سوريا والعودة للمحيط العربي

بهدف التوصل الى حل سياسي للأزمة .. وفي محاولة لإيجاد دور عربي ينهي النزاع .. وبناء على خطوات تقارب مع دمشق من قبل عدة عواصم عربية .. استعادت سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية بعد غياب دام 12 عاما.
مبادرة أردنية واتصالات مختلفة مع الحكومة السورية أفضت في النهاية إلى وجود إجماع على تهيئة دور عربي لمحاولة إنهاء الأزمة السورية، وضرورة تهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين السوريين الى بلادهم.
وفي اجتماع غير عادي لمجلس وزراء الخارجية العرب، قرر مجلس الجامعة العربية استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، في خطوة هامة وبداية لعملية قد تكون طويلة وصعبة وتنطوي على تحديات نظرا لتعقيدات الأزمة.
وطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية متابعة تنفيذ ما ورد في هذا القرار وإحاطة المجلس بالتطورات، كما أكد أن الرئيس السوري بشار الأسد يمكنه المشاركة في قمة الجامعة "إذا رغب في ذلك".
وفي خطوة على طريق العودة السورية للجامعة العربية استضاف الأردن بداية الأسبوع اجتماعا لوزراء خارجية سوريا والأردن والسعودية والعراق ومصر، تم الاتفاق خلاله على "دعم سوريا ومؤسساتها في أي جهود مشروعة لبسط سيطرتها على أراضيها".
- قرار مجلس جامعة الدول العربية
جاء في القرار الرسمي الصادر عقب عقد اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري برئاسة مصر في دورته غير العادية:
* المجلس يعرب عن تضامنه التام مع الشعب السوري إزاء ما يواجهه من تحديات تطال أمنه واستقراره، وما يتعرض له من انتهاكات خطيرة تهدد وجوده، وحياة المواطنين الأبرياء، ووحدة وسلامة الأراضي السورية.
* يرحب المجلس بالجهود المبذولة من أجل تهيئة الظروف الملائمة الرامية إلى تحريك مسار التسوية السياسية الشاملة في سوريا، والحرص على تفعيل الدور العربي القيادي في جهود حل الأزمة السورية لمعالجة جميع تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية مع وضع الآليات اللازمة لهذا الدور.
* قرر المجلس تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية، وذلك استنادا إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومبادئه، والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها.
* التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 بدءا بمواصلة الخطوات التي تتيح إيصال المساعدات الإنسانية لكل محتاجيها في سوريا، وبما في ذلك وفق الآليات المعتمدة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
* تشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام، لمتابعة تنفيذ بيان عمان والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، وفق منهجية الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 وتقدم اللجنة تقارير دورية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.
* استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتبارا من يوم 7 مايو 2023.
- شكري: يجب القضاء على الإرهاب في سوريا
شدد وزير الخارجية سامح شكري،الرئيس الحالي لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، على ضرورة القضاء على الإرهاب في سوريا.
وأكد شكري على حرص مصر لتفعيل الدور العربي لحل الأزمة السورية، انطلاقًا من إيمانها بضرورة إيجاد حلول عربية للقضايا العربية، وتفعيل الدور العربي القيادي لحل قضايانا بأنفسنا، والنأي بالقضايا العربية عن الاستقطاب العالمي.
وقال شكري إن معاناة الشعب السوري استمرت عاما تلو الأخر وتفاقمت المعاناة، بسبب تعدد التدخلات الخارجية وانصراف المجتمع الدولي لقضايا أخرى، ودخلت الأزمة في سوريا إلى جمود تام طال لسنوات.
وأضاف "لقد أثبتت التطورات أنه لا حل عسكري للأزمة السورية، ولا غالب ولا مغلوب لهذا الصراع، وطالما ما حذرت مصر من تداعيات الصراع المسلح في سوريا، لم تلقٍ هذه التحذيرات آذانا صاغية.
كما أكد شكري أن السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية هو الحل السياسي وتحقيق التوافق الوطني ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية، وفقاً لتفاهمات جنيف وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك القرار الأممي 2254، بما يضمن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وعروبتها وينهي كل التدخلات الخارجية في شئونها الداخلية والقضاء على الإرهاب والفكر المتطرف وتوفير البيئة اللازمة لعودة اللاجئين، وتحقيق التنمية والبناء، مما يعزز المصالح العربية والاستقرار بالمنطقة.
- سوريا تؤكد أهمية الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات
قالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية إن "سوريا تابعت التوجهات والتفاعلات الإيجابية التي تجري حاليا في المنطقة العربية والتي تعتقد أنها تصب في مصلحة كل الدول العربية وفي مصلحة تحقيق الاستقرار والامن والازدهار لشعوبها".
وأضافت أنه "في هذا الإطار تلقت سوريا باهتمام القرار الصادر عن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية بخصوص استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من اليوم، وتؤكد في السياق نفسه أهمية الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجهها الدول العربية".
- الأزمة السورية والشرارة الأولى
صدمات وأزمات إنسانية عاشها الشعب السوري خلال فترات قاسية على مدار سنوات الأزمة منذ 2011.
البداية من احتجاجات شعبية عفوية في المناطق السورية المهمشة عام 2011 تطالب بالحرية والكرامة، ووضع حد للقمع والفساد سرعان ما عمت معظم مناطق سوريا، قابلها قمع بالسلاح فسقط مئات الآلاف من الضحايا، وتشرد الملايين نزوحا في الداخل السوري ولجوءاً في مختلف بقاع العالم، وتحولت سوريا إلى أزمة دولية وساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية.
فبعد شرارة الربيع العربي الذي انطلق في نهاية عام 2010 في تونس، ثم امتد إلى مصر وليبيا، مما مد الأفق أمام السوريين حول إمكانية إحداث تغيير سياسي حقيقي، ففي 17 فبراير 2011 أهان شرطي سوري مواطنا وضربه، فتجمع الناس في منطقة الحرية بقلب دمشق وانطلقت هتافات تؤيد الشاب قابله هتافات أخرى تدافع عن النظام.
وفي مارس 2011 انطلقت أول مظاهرة نظمها ناشطو المجتمع المدني في سوق الحميدية وسط دمشق، فسارعت قوات الأمن إلى مهاجمة المظاهرة وفضها واعتقال عدد من الناشطين المشاركين فيها.
ودعت صفحات مؤيدة للثورة إلى مظاهرات حاشدة في المدن السورية يوم الجمعة 18 مارس 2011 تحت اسم "جمعة الكرامة" فتحركت عدة مدن سورية، منها دمشق وحمص وبانياس ودير الزور ودرعا و توالت المظاهرات بعد ذلك وانضمت المدن السورية والقرى إلى المظاهرات تباعا، وتحول تشييع الشهداء إلى مظاهرات حاشدة تحولت شعاراتها من الحرية والمطالبة بالتغيير إلى الدعوة إلى إسقاط النظام ورفض حكم بشار الأسد.
بدأت بعد ذلك الانشقاقات في صفوف الجيش السوري النظامي، وتم تأُسيس الجيش السوري الحر بمبادرة من العقيد رياض الأسعد، على خلفية بيان أصدره يوم 3 أغسطس 2011 دعا فيه الجنود المنشقين إلى تنظيم أنفسهم.
ومع نهايات عام 2011 كان الجيش السوري الحر يتوزع في مناطق مختلفة ويسيطر عليها، في كل من إدلب وريف حلب وريف حماة وحمص والقصير والغوطة وبعض مناطق درعا.
وبعد 4 أعوام من الصراع وفي أكتوبرعام 2015 أُعلن عن تشكيل "قوات سوريا الديمقراطية"، أو كما تعرف باسم "قسد" وعرفت نفسها بأنها "قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين تجمع العرب والأكراد والسريان وكافة المكونات الأخرى"، وتتألف من مجموعة من الفصائل المسلحة معظمها تابع للأكراد، وتتمركز سيطرتها على مناطق شمال شرق سوريا.
وظهرت خلال السنوات الـ12 جهات قتالية أخرى مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة وغيرهما، إلا أن هذه الجهات انحلت وبعضها انتهى والآخر انضم تحت جهات قتالية أخرى.
وبعد مرور نحو 10 سنوات من الصراع، تراجعت حدة المعارك في سوريا خاصة بعد اتفاق روسي تركي لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب ومحيطها في شمال غرب البلاد، إثر هجوم واسع لقوات النظام بدعم من موسكو، ومن ثم في ظل تداعيات تفشي فيروس كورونا، وسجل العام العاشر للحرب أدنى حصيلة للقتلى منذ اندلاع النزاع.
وشهدت الثورة السورية تدخل أطراف خارجية لمساندة طرف على حساب الطرف الآخر، وهو ما أدى إلى إطالة أمد النزاع وأضر بالملف السوري بشكل فادح.
أخبار ذات صلة
المزيد من تقارير عرب وعالم
خطة إسرائيل للسيطرة على غزة.. تفاقم معاناة غزة وسط إدانات دولية
حالة جديدة من الصدمة تصيب المجتمع الدولي.. وتفاقم الوضع الكارثي في غزة .. وتشعل التوترات بمنطقة الشرق الأوسط.. فقد أقر...
مؤتمر نيويورك.. نحو تنفيذ "حل الدولتين" وتسوية قضية فلسطين
برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا.. وبمشاركة دولية واسعة.. تستضيف الأمم المتحدة في نيويورك على مدار يومي الإثنين والثلاثاء.. أعمال "المؤتمر...
روسيا وأوكرانيا.. هل تتراجع مفاوضات السلام تحت "نار" التصعيد ؟
رغم استمرار المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا من أجل انهاء الحرب الدموية التي توشك على بدء عامها الرابع.. إلا أن المشهد...
سوريا على صفيح ساخن.. بين غارات إسرائيلية وفتنة طائفية
بين عنف طائفي أسقط مئات الضحايا.. وغارات إسرائيلية استهدفت دمشق .. تفف سوريا عند منعطف حاسم .. تحلم بالسلام.