المقهى الدبلوماسي.. ذو القعدة .. و"الكوميسا"

لدي عادة ما زلت أتمسك بها.. وهي رؤية التاريخ ومواقيت الصلاة بالنتيجة الورقية .. وقطع الورقة من النتيجة يوميا.. واليوم وأنا أفعل ذلك.. شعرت وكأنني استيقظت فجأة.. فاليوم هو الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة.. ياه.. فنحن في أشهر الحج.. نعم.. فقد أوشك هذا الشهر المبارك على الانقضاء..

ذُو القَعْدَةِ.. هو شهر مبارك.. وهو الشهر الحادي عشر من السنة القمرية.. وهو أول الأشهر الحرم المذكورة في سورة التوبة في قول اللّه تعالى: " إنّ عدّة الشّهور عند اللّه اثنا عشر شهراً في كتاب اللّه يوم خلق السّموات والأرض، منها أربعةٌ حرمٌ " .. وهذه الأشهر هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ورجب.. وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمامان البخاري ومسلم:" الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض؛ السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان"..

كما يدخل ذو القعدة مع أشهر الحج والتي ورد ذكرها في سورة البقرة:" الحج أشهر معلومات".. قال القرطبي:" وأشهر الحج هي شوال وذو القعدة والعشرة الأولى من ذي الحجة".

وأصل التسمية في ذو القعدة بالفتح والكسر.. لأنَّ العرب قعدت فيه عن القتال تعظيما له.. وقيل: لقعودهم فيه عن رحالهم وأوطانهم.. وبين البيروني في كتابه الآثار الباقية سببا للتسمية.. "وذي القعدة للزومهم منازلهم، ولما قيل فيه اقعدوا أو كفوا عن القتال".. وجاء في لسان العرب لابن منظور: "وقيل سمي بذلك لقعودهم في رحالهم عن الغزو والميرة وطلب الكلأ"..

ووجدتني أردد داعيا.. اللهم بلغنا واكتب لنا حج بيتك الحرام وزيارة قبر نبيك المصطفى عليه أفضل الصلاة وازكى السلام.. اللهم امين..

وأخذت أتلفت حولي.. وكأني نسيت أين أنا.. فإذا بي جالسا على مقعدي وعلى مائدتي بالمقهى الدبلوماسي.. وأمامي فنجان القهوة الفرنسية .. فتلقفته لآخذ منه رشفة.. علها تعيدني لأرض الواقع وتفاصيل الحياة..

وبالفعل وجدت صديقي العزيز يسحب كرسيا ويجلس على مائدتي وهو يقول.. هو إيه حكاية الكوميسا دي.. وليه الريس بتاعنا سافر زامبيا..

فابتسمت وانا اقول له.. انت جيت في وقتك.. فبادلني الابتسامة وهو مندهش من ابتسامتي انا.. وبدأت أجيبه قائلا..

الكوميسا دي يعني السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا.. وهي مجموعة حروف اختصار لإسمها بالانجليزي اللي هو
Common Market for Eastern and Southern Africa (COMESA)
وهي منطقة تجارة تفضيلية بتمتد من ليبيا إلى زيمبابوي.. بتعود نشأة الكوميسا لعام 1994.. وكان هدفها إلغاء كافة القيود التجارية فيما بين دول أعضاء التجمع تمهيدا لإنشاء وحدة اقتصادية للمنطقة..

ودي الدول المؤسسة والأعضاء في الكوميسا: مصر، جيبوتي، كينيا، مدغشقر، مالاوي، موريشيوس، السودان، زامبيا، زيمبابوي، رواندا، بورندي، ليبيا، وجزر القمر، الصومال ، وتونس أخر الدول المنضمة..

ويوم الأربعاء اللي فات 6 يونيو.. استضافت زامبيا قمة السوق المشتركة الـ 22 "الكوميسا".. واللي انعقدت خلال الفترة من 6 إلى 8 يونيو ..تحت شعار "التكامل الاقتصادي من أجل كوميسا المزدهرة المرتكزة على الاستثمار الأخضر والقيمة المضافة والسياحة".

ومصر كانت تسلمت رئاسة الكوميسا في 23/11/2021 برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي.. ودي المرة الثانية اللي تتولى فيها مصر رئاسة هذا التجمع الاقتصادي .. وكانت المرة الأولى خلال عامي 2001 و2002.. وعلشان كده شارك الرئيس السيسي، خلال زيارته إلى العاصمة الزامبية "لوساكا"، وفي وجود زعماء ورؤساء حكومات 21 دولة إفريقية.. وشهدت القمة تسليم الرئاسة الدورية للكوميسا من مصر إلى زامبيا..

وفي الفترة اللي كانت فيها مصر رئيس للكوميسا.. الرئيس السيسي أطلق خطة عمل الكوميسا متوسطة المدى للفترة من 2021 حتى 2025، والتي تهدف إلى تعميق التكامل الاقتصادي والإقليمي بين الدول الأعضاء، بما يتماشى مع اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية..

وهنا قاطعني صديقي قائلا.. تمام.. تمام.. الله ينور عليك..وهم منصرفا..

ليتركني أعود لأجواء شهر ذي القعدة والتهليل والتكبير يتردد صداه في أذني.. لأتمتم قائلا.. لبيك اللهم لبيك..

وللحديث بقية..

لمزيد من المقالات

المقهى الدبلوماسي.. جامعة طنطا.. وفوز أردوغان