كيوبيد.. هذا الاسم الذى ارتبط لدى الشعوب عبر التاريخ بالحب والغرام وجسدته الأشعار والأغانى
والاستعراضات صبياً بجناحين وعينين معصوبتين يحمل جعبة السهام، سهام الحب التى يصوبها ناحية القلوب؛ هو إله الحب عند الرومان ويعنى اسمه الرغبة وهو رسول الغرام، ابن أفروديت أو فينوس أنجبته من إله الحرب مارس / ميركورى وجسدته الأساطير ونقلته اللوحات الفنية والتماثيل، وكان لسهامه تأثير سحرى على الشخص، إذ إنها بمجرد أن تُصيب قلب أحد ما سيقع من فوره فى حب قوى لا خلاص منه، ففى تراث السينما المصرية كان كيوبيد حاضراً فى الأغانى والاستعراضات التى تباينت بين الرومانسية فى أفلام الأبيض والأسود وصولاً إلى السخرية فى الاستعراض الغنائى الذى قدمه ثلاثى أضواء المسرح «سمير وجورج والضيف أحمد» تحت عنوان «كيوبيد للبيع».
من خلال مسرحية «خطة كيوبيد» من إنتاج المسرح الحديث يواصل هذا الجيل معالجة هذا الرمز من خلال فكرة أقرب إلى الفنتازيا تخيل المؤلف أن هذا الإله / الأسطورة اعتزل المهنة، تقاعد وتزوج فى اليونان وأنجب فتاة سوف تحب بدورها وترغب فى الزواج وسوف يمارس كيوبيد مهامه أو قُل يعود لوظيفته القديمة، فقد اعتزل بعد أن أصاب سهمه بالخطأ قلب فيل إلى آخر الفكرة الساخرة، التى تبرر اعتزاله المهنة!
إذن كيوبيد تزوج ويعيش فى منزل أنيق وبسيط مع زوجة مستبدة وساخرة ويقوم بدور مذيع يقدم برنامجاً إذاعياً حول مشكلات الحب والزواج للشباب! فى بيت كيوبيد تدور الأحداث مع زوجته وابنته وابن أخيه، فضاء وسيع وقطع ديكور صغيرة لا تتغير، ذات ألوان مبهجة أبيض وسماوى أقرب إلى السحب والغيوم. كيوبيد المعتزل يسرد على الجمهور حكايته بعد أن يقدم نفسه، وكيف اعتزل المهنة، مهنة حامل القوس والسهام وإصابة قلوب البشر بداء الحب، وذلك بعد أن عاش مثل البشر مع زوجة مستبدة ولا تخلو شخصيتها من الطابع الساخر، وفى اعتزاله هذا قرر أن يقوم بدور مذيع يقدم برنامجاً حول مشكلات الحب والزواج للشباب، بعد أن ارتدى ملابس معاصرة وخلع الجناحين وألقى بالقوس واكتفى بجناح مطبوع على سترته، وقد نال منه الزمن وتهدج صوته، ثقلت خطواته وهو يراقب الابنة وخطيبها حيث رسمهما المؤلف من خلال كل الصفات المعاصرة لشابين، فالخطيب يعمل فى شركة «كول سنتر» يعانى ويتألم من ضغط العمل وقوانين عصر الاستهلاك، تضطرب العلاقة بين الخطيبين فيضع كيوبيد خطة