«وردة » فى حوار عمره 63 عاماً: كنت أغار من «أم كلثوم » فى طفولتى

ولدت "وردة فتوكى" أو "وردة الجزائرية" فى فرنسا فى 22 يوليو 1939 لأب جزائرى وأم لبنانية، وبدأت الغناء فى وقت

 مبكر منذ طفولتها، حيث عملت فى ملهى "تم تم" المملوك لوالدها فى باريس، وتعلمت على يد المغنى التونسى "الصادق ثريا" الذى أعجب بصوتها فأقنع والدها بالاهتمام بموهبتها الفنية.

فى دمشق قابل المخرج "حلمى رفلة" الفنانة وردة لأول مرة، ثم قدمها إلى السينما فى أول أفلامها السينمائية "ألمظ وعبده الحامولى" عام 1962، وبعدها قدمت وردة 6 أفلام، منها "أميرة العرب" عام 1963و"حكايتى مع الزمان" 1973 و"صوت الحب" 1973 و"يا ليل يا زمن" 1977 و"ليه يا دنيا" عام 1994، كما شاركت فى 3 مسلسلات تليفزيونية هى "أوراق الورد" عام 1979، و"آن الأوان" 2007، و"الوادى الكبير"، ولها عرض مسرحى واحد وهو "تمر حنة" مع عزت العلايلى ومن ألحان بليغ حمدى وإخراج جلال الشرقاوى.

حصلت الفنانة وردة على العديد من الجوائز والأوسمة خلال مشوارها الفنى، ومنها جائزة المجمع العربى للموسيقى عام 2009، وجائزة أغنية لبنانية "أيام" التى طرحت بعد وفاتها فى جوائز الموريكس عام 2014، وفى عام 2012، تم تكريمها فى حفل توزيع جوائز الموريكس دور.

رحلت الفنانة وردة عن دنيانا بالقاهرة التى كانت تقيم بها فى يوم 17 مايو 2012 عن عمر يناهز 73 عاماً، لكن جثمانها نقل إلى الجزائر ودفنت بالمقبرة العليا فى العاصمة، وهى المقبرة التى يدفن فيها عادة رؤساء الجزائر.

"الإذاعة والتليفزيون" تتذكر الفنانة الكبيرة وردة فى ذكرى رحيلها الحادية عشرة من خلال حوار نادر معها عمره 63 عاماً، نشر على صفحات المجلة فى العدد رقم 1313 الصادر بتاريخ 14 مايو 1960، وأجرته معها الإعلامية "أمانى ناشد". وإلى نص الحوار:

 

التقيت بها أول مرة فى باريس سنة 1955.. ولم تكن قد أصبحت "وردة" بل كانت برعماً صغيراً لم يتفتح بعد.. وكان لقائى معها فى ملهى "تم تم" الذى يملكه والدها فى الحى اللاتينى فى فرنسا.. وكل من زار باريس لا بد وأنه دخل هذا الملهى العربى الجميل.

فى هذه الليلة سمعتها تغنى أغنية أم كلثوم "يا ظالمنى" وأعجبنى صوتها القوى اللامع فسجلت لها الأغنية، وبعثت بالشريط إلى القاهرة وأذيع فى إحدى سهرات صوت العرب لم أكن أذكر شيئاً من هذه القصة كلها عندما التقيت بها للمرة الثانية فى القاهرة، ولكنها وشقيقها ذكرتانى بهذا اليوم، فصافحتها مرة أخرى عندما ذكرت هذه الليلة الجميلة التى استضافنى فيها والدها وقدم لى شاياً عربياً.. قلت لها:

هل أستطيع أن أعتبر نفسى صاحبة السبق الإذاعى فى تقديمك لمستمعى القاهرة؟

بالتأكيد.. وأنا سعيدة للقائنا مرة أخرى.

ولكنك كنت صغيرة جداً عندما رأيتك لأول مرة؟

نعم كنت فى الخامسة عشرة من عمرى.

والآن؟

فابتسمت ونظرت إلى بطرف عينها وقالت: محسوبة والله.. الآن فى العشرين.

أين ولدت؟

للأسف فى باريس.

