بشارة واكيم: خشبة المسرح مايقــدرش يمشى عليها كل من هب ودب

بشارة واكيم واحد من أشهر فنانى الكوميديا فى تاريخ الفن العربى من مواليد  5 مارس1890 بحى الفجالة بالقاهرة، أعتقد أننا بذلك نصحح مفهوم أنه من مواليد الشام، هذا الممثل القدير ظل يقدم لنا دور الثرى الشامى الذى يتحدث بلهجة أهل الشام حتى أن كثيرا من الناس أصبح راسخا فى أذهانهم بأنه من أصول شامية.

عائلة "واكيم" من العائلات المصرية الكبيرة  المعروفة بثرائها وبتعليم أبنائها بالمدارس الأجنبية والمصرية الراقية، فحصل على البكالوريا من مدرسة فرنسية بالقاهرة، ولرغبة  والده فى أن يكون محاميا، التحق بكلية الحقوق، وحصل على ليسانس الحقوق عام1912، وبالفعل بعد ممارسة المهنة لمدة عامين وفى عام 1914 عندما عاد "جورج أبيض" من دراسته من باريس أخذ يعرض على مسرح الأوبرا الملكية مسرحيات باللغة الفرنسية، وعندما شاهدها "بشارة" جن جنونه وقرر قرارا مصيريا بأن يخلع ثوب المحاماة ويدخل عالم التشخيص، ولم يتوقع أحد من أفراد أسرته أن أحلامهم فى "بشارة" بأن يكون وزيرا سوف تنسف ويكون أشهر فنانى  الكوميديا فى تاريخ الفن المصرى.

التحق بفرقة "جورج أبيض"عام1917 كممثل هاوٍى، واشترك فى تمثيل الروايات حتى أصبح من أعمدة فرقته، هذا الأمر جعل أسرته تغضب عليه وتقطع علاقتهم به ووصل الأمر إلى أنهم طلبوا من والد خطيبته فسخ الخطبة وكانت إحدى أقاربه، لأنه أصبح "مشخصاتى" لكن هذا الموقف لم يجعله يترك حبه الحقيقى وهو الفن، وعاش"بشارة" متزوجا للسينما والمسرح، وأنجب العشرات من الأفلام والمسرحيات الذين سيحملون اسمه من وراءه ويجعلونه يعيش فى ذاكرة الناس على مدى الزمن، وفى صباح يوم الثلاثين من نوفمبر عام 1949 طلعت الصحف تعلن خبر رحيل "بشارة واكيم" تاركا خلفه أكثر من 380 فيلما، وسكت الذى لم يكن يكف عن السخرية والضحك.

  فى ذكرى رحيل بشارة واكيم الـ73 ننشر له حوارا نادرا ومختلفا أجرى معه ذلك الحوار المخرج والممثل الكبير "سيد بدير" من خلال سلسلة أعلام المسرح، التى يقدمها الأستاذ السيد ، مع الكوكب  الذى يمثل خفة الروح فى الفيلم المصرى "بشارة واكيم".. نُشر هذا الحوار على صفحات مجلة الراديو المصرى فى عددها رقم 609 الصادر بتاريخ 16 نوفمبر 1946، حوار عمره 76 عاما فإلى نص الحوار:

السيد بدير: من كام سنة بتشتغل فى المسرح؟

بشارة واكيم: كممثل محترف والا كممثل هاوى.. ولو إنى مازلت لحد دلوقتى هاوى

 قصدى من كام سنة بدأت ظهورك على المسرح؟

 من سنة 1912.

 يعنى قبل الحرب؟

 الحرب اللى قبل الحرب اللى احنا لسه فى حكايتها دى.

   كيف بدأت هوايتك ثم احترافك؟

متقولش احترافك هيه دى صنعة دى موهبة حد يحترف الموهبة ،و كنت نجار أو حدادأو براد أبقى محترف.. محترف النجارة أو الحدادة  أو البرادة لكن دا وجدان،  ده دم يحترق على المسرح.

  قصدى كيف بدأت تفكر فى التمثيل ثم كيف اتخذته مهنة وسبيلا للعيش؟

زمان أيام ما كان عندى زى عشر سنين أو اتناشر سنة، كنت تلميذ فى مدرسة أهلية والمدرسة دى عملت حفلة تمثيلية فى تياترو أبو خليل القبانى.

  دا كان فين يا أستاذ؟

يعنى ما توعاش عليه ياسى السيد؟ زى بعضه يابنى كان فى أول شارع محمد على مطرح سوق الخضار دلوقتى، والمدرسة عملت الحفلة هناك. وكنت أنا بطل الرواية يعنى غاوى من يومى، وفضلت الغية دى تكبر ويايا بمعدل2 على 1.

   يعنى إيه؟

 يعنى لما كنت أنا  أكبر سنة كانت هى تكبر سنتين..لحد ما بقى عندى زى ما تقول عشرين سنة بقى هيه  عندها زى أربعين. وأكبر منك بيوم يا حلو يعرف عنك بمدة، ضغطت علىّ وخلتنى أفوت كلية الحقوق وأنا فى سنتى الثانية، يعنى نص محامى. كنت أجرى فى أندية التمثيل والجمعيات وفى مقدمتها (نادى إحياء التمثيل العربى) رئاسة صديقى العزيز الأستاذ "الجليل عبد العزيز حمدى" الذى تخرج على يديه فطاحل التمثيل الآن. أصحاب الأسماء الكبيرة الضخمة. ومثلنا أول رواية سنة 1912.

  كان اسمها إيه؟

مطامع الرجال، ما فيهاش حريم أبدا كلها رجال فى رجال.

  أول يوم مثلت فيه على المسرح. كان إحساسك شكله إيه؟

ما كانش عندى إحساس بالمرة. لأنى لما دخلت أمثل دورى على المسرح. بصيت لقيت نور كهربا قدام عينيه، وناس كتير قوى قاعدين.. كان تقريبا يجى ربعميت نفر ما فيش منهم منهم احد بفردة كريمه:

يعنى800 عين باصين ليه قعدت يجى عشر دقائق حاسس إنى مرفوع عن خشبة المسرح يجى 3 أشبار ولا أنا شايف ولا سامع إلا كلمة "كويس" بتنقال بشويش من الكواليس وكلمة على مهلك عال جدا حلو"، وأنا لسه ما نطقتش ولا كلمة وفهمت إن اللى يقول الكلام ده عاوز يشجعنى.. اللى هو رئيس النادى، فكانت هذه الكلمات تفوقنى تدريجيا من ذهولى "أيوه" كويس كده و"قول بقى" لكن برضه ما قلتش هايب الموقف أتارى المسرح له جلال غريب عظيم ميقدرش يمشى عليه كل من هب ودب.

الكلام ده احنا عارفينه. هو أنا باقولك أنت ما أنا عارف أنك حسيت نفس الموقف. أنا بقول للى  عاوزين يخشوا التمثيل وفاهمين إنهم رايحين يقشروا فاصوليا، اسمع إن ما كانش الاستعداد  فطرى والمواهب موجودة من الأصل وناقصها البروز يبقى ما فيش معنى إن كل واحد يقول: أنا أقدر أمثل ويقدر يمثل منزله مثلا يقدر يمثل دولته يقدر يمثل أى حاجة إلا التمثيل لأن لها أصول حاقولك عليها.

 إيه أصلها؟

كان يا ما كان يا سعد يا كرام ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبى عليه الصلاة  والسلام.. اللهم صلى وسلم عليه.

كان مرة واحد اسمه "خليل" يا كرام خلف من ضمن ولاده ولد اسمه "بشارة" مقدرش يكمل الحقوق وبص أبوه لقاه واقف على خشبة المسرح بيمثل فكان العراك مستديم بين الجوز ، الأب والابن.

 الأب يقول: يا ابنى يا حبيبى كمل حقوقك وخليك بنى آدم ارفع راسى بيك، أقوله: يا با تقدر تروح عند الدكتور بتاعك وتقوله اعمل حلة محشى؟

يقول: لا أقوله: تقدر تقول لعم اسكندر الطباخ بتاعنا يجى يشيلك المصران الأعور يقول لى لأ. أقوله خلاص الدكتور يشلك الأعور ولما  عم اسكندر يحشيك المحشى، وأنا أمثل كل واحد وشغلته، وفضلت أنا كف فى  المسرح والمسرح يناكفنى لحد ما بقيت ممثل رسمى بفرقة الأِستاذ "جورج أبيض" وكان وقتها "جورج أبيض" هو طلعنى من مكتب المحامى اللى كنت باشتغل معاه وده حصل بواسطة المرحوم الأستاذ "عبدالرحمن رشدى" وكان أول مرتب لى بعد  الهواية عشرين جنيها مصريا عشرين جنيه!

 إيه مستكترهم جورج بك موجود اسأله؟

وتستكثرهم ليه يا سى "السيد" غاوى مش محترف شاف منى إن شغلى مظبوط.. باندماج.. حاجة حلوة،وكان معايا فى ذاك الوقت الأستاذ حسين رياض وعباس فارس حاجة تفتح النفس وترد الروح، كلنا غواة متعلمين كويس فاهمين اللى بنقوله على المسرح، وبره المسرح وحياتك. بعد كده عرف أبويا أن الله حق وإن ابنه ناجح وإن لو عملت محامى كنت عملت محامى للقضايا التلفانة الخسرانة يعنى لو يجيلى زبون مدين، يعنى له فلوس عند حد هاطلعه فى المحكمة مديون وعليه فلوس لخصمه، وقليل إن ما خليت المحكمة تحبسه.

عرف أبويا كده واطمأن على وسابنى ومات.. إلى أن حل الأستاذ جورج بك أبيض فرقته سنة 1918 فانضممت إلى فرقة المرحوم الأستاذ "عبد الرحمن رشدى" اللى حلها بعد تمثيل روايات الموت المدنى.. والنائب هالير.. والضمير الحى إلى آخر البروجرام  بتاعة حلها سنة 1920 فانضممت لفرقة شركة ترقية لتمثيل العربى ومثلنا فيها روايات عبدالرحمن الناصر.. وهدى.. والزوبعة وغيرها،  وكان غرام فرقة ترقية التمثيل العربى فى الروايات الأوبرا فترجمت لهم رواية شمشون ودليلة واللؤلؤة وهما من نوع الأوبرا التى تبتدى بالموسيقى التصويرية، وتغنى كلها من غير أى كلمة تمثيل وحلو فرقتهم سنة 1923، وكان الأستاذ المرحوم "أيمن صدقى" فى حاجة إلى بطل كوميدى ليتناوب  أدوار البطولة مع الأستاذ"على الكسار" فمثلت روايات منها أهو كده.. وانتخابات.. زباين جهنم.. وملك الشوا إلى آخره إلى أن حلت سنة 1924 فاستردنى أستاذى "جورج أبيض" إلى فرقته بعد أن ابتدا صيتى يذيع واختطفتنى السيدة المحبوبة الفنانة  اللى الواحد يخدمها بحبة عينيه.

 هى مين دى يا أخى؟

ست الكل.. يا جدع أنت.. السيدة "منيرة المهدية "مثلنا رواية الغندورة.. حورية هانم.. المظلومة وصلاح الدين.. على نور الدين.. إلخ.. إلى أن حلت فرقتها وتألقت فرقة السيدة "فاطمة رشدى".

 الله يرحمه الأستاذ "عزيز عيد" كانت هذه اللآلئ  تطغى علينا وكنا فى كل رواية أحسن من اللى قبلها تنطح اللى سبقتها وسافرنا العراق وسوريا ولبنان للمرة الأولى فى حياتنا، واتمتعنا  بروايات منها مصرع كليوباترا.. وخللى بالك ..وفوت وبيزانطا ..والسلطان عبدالحميد.. وسلسلة من الروايات الكوميدية والدراماتيكية، ثم انحلت الفرقة عام 1932، وكنت أحب أنها تدوم إلى الأبد، وابتدأ عملنا مع الأستاذ "يوسف بك وهبى "وكان الممثل الأعلى فى الرشاقة والأخلاق والإدارة وتقدير الجمهور فمثلنا روايات مظنيش إن فى واحد ما شفهاش. 

  زى إيه؟

أولاد الفقراء.. أولاد الشوارع.. وبنات الريف والشهيدة..وراسبوتين وإلخ، وكانت فرقة صدقى الأستاذ الريحانى الحلوة الننوسة الدلوعة  تمثيل فى تياترو رمسيس بعد أن حل يوسف وهبى فرقته، فانخرطت فى فرقة نجيب ومثلنا روايات منها قسمتى.. الدنيا على كف عفريت.. الدنيا لما تضحك.. الشايب لما يدلع.. حسن ومرقص وكوهين .. التى مازالت عالقة فى الأذهان.

  مثلت كام رواية مسرحية يا أستاذ بشارة؟

مايتعدوش يا أبو السيد 300-400 رواية مثلت فى جميعها شخصيات مختلفة وكنت دايما أنسى أنى بشارة واكيم. وأعتقد أننى الشخص اللى بمثله.

 أحسن رواية مثلتها إيه؟

والله عندى كلها واحد لكن فيه امتياز دى عجوزة ودى شابة ودى حلوة، عندك مثلا رواية مصرع كليوباترا للمرحوم شوقى بيك أمير الشعراء.

  دورك فيها أية؟

مارك أنصون ومثلت هذا الدور مش كما أردت ولكن كما أراد المرحوم شوقى بك للدور من الاحساس.

Katen Doe

سماح جاه الرسول

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave

المزيد من المجلة زمان

wave
«زكى رستم».. أطيب شرير فــى السينما المصرية

"زكى محرم محمود رستم" أو "زكى رستم" فنان قدير لمع اسمه على مدى أربعين عاما، من منتصف العشرينيات وحتى

أحمد مظهر فى حوار عمره 59 عامًا: كلنا عمال من أجل بلدنا

ولد "أحمد حافظ مظهر" بحى العباسية وسط القاهرة، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1938، وضمت دفعة تخرجه

فاتن حمامة فى حديث عمره 63 عاماً: صفعة من والدى حرّرتنى من الغرور

ولدت "سيدة الشاشة العربية" فى 27 مايو عام 1931 بالمنصورة، وقدمت -وهى لاتزال طفلة- فيلمين،

«وردة » فى حوار عمره 63 عاماً: كنت أغار من «أم كلثوم » فى طفولتى

ولدت "وردة فتوكى" أو "وردة الجزائرية" فى فرنسا فى 22 يوليو 1939 لأب جزائرى وأم لبنانية، وبدأت الغناء فى وقت