لإنقاذ الحب ليس بالسهام والقوس والطريقة التقليدية ولكن بطريقة معاصرة لا تخلو من عناصر التمثيل والدراما، ويحاول العرض معالجة قضايا الانفصال والطلاق والخلل الذى يصيب العلاقات الزوجية ومن قبل علاقات الحب، حيث يلجأ كيوبيد إلى مجموعة من الاختبارات فى صورة مشاهد تمثيلية متفق عليها بين الخطيبين، مشاهد سوف تقوم بدور سهام الحب فى الأساطير القديمة، من خلال مشاهد سوف تتكرر فى صور مختلفة وبسبب هذه المشاهد سوف تشتعل نار الحب وتنجح الخطة، لتدور الأحداث فى بيت كيوبيد مع زوجته وابنته وابن أخيه، محاولة لتقديم صورة معاصرة لكيوبيد الذى خلع عنه العرض عناصر الأسطورة والفنتازيا وقدمه من خلال ملامح معاصرة، فبدلاً من أن يجمع بسهم الحب بين غزالين، جمع بالخطأ بين غزالة وفيل ومن هذا الموقف/ الافتراض الذى تخيله المؤلف ينطلق العرض ليقدم محاكاة ساخرة لهذه الأسطورة، هى معالجة عصرية فى سياق كوميدى من خلال مجموعة من اللوحات ذات الطابع المضحك، فبعد أن يتعرف المشاهد على كيوبيد وكيف عاد إلى المهنة بعد الاعتزال، يشاهد شخصيات العرض أو أبطال الحكاية، هيلاس وسيلينا فى حوار طويل تبدأ معه الثرثرة وترهل الحبكة بين الخطيب والخطيبة وأيضاً الأداء المبالغ فيه من الجميع الذى جاء أقرب إلى أسلوب الجروتسك، الأم والابنة وابن الأخ، بالإضافة إلى الصوت المستعار الذى قرر أن يؤدى من خلاله «كيوبيد» أو الفنان عبدالمنعم رياض، فلماذا لم يؤدِّ بصوته الطبيعى، لماذا قرر أن يؤدى بأسلوب مبالغ فيه ويخاطب الناس بصوت مستعار؟
وبعد أن يستمع المشاهد إلى الحوار ويشاهد الشخصيات فى هذه المعالجة المعاصرة سوف يتوقف عند زمان ومكان الحدث، فمن المفترض أن المكان هو بلاد الإغريق موطن كيوبيد أو موطن الأسطورة، وسوف تتردد جغرافية هذه البلاد فى الحوار الذى من المفترض أنه يحدث الآن، مع أسماء آلهة الإغريق، فالزمان هو زمن الأسطورة فى ثوبها الجديد فى هذا العصر، فثمة مفارقة بين فضاء الأسطورة وزمانها، وبين الزمن الحاضر أو زمن الحدث أقرب لمن يرتدى ملابس تاريخية فى زماننا، فالمعالجة اقتصرت على الفكرة أى الاعتزال وأبقت على كل مفردات الأسطورة، فشعر المشاهد بأن ثمة تناقضاً بين الحوار والأفعال، فبدا فى لحظات عديدة أننا أمام شخصية ترتدى ملابس تاريخية تمت حياكتها قبل الميلاد تخطو بها فى شوارع القاهرة فى القرن الحادى والعشرين!
وحتى يستمر العرض أو يكون هناك حدث تعتمد عليه الحبكة الرئيسية، تتوتر العلاقة بين الخطيبين يقرر كيوبيد الأب تمثيل الحياة، تمثيل الواقع أو عمل بروفة على الحياة الزوجية، وهذا هو الحل أو العلاج الأمثل للمشكلة، ليقوم مع زوجته بدور المخرج وعلى هيلاس وسيلينا أداء دور الزوجين، وتفاصيل هذه الحياة، بعد أن يمنح كل منهما كراسة لتدوين ملاحظاته حول شخصية الآخر، وبعد هذا القرار وفجأة يقتحم العرض مشهد لا مبرر له وهو يجسد أوهام سيلينا ومخاوفها التى تتجسد فى هذا المشهد يحكى عن صديقة سيلينا وعلاقة الحب التى نقرأ من خلالها تسلط الرجل، الخطيب الذى انقلب على أفكاره، وكأنها موعظة يستعرض المشهد الأقرب إلى أسلوب الفارص مجموعة من الفتيات لعرضهن على الخطيب من الصديق الذى ظهرة فجأة، وفى مشهد تالٍ مكالمة من ابن الأخ للمذيع كيوبيد أيضاً حول مخاوف الزواج لنشاهد مخاوف الحبيبين، ربما هى محاولة لتقديم مبرر درامى لبروفة الحياة الزوجية التى سوف تحتل نصف زمن الحكاية، لنبدأ بعد ذلك حل العقدة عن طريق تمثيل بعض تفاصيل أو مشاهد من الحياة الزوجية، ومعها تبدأ الثرثرة الدرامية من إخراج كيوبيد والزوجة، وسوف يتم إعادة المشهد الرئيسى فى الحياة الزوجية مرات عديدة، حيث الزوجة فى البيت تنتظر الزوج العائد من العمل، يعاد المشهد حتى يصاب كلاهما بالإحباط والملل ويخفت الحماس ويتراجع الأداء... ولا نكتفى بهذا بل يستعين العرض بمشهد أقرب إلى «الحشو» فى عروض الفارص والبحث عن أسباب للضحك، حيث يستعين العرض بحكم ألمانى؛ سيدة تقيم أداء الزوجين فى رعاية الطفل وبالتحديد مساعدته فى التخلص وإزالة الفضلات فى مشهد طويل وممل! من خلال محاكاة الزوج والزوجة لعملية العناية بالطفل فى هذه الحالة، وبعد أن يتم إنهاك الزوجين فى هذه التفاصيل، يوافق الأب كيوبيد على الزواج بعد أن يتردد الخطيب والخطيبة... وفى النهاية نستمع إلى المقولة الرئيسية للعرض، الجواز مسئولية مش لعبة؟
العرض الذى كتبه عبدالله الشاعر، بطولة عبدالمنعم رياض، كريم الحسينى، نوال سمير، أمنية حسن، ديكور أحمد أمين، أزياء رباب البرنس، إضاءة أبوبكر الشريف، عزف تامر عبدالمجيد، إعداد موسيقى محمد عبدالله، ومن إخراج أحمد فؤاد، قدم مجموعة من المشاهد المضحكة فى بعض الأحيان من خلال معالجة معاصرة لشخصية كيوبيد وضعت فى الحسبان نقطتين؛ الأولى الضحك والثانية العمل على ترسيخ المقولة التى جاءت فى نهاية العرض «الجواز مسئولية مش لعبة» وقد نجح العرض فى تحقيق هذا الهدف بامتياز، ولكن يبقى السؤال حتى لو أن هذا النوع من العروض يستهدف شريحة محددة، الشريحة التى تعانى من مشكلات الزوجية، ولو أن هذا النوع يستهدف رسالة محددة، هذا لا ينفى الاهتمام بجماليات المسرح التى يتحقق من خلالها هذا الفن، فالعرض قدم خطاباً مباشراً من خلال مشاهد مضحكة، تفاعل معها الجمهور، لكنها تخلو من الأسئلة، وظنى أن المشاهد سيقضى وقتاً طيباً لكن دون أن يُحدث العرض تأثيراً فى هذا المشاهد، وربما يكون هذا الهدف أى قضاء وقتاً ممتعاً!
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
يُعرض الفيلمين القصيرين حمزة أطارد شبحًا يطاردني للمخرج ورد كيّال والقنبلة من إخراج ديما حمدان،
انضمت الفنانة ميرهان حسين إلى فريق عمل مسلسل «حق عرب»، والمقرر أن يُعرض فى السباق الرمضانى المقبل 2024.
يستعد الفنان تامر حسنى للعمل على مشروع سينمائى جديد، خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد الإستقرار على كل التفاصيل.
يواصل الفنان خالد النبوى عمل التحضيرات النهائية لمسلسله الجديد «إمبراطورية ميم»، والمقرر أن يخوض من خلاله السباق الرمضانى المقبل 2024.