صروح أثرية وكنوز تاريخية في "مرمى" الزلزال

صمدت في وجه الإمبراطوريات والحروب على مدار آلاف السنين.. وهزمها الزلزال في دقائق !

صروح أثرية ومواقع تاريخية تعود الى ما قبل الميلاد.. ظلت شاهدة على العصور المتعاقبة.. . لم تستطع النجاة.. وتهاوت في دقائق بقوة الزلزال المدمر الذي بلغت 7.8 على مقياس ريختر . .

الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير وأدى الى مقتل اكثر من 50 الف شخص.. تسبب في إلحاق أضرار كبيرة بالعديد من المباني الأثرية والتاريخية التي تشكل كنزا حضاريا وسياحيا.. والتى يندرج العديد منها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وفد من اليونيسكو يطلع على المواقع الأثرية المتضررة من الزلزال في حلب

بهدف الاطلاع على الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية في المدينة القديمة بحلب من جراء الزلزال، زار وفد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” عدداً من هذه المواقع المسجلة على قائمة التراث العالمي بالمنظمة.

وأوضحت الأمانة السورية للتنمية في منشور لها على الفيس بوك، أنها رافقت الوفد مع مديرية الآثار والمتاحف، انطلاقاً من دورها في حماية الهوية الثقافية، وكونها عضواً محكماً باليونيسكو، مشيرة إلى أن الهدف من الزيارة، تقدير حجم ما أصاب المدينة القديمة من أضرار، تمهيداً لوضع أولويات التدخل العاجل للأماكن المتضررة.

وأشارت الأمانة إلى أن هذه الزيارة هي الأولى لليونيسكو، منذ الحرب الإرهابية على سوريا، لافتة إلى أن الهدف منها أيضا دراسة تمويل بعض المشاريع التي تحتاج إلى تدخل إسعافي عاجل مثل قلعة حلب التي طالت الأضرار العديد من أبنيتها التي تعود إلى الفترة الأيوبية ومنطقة الأسواق القديمة، للمساعدة في عمليات ترميمها لحمايتها من الاندثار وإطالة العمر العمراني لهذه المواقع.

الوفد قام بزيارة متحف حلب الوطني لتقييم وضعه الإنشائي والذي تأثرت جدرانه وأسقفه ومقتنياته من جراء الزلزال..

كما زار الوفد قلعة حلب التي طالتها الأضرار في العديد من أبنيتها التي تعود إلى الفترة الأيوبية ومنطقة الأسواق، كما تشمل جولة الوفد مدينة حلب القديمة للوقوف على الأضرار بأحيائها ولاسيما سورها الغربي وحي العقيبة الذي تعرّض لأضرار جسيمة فضلاً عن حي الجديدة ومنطقة الجلوم.

اليونسكو قلقة إزاء تضرر مواقع تراثية

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أكدت أن موقعين مدرجين على قائمة التراث العالمي في سوريا وتركيا تعرضا لأضرار من جراء الزلزال المدمر محذرة من احتمال أن تكون عدة مواقع أخرى قد تضررت إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم في المنطقة المعروفة باسم "الهلال الخصيب" والتي شهدت ظهور حضارات مختلفة من الحيثيين إلى العثمانيين.

بالإضافة إلى الضرر الذي لحق بمدينة حلب القديمة والقلعة في مدينة ديار بكر بجنوب شرق تركيا، قالت اليونسكو إن ثلاثة مواقع أخرى على الأقل مدرجة على قائمة التراث العالمي قد تكون تعرضت لأضرار، من بينها موقع نمرود داغ (جبل نمرود) الأثري الشهير.

وقالت المديرة العامة للمنظمة أودري أزولاي "ستقدم منظمتنا المساعدة في إطار التفويض المعطى لها".
وجاء في بيان للمنظمة إن اليونسكو أجرت مع شركائها مسحاً أولياً لأضرار الزلزال.

وقالت إنها "قلقة بشكل خاص" بشأن مدينة حلب القديمة، المدرجة في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر منذ 2013 بسبب الحرب في سوريا.

أصدرت «منظمة اليونيسكو للتربية والثقافة والعلوم» التي يقع مقرها في العاصمة الفرنسية، بياناً، أفادت فيه بأنها «أجرت وشركاؤها جرداً أولياً للأضرار التي لحقت بالتراث، ويساور المنظمة القلق بوجه خاص إزاء الوضع في مدينة حلب القديمة بسوريا، المدرجة في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، إذ تكبّدت القلعة أضراراً جسيمة، وانهار البرج الغربي لجدار المدينة القديمة، في حين تشقق وتصدع عدد من المباني في الأسواق».

وعبرت «اليونيسكو» عن أسفها «لانهيار عدد من المباني في موقع التراث العالمي مثل قلعة ديار بكر والمشهد الثقافي لحدائق هيفسل في تركيا، الذي يُعد مركزاً مهماً للعصور الرومانية والساسانية والبيزنطية والإسلامية والعثمانية»، إضافة إلى ما سبق، تتخوف المنظمة الدولية من أن «تطال الأضرار أيضاً عدداً من المواقع الأخرى المدرجة في قائمة التراث العالمي والواقعة بالقرب من مركز الزلزال، ومن بينها (غوبكلي تبه) و(جبل نمرود) و(تل أرسلان تبه)».

حماية التراث الانساني

وتحرص اليونيسكو على حماية التراث الإنساني والطبيعي، كما أن هناك ميثاقا يعرف بميثاق البندقية لترميم وحفظ المعالم والمواقع، وهو مجموعة من المبادئ التوجيهيّة، وضعها مجموعة من المتخصّصين في الحفاظ المعماري بعد انعقاد مؤتمر دولي لهم في مدينة البندقيّة الإيطاليّة عام 1964، وهي توفر إطارا دوليا لحفاظ وترميم المباني التاريخية، وهذا الميثاق ينص على المساعدة في الحفاظ على المعالم الأثرية في كل أنحاء العالم على اعتبار أنها عبارة عن تراث مشترك يجب الحفاظ عليه".

ستة من المواقع التي تضررت جراء الزلزال مدرجة على قائمة اليونيسكو، ومن المقرر أن تحدد المنظمة كافة المواقع المتضررة على الأرض بعد إرسالها مبعوثين للمنطقة.

لكن المنظمة سوف تساعد في عمليات الترميم حتى في المعالم غير المدرجة على قائمتها، إذ أن إحدى أبرز مهام اليونيسكو هي التدخل في أماكن النزاعات أو الكوارث الطبيعية لحماية التراث العالمي.

أبرز المواقع الأثرية المتضررة

لم يتم حتى الآن حصر كافة المواقع الأثرية التي تضررت بفعل الزلزال سواء في تركيا أو في سوريا، لكن الحصيلة الأولية ضمت العديد من المواقع المهمة في كلا البلدين، وبعضها ينتمي لحضارات تعود إلى ما قبل الميلاد.

سوريا:

قلعة حلب .. إحدى أقدم و أكبر قلاع العالم

قلعة حلب أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة مواقع التراث العالمي عام 1986.
مدينة حلب القديمة، المدرجة في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر منذ 2013 بسبب الحرب في سوريا

، وتعد من أهم المواقع الأثرية في العالم

وواحدة من أقدم وأكبر القلاع في المنطقة،اليوم تعتبر القلعة واحدة من المعالم السياحية وموقع للدراسات الأثرية. وكثيراً ما يستخدم المدرج لإقامة الحفلات الموسيقية والفعاليات والأحداث الثقافية.

تعرضت لأضرار بالغة منها سقوط أجزاء من الطاحونة العثمانية، وحدوث تشقق وتصدع وسقوط لأجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية

تضرر مدخل البرج المتقدم، وهو باب القلعة الرئيسي. ولوحظ هبوط في سقف الغمس للقوس الحامل لمدخل القلعة، وتصدع بلاط المدخل، وهبوط في عقد مدخل الباب للبرج، وسقوط عدة حجارة من ساكف جزء معماري مستعرض أعلى الباب أو النافذة، قنطرة المدخل".

كما سقطت أجزاء من الحجارة، ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي،كما سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، ظهرت تصدعات طويلة وخلع في واجهات مئذنة الجامع الأيوبي في القلعة، وانهارت عدة مداميك مع الكورنيش العلوي لواجهات صحن الجامع الأيوبي من الداخل، وانهيار في مدخل البرج المملوكي من الشرق (من الخارج).

