وسط العتمة ورشقات الصواريخ والحصار الخانق..مازال هناك بصيص أمل وطاقة تحدي تسكن نفوس كثير من السيدات الفلسطينيات الصامدات والمستبشرات بالنصر أو الشهادة .
موقع أخبار مصر تواصل مع عدد من هذه النماذج المعبرة عن قوة وصمود المرأة الفلسطينية ودورها الفاعل في الدفاع عن تراب بلدها رغم كل التحديات والمخاطر المحدقة ورغم المعاناة التي تمر بها منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 دون أن تكل من النضال والكفاح حتى يخرج آخر محتل من أرضها.
صامدات رغم المحن
ومنهن الأستاذة الجامعية الدكتورة رهف محمد حنيدق الباحثة في تاريخ النكبة الفلسطينية، والتي عبرت عن مشاعرها بكلمات تعتصر ألما وروح صامدة متفائلة ، فقالت : أنا أسكن جنوب قطاع غزة، في خان يونس والتي اعتبرها الاحتلال كذبا وزورا منطقة إنسانية وهي ليست كذلك.. الطيران منذ ليالي يحلق بشكل جنوني وعلى مستويات منخفضة جدا .. مما سبب هلعا ورعب شديدين بينما تحذر وزارة الصحة في غزة من انتشار أوبئة مثل الجدري المائي بين النازحين نتيجة شح المياه في مراكز الإيواء.
ولكن الحمد لله ما زلنا أحياء وستنتهي هذه الحرب اللعينة وسأكمل مسيرتي في الكتابة والبحث والعلم والتأليف بإذن الله وحوله وقوته.
أنام ساعة واحدة
وسجلت يومياتها ،قائلة : أنا لا أخفيكم أنني أشعر بالخوف والرعب ولازمني ذلك ثلاثة أسابيع طوال، والآن خف ذلك قليلا ولأول مرة منذ شهر البارحة فقط استطعت النوم ساعة واحدة خلال النهار، أما في الليل فنحن ننام من الإعياء والتعب والتوتر، أو بالأحرى يغمى علينا..كيف أنام؟ اتخيل نفسي في بطن الحوت صاحب سيدنا يونس، أرى نفسي داخل بطنه، ويتملكني ذلك الإحساس الرهيب وأتكور على نفسي كجنين داخل أحشاء أمه، وأبدأ بالتسبيح .. لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين .. ثم أتلو سورة قريش ثلاث مرات ...فإذا فعلت ذلك أنزل الله سكينته فنمت .. ولكن ريثما نستيقظ على صواريخ تسقط أو صواريخ تطلع أو صوت الطيران المنخفض أو صوت سيارات الإسعاف .. نستيقظ مستغفرين ومسبحين ندعو الله أن يسلم من سقطت فوق رؤوسهم الصواريخ أو يلطف بنا وبهم أجمعين.
هيهات .. قادمون من قلب النار
واستطردت :احلامنا ضاعت .. أعمارنا توقفت .. مشاعرنا تبلدت .. شعور رؤوسنا شابت .. قلوبنا شاخت .. عقولنا توقفت عن التفكير والتحليل .. نفوسنا تمزقت .. ومع ذلك .. أقول لنفسي أنت يا رهف عنيدة كهذه الأرض لا شيء يهزمك باذن الله .. كم رأيت من أهوال جسام؟ كم من محن خضتيها وحدك وخرجت منها منتصرة .. ستخرجين من هذه أيضا سالمة غانمة انت وزوجك وأولادك وأهلك ولن تفقدي أحدا باذن الله .. وسيحفظ الله لك كل ما تحبين
هكذا نحدث أنفسنا .. وهكذا ندعو ونأمل منه سبحانه وتعالى .. وما زلت أحافظ على روتين واحد من حياتي السابقة هو الشيء الوحيد الذي استطعت الحفاظ عليه وهو ... شرب فنجان القهوة مع زوجي في الصباح .. انا ماهرة مذ كنت طفلة في عمل القهوة، وكل من شرب قهوتي أحبها، ولا أحبها سادة، بل اضع شيء لا يذكر من السكر (عالريحة)، ولا أشرب القهوة إلا في الصباح .. هذا الشيء الوحيد الذي حافظت عليه خلال هذه الأيام العصيبة .. أمر آخر بدأت بقراءة قصة الحضارة لويل ديورانت ووصلت إلى نصف المجلد الثاني .. وهناك بحث بحاجة إلى إكمال .. انا عاجزة عن إكماله وأرجوه في علاه أن يعطيني ربي عمرا لأكمله، ما أنا الا طالبة تبحث عن الحقيقة في عالم أشبه بالغابة، نعامل فيه على أننا أقل إنسانية من البشر، تآمر وتكالب علينا العالم لقتلنا ولكن هيهات هيهات .. قادمون من تحت الرماد، من بين النار، من عمق الألم، من بين فكي الموت .. لنقول لكل العالم .. لكل العالم .. ها نحن هنا .. ولو بعد حين .
رفض التهجير وتصفية القضية الفلسطينية
وعن دعم مصر، قالت د. رهف حنيدق للموقع : كل ما نريده من مصر أن تبقى ثابتة في موقفها بعدم قبول تهجيرنا إلى سيناء، والضغط بكل ثقلها العربي والإقليمي لإيقاف الحرب بشكل نهائي، وأن يعود لها دورها الإقليمي والفعال .
وفي حال وقف إطلاق النار أن تفتح معبر رفح على مدار الساعة لدخول المساعدات الإنسانية وخاصة الوقود، فنحن منذ أربعة أسابيع بدون كهرباء، والغاز انتهى أو شبه انتهى من المنازل وأن تواصل استقبال حالات المرضى الخطيرة للعلاج .. والضغط لإيجاد حل نهائي لقضيتنا الفلسطينية بإقامة دولة فلسطينية .. كما أننا نريد قوات دولية تحمينا من بطش إسرائيل .. لقد آن لقضيتنا الفلسطينية أن يوجد لها حل دون تصفيتها.
وختمت د رهف حديثها:
من غزة الصامدة .. من غزة المحروقة .. من غزة النازفة .. لكم تحياتي
رسالة من مناضلة بذُرة التاج
أما الدكتورة حكمت المصري صحفية وأكاديمية من غزة، فوصفت نفسها بشهيدة مع وقف التنفيذ بإذن الله تعالى وبعثت رسالة نصها :
"الأصدقاء والصديقات في غزة ذُرة التاج ، ضفتنا الأبية، قدستنا التي تستحق التضحية ، أبناء الوطن في فلسطين والشتات .الأشقاء الأعزاء في كافة أنحاء الوطن العربي ، أبناء العروبة والآباء .. تحية لكم من قلب الحدث .
أبعت اليكم جميعًا برسالتى هذه التي ربما ستكون الاخيرة ..لقد دخلنا المرحلة الثالثة من الحرب ، مضى شهر على الخراب والدمار الذي طال غزة ، شهر ولم يرف جفن للحكومات العربية ذات الجيوش والعتاد ، مجرد شعارات وشجب واستنكار لا يُسمن ولا يُغنى من جوع ، بالنفط العربي تسير أسراب الطائرات الأمريكية الحديثة في سماء غزة لتحصد مزيدًا من الأرواح البريئة كل لحظة ، لم تعط هذه الطائرات للطيور فرصة للتحليق في السماء لقد احتلتها كما احتلت الأرض ، هاجرت أسراب الطيور بعيدًا لتبحث عن الأمان ، لكنها حتمًا ستعود يوما ما،مصائد الطائرات والدبابات والبوارج البحرية تحصد الأطفال والنساء والرجال والشيوخ على مرأى ومسمع من العالم حتى تجاوز عدد الشهداء العشرة آلاف شهيد .
قلبي موجوع يا اخواني والله قلبي موجوع ،أبكي بصمت على الدوام مع كل شهيد يسقط ، تتحجر دموعي عند رؤية الأطفال ينقبض قلبي، تزداد ضرباته دون حول لي ولا قوة لفعل شيء ، انظر للأطفال من حولى فاشيح وجهي سريعًا عنهم واستعيذ بالله من الشيطان الرجيم لو حاولت التفكير بفقدهم ..الدعاء يلازمني في صحوي ونومي و صومي وصلاتي .أردد باستمرار اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي .
أتعلمون؟ أنا لا أخشى الموت مطلقًا فكل أربعة دقائق تستشهد إمرأة في غزة ،هذا ليس قولي وإنما قول وزارة الصحة الفلسطينية، ربما سأكون أنا المرأة التالية ، أخشى من طبيعة الموت أتساءل كل لحظة وأنا أنظر لسقف المنزل الذي أتواجد فيه ربما سأبقى مدة طويلة تحت ركام البيت كما بقي البعض منذ بداية الحرب لو سقط صاروخ علينا ، أنا لا أحب العتمة ولا الأماكن المغلقة.. كيف سأقضي ساعاتي تحت ردم المنزل ، ربما سيُقطع الصاروخ جسدي اربًا اربًا أو يحترق جسمي فلا تبدو لى أي ملامح بينما اصطف أمام طابور الخبز الطويل الطويل كل صباح .
شبح الموت
وعن تعرضها مرارا للموت ،حكت :أتعلمون ؟ لقد نجوت مرة وأنا أقف على بسطة الخضار كنت أمسك كيسًا في يدي التقط الحبة تلو الأخرى من الخيار الذي جئت لاشتريه لأنه مطلب الأطفال ، وقع صاروخ مباغت على مقربة مني، فنجوت بكرم الله ولم تكن المرة الاولى التي نجوت فيها ، لقد نجوت قبلها من صاروخ مشابه وانا أحمل الهواتف المحمولة في يدى كنت ذاهبة لشحنها في مول قريب تعرض للدمار فيما بعد ، حدث قصف شديد جدا بجواري بينما كنت أتحدث عن تطورات الوضع في غزة لأحد القنوات الفضائية الإخبارية بأعجوبة نجوت ، امتلأ وجهي برماد القصف تكسر الزجاج فوق رأسي كانت المرة الأولى التي يُستخدم فيها الحزام الناري.
أتساءل ماذا لو مت وأنا أسير لشراء الطعام في شارع مكتظ باللاجئين الجدد لوحدي في مكان غير مسقط رأسي بالتأكيد سينقلني المسعفون إلى مستشفى قريب ويُكتب على كفني الذي حضر من إحدى الدول العربية شهيدة مجهولة الهوية وربما يُكتب أيضا غير واضحة المعالم بسبب القنابل الحارقة ، خلال ساعة سيُتخد القرار بدفني بشكل جماعي مع أناس لا أعرفهم ، لن أحظى بقبلة أو نظرة وداع من أبي أو أخي أو أختي أو حتي ابنى الوحيد ، لن يعلم زوجي الذي تقطعت بينى وبينه السُبل وما زال يقطن شمال غزة عن وفاتي قبل مضي أسبوع وربما أكثر فلا إتصالات ولا انترنت ، لن يضع أبي يده على رأسي كما يفعل عندما أمرض ، سيصلي علي رجال لا أعرفهم ولا يعرفونني .
أنا لا أبالغ لقد حدث هذا مع العديد من الأقارب والأصدقاء والزملاء الذين استشهدوا وواروا الثرى دون أن يعرف عنهم أحد ، ربما لن يُعرف مكان قبري ولن أفرح لزيارة من أهلي لمن أراد أن يضع باقة الورد الذي أحبه فيما بعد ، أخشى أن يتم إطلاق النار علي بدم بارد وارتمي أيامًا وأسابيع على رصيف شارع كما شاهدنا ما حدث مع من جاءوا إلى الجنوب من شارع الرشيد قبل أيام .
أسئلة تراودني كما تراود كل نساء غزة، فالموت أصبح أقرب إلينا من لمح البصر لقد أصبحنا الهدف الثاني بعد الأطفال ، لذلك نحن جاهزات على مدار الساعة نرتدي كامل الثياب وكأننا في حالة تأهب قصوى تنتظر الراحة الأبدية حتى ننجو من الحياة الفانية إلى دار البقاء .
لا تنسونا إن ذهبنا تحدثوا عنا لمن حولكم قولوا لهم بأننا نساء نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا لكنها فلسطين العصية الأبية عن الانسكار كلنا فداء لها ستكون أجسادنا هي الطريق المعبد بالنصر وصولا للمسجد الأقصى المبارك ، صلوا علينا صلاة الغائب عند تحريره ولا تنسونا من صالح دعائكم .عاشت فلسطين عربية حرة".
رائدة العروبة
وحول دور مصر في دعم القضية، قالت د.حكمت المصري : "يوميا نصحو على إيقاع كلمات التضامن المصرية مع الشعب الفلسطيني في الوقت الذي كانت ومازالت الحكومة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تبذل الجهود المكثفة للوصول الى إتفاق وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وكانت الخطوات العملية جلية باجتماع وزراء الخارجية العرب لجامعة الدول العربية تلاها دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لعقد مؤتمر القاهرة للسلام والدور الرائد الذي تكلل بفتح معبر رفح البري لدخول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية ودخول الجرحى والمصابين للعلاج داخل مستشفيات جمهورية مصر العربية بعد أن تم تجهيزها لاستقبالهم ".
