الرئيس السيسى يجهض حلم إسرائيل فى«وطن بديل» ويحذر من المساس بأمننا القومي

تساؤلات مصرية لأمريكا وأوروبا: أين قيم الحضارة الإنسانية؟.. وأين المساواة بين أرواح البشر؟ / قمة «القاهرة للسلام» تفضح الدور الغربى المشبوه فى مخطط الإبادة الجماعية لسكان غزة
منذ بدايات التصعيد الأخير فى قطاع غزة، والدولة المصرية لا تألو جهدًا لاحتواء الأوضاع المتفاقمة هناك، مُحذّرة الأطراف الفاعلة من أن الحرب الدائرة لن يخرج منها خاسر أو رابح، وأن النار التى ستشتعل فى المنطقة ستطال الجميع بلا استثناء.
إدارة الرئيس الأمريكى "جو بايدن" لم تدرك أبعاد التحذيرات المصرية، وأعلنت ـ على الملأ ـ دعمها المطلق وغير المحدود للكيان الصهيونى فى مواجهة مدنيين عُزّل، مستترة وراء دعاوى تصفية حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" ومن على شاكلتها.
وفى تحد صارخ لحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، أصدر الرئيس الأمريكى قرارًا فوريًا بتحريك حاملتى الطائرات "جيرالد فورد" و"أيزنهاور" إلى منطقة الشرق الأوسط؛ بزعم حماية الكيان الصهيونى من أى مواجهات مسلحة قد تقوم بها حركات المقاومة الفلسطينية أو غيرها فى المنطقة.
ولم يكتف "بايدن" بذلك، بل إنه فتح مخازن أسلحته ووضعها تحت إمرة جيش الاحتلال، إلى جانب توفير الدعم المالى الذى تأمر به حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو. فى الوقت ذاته، دارت آلة الإعلام "الصهيو أمريكية" لتصور الفلسطينيين على أنهم مصاصو دماء، ولا يمكن للحملان الإسرائيليين العيش بكنفهم.
بفضل هذا الدعم الأمريكى الهائل، وجد رئيس الوزراء الإسرائيلى الفرصة سانحة أمامه لإسكات معارضة الداخل التى كانت تطالب ـ قبل أيام من اندلاع الحرب ـ بٍإسقاط حكومته وتقديمه للمحاكمة، فأعطى أوامره بتدمير قطاع غزة وتسويته بالأرض، دون النظر لأى اعتبارات إنسانية أو قانونية أو حتى دينية. وكانت النتيجة وقوع عشرات المجازر فى حق الفلسطينيين العُزّل، كان أبرزها قصف مستشفى"الأهلى المعمداني" بالصواريخ والطيران الحربي.
حل القضية لن يكون على حساب مصر
وسط هذا التصعيد غير المبرر، كانت الدولة المصرية تعمل بكل جد على مدار الساعة لتهدئة الأوضاع وتخفيف الضغط على أهالى غزة، فى الوقت ذاته لم تتغافل القيادة السياسية عن تحركات جيش الاحتلال لحصر المدنيين فى جنوب القطاع تمهيدًا لتهجيرهم إلى سيناء قسرًا؛ وفق مخطط معد له سلفًا.
وأعلنها الرئيس "السيسي" صراحة أن "سيناء خط أحمر"، وأبدًا لن تكون "الوطن البديل" للفلسطينيين، مؤكدًا أن "تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث وفى كل الأحوال لن يحدث على حساب مصر ".
وبفضل هذه التحذيرات الحاسمة، تغيّرت مواقف الدول الداعمة لتنفيذ مخطط "الوطن البديل"، كما خرجت الحكومة الإسرائيلية لتنفى أى محاولات من جانبها لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
وبعدما قالت مصر كلمتها بشأن ما يجرى فى قطاع غزة، لم تتوقف الاتصالات والمباحثات بين الرئيس "السيسي" وزعماء العالم وممثلى المنظمات الأممية والدولية لبحث التهدئة ومنع اشتعال الموقف فى المنطقة بأكملها.
لقد كان فى طليعة هذه التحركات، زيارة المستشار الألمانى "أولاف شولتز" للقاهرة ومباحثاته مع الرئيس "السيسي" للعمل بشكل مكثف على احتواء التصعيد الراهن، واستئناف عملية السلام، وإيجاد آفاق لتسوية القضية الفلسطينية.
وعقب هذه المباحثات، حرص الرئيس "السيسي" على عقد مؤتمر صحفى لإطلاع الرأى العام العالمى والعربى والمصرى على كل ما دار من مباحثات مع المستشار الألماني، مