مصر واليونان..علاقات متميزة ورؤى سياسية متقاربة

علاقات تاريخية تربط بين مصر واليونان وتحظى بخصوصية كبيرة تضرب بجذورها في أعماق الحضارة الإنسانية، وعلى مدار عقود تمثل نموذجا للترابط والتواصل بين الثقافات والتعاون الاستراتيجي بما يخدم مصالح البلدين.

 يملك البلدان إرثا تاريخيا كبير كان دافعا باتجاه تقارب الرؤى إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية بشكل عام بفضل الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية بين البلدين، فضلا عن قدم العلاقات الدبلوماسية بينهما والتي ترجع إلى عام 1833.

تلك العلاقات التي امتدت عبر القرون حتى انتهت بوجود جاليات يونانية كبيرة في مصر، وتطورت في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل غير مسبوق من خلال زيارات متبادلة بين الطرفين في آلية ثنائية بين مصر واليونان، وآلية ثلاثية تجمع مصر واليونان وقبرص، وآلية إقليمية متمثلة في منتدى شرق المتوسط.

وشهدت العلاقات المصرية اليونانية نقلة نوعية على مختلف الأصعدة السياسية الاقتصادية والثقافية وأصبحت نموذجا يحتذى به في التعاون الثنائي وتعزيز الاستفادة من الثروات الطبيعية في شرق المتوسط وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.

كما أن هناك الكثير من الملفات التي يتعاون فيها البلدين معا، كملف مكافحة الإرهاب وملف الهجرة غير الشرعية وملف مواجهة الوضع الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية بالإضافة إلى ملف الطاقة.

- السيسى يشيد بعمق العلاقات المتميزة بين مصر واليونان

قمة هامة عقدت اليوم الخميس في مدينة العلمين الجديدة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء اليونان كرياكوس ميتسوتاكيس في أول زيارة لرئيس وزراء اليونان للمنطقة بعد إعادة انتخابه وتشكيل حكومته الجديدة.

وأشاد الرئيس السيسى بعمق وثبات العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين مصر واليونان، والتطور الملموس الذي يشهده التعاون الثنائي في مختلف المجالات، والمستوى المتميز من التنسيق السياسي بين الدولتين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، مع الإعراب عن التقدير لمواقف اليونان تجاه مصر، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار الاتحاد الأوروبي، إلى جانب التعاون المثمر على صعيد آلية التعاون الثلاثي مع قبرص.
 
من جانبه، أكد رئيس الوزراء اليوناني رسوخ الروابط الوثيقة والتاريخية التي تجمع بين البلدين، مرحبا بالتقدم الملحوظ في مستوى التعاون خلال السنوات الماضية، ومعربا عن حرص بلاده على مواصلة تعميق العلاقات بين البلدين ودفعها إلى آفاق أوسع على مختلف المستويات، خاصة في ضوء الدور المصري البارز في مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بمنطقة المتوسط.
 
كما حرص رئيس الوزراء اليوناني على تقديم الشكر والتقدير إلى مصر عقب إرسالها طائرات للمساعدة في عمليات إخماد حرائق الغابات في اليونان، في حين أعرب الرئيس عن خالص التعازي والتضامن مع اليونان في مواجهة آثار وتداعيات حوادث حرائق الغابات، مؤكدا وقوف مصر بجانب اليونان في مواجهة تلك الأزمة.

- توافق بين الدولتين تجاه الملفات الإقليمية

أكد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمى، أن اللقاء شهد عقد مباحثات ثنائية تلتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس بزيارة رئيس الوزراء اليوناني إلى مصر، مجددا التهنئة على الفوز الانتخابي الذي حققه الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية اليونانية وجاءت نتائجها لتؤكد ثقة الناخب اليوناني في قيادة رئيس الوزراء اليوناني.

وشهدت المباحثات تبادل الرؤي ووجهات النظر تجاه الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في اتساق مواقف الدولتين في منطقة شرق المتوسط، مع تأكيد أن منتدى غاز شرق المتوسط يمثل أحد أهم الأدوات في هذا الإطار.
 
كما ناقش الزعيمان تطورات ظاهرة الهجرة غير الشرعية في حوض البحر المتوسط، حيث ثمن رئيس الوزراء اليوناني ما تقوم به مصر من جهود لمواجهة هذه الظاهرة، خاصة في ضوء ما تفرضه من أعباء بسبب استضافة ملايين اللاجئين على أرض مصر.
 
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن المباحثات تناولت في ذات السياق عددا من القضايا ذات الاهتمام المتبادل، وعلى رأسها التبعات العالمية لتطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، فضلا عن مستجدات الأزمات القائمة في المنطقة، خاصةً ليبيا، حيث أكد الرئيس موقف مصر بدعم المسار السياسي وأهمية إجراء الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية واستعادة ليبيا لسيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها.

واتفق الجانبان في هذا الصدد على مواصلة التنسيق المكثف لمواجهة مختلف التحديات المشتركة التي تواجهها المنطقة، بما يحقق آمال شعوبها في العيش في سلام وأمن واستقرار.

- القاهرة وأثينا .. رؤى سياسية متقاربة

منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في مصر عام 2014، شهدت العلاقات المصرية - اليونانية نقلة نوعية على مختلف الأصعدة ومنها توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، والتوقيع على على الميثاق الخاص بمنتدى غاز شرق المتوسط.

* ترسيم الحدود

تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان في 6 أغسطس 2020، وهدفها الرئيسي هو تحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة البحر المتوسط.

وتؤكد الاتفاقية احترام القاهرة وأثينا القانون الدولي الذى يكفل لكل الدول البحث عن الثروات الطبيعية وممارسة الأنشطة الاقتصادية، ولكن بالتوافق مع الدول المتاخمة أو المقابلة معها بحريا، خصوصا أنه وفقا لمعاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، فإنه لا يجوز البحث عن الثروات البحرية إلا بعد التوافق حول أسلوب استغلال تلك الثروات بالإنصاف مع الدول المتاخمة والمتقابلة كما هي حالة مصر واليونان المتلاصقتين معا في الحدود البحرية.

ويتيح الترسيم البحري الذي أبرمته مصر مع اليونان، لكل منهما تعظيم الاستفادة من الثروات المتاحة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما خاصة مجالي احتياطيات النفط والغاز الواعدين.

* منتدى غاز شرق المتوسط

فى سبتمبر 2020 تم توقيع الدول المؤسسة لمنتدى غاز شرق المتوسط على الميثاق الخاص بالمنتدى، والذي بمقتضاه يصبح منظمة دولية حكومية في منطقة المتوسط تسهم في تطوير التعاون في مجال الغاز الطبيعي، وتحقق استغلالا أمثل للموارد.
 
- طفرة اقتصادية

تمثل مصر واليونان جسرا لربط الشرق بالغرب حيث تعد مصر بوابة اليونان للتواصل مع الدول الإفريقية، وتمثل اليونان بوابة رئيسية لمصر مع دول البلقان ودول شرق أوروبا، وقد تقاربت العلاقات الاقتصادية بين البلدين فى السنوات القليلة الماضية بما يعود على البلدين بمكاسب استثمارية وتجارية.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء اليوم الخميس، ارتفاع قيمة الصادرات المصرية إلى اليونان لتسجل 1.7 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 1.6 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 5.3%، فى حين بلغت قيمة الواردات المصرية من اليونان 418.6 مليون دولار خلال عام 2022 مقابل 409.6 مليون دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 2.2%.

وأشار جهاز الإحصاء إلى ارتفاع قيمة التبادل التجارى بين مصر واليونان لتصل إلى 2.2 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 2.1 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 4.7%.

وحول أهم عشر مجموعات سلعية صدرتها مصر إلى اليونان خلال عام 2022 فقد جاءت صادرات الوقود معدنى والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها فى المرتبة الأولى بقيمة 1.3 مليار دولار. ثم الأسمدة بقيمة 119.7 مليون دولار ثم اللدائن ومصنوعاتها بقيمة 50.4 مليون دولار ثم خضر ونباتات بقيمة 49.4 مليون دولار ثم حديد وصلب بقيمة 38.7 مليون دولار ثم المنيوم ومصنوعاته بقيمة 21.5 مليون دولار ثم منتجات كيميائية غير عضوية بقيمة 15.4 مليون دولار ثم ورق بقيمة 13.5 مليون دولار ثم النحاس ومصنوعاته بقيمة 13.3 مليون دولار ثم منتجات كيميائية متنوعة بقيمة 7.5 مليون دولار.

وأهم عشر مجموعات سلعية استوردتها مصر من اليونان خلال عام 2022 فجاء الوقود المعدنى والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها فى المرتبة الاولى بقيمة 116.9 مليون دولار ثم قطن بقيمة 100.7 مليون دولار ثم فواكه بقيمة 96.2 مليون دولار ثم منتجات الصيدلة بقيمة 10.2 مليون دولار ثم مراجل وآلات وأجهزة آلية بقيمة 9.7 مليون دولار ثم تبغ بقيمة 8.9 مليون دولار ثم ألمنيوم ومصنوعاته بقيمة 8.5 مليون دولار ثم ملح وكبريت بقيمة 7.9 مليون دولار ثم محضرات خضر بقيمة 5.8 مليون دولار ثم لدائن ومصنوعاتها بقيمة 4.6 مليون دولار.

وبلغت قيمة الاستثمارات اليونانية فى مصر 6.6 مليون دولار خلال العام المالى 2021/2022 مقابل 1.5 مليون دولار خلال العام المالى 2020 /2021 بنسبة ارتفاع قدرها 334.4%.

وسجلت قيمة تحويلات المصريين العاملين باليونان 15.1 مليون دولار خلال العام المالى 2021/2022 مقابل 10.1 مليون دولار خلال العام المالى 2020 /2021 بنسبة ارتفاع قدرها 49.1 %، بينما بلغت قيمة تحويلات اليونانيين العاملين فى مصر 5.1 مليون دولار خلال العام المالى 2021/2022 مقابل 3.4 مليون دولار خلال العام المالى 2020 /2021 بنسبة ارتفاع قدرها 47.7%.