وسقط جزء من الجدار الجنوبي للثكنة العثمانية، ولوحظ هبوط جزء من سقف الثكنة، وانهيار كبير لصومعة الطاحونة العثمانية، وتصدع في غرفة الطحن الشرقية.

وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار عديدة، وكذلك المتحف الوطني في مدينة حلب".

ويُعتقد أن القلعة قد تم بناؤها في حوالي الألفية الثالثة قبل الميلاد.

وتتربع القلعة على تل مرتفع في وسط مدينة حلب.. حيث تعلو القلعة ما يقرب من أربعين متراً عن مستوى مدينة حلب، ومازالت أسوارها وأبراجها قائمة، يعود بعضها إلى عصر نور الدين زنكي، ويحيط القلعة خندق بعمق ثلاثين متراً.

والصعود للقلعة المهيبة المنظر يتم بواسطة درج اومدرج ضخم يمر عبر بوابة مرتفة في الوسط ومقام على قناطر تتدرج في الارتفاع حتى البوابة الرئيسة للقلعة .

في داخل القلعة الشامخة نجد امامنا مدينة متكاملة من مباني و كنائس و مساجد وقاعات ومخازن وساحات ومسرح وحوانيت والكثير من الاثار ، وقد عني بالقلعة في عهد السلطان الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، فأقيمت البوابة الرئيسية وبعض المنشأت داخل القلعة .‏

يتكون مدخل القلعة الأساسي من بناء ضخم مؤلف من أبواب ودهاليز وقاعات للدفاع والذخيرة، وفي أعلى هذا البناء قاعة كبيرة هي قاعة العرش التي زينت واجهتها بزخارف حجرية رائعة وغرف و قاعات .‏ ‏وعدد من النوافذ الصغيرة والكبيرة تطل على أجمل منظر في حلب القديمة.

ولها تاريخ حافل بالأحداث فقد كانت منطلق وقاعدة للكثير من الحكام والملوك والقادة وشهدت أهم أحداث الشرق من عصر الآراميين مرورا بالعديد من الحضارات وحتى العصر الإسلامي.

حيث كانت القلعة حصنا تعاقب على أشغاله الحثيون والآراميون والسلوقيون والرومان والبيزنطيون

تاريخ تشييد قلعة حلب يعود الى عهد أحد قواد الإسكندر المقدوني إذ اختار ذلك التل الشامخ ليكون معسكراً لجنوده، وعندما احتل الرومان هذه البلاد أضافوا الى القلعة منشآت لاتزال آثارها بادية للعيان، وأن البيزنطيين من بعدهم تركوا بصماتهم فيها، في حين كان الفرس يعملون فيها الخراب والدمار حين تعصف بها جيوشهم متغلبة على الجيوش البيزنطية، ثم يعود البيزنطيون إليها ليرمموا ماهدمه الفرس ويضيفوا إليها تحصينات وتعزيزات أخرى.

وفي عام 636م حاصرتها الجيوش العربية، وأخذ الحصار يطول،وصمدت بفضل تحصيناتها وعتادها الغزير ومؤونتها الوافرة، حتى تمكن الفاتحون من الاستيلاء عليها عن طريق الحيلة والدهاء، وذلك باستيلائهم على أحد أبوابها في بادئ الأمر،وقد وقع قائدها البيزنطي أسيراً بيد الفاتحين وكان أول من اهتم بالقلعة في العصر الإسلامي الأمير سيف الدولة الحمداني، الذي أمر بعمارتها وتحصينها، وبنى سوراً لمدينة حلب، لأنه كان في صراع عنيف مع البيزنطيين، فأصبحت القلعة مقراً لإقامته وصارت مقراً دائماً للحكام في المدينة من بعده، واستمرت العناية بالقلعة في العهود اللاحقة

وقد تم ترميمها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ولطالما كانت معلما سياحيا رئيسيا. وتعتبر القلعة جزءا من مدينة حلب القديمة، المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

قلعة المرقب

قلعة المرقب Margat تقع قلعة المرقب قرب مدينة بانياس الساحلية في محافظة طرطوس ،وتطل على البحر المتوسط وتتوضع على هضبة صخرية بركانية ترتفع 360 متراً عن سطح البحر، مما يعطيها موقعاً منيعاً جعلها تتحكم بالساحل السوري القديم أنطاكية - طرابلس..والطرق الداخلية القديمة المادية إلى جبال مقدور ومصياف.
لفترة طويلة من الزمن بناها العرب المسلمون عام 1062م أثناء استيطانهم في المنطقة الذي دام حتى عام 1104م..

وأطلق عليها العرب اسم قلعة المرقب حيث يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان : «المَرقَب بالفتح ثم السكون ثم بالقاف المفتوحة هو اسم الموقع الذي يرقب منه».

ثم استولى عليها البيزنطيون قبل أن يتناوب عليها العرب والفرنجة في مراحل تاريخية عديدة.

ولا تزال آثارها المهيبة شاهداً على الأدوار التاريخية العظيمة التي لعبتها.

ألحق الزلزال أضرارا طفيفة ومتوسطة في بعض المباني داخل قلعة المرقب الواقعة على بعد 5 كيلومترات شرقي مدينة بانياس على الساحل السوري، ما أدى إلى سقوط أجزاء من حجارة بعض الجدران أو واجهات المباني، بالإضافة إلى سقوط كتلة من برج دائري في الجهة الشمالية. وتعد القلعة واحدة من أهم القلاع التي بنيت في العصور الوسطى، وتحتوي على تراث إنساني عظيم أسهم في تسجيلها على اللائحة التوجيهية لليونسكو.

قلعة القدموس.. في محافظة طرطوس

كذلك تسبب الزلزال بسقوط الجرف الصخري في محيط قلعة القدموس، وانهيار بعض المباني السكنية المتواضعة في حرم القلعة.

قلعة القدموس قديمة يبلغ عمرها 1200 عام، استخدمها الرومان والبيزنطيون

سبب التسمية

أسطورة يتجاوز عمرها آلاف السنين، تقول إن أجينور ملك صور اللبنانية الفينيقية كان له ثلاثة أولاد ذكور هم قدمو وكليكيو وفينيقيو، وابنة واحدة فقط هي «أوروبا» التي خطفها زفرس أوزوس كبير آلهة اليونان فطلب الملك من أبنائه الذكور البحث عن شقيقتهم المخطوفة.

فقام ابنه قدمو بالسفر الى اليونان حيث أضيف الحرف «س» للاسم حسب اللغة الإغريقية فأصبح «قدموس».

وتقول الأسطورة السورية القديمة أن قدموس ركب البحر وراح يبحث عن أخته أوروبا التي اختطفها زيوس وذهب من سوريا إلى بلاد الإغريق

ومن المكان الذي غادر منه قدمو في الجبال الساحلية السورية ولدت بلدة سميت باسمه أيضا أي «القدموس».

القدموس تتربع على إحدى أعلى القمم الجبلية الساحلية السورية على إرتفاع يزيد على 1200م عن سطح البحر، بين غابات السنديان والشوح والصنوبر،
ترنو القدموس من علوها الشاهق نحو البحر الأبيض المتوسط ونحو الشقيقة المخطوفة أوروبا الرابضة قارة عظيمة خلف مياه المتوسط

جامع الإمام إسماعيل وقلعة شميميس

سقط الجزء العلوي من مئذنة جامع الإمام إسماعيل في مدينة السلمية، ما أدى إلى تصدع واجهة الجامع، وشوهدت أجزاء متساقطة من الجدران الخارجية لقلعة شميميس.

قلعة شميميس هي واحد من عدة قلاع موجودة في محافظة حماه، تقع على قمة بركان خامد إلى الغرب من مدينة السلمية، على طريق تجاري قديم.
بنيت القلعة على قمة مرتفع جبلي يعلو حوالي 140 م عن السهل المحيط وعلى شكل بيضوي، حيث يحيط بأسوارها الخارجية خندق عميق يصل عمقه إلى 15 م واتساعه 10م .

البناة الأوائل للقلعة هم أمراء شميس گرام (أمراء حمص العرب في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد). ويذكر بعض الباحثين أن القلعة كانت عامرة في الفترة الرومانية ولكن دورها كان في مراقبة الطرق أكبر من دورها العسكري. بسبب بعدها عن حدود النزاعات الإمبراطورية بين الفرس الساسانيين والرومان.

كما تضررت قلعة الخوابي في محافظة طرطوس، ومتحف مدينة جبلة الساحلية، ومتحف بلدة معرة النعمان، وبرج مدينة صافيتا.

في تركيا:

مدينة ديار بكر

عبّرت اليونسكو عن "حزن شديد" لانهيار عدد من المباني في مدينة ديار بكر التي تحتضن قلعة ديار بكر والمشهد الثقافي لحدائق هيفسل (حدائق هوسال) المدرجة في قائمة التراث العالمي منذ عام 2015.

وتقع مدينة ديار بكر المحصنة على جرف من أعالي حوض نهر دجلة، وهي جزء من المنطقة المسماة "الهلال الخصيب" والتي كانت مركزاً مهماً منذ العصر الهيلينستي، واستمرت كذلك خلال العصور الرومانية والساسانية والبيزنطية والإسلامية والعثمانية وصولاً إلى الوقت الحاضر.

يضم الموقع الأثري هضبة آمد المعروفة باسم "إيكال" (القلعة الداخلية)، وأسوار مدينة ديار بكر التي يبلغ طولها 5.8 كم، وتمتاز بالعديد من الأبراج والبوابات والدعامات، ونحو 63 نقشاً ترجع إلى عصور مختلفة.

وتأسست قلعة ديار بكر في منتصف القرن الرابع الميلادي، تحديداً في عهد الإمبراطور الروماني قنسطانطيوس الثاني، وجرت العديد من التعديلات والتدعيمات على بنائها خلال العهدين البيزنطي والعثماني.

. أما حدائق هوسال، فهي عبارة عن رابطة خضراء بين المدينة ونهر دجلة الذي كان يمد المدينة بالأغذية والمياه.

قلعة غازي عنتاب

قلعة غازي عنتاب.. صمدت في وجه الإمبراطوريات والحروب والطاعون وهزمها زلزال كهرمان مرعش

بعدما صمدت لنحو 2200 عام، واكبت خلالها العديد من الحضارات والحروب، أظهرت صور ومقاطع فيديو انهيار قلعة غازي عنتاب جراء الزلزال الأخير الذي ضرب جنوب تركيا. مواقع أثرية أخرى مهددة، بينها غوبكلي تبه وجبل النمرود

قلعة حجرية بُنيت في الفترة الحيثية قبل الميلاد، على مساحة 1200 متر بُنيت قبل أكثر من 2000 سنة على تلة في قلب بلاد الأناضول، وحملت أعلام الحيثيين والفرس والمقدونيين والرومان، ودخلها المسلمون عام 661م، وشهدت قيام إمبراطوريات وأفولها، وعرفت الحروب والطاعون، قبل أن يهدم أجزاءً منها زلزال ضرب منطقة كهرمان مرعش (جنوبي تركيا)

قلعة غازي عنتاب ، يُعتقد أنها أقيمت في مدينة هيلنيستك التي بناها قدامى الإغريق، وعرفت بعد ذلك باسم عنتاب، قبل أن يقرّ البرلمان التركي إضافة كلمة "غازي" على اسم المدينة سنة 1921.
تم تجديد القلعة عدة مرات واتخذت شكلها النهائي عام 2000، لتصبح متحفا بانوراميا يوثّق بطولات الدفاع عن المدينة ضد القوات الفرنسية الغازية بعد سقوط الدولة العثمانية.

صُنفت القلعة تراثا عالميا لدى اليونسكو في قائمة المدن الإبداعية، وعُدّت من أهم المواقع الأثرية في تركيا.

تضررت قلعة غازي عنتاب التاريخية المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، حيث دمر الزلزال بعض المواقع في الأجزاء الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقية من القلعة الواقعة في منطقة شاهينبي الوسطى.

كما انهار الجدار الاستنادي المجاور للقلعة، ولوحظ وجود شقوق كبيرة فيه.

قلعة غازي عنتاب من أقدم القلاع في المنطقة إذ تشير الدراسات إلى أنها بنيت في الفترة ما بين القرنين الثاني والثالث الميلادي، شيّدتها الجيوش الرومانية قبل 2200 عام.

ومن ثم تم توسيعها وتعزيزها في العهد البيزنطي في الفترة ما بين 527 - 565م.

وواكبت القلعة العديد من الحضارات والثقافات والحروب، وأصبحت مزاراً سياحياً مهماً بعد تحويلها إلى مُتحف خاص بمدينة غازي عنتاب قبل نحو عقدين من الزمن. علماً أنها ليست من المواقع التركية الـ19 المدرجة على قائمة التراث العالمي.

غوبكلي تبه

المواقع الأخرى المدرجة في قائمة التراث العالمي والواقعة بالقرب من مركز الزلزال، ومن بينها موقع غوبكلي تبه وجبل نمرود (نمرود داغ) وتل أرسلان تبه".

ويعود موقع "غوبكلي تبه" في ولاية شانلي أورفة جنوب شرقي تركيا إلى العصر الحجري الحديث، ويوصف بأنه "نقطة الصفر في التاريخ البشري" و"أقدم معبد في التاريخ" و"موطن أقدم إنشاءٍ من الحجارة الضخمة (ميغاليت)" قبل نحو 10 آلاف عاماً.

وهو من أكثر المواقع السياحية التي تحظى بإقبال الزوار في البلاد.

أرسلان

ويعود موقع أرسلان تبه الأثري في ولاية ملاطية التركية إلى الحضارة الحيثية الحديثة. لكنه يضم آثاراً من العديد من الحضارات تمتد لنحو سبعة آلاف عام (بين العصر الحجري المتأخر من الألفية الخامسة قبل الميلاد وحتى العصر الحديدي)، أبرزها الحثيون والرومان والبيزنطيون.

وقد أُدرج الموقع الذي يمتاز بالتماثيل الأثرية على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في يوليو 2021.

جبل نمرود

أما جبل نمرود أو "نمرود داغ"، فهو في عداد أكثر مناطق الجذب السياحي شهرة في تركيا ويمتاز بتماثيله العملاقة وهي جزء من مقبرة ملكية قديمة أمر الملك أنطيوخوس ببنائها عام 62 قبل الميلاد على قمة الجبل في ولاية أدي يامان الجنوبية. ويوصف بأنه "أعلى متحف أثري مفتوح في العالم

جبل نمرود الذي يعد أعلى متحف مفتوح في العالم، وتحتفظ قمته بأنقاض مملكة كوماجين التي يعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد، يجتذب آلاف السياح في موسم السياحة .

يبلغ ارتفاع جبل نمرود ألفي متر ويقع في محافظة آديمان جنوب تركيا، ويعد جزءا من حلقة جبل الثور، على ضفة نهر الفرات ويقع على قمته معبد، بني في عام 62 قبل الميلاد، ويحيط به تمثالان كبيران لأسدين، وتمثالان لصقرين، والكثير من التماثيل اليونانية، والأرمينية.

في عام 1987 أدرج جبل نمرود إلى قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.. يعد الجبل أفضل موقع في العالم لمشاهدة شروق الشمس وغروبها،

وردت قصة النمرود، في القرآن الكريم ولم يرد اسم النمرود، في النص القرآني، ن، واعتبر نمرود أحد الأساطير العملاقة ويرمز لقوى الشر، حيث سمي الكثير من المدن التراثية في العراق باسمه.

ويتكون البناء الضخم في جبل نمرود، من مجموعة من الألواح الصخرية، تكون ما يشبه الهرم، والجزآن الشرقي والغربي منه عبارة عن مدرجات توصل إلى معبد مفتوح، وعلى هذه المدرجات توجد تماثيل هائلة لأسود وصقور، و5 تماثيل ضخمة للآلهة التي كانوا يعبدونها، منهم 4 رجال وامرأة، وهي أكثر الأشياء الجذابة المحفوظة في هذا المكان.

المعبد الملكي، الذي أُسّس على الجبل من قبل الملك أنطيوخوس الأول، يجسد بوضوح ثقافة التوفيق بين الأديان التي كانت شائعة في تلك الفترة في الممالك الهلنستية، عبر دمج تماثيل الآلهة الإغريقية والفارسية بلباس موحد، وهو إشارة إلى المساواة بين العقائد، لدمج الشعبين الفارسي والإغريقي.

أنطاكية

في مدينة أنطاكية التركية القديمة، قضى الزلزال المدمّر على 14 قرنًا من التاريخ في مدينة أنطاكية، أو أنتيوخيا كما كانت تعرف لدى الإغريق.

على مرّ تاريخها الذي يتجاوز ألف سنة، توالى على أنطاكية، أنتيوخيا سابقًا التي أسّسها الإسكندر الأكبر عام 300 قبل الميلاد، الإغريق والرومان والبيزنطيون والفرس والعرب والعثمانيون وحتى الفرنسيون لفترة وجيزة بين الحرب العالمية الأولى و1939 عندما سُلّمت لتركيا.

وشهدت أنتيوخيا زلازل كثيرة، واحدًا كل قرن عمليًا، دمّرتها وأُعيد إعمار المدينة مرارًا. أبرز الهزّات التي ضربتها كانت عامَي 147 و37 قبل الميلاد، ولاحقًا في عامَي 115 و458 بعد الميلاد. سنة 526، قضى 250 ألف شخص وفي
1054 قُتل 10 آلاف شخص.

فقد تحولت أقدم كنيسة فى العالم وأقدم مسجد فى البلاد إلى أنقاض بعد وقوع زلزالين هائلين فى غضون 8 ساعات فقط .

إذ انهارت قباب وجدران كنيسة أنطاكية الأرثوذكسية التى يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الأول، والمعروفة باسم كنيسة أنطاكيا، ومسجد الحبيب النجار الذى يعود إلى القرن السابع الميلادى بالكامل تقريبًا.

أقدم كنيسة بالعالم.. مهد المسيحية

الكنيسة الارثوذكسية بأنطاكية أقدم كنيسة، أول كنيسة فى العالم، وتعتبر مهد المسيحية..

إذ انهارت قباب وجدران كنيسة أنطاكية الأرثوذكسية التى يعود تاريخ إنشائها إلى القرن الأول، والمعروفة باسم كنيسة أنطاكيا.

يمكن رؤية الصليب الأبيض الكبير الذي كان مرفوعًا أعلى الكنيسة، وسط أكوام الحجارة والألواح الخشبية.
كل الجدران انهارت.

أقدم مسجد بتركيا

مسجد حبيب النجار، أقدم مسجد فى تركيا، تم بناؤه فى القرن السابع الميلادي عام 638 م (16-17هجرية) عقب فتحها على يد جيش الصحابي أبو عبيدة بن الجراح، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب... والذي يعني قيمة كبيرة لدى سكان المدينة.. خاصة مع قرب حلول شهر رمضان ..

بين كومة أنقاض تغطي قاعة الصلاة في مسجد حبيب النجار، وهو الأقدم في تركيا، يمكن رؤية حطام المئذنة،
الجدران الخارجية فقط صمدت في حين انهار كل ما بالداخل

كنيسة الروم الكاثوليك

تعرضت كنيسة الروم الكاثوليك الأثرية، الواقعة في منطقة الإسكندرونة في مقاطعة هاتاي على ساحل البحر المتوسط، لأضرار جسيمة وبقيت أقواس الكنيسة وجدرانها فقط قائمة، بينما تحولت المباني المجاورة إلى أنقاض.

ويتعقد أن الكنيسة بنيت ما بين عامي 1858 و1871، وأعيد ترميمها في سنة 1901 بعد تعرضها لأضرار جراء حريق هائل.


مسجد حبيب النجار

ومسجد حبيب النجار الذي "يعتبر أول مسجد بني داخل حدود تركيا الحالية"، بحسب الحكومة التركية، شيد عام 638.

وحدها الجدران الخارجية صمدت. وباتت الرسوم الداخلية بالأصفر والأحمر والأزرق وكذلك الكتابات على الجدران عرضةً للرياح

مسجد يني

تعرض مسجد "يني جامع" الواقع في منطقة الحميدية بمدينة ملاطية جنوب شرقي تركيا للانهيار، ولم يتبق سوى أجزاء من جدرانه قائمة الآن، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 1913.

كيف تتم عمليات الترميم؟

تهدف عمليات الترميم إلى إطالة عمر الموقع، وإعادته إلى أقرب صورة ممكنة لما كان عليه قبل تعرضه للضرر.

وهناك قواعد دقيقة جدا لعملية الترميم، أهمها التوثيق لكل قطعة أثرية تعرضت للضرر عبر وسائل متعددة كالتصوير الفوتوغرافي وتصوير الفيديو والرسم والخرائط، إذ ينبغي توثيق حالة الآثار في وضعها الراهن لمعرفة المكان الذي انفصلت منه كل قطعة، وإلى أين تحركت..

: "ومن أهم معايير الترميم أيضا الحفاظ على كل قطعة مهما كانت صغيرة الحجم، إذ تنص إحدى مواد ميثاق البندقية على أنه عند استكمال العناصر المفقودة يجب أن تكون العناصر الجديدة مندمجة ومنسجمة مع غيرها من عناصر المبنى، وعند استبدال الأجزاء المفقودة، يجب أن تُدمج الأجزاء الجديدة مع الهيكل الكلي بشكل منسجم ومتناغم، لكن بنفس الوقت يجب أن تكون قابلة للتمييز عن الأصل، فالترميم لا ينبغي أن يزيّف الدلائل الفنيّة والتاريخيّة.. فعلى سبيل المثال إذا كانت القطعة المفقودة من حجر جيري، ينبغي استبداله بحجر جيري مستقدم من نفس المحجر الذي أتت منه الحجارة الأصلية للمبنى".

لكن بعض المواقع قد لا تحتاج إلى استبدال أجزاء، إذ لا يكون فيها فقد لقطع كبيرة، وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى عملية تدعيم، ويشرح الدكتور حسين: " تشير المادة 15 من الميثاق، إلى إنه ينبغي أن يكون هناك تمييز بين ما هو مرمم وما هو أصلي، ويجب الحفاظ على الآثار وقياسها لحماية الخصائص المعمارية للعناصر المكتشفة، كما يجب أن تكون المادة المكملة المستخدمة في الترميم دائما قابلة للتمييز، ويجب استخدامها بالحد الأدنى بما يضمن الحفاظ على الأثر وإعادته إلى وضعه السابق.، لذا ينبغي أن تترافق كل تلك الخطوات مع عملية توثيق أولي وتوثيق مرحلي وتوثيق نهائي، لكافة مراحل عمليات الترميم منذ البداية وحتى المرحلة النهائية.


هل توجد وسائل لحماية الآثار؟

لم يسبق وأن جرى الحديث عن استخدام وسائل حديثة لحماية الصروح الأثرية من الكوارث الطبيعية، على الرغم من أن الأمر ممكن من الناحية النظرية، فعلى سبيل المثال يمكن بناء أرضية مطاطية تسهم في امتصاص الصدمات تحت المبنى الأثري، بشرط ألا يؤثر بناء مثل هذه الأرضية على المبنى سلبا. لكن في الوقت الحالي التركيز يكون دوما على إطالة عمر المبنى أو الصرح الأثري.

"تنص المادة العاشرة من اتفاقية البندقية على أنه عندما يثبت أن التقنيات التقليدية غير ملائمة، يمكن استخدام التقنيات الحديثة لحماية البناء، وهذا يفتح المجال لاستخدام التكنولوجيا الحديثة بما يساعد على حماية الآثار، لكن ما زال هذا الموضوع خارج البحث، إذ لم يسبق أن تطرقت له أيه جهة من الجهات المعنية بالحفاظ على الآثار والتراث العالمي".

Katen Doe

علا الحاذق

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave

المزيد من ملفات متنوعة

wave
البحث عن المساواة .. في اليوم العالمي للمرأة

المرأة هي نصف المجتمع الذي يربي النصف الآخر .. بصلاحها يصلح المجتمع كله .. فهي الأم والزوجة والأخت والصديقة .....

صروح أثرية وكنوز تاريخية في "مرمى" الزلزال

صمدت في وجه الإمبراطوريات والحروب على مدار آلاف السنين.. وهزمها الزلزال في دقائق !

مؤتمرات الأطراف بالأمم المتحدة .. 26 عاما من العمل المناخي

تغير المناخ أكبر تهديد يواجه كوكبنا ومستقبل أولادنا .. 15 مليون شخص يموتون بسبب الانبعاثات الضارة في العالم.. كل الأنهار...

الحج .. أشهر معلومات

ترفع الكعبة المشرفة أستارها.. وتعلو أصوات الحجيج بالتلبية.. ليك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك، إيذانا ببدء موسم الحج، موعد...