أليس عجيباً أن يولد صوت الجزائر القوى فى مهد الاستعمار؟

لقد زاد فىّ هذا حقداً عليهم.. وظروف والدى هناك أن والدى كان يعمل بالتجارة فى فرنسا.

أى تجارة؟

كنا نملك فندقاً فى باريس، والملهى الذى قابلتنى فيه.

ودوركم فى الجهاد؟

وجودى فى باريس مكننا من تقديم أكبر مساعدة لأبناء بلدنا وأنا وعائلتى ممنوعون من دخول الجزائر..لأن شقيقى متهم بتهريب أسلحة إلى المجاهدين.. وأختى الكبيرة متهمة بإيواء مجاهد جزائرى.

وكيف ترككم الفرنسيون؟

لم يتركونا طبعا.. فقد أغلقوا الفندق لأنهم اعتبروه مركزا رئيسيا لجيش التحرير.

والملهى؟

اضطررنا إلى إغلاقه لأنهم كانوا فى كل ليلة يقطعون البروجرام الذى نقدمه بدخول قوة من البوليس الفرنسى بالمدافع الرشاشة لتفتيش المكان والزبائن.. وتكررت المسألة بصورة أصبح من المستحيل معها الاستمرار فى العمل.

وأنت.. هل كان لك دور فى كل هذا؟

نجحت فى أن أستغل بلاهة الفرنسيين وغباءهم فقدمت عن طريق إذاعتهم أغنية ظلوا يذيعونها لمدة عام كامل وفجأة تبينوا أن هذه الأغنية تلهب حماس المجاهدين وأنهم يرددونها بين الجبال فأمروا بوقفها فوراً.

وأغانيك الوطنية مثل جميلة وأغانى الجزائر هل غنتيها هناك؟

غنيت هذه الأغانى بعدما غادرنا فرنسا وانتقلنا إلى لبنان مسقط رأس أمى.

كيف حافظت على لغتك العربية؟

لأسباب كثيرة منها أن أمى لا تعرف الفرنسية.

وأين استمعت إلى الأغانى العربية؟

عن طريق الاسطوانات أو الأفلام العربية التى كانت تعرض فى باريس.

من يلحن لك الآن؟

رياض السنباطى ومحمود الشريف والموجى وكمال الطويل.

لا شك أن هذه فرصة كبيرة لك؟

نعم.. ولكن أرجو أن تتحقق لى أمنية.

وما هى؟

أن يلحن لى الأستاذ زكريا أحمد

وهل لمست فرقاً بين ما يلحن لك الآن وبين ما لحن لك من قبل؟

كما تخرج مودة الأزياء من باريس.. تخرج الألحان من القاهرة.. وأنتم هنا تهتمون كثيراً بكلمات الأغنية.

ألم تشتغل بالسينما؟

لا.

لو أتيحت لك الفرصة ما هو الدور الذى تتمنين القيام به؟

جميلة بوعزة.

تقصدين جميلة بوحريد؟

لا.. أقصد صديقتها المجاهدة جميلة بوعزة، التى ادعت الجنون فى المحكمة، فهذا الدور يحتاج إلى مجهود فنى ضخم.

ومن منها تقصدين بأغنية جميلة؟

قصدت الجميلتين.

هل التقيت بهما؟

لا.. ولكنى أعرف شقيق جميلة بوحريد.

هل أنت متزوجة؟

لا.. لأننى لم أقابل الشخص المناسب حتى الآن.

ألم يقل لك إنسان "أحبك"؟

ففكرت وردة قليلاً.. ثم قالت: هذه الكلمة تسبب لى متاعب كثيرة.. لأنى إذا سمعتها أجهد نفسى طويلاً فى البحث عما وراءها.

سمعت أنك غنية؟

كنا كذلك.. ولكن معظم أموالنا جمدت فى فرنسا..ثم سكتت وقالت: الواقع أنى محتاجة للفن روحياً لا مادياً.

لاحظت أن شقيقك يلازمك فى كل مكان تذهبين إليه.. فما هو السبب؟

الحقيقة أن شقيقى مرهق معى.. ولكنها تعليمات أبى فهو رجل شديد جداً، وهو يكره أن يرانى أضع المساحيق أو أرتدى فستاناً مفتوحاً فى الحفلات العامة.

هل لك هواية تمارسينها؟

أحب السباحة.. وأتمنى لو أجد فى القاهرة حماماً للسباحة مناسباً.

وهل ستبقين هنا طويلاً؟

ستكون إقامتى الدائمة هنا، أو ربما سفر شهراً أو شهرين فى السنة.

إنك تتكملين اللهجة المصرية بطلاقة؟

لأنى أحب كلامكم.

يقولون إن كل إنسان لا يخلو من عيب.. فهل تعرفين عيبك؟

فابتسمت الجزائرية الحسناء وقالت: عيبى أننى لا أعرف كيف أختار أصدقائى كما أنى مسرفة.

وما هو الشىء الذى تكرهينه؟

أكره الشفقة.. بمعنى أنى لا أحب أن يشفق على الناس.

وهل تخافين شيئاً؟

أخاف الذل.. ومع ذلك فأنا كما قلت لك مسرفة.

فيم تفكرين قبل النوم؟

اعتدت دائماً أن أقرأ الفاتحة.

هل تحبين القراءة؟

كثيراً.. فيعجبنى سونرست موم، وقرأت لفرانسواز ماجان.

ما رأيك فيها؟

لا تعجبنى أفكارها.. فهى متطرفة فى دعوتها للحرية.. ولو كانت لى ابنة لمنعتها من قراءة كتبها.

هل هناك حكمة معينة تعملين بها فى حياتك؟

حكمتى.. ألا أكذب مع نفسى.. ويقينى أننى إذا صدقت مع نفسى فسوف أصدق مع كل الناس.

هل عرفت الغيرة؟

نعم.. كنت أغار من أم كلثوم وأنا صغيرة وتمنيت أن أصبح مطربة كبيرة مثلها.. أما الآن فشعور الغيرة عندى يحفزنى إلى التقدم والتفوق.. لا إلى محاربة الناس.

وهل تؤمنين بالحظ؟

أحياناً.

بعض الناس يحتفظون بأشياء معينة يعتقدون أنها تجلب لهم الحظ.. فهل أنت من هؤلاء؟

نعم أنا من هؤلاء الناس.. عندى مصحف صغير أهداه لى أحد المجاهدين.. وهذا المصحف لا يكاد يفارقنى فى أى مكان أذهب إليه.

وهل تتشائمين؟

نعم أتشاءم من الرعد.. وإذا سمعته ليلاً أسرع إلى شقيقتى لأنام بجوارها.

ما هى الأغنية التى تتمنين لو أنك غنيتيها؟

هجرتك لأم كلثوم.

Katen Doe

سماح جاه الرسول

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

المزيد من المجلة زمان

«رتيبة الحفنى».. أسطورة الموســيقى العربية الشعب المصرى عنده تذوق للموسيقى

"رتيبة الحفنى" أسطورة الغناء الأوبرالى والسوبرانو، حيث حققت فى هذا الفن الغربى ما لم تحققه فنانة عربية من جيلها أو...

كتيبة الورقة والقلم على صفحات «الإذاعة والتليفزيون» في حرب أكتوبر

قبل 50 عاماً صدر عدد مجلة الإذاعة والتليفزيون فى مطلع أكتوبر دون أى إشارة للمعركة المحتملة، رغم تواصل أبنائها الدائم...

الوجه الآخر للفنان شفيق نور الدين

سر نجاحى فى كلمتين «التواضع» و«عدم الغرور»/ «كمال سليم» أستاذى فى السينما.. و«عزيز عيد» فى المسرح/ راتبى بعد الضرائب «42...

فى حوار عمره 59 عامًا كمال الشناوى: الفن «ميكروب مفيد» أصابنى منذ الطفولة

وقف الطفل "كمال الشناوى" يؤدى أول أدواره السينمائية فى مدرسة المنصور الابتدائية، وكان فى العاشرة من عمره، لتمر السنوات ويشاهد...

زد يفوز على الجونة 1-0 في الدوري الممتاز
  • الأربعاء، 27 سبتمبر 2023 11:32 م