قبل الحديث عن "أسامة أنور عكاشة" نتحدث عن مجلة "فنون"، فهى مجلة تصدرها الهيئة العامة للكتاب، متخصصة فى تقديم الفنون البصرية،
ومنها بالطبع الدراما التليفزيونية، وأسرة التحرير على رأسها الكاتب الروائى والناقد حاتم حافظ، ومعه مدير التحرير الصديق الكاتب الصحفى مصطفى طاهر، وفريق من الصحفيين والكتاب المتميزين، ومن حسن الحظ أننى عرفت "حاتم حافظ" مبدعا وناقدا، من مقالاته وإبداعاته المنشورة على صفحات "القاهرة" و"أخبار الأدب"، أما "مصطفى طاهر" فعرفته منذ فترة طويلة، عمل معنا فى "الدستور" أثناء دراسته بكلية الإعلام، وكان من الشبان الموهوبين المساهمين فى تحرير صفحتى الفن، مع الزميلة "دعاء سلطان" التى كانت مشرفة على قسم الفن فى تلك الفترة، وظهرالعدد المخصص للمبدع الكبير "أسامة أنور عكاشة" ليثبت أن فريق المجلة يعرف معنى الدراما ومعنى التاريخ ومعنى الصحافة الفنية المتوجهة لجميع الشرائح الثقافية والاجتماعية، وفيه مقالات بأقلام متخصصين فى النقد، وأخرى بأقلام كتاب سيناريو، ومقالات أخرى عن الجانب الاجتماعى فى حياة الكاتب الكبير، مثل ما كتبته "نسرين أسامة أنور عكاشة"، وما كتبته "ميرفت الجسرى" أرملة الشاعر الكبير الراحل "سيد حجاب"، وفى هاتين المقالتين تحليل وتفسير لشخصية "أسامة أنور عكاشة" الأب الفنان، والصديق الذى جمعته الصداقة العميقة مع "سيد حجاب" ـ أسطى المقدمات الشعرية "التترات"ـ واسمه مرتبط بالأعمال الكبرى التى قربت "عكاشة" من المشاهد العربى من المحيط إلى الخليج، ومن الجميل فى العدد ما كتبه "رئيس التحرير" حاتم حافظ تحت عنوان "قبل رفع الراية البيضا"، وما كتبه زين العابدين خيرى ـ الكاتب الصحفى ورئيس تحرير جريدة القاهرة ـ عن "سينما أسامة أنور عكاشة" وهى زاوية لم يتوقف أمامها أحد، وفى مقالته تحليل للأفلام قليلة العدد، التى من أشهرها "كتيبة الإعدام" الذى أخرجه "عاطف الطيب" ويرى ـ خيرى ـ أن "السوق التجارية" السينمائية جعلت نصيب ـ عكاشة ـ من الأفلام قليلا، لأنها تبحث عن الربح، وهو كان يبحث عن القيمة والرسالة، فكانت الدراما التليفزيونية هى الحل، وبالفعل قدم الراحل الكبير رسالته من خلال المسلسلات وانتصرعلى سينما الأرباح، واحتوى العدد مقالة للكاتبة "إيمان عثمان" ومقالة للكاتب "أسامة أنور عكاشة" لم يسبق نشرها، بعنوان"الخد الأيسر"، وصورا للمقالة بخط يد الكاتب المحتفى به، وحلقة من سيناريو مسلسل "راجعين يا هوى" للسيناريست "محمد سليمان عبد المالك" المأخوذ عن قصة للكاتب صاحب الذكرى، ومقالة للكاتب "إيهاب الملاح" عن الدراما والتاريخ ومنجزـ عكاشة ـ فى ترسيخ هذه العلاقة، وكتب "مصطفى طاهر" ـ مدير التحرير ـ تحت عنوان "العراب"، كتب آخرون مقالات تناولت تجربة الكاتب الراحل مع المسرح والأدب، وعموما يمكن القول إن هذا العدد يقدم سيرة "أسامة أنور عكاشة" كاملة، وواجب علينا أن نتوجه بالتحية والشكر لفريق العمل الصحفى لمجلة "فنون" وكل الكتاب الذين ساهموا فى إنجاز هذا العدد التذكارى عن "نجيب محفوظ الدراما التليفزيونية" المثقف الوطنى الراحل "أسامة أنور عكاشة" رحمه الله.
فى ذكرى رحيله: رغم مرور السنوات تذكّر الناس الشـاعر الفاجومى!
أدهشنى موقف المثقفين والمبدعين، تذكروا أحمد فؤاد نجم، الشاعر الذى خاض معارك كثيرة فى حياته، ضد السلطة الناصرية والساداتية، والمباركية، وقضى من عمره ثمانية عشرعاما فى السجون، منها سنوات بسبب سرقة واختلاس مال عام، وسنوات بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم بالشعر والغناء مع الملحن الشيخ إمام عيسى، وفى السجن وقعت له واقعة غريبة، فقد عثر على أخيه الأكبر الذى كان هاربا من بيت العائلة وكانت أمه تظن أنه مات، وكتب ـ نجم ـ مذكراته بالعامية ونشرت على حلقات فى مجلة "روز اليوسف" وصدرت فى كتاب، وفيها صدق جارح، وجروح صادقة، وجسارة جعلتنى أطلق عليه لقب "أشجع شاعر فى مصر"، فهو لم يكن يخشى شيئا، لأنه جرب كل الأشياء المخيفة، جرب الجوع، وجرب الغربة، وجرب السجن، والزواج والطلاق، والحروب ضد المنافسين، وعمل فى مهن كثيرة وهجرها، وتفرغ لكتابة الأغانى الثورية، وعاش مع الشيخ إمام عيسى سنوات النضال ضد السادات، وعاش فى سورية، وانضم للمقاومة الفلسطينية، وعقد صداقة مع معمر القذافى، وكان صاحب الصرخة الأولى احتجاجا على هزيمة 5 يونيو1967، ورفض عبد الناصر العفو عنه، ورغم كل هذه الرحلة القاسية، كتب الشعر، واستطاع تحقيق الجماهيرية، والانتشار والوصول إلى قلوب الطبقات الشعبية فى مصر والوطن العربى، وكان نجوم الثقافة والكتابة وأصحاب السلطات الثقافية فى العواصم العربية يحبونه ويحترمونه، ومات "أحمد فؤاد نجم" وكان البعض يراهن على موته الشعرى، فلم يمت، وآخرون كانوا نجوما فى الحياة الثقافية، ماتوا بمجرد مواراة أجسادهم التراب، وكأنهم كانوا نجوما بقوة المناصب لا قوة المواهب، و"نجم" أو "أبو النجوم" كان يعرف أنه محبوب، وكان فقيرا، يعشق الفقراء، تحركه الموهبة ومحبة الحياة، ولهذا قضى عمره كله بين الناس، لم ينفصل عنهم، فأحبه كل من عرفه وكل من اقترب منه، كان يحمل كل خصائص "ابن البلد"، حلوها ومرها، وكان ذكيا، وكان واضحا، وحمل لقب "الفاجومى" عن جدارة واستحقاق، لكنه كان صادق القلب، وهذا ما أبقاه حيا رغم مرور سنوات على موته.
مديحة يسرى.. سمراء النيل التى عاشت «99» سنة
الفنانة «مديحة يسرى» ارتبطت فى ذهنى بمشهد من فيلم «حياة أو موت"، كانت تجرى بسرعة لتنقذ زوجها «عماد حمدى» من الموت، لأن «الدواء الذى أرسل ابنته لشرائه فيه سم قاتل"، حسب نص البيان الذى أذاعته إذاعة القاهرة، بأمر من مدير بوليس العاصمة، بعد فقدان الصيدلى الوسيلة التى توصله للمريض المهدد بالموت بسبب خطأ ارتكبه فى تحضير الدواء، وكانت مديحة يسرى فى ذلك الزمان، المرأة المعبرة عن الجمال المصرى الخالص، كانت طويلة القامة، سمراء البشرة، دقيقة التفاصيل، مهذبة النبرات، وكان الزمن زمن الأجانب والجاليات الأوروبية، وكانت «الوطنية المصرية» تسعى لتأكيد وجودها فى كل مجال، وكانت السينما المصرية تسعى بكل قوة لتأكيد الهوية المصرية، وشاءت الأقدار أن تكون «مديحة» هى المرأة المصرية، بكل ما تحتوى الكلمة من معان، وقيل إنها أوقعت «العقاد» فى حبها، وقيل إنه هجرها وهجاها لأنها لم تقدر حبه لها، ولكن ما قدمته على شاشة السينما جعل منها «أيقونة» الأنوثة الوطنية فى مواجهة الشعر الأصفر والعيون الزرقاء، فحملت لقب «سمراء النيل»، وكان اكتشافها الفنى على أيدى المخرج الرائد «محمد كريم» الذى قدمها ضمن فيلم «ممنوع الحب» مع الفنان «محمد عبد الوهاب» فى العام 1940، ومنحها «يوسف وهبى» فرصة النجومية المبكرة بثلاثة أفلام هى «ابن الحداد» و"فنان عظيم» و«أولادى»، وتوالت البطولات وصعد نجمها فى سماء الفن ولمعت فصارت نجمة تباع تذاكر السينما باسمها وصورتها، وتزوجت أربعة رجال، منهم «محمد أمين» وهو مطرب من جيل الرواد، ومن بعده «أحمد سالم» وهو نجم سينمائى وإذاعى وكان من الأثرياء، ومن بعده «محمد فوزى» المطرب والملحن الكبير، وأنجبت منه ولدها «عمرو»، وتوفى فى حادث سير، ثم قضت الشطر الأخيرمن حياتها فى كنف رجل من كبار المتصوفين هو الشيخ «إبراهيم سلامة الراضى» شيخ السجادة الحامدية الشاذلية، وبلغت سنوات عمرها تسعا وتسعين سنة، مارست خلالها الفن وذاقت حلاوة الشهرة، وكان اعتزالها فى العام 2012، وكان آخر أدوارها دور فى مسلسل تليفزيونى حمل عنوان «قلبى يناديك»، وكانت منتجة لأفلام سينمائية، ومساهمة بقوة فى تأسيس شركة الاسطوانات التى كان يملكها زوجها ـ آنذاك ـ الفنان محمد فوزى، وكان لها حضور عربى، ومازالت أفلامها «الأبيض والأسود» شاهدة على جمالها ورقة روحها وبراعتها فى تقديم أدوار المحامية والزوجة والفتاة الارستقراطية والمرأة الصامدة فى وجه الحياة القاسية.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
فى عام 2009 شاهدت تجربة مختلفة لمراد منير مع كاتب كبير من نفس عائلة نجيب سرور وسعدالله ونوس، كاتب من...
على هامش الدورة الـ٢٤ لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، عقدت ندوة تكريم الناقد والمؤرخ الكبير محمود على،
فى كل عمل سينمائي يقدمه المخرج أحمد فوزي صالح تأكد أنك أمام قضية جديدة وجاده في نفس الوقت، فعلى الرغم...
اختتمت مساء الإثنين الماضي، والمجلة ماثلة للطبع، فعاليات الدورة الـ24 من مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة