مازلت أتنسم روحانيات الشهر الكريم.. بذكرياته النورانية.. وتحضرني اليوم غزوة بدر .. أو غزوة بدر الكبرى.. كما يطلقون عليها..
ووقعت غزوة بدر في صبيحة يوم الاثنين 17 رمضان في السنة الثانية من الهجرة.. وكان موقعها في أرض بدر.. وهي محطة لمرور القوافل المتجهة إلى الشام والعائدة إلى مكة المكرمة.. وكانت تمثل سوقاً من أسواق العرب المشهورة ساعدها في ذلك موقعها الجغرافي بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء.. وبعد ان اذن الله لنبيه والمسلمين بالقتال .. بلغ المسلمون تحرك قافلة كبيرة تحمل أموالاً عظيمة لقريش عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان، صخر بن حرب.. فانتدب النبي صلى الله عليه وسلم.. أصحابه للخروج.. وتعجل بمن كان مستعدًا للخروج دون انتظار سكان العوالي لئلا تفوتهم القافلة.. ولذلك لم يكن خروج المسلمين بكامل طاقتهم العسكرية في معركة بدر.. فهم خرجوا لأخذ القافلة..ولم يكن في حسبانهم مواجهة جيش قريش.. وقد خرج من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً.. منهم من الأنصار بضع وأربعين ومائتين.. ولم يكن معهم إلا فرسان وسبعون بعيًرا يتعاقبون على ركوبه.. وعلم أبو سفيان بخروج المسلمين لأخذ القافلة فسلك بها طريق الساحل وأرسل لاستنفار أهل مكة.. فاستعدت قريش للخروج دفاعًا عن قافلتها وحشدت كل طاقتها ولم يتخلف منهم إلا القليل.. فقد رأت قريش في ذلك حطًا لمكانتها وامتهانًا لكرامتها وضربًا لاقتصادها.. وبلغ عددهم نحوًا من ألف مقاتل ومعهم مائتا فرس يقودونها..
ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم نجاة القافلة وإصرار قريش على قتاله صلى الله عليه وسلم شاور أصحابه عامة.. وقصد الأنصار خاصة.. فتكلم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب والمقداد بن عمرو من المهاجرين، فقالوا وأحسنوا.. وفهم سعد بن معاذ رضي الله عنه مراد النبي صلى الله عليه وسلم فقال وأحسن.. فسر النبي صلى الله عليه وسلم بقول سعد بن معاذ رضي الله عنه..
وصل المسلمون إلى بدر قبل المشركين.. وأشار الحبُاَبُ بن المنذر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ماء بدر خلفه.. فقبل النبي صلى الله عليه وسلم مشورته وأخذ برأيه.. وبين صلى الله عليه وسلم مصارع رجال من أهل بدر بأسمائهم، فقال: "هذا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا إن شَاءَ الله تَعَالى، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلانٍ غَدًا إن شَاءْ الله تَعَالى.. في صبيحة يوم المعركة جعل صلى الله عليه وسلم جيشه في صفوف للقتال.. وبقي صلى الله عليه وسلم في قبة (عريش) -بمشورة سعد بن معاذ -يدير المعركة.. وجعل صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء ربه حتى سقط رداؤه.. فأتاه أبو بكر وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ" "الأنفال: 9"، فخرج وهو يقول: "سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُر" "القمر: 45". ورمى النبي صلى الله عليه وسلم المشركين في وجوههم بالحصى، قال تعالى: "وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ" "الأنفال: 17"
وبدأت المعركة بتقدم عتبة بن ربيعة، وتبعه ابنه الوليد، وأخوه شيبة طالبين المبارزة.. فخرج لهم شباب من الأنصار، فرفضوا مبارزتهم طالبين مبارزة بني عمومتهم.. فأمر صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث رضي الله عنه.. فقتل حمزة عتبة وقتل علي شيبة وأثخن عبيدة والوليد كل واحد منهما صاحبه ثم مال علي وحمزة على الوليد فقتلاه واحتملا عبيدة.. وتأثرت قريش بنتيجة المبارزة وبدأت الهجوم.. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابه برمي المشركين بالنبل إذا اقتربوا من المسلمين ودنوا..
وبعد المواجهة.. قُتل من المشركين سبعون رجلاً، منهم الذين بَبّنَ صلى الله عليه وسلم مصارعهم من أهل بدر بأسمائهم قبل المعركة، ما أخطأ أحد منهم الموضع الذي حده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من بين القتلى عدد من زعماء قريش، منهم: أبو جهل، عمرو بن هشام، قتله معاذ بن عمرو ابن الجموح ومعاذ بن عفراء وهما غلامان.. وأجهز عليه عبد الله بن مسعود..وأمية بن خلف، قتله وابنه عليًا.. بلال بن رباح مع فريق من الأنصار وغيرهم..
وأمر صلى الله عليه وسلم بسحب قتلى المشركين إلى آبار ببدر، فألقوا فيها، وكان عدد الأسرى من قريش سبعون رجلاً، وفر بقية المشركين، لا يلوون على شيء، تاركين وراءهم غنائم كثيرة في أرض المعركة.. ودفن صلى الله عليه وسلم شهداء المسلمين، وهم أربعة عشر شهيدًا..
يرحم الله شهداء بدر ويلحقنا بهم على خير.. وعندئذ وصلني صوت صديقي العزيز وهو يقول.. هو احنا العلاقات بينا وبين سوريا شكلها إيه.. يعني فيه علاقات ولا مقطوعة.. ووزير خارجيتهم كان عندنا اليومين دول بيعمل إيه..
وهنا قلت.. انا هاحكيلك الموضوع ببساطة.. في سنة 1958 اتحدت الدولتين مصر وسوريا في دولة واحدة باسم الجمهورية العربية المتحدة في عهد الرئيسين جمال عبد الناصر وحافظ الأسد ؛ وتفككت هذه الوحدة من جانب سوريا عام 1961..
وفي سنة 1971 أعلنت مصر وسوريا وليبيا عن اتحاد الجمهوريات العربية بقيادة الرؤساء أنور السادات وحافظ الأسد ومعمر القذافي..وهو اتحاد يحفظ لكل دولة شخصيتها الاعتبارية ونظامها الداخلي.. ولكن انهار هذا الاتحاد للاختلاف في بنود الوحدة..
وفي أكتوبر 1973.. خاضت مصر مع سوريا حربا ضد إسرائيل لاستعادة شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان..
وفي سنة 1977.. زار السادات دمشق قبل ما يتوجه للقدس ويطلق عملية السلام مع إسرائيل .. فرفض الأسد هذا الاتجاه وقطع علاقته هو ودول عربية أخرى مع مصر..
واستمر الوضع كده لغاية 1989.. لما اتفقت الدولتين على استئناف الرحلات الجوية بين دمشق والقاهرة..
الحقيقة علاقات مصر مع سوريا كانت بتتأثر بعلاقة الدولتين مع دول أخرى .. يعني في 1998 اتاثرت العلاقات بعلاقة سوريا مع تركيا.. وفي 2005 اتأثرت بسبب المواقف مع لبنان وخاصة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.. وبعدها قمة دمشق في 2008..وفي نفس السنة تاثرت العلاقات المصرية السورية بسبب فلسطين بسبب تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمام الجامعة العربية في نوفمبر2008 ..
استمر الوضع على هذا الحال لغاية ما جت حكومة الإخوان وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وإغلاق سفارتها في القاهرة وسحب القائم بالأعمال المصري في دمشق وده كان في يونيو 2013..
ولكن العلاقات بين القاهرة ودمشق لم تنقطع بشكل كامل على بعض المستويات، فمدير إدارة المخابرات العامة السوري اللواء علي المملوك زار مصر في 2016.. وفي شهر فبراير الماضي.. وصل وزير الخارجية سامح شكري لدمشق والتقى الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية فيصل المقداد..
وتمت الزيارة دي بالرغم ان الرئيس السوري لسة معزول على الساحة الدولية.. وعضوية سوريا في الجامعة العربية مازالت معلقة ومقعدها خالي.. وده حصل من سنة 2011 بعد ما حصل عندهم ثورة وحرب أهلية مازالت سوريا بتعاني منها لغاية دلوقت..
علشان كده جت الزيارة اللي كنت بتتكلم عنها .. لما وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد القاهرة من يومين ، فى زيارة هى الأولى من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات.. وده لإن اللي بيربط مصر وسوريا صلات أخوة وروابط تاريخية، ومصلحة عربية مشتركة .. أتكلم الوزيرين عن سبل مساعدة الشعب السورى على استعادة وحدته وسيادته علي كامل اراضيه ومواجهة التحديات المتراكمة والمتزايدة.. بما فى ذلك جهود التعافى من آثار زلزال السادس من فبراير المدمر.. وجهود تحقيق التسوية السياسية الشاملة للأزمة السورية..
واكد سامح شكري دعم مصر الكامل لجهود التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية في أقرب وقت بملكية سورية وبموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254 تحت رعاية الأمم المتحدة.. واكد شكري على مساندة مصر لجهود المبعوث الأممي الخاص لسوريا وعلى أهمية استيفاء الاجراءات المرتبطة بتحقيق التوافق الوطني بين الأشقاء السوريين، وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية السورية..
وهنا قاطعني صديقي وهو يقول.. الحمد لله.. هتفضل مصر دايما اللي بتجمع الأشقاء ورومانة الميزان للمنطقة كلها..
وللحديث بقية..
المقهى الدبلوماسي.. مرحبا رمضان
.
،
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
بينما كنت أرتشف قهوتي الفرنسية على مائدتي بالمقهى الدبلوماسي.. إذ جاءني صديقي العزيز يسألني.. انت كنت مختفي فين بقالك يومين.....
ما إن ينتهي الشهر الكريم.. حتى يغلبنا الشوق إليه.. ونبدأ في انتظار عودته.. ونشعر بذلك ونحن نودع شهر شوال أيضا.....
لا أدري ما الذي جعل هذه المأثورة للإمام الحسن البصري تقفز أمام عيني.. وكانها تحدث أمامي الأن.. ربما لأهمية الرسائل...
ومثلما جاء رمضان ..انقضى.. وجاء العيد وانتهى.. وعادت الأيام لرتابتها المعتادة.. فما أن يأتي الصباح.. فنتمنى قدوم الليل.. حتى ينقضي...