وأكدت أن هذا الدور المستمر يثبت أن مصر رائدة العروبة ،أرض الكنانة، ناصرة الديانة، حاملة التاريخ بأمانة، وراعية الجمال في رزانة.
مناضلات وفدائيات
وتاريخ فلسطين حافل بالمناضلات مثل ليلى خالد التي خطفت طائرة من شركة العال الإسرائيلية وحولت مسارها إلى سوريا، مطالبة بالإفراج عن مجموعة من المعتقلين الفلسطينيين عام 1969 وبعد فترة غير وجيزة، خطفت طائرة من شركة أمريكية وهبطت فى لندن وألقى القبض عليها وظلت أسيرة لدى "سكوتلاند يارد" حتى أفرجوا عنها أثناء اتفاقية لتبادل الأسرى.
الفدائية زكية شموط نفذت العديد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي بلغت ما يقرب من 7 عمليات وتم أسرها أكثر من مرة وفى إحدى المرات كانت حاملا وحكم عليها بالسجن 12 عامًا ،فوضعت ابنتها فى محبسها وكانت أول طفلة تولد فى السجون الإسرائيلية وأسميتها "ناديا"، وفى عام 1983 أطلق سراحها ونفيت خارج البلاد والمناضلة شادية أبو غزالة منذ صغرها كانت ضمن الحركة الوطنية، وانضمت إلى حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير الأرض الفلسطينية وشاركت فى الكثير من العمليات الفدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي وغيرهن كثيرات.
مصر السند للقضية الفلسطينية
وفي السياق ، صرحت آمال الأغا، رئيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية بمصر بأن "إخوتنا في مصر هم السند الظهر للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ونحن نستمد قوتنا منهم، وكما نقول أن يوم 6 أكتوبر هو يوم نصر مصر، فيوم 7 أكتوبر يوم فلسطين، والتصدي للاحتلال الإسرائيلي هذا شيء أساسي في عقيدة الشعب الفلسطيني أن يتصدى لهذه الهجمات".
وأضافت"الأغا": نحن نعتبر ما يحدث نكبة جديدة لكننا سننتصر وسنصبر، ولن نخرج من أرضنا حتى ولو قدموا لنا كل العالم بدلًا من فلسطين، فلن يرضى أي منا بذلك، فقد تربينا أن هذه بلادنا وأرضنا ونحن متمسكون بها ولن نتنازل عنها حتى ولو ضحينا بأرواح الشهداء أولادنا، فهذا ثمن بسيط من أجل الأرض الغالية.
وعن سيناريوهات النزوح عن غزة ، قالت الأغا: "نحن نرى أن المنطقة العربية وما يحدث بها ومن يتركون أرضهم بعد أي أحداث عنف، كيف يذوقون الذل والمهانة، ونحن لن نقبل هذا، والمرأة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة تعاني، فالحرب والعدوان يحدثان في القدس أيضًا لكن الشراسة والعنف يظهران أكثر في غزة، وأؤكد للجميع أن المرأة الفلسطينية تجمع شتات العائلة والأسرة للحفاظ على بقائها حتى في ظل تلك الأحداث من أجل التمسك بالأرض والصمود، والمرأة الفلسطينية ترضى بأقل القليل". وختاما ..تحية للمناضلات الفلسطينيات وأمهات الأبطال والشهيدات في سبيل النصر.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
صورة مشرفة و احتفالية وطنية بطلها المصريون بالخارج رصدتها عدسة الخبراء ووسائل الإعلام خلال الانتخابات الرئاسية للمصريين بالخارج، على مدار...
رسائل مهمة يبعثها منتدى شباب العالم من شرم الشيخ لنشر مباديء السلام والتنمية والإبداع من خلال إطلاق مبادرة جديدة بعنوان...
حالة من الترقب والتفاؤل بالمستقبل تصاحب انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية المصرية في الخارج 2024 على مدار ثلاثة أيام من 1-3...
المشروعات الزراعية.. الزراعة الذكية مناخيا.. التحديات العديدة.. الأمن والأمان الغذائي.. المشروع القومي الكبير.. منطقة الدلتا الجديدة.. كل هذه الموضوعات وغيرها...