى الجيش العثمانى ـ يخشى على الأرض الزراعية من البوار، فرفض "تجنيد الفلاحين" وبحث عن البديل فى بقايا "الشركس، الأتراك، الأباز" وهى الأعراق التى تحمل لقب "المماليك" أى جماعات القتال المحترفة التى دخلت تاريخ العرب والمسلمين، منذ عصر "المعتصم" الخليفة العباسى، ولما مات "الملك الصالح نجم الدين أيوب" تولت زوجته "شجر الدر" تسيير شئون مصر، التى كانت تخوض الحرب ضد "الصليبيين"، وحلف لها "المماليك" وجلست على "عرش مصر" ثلاثة وثمانين يوما، حتى تلقى رجال مصر، رسالة إهانة من الخليفة العباسى، مفادها أو معناها "إذا كنتم عدمتم الرجال، نرسل لكم من عندنا الرجل الذى يصلح للحكم"، وتوالت الأحداث، ومضى ما يزيد على المائتى عام، وسقطت دولة المماليك، وهزم الجيش الذى كان يقوده "قنصوه الغورى" فى معركة وقعت بينه وبين "الجيش العثمانى" فى "مرج دابق" فى بلاد الشام "1516 ميلادى"، واكتمل السقوط، بدخول السلطان "سليم الأول" القاهرة فى "1517 ميلادى" ومقتل السلطان المملوكى الأخير "طومان باى" وتعليق جثته على "باب زويلة" وتفرق المماليك فى القرى المصرية والمدن، هاربين من "السلطان سليم الأول" ومنهم من تنكّر فى زى "فلاح" ومنهم من بلغ به "الجوع" حدّ التسول فى الطرقات، وفى مرحلة لاحقة استعاد "المماليك" مجدهم الضائع، وأصبح منصب "شيخ البلد" الذى يتولاه أمير مملوك، أهم من منصب "الوالى" الذى يعينه "السلطان العثمانى" وسيطروا على "الإدارة المحلية" فى الأقاليم، وجاءت "حملة نابليون" وهرب "إبراهيم بك" إلى الشام، وهرب "مراد بك" إلى الصعيد، وحارب قوات "الفرنسيس" ثم تصالح معهم، ووقعت ثورة الشعب المصرى فى 1805، وأصرت قيادة الثورة على طرد "خورشيد باشا" الوالى المعى من قِبل السلطان العثمانى، واختيار "محمد على" ليكون "الوالى" على البلاد، وتنكّرـ محمد على ـ للقيادة الشعبية "نفى عمر مكرم إلى دمياط" وألغى نظام الالتزام القديم الذى كان يمنح المماليك حق امتلاك الأراضى، وأصبح هو المحتكر الوحيد، للأرض وأصبح هو التاجر الوحيد المهيمن على صنوف المنتجات، وفى العام 1811 دبّر "مذبحة القلعة" وفيها قُتل مئات من المماليك، وكانوا هم "القوة المسلحة المنظمة" الوحيدة، القادرة على خوض حرب ضده، وبقى منهم القليل، استعان بهم "سليمان الفرنساوى" فى "الجيش المصرى" وتمكن "المماليك" من جديد، وأصبحوا قوة تتحكم فى الجيش، وتنازع المصريين حقوقهم، وتفرض سطوتها، حتى جاء "الخديو سعيد" فأعطى المصريين حقوقا، ومنحهم حق الترقى إلى رتب الضباط، ولم يرق النظام الذى استجد، للشركس وبقايا المماليك، ثم كان الصراع المشهور بين "العرابيين" و"المماليك" يقودهم "عثمان رفقى الشركسى" وزير الحربية، مدعوما من "الخديو توفيق"، وهزمت الثورة العرابية، وبقى "الشركس والألبان والأتراك والأكراد" فى دولاب الدولة والجهاز الحكومى، وامتلكوا الأطيان وصار لهم لقب اجتماعى هو "الذوات" فكان الناس منقسمين بين "ابن ذوات" و"ابن عرب" والأول أغنى، والثانى أقل مكانة، وهذا الانقسام ظهر فى السنوات التى الأولى التى أعقبت سقوط "مصر" فى قبضة "جيش الاحتلال البريطانى" وفى ثورة 1919، ظهر من بين جموع الفلاحين وكل من يسمون "أولاد عرب"، قادة أقباط وآخرون مسلمون، وبرز من بينهم: سعد زغلول، على شعراوى، حمد الباسل، لطفى السيد، ويصا واصف، سينوت حنـــا، مكــرم عبيد، عبد الخالق ثروت، ولكن "عدلى يكن" برز فى صورة "الزعيم التركى" الذى يمثل الجناح "الأرستقراطى" فى المجتمع المصرى، وعلى النقيض منه برز "الزعيم الفلاح" الذى من بين إخوته من يسمى "شلبى" و"فرحانة " و"ستهم" ـ حسب ما ذكره أحمد بهاء الدين ونقله عنه صلاح عيسى رحمهما الله ـ  وتحول النضال الوطنى من نضال ضد "الحماية البريطانية" إلى نضال من أجل "وضع دستور يمنح الأرستقراطية "حصة" فى الحكم، وانقسمت الأمة المصرية، إلى فريق الثورة، وفريق التفاوض، فريق الثورة يتزعمه "سعد زغلول " وفريق "التفاوض" يقوده "عدلى يكن" حفيد "ابن أخت محمد على الكبير"، ومن المهم هنا القول، إن "أعيان مصر" فكروا فى "الاستقلال" وفكروا فى مخاطبة "قوة الاحتلال" فى 13نوفمبر1918، وهو اليوم الذى تحول إلى عيد قومى يسمى "عيد الجهاد" وذهب فريق منهم إلى المندوب السامى البريطانى، وطلبوا منه منح مصر الاستقلال، فاندهش من مطلبهم لأنهم لايمثلون سوى أنفسهم، ولأنهم "رجال قانون" ابتكروا صيغة "التوكيل" وفيه نص على منح "الوفد المصرى" التوكيل القانونى للمطالبة والسعى بالطرق السلمية لتحقيق "الاستقلال" ولكن آثار الحرب العالمية الأولى، على الطبقات الشعبية، فجّرت الموقف، وتحول النضال "السلمى" إلى نضال ثورى، سقط فى ميادينه آلاف الشهداء، وهنا ظهر "عدلى يكن" على رأس فريق "الوساطة" بين "الثوار" و"لجنة ملنر" التى تشكلت فى مجلس العموم البريطانى، وجاءت إلى مصر، بهدف تقديم تقرير عن أسباب الثورة الشعبية التى لم تكن فى الحسبان، ولم يستطع رجال بريطانيا العظمى المقيمون فى القاهرة التنبؤ بها والتعامل معها بطريقة تفضى إلى إجهاضها، كما جرى مع "الثورة العرابية" فى العام 1881وجرت الحوادث، حتى تشكل "وفد" من الثوار والمعتدلين، وسافرإلى "باريس"، بهدف عرض القضية المصرية على مؤتمر الصلح الذى أعقب نهاية الحرب العالمية الأولى، وحاولت "لجنة ملنر" التواصل مع الساسة المصريين، وتواصل معها "عدلى يكن" ـ بالتنسيق مع فريق الثواردعاة الاستقلال وزعيمهم سعد زغلول.

 عدلى المُعتدِل

لم يكن "عدلى يكن" طارئا على المشهد السياسى المصرى فى أوائل القرن العشرين، لكنه كان "زعيم الأرستقراطية" وهو يعلم أنه "زعيم" وكانت طبقة أعيان الفلاحين قد دفعت بالمنافس القوى، الذى هو أيضا "زعيم" فيه خصائص القائد، وهنا نقرأ ما كتبه "أحمد بهاء الدين" فى كتابه "أيام لها تاريخ" وفيه فصل مخصص للمعركة التى كانت تشغل المصريين، وحمل الفصل عنوانا دالّا هو "الأمة بين سعد وعدلى"، وصاغه بطريقة "المقارنة" بين الرجلين، ومنه نقتطع هذا المقطع:

كل منهما جاء من نبع، وسار فى وادٍ، كل منهما كان يمثل تيارا معينا، فاتفاقهما تحالف بين التيارين، وخلافهما صراع بين القوتين، يُكتَب فيه النصر لتيار والهزيمة لآخر.. ومن النصر والهزيمة، يُولد التطوّر.. "عدلى" سليل الأسرة التركية العريقة، وربيب الطبقة الحاكمة فعلا، وابن "الذوات" الذى وُلِد ليجد كل شىء مهيئا لاستقباله: التعليم الرفيع، الآفاق الأوربية الحديثة، الصداقات الكبيرة التى تمهد سبل الوصول السريع، فإن حدث وذهب إلى الريف، فهو يذهب إلى أملاكه، لا إلى بلدته، و"سعد" الفلاح ابن الفلاحين، الذى نجد من بين إخوته من يحملون أسماء شلبى وستهم وفرحانة، وإن كان من طبقة متوسطة ميسورة الحال.. "عدلى" الرقيق الأنيق المرهف.. عيونه الحالمة وشاربه المحفف، وطربوشه المائل فى كبرياء..عليه سيماء رجل مُترف، فى غِنى عن المطالبة بأى شىء، لأن كل شىء لديه فعلا.. و"سعد" الخشن العنيف.. عيونه المقتحمة وشاربه المنفوش وطربوشه الذى يلبسه مُلقى إلى الوراء، كما تُلبَس "اللبدة" أو الطاقية.. تصرخ هيئته بأنه جاهد واقتحم وطالَب بعناد.. نعم.. لم يكن "عدلى" فى حاجة إلى المطالبة بشىء، فهو ابن الطبقة الحاكمة، وُلِد ليحكم، يمارس الحكم كالهاوى وليس كالمحترف، تستهويه من اللعبة رغبة الإتقان لا الكسب.

أما "سعد" فعلى العكس تماما، كان عليه أن يقطع طريقا عنيفا حتى يصبح ندّا لعدلى، فهو يقضى طفولته لاعبا مع أولاد الفلاحين، ويذهب فى صباه إلى الكُتّاب، حيث يجلس على الحصير ويحفظ القرآن، ويمد يده ليضربه العريف بالعصا، وإذا تفوّق أرسله أبوه إلى الأزهر فى القاهرة، يلبس العمة والكاكولة، ويسكن فى ربع عتيق مع الآخرين.. يتسكع فى الحوارى ويعيش أياما على الطعمية والفول النابت، وهو لا يجلس إلى أساتذة مطربشين، بل يتربع عند عامود فى الأزهر يستمع.. ويتسلل فى الليل إلى صحن الجامع ليعلق على أعمدته المنشورات، ويخرج من المسجد، ليضع قدميه فى مركوبه ويسير إلى "قهوة متاتيا" عند حديقة "الأزبكية" يستمع إلى جمال الدين الأفغانى وهو يقرقر بشيشته، ويوزع السعوط بيمناه والثورة بيسراه.. تلميذ يتعلم الثورة من الثائرين .

وكما قال الشاعرالعربى "وبضدها تتميز الأشياء" ونزيد على قول الشاعر فنقول "يعرف الرجال بالحق، ولايعرف الحق بالرجال" فالحق واضح، والرجل هو من ينحاز للحق، والحق فى نظر "الألبان والشركس والأتراك" هو حقهم فى السلطة، وحقهم فى الثروة، و"عدلى يكن" كان يدافع عن "حق" الطبقة التركية الأرستقراطية، فى مشاركة "الإنجليز" و"الخديو" أو "السلطان" فى حكم البلاد، وحقها فى الثروة التى ينتجها "الفلاحون"، والفلاحون صدّقوا "سعد زغلول" وقالوا للجنة "ملنر":

اسأل سعد باشا..

وهذه القولة، سياسة خالصة، فالوفد الذى يرأسه "سعد باشا" كان فى "باريس" ولجنة "ملنر" جاءت من "لندن" تبحث عن "معتدلين "تخاطبهم، وتمنحهم بعض التنازلات التى تطفئ نار الثورة، وكان قصد اللجنة، سحب "التوكيل" من "سعد زغلول" والثوار، دعاة الاستقلال، ويتذكر الناس ما جرى فى "الجمعية التشريعية"، وهى هيئة استحدثها الاحتلال البريطانى، بعد الجريمة الكبرى التى ارتكبها فى "دنشواى" فى العام  1906 وحدث أن فاز "سعد زغلول" بعضوية هذه الجمعية، وعينت الحكومة "عدلى يكن" فى الجمعية ذاتها، فى منصب الوكيل، وانتخب الأعضاء "سعد زغلول" لمنصب الوكيل، ليكون هناك وكيل منتخب، ووكيل مُعيّن، وطُرح سؤال: من يتولى رئاسة جلسة الجمعية لوغاب الرئيس؟ وكان الجواب الاستبدادى الحكومى، هو "الوكيل المعيّن بالطبع"، لكن "سعد زغلول" كان له رأى آخر وهنا نقرأ ما كتبه أحمد بهاء الدين عن تلك الواقعة فى كتابه "أيام لها تاريخ" وتحت نفس العنوان "الأمة بين سعد وعدلى":

وتجىء أول معركة، توعز الحكومة إلى أحد الأعضاء أن يسألها: إذا حدث وتغيّب رئيس الجمعية التشريعية، فمن الذى يرأس الجلسة؟.. الوكيل المعين؟ أم الوكيل المنتخب؟ وترد الحكومة بالإجابة المحضرة من قبل: الوكيل المعين..

ويهب "سعد".. إنه هنا يمثل إرادة الشعب وعقيدته، إن إرادة الشعب يجب أن تكون لها السيادة على إرادة الحكومة.

 حزب الأحرار

أثمرت خطوات "الاحتلال البريطانى" و"الطبقة الأرستقراطية" عن خطة، تقوم على منح مصر "الاستقلال" ومنعه فى آنٍ، وهى الخطة التى أطلق عليها اسم "تصريح 28 فبراير 1922" الذى صدر عن بريطانيا، فى عهد حكومة "الثقة" المكونة من "المعتدلين" أو الفريق  الذى يعادى طريق الثورة، وتكونت بموجب هذا "التصريح" لجنة الدستور، وفيها تمثيل للطوائف الموجودة فى المجتمع المصرى، ويغلب عليها "رجال عدلى يكن" وهذه اللجنة بعد أن انتهت من صوغ الدستور، قررت أن تكون حزبا سياسيا يكافح من أجل الحكم، باسم "أصحاب المصلحة الحقيقية" ـ ومقصود بهم كبار ملّاك الأراضى ـ الذين تعلموا العداء لفكرة "الثورة" من الشيخ الجليل "الإمام محمد عبده" والمهندس "على مبارك" والكاتب والسياسى الكبير "أحمد لطفى السيد" زعيم "حزب الأمة" الذى ظهر فى العام 1907، وكان "الرحم" الذى تربى فيه "حزب الأحرار الدستوريون" ومبدأهم هو "التدرج فى الإصلاح" والدفاع عن "الدستور" وقصة تأسيس هذا الحزب الذى ضم عائلات كبرى تملك آلاف الأفدنة مثل "آل محمود سليمان، آل عبدالرازق وغيرهم" ذكرها الدكتور "محمد حسين هيكل" ـ القيادى فى الحزب ورئيس تحرير جريدة "السياسة" الناطقة بلسان حاله ـ فى مذكراته التى حملت عنوان "مذكرات فى السياسة المصرية" بقوله:

دعيت لحضور اجتماعات المؤسسين ومناقشاتهم وكانوا يجتمعون بمنزل "عدلى باشا" برمـــــل الإسكندرية، واجتمعنا عدة مرات، تحدثنا فيها عن الحزب وانتهينا إلى تسميته "حزب الأحرار الدستوريين"، وعن اسم الجريدة التى تنطق بلسان الحزب، وانتهينا إلى أن يكون اسمها "السياسة" وعن الأشخاص الذين ينضمون إلى الحزب ومن بينهم "مدحت باشا يكن، ومحمد باشا محمود، ودسوقى بك أباظة، وأحمد بك عبدالغفار"، وأمثالهم من مديريات مختلفة، عرفوا بنشاطهم فى مديرياتهم وتأييدهم "عدلى باشا".

ويقول ـ دكتور محمد حسين هيكل ـ إن "أحمد لطفى السيد" هو كاتب خطاب إشهار "حزب الأحرار الدستوريين" الذى ألقاه "عدلى يكن" ـ أول رئيس للحزب ـ وكان يرى ضرورة انضمام عبدالخالق ثروت باشا، وإسماعيل صدقى باشا للحزب ويعلق دكتور هيكل على خطاب الإشهار:

الواقع أن الخطاب كان قطعة بارعة من الأدب السياسى فى اعتداله، وتصويره المبادئ التى يزمع الحزب تحقيقها وفى مقدمتها استكمال استقلال مصر، بعد الخطوة التى خطوناها بتصريح 28 فبراير 1922، وصدور الدستور.

ويذكر ـ عبدالرحمن فهمى ـ أحد قادة ثورة 1919 "جناح سعد زغلول الثورى" فى الجزء الخامس من مذكراته تفاصيل يوم إشهار حزب الأحرار الدستوريين:

ـ منذ الساعة الثامنة والنصف من صباح "30 أكتوبر 1922" توافد المدعوون إلى "فندق شِبرد" لسماع خطاب "عدلى باشا" الذى سيعلن فيه الحزب الجديد، وبلغ عدد الحضور نحو ثلاثمائة، فى طليعتهم "الشيخ محمد بخيت" مفتى مصر، ومدحت يكن، وحشمت باشا، وارتقى "عدلى باشا" وألقى خطابه معلنا تأليف حزب الأحرار الدستوريين.

 فى مرآة البِشرى

عبد العزيز البِشرى، كتب تحت عنوان "فى المرآة" مقالات من فن "البورتريه" فى "السياسة" التى كانت ناطقة بلسان حال "الأحرار الدستوريين" وكتب عن "عدلى يكن" بورتريه، نجتزئ منه هذا المجتزأ:

أسمر اللون فى شحوب، إلا أن ما يخالط سُمرته من صُفرة، حلو مستعذب، يمتاز بقليل من الطول، وكثير من العرض، فهو بعيد ما بين الكتفين، حتى لتعرفه موليا، كما تعرفه مقبلا، مستوى معارف الوجه، حديد البصر، إذا قدّر لك أن يحدِّق فيك، شعرت أن نظره لايستقر على سطحك، بل إنه يتغلغل فى أطوائك، ويصل من نفسك إلى ما تضن به على الابتذال، وادعٌ ساكنٌ، تتجلجل الدنيا من حوله وهو ثابت، ثبات الهرم الأكبر، ولقد تجلس إليه تحدّثه فى شئون الدنيا، فتطالعه بأجلِّ أحداثها، فلا ينقبض، ولا يختلج، إلا أنه يستلقى على كرسيّه ثم يدسّ يسراه فى جيبه، ويدير بيمناه رُزمة من المفاتيح، وتحسب أن ذهنه ليس عندك، إذ هو عندك لايفوته من حديثك قليلٌ ولاكثير.

وفى مساء الأحد "22 أكتوبر 1933"، كانت مصرالسياسية حزينة على "عدلى يكن" الذى مات فى باريس، وكتب "توفيق حبيب" عنه:

الحزن يشمل الأندية العامة التى اتصل بها نعى "عدلى يكن باشا" قبل أن تذيعه الصحف، لفظ "عدلى يكن" أنفاسه الأخيرة فى مدينة النور التى عرفها صغيرا، وأحبها كبيرا، بعد أن تلقى وهو حدثٌ كتب "راسين" و"كورنى" فى مدرسة "مارسيل"، معهد أبناء "الذوات" فى القاهرة، كما تعلم التركية فى بيت والده بمصر و"استانبول" وأُغرم بالأدب الفرنسى وهو كاتب صغير فى نظارة الداخلية، فسهر الليالى فى الدرس ولم ينقطع ليلة عن المطالعة وقراءة المطوّلات فى علوم السياسة والإدارة والقانون وتعلُّم اللغة الإنجليزية.

وفى النهاية نقول إن "عدلى يكن" الألبانى، التركى" من مواليد 1864 وتولى منصب الوزير، ورئيس الوزراء، وشغل مناصب عديدة منها منصب مدير المنوفية والمنيا، وهو أول رئيس لحزب الأحرار الدستوريين، وكان وكيل الجمعية التشريعية، ولما كان وزيرا للمعارف جعل اللغة العربية لغة أولى فى المرحلة الابتدائية والثانوية، وأقام أول مدرسة لرياض الأطفال فى العام 1918، وتولى رئاسة الوزارة مرتين، وتولى منصب رئيس مجلس الشيوخ فى العام 1930م.

Katen Doe

خالد إسماعيل

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

المزيد من ثقافة

How Breakers Prevent Major Electrical Failures

How Breakers Prevent Major Electrical Failures

قصة مصورة - تحت الجردل

على سطح العربة، قرفص "الفواعلى"، منتظراً على نار قطع المسافة الشاسعة التي تفصله عن منطقة العمل.

حسن فؤاد.. الراعى الرسمى للمبدعين.. وجواهرجى الموهوبين

الفنان الذى حوَّل سجن الواحات إلى لوحات اكتشف واحتضن المئات من نجوم الرسم والصحافة وترك بصمته على الجميع رسوماته لشخصيات...

مى حمدى منصور تتحدث عن «عمها» شاعر النصر وصاحب «حدوتة مصرية»

عبد الرحيم منصور رفض طلب السادات بأن يكتب قصيدة هجاء فى الأبنودى والدته هى سر عبقريته.. وماتت بعد رحيله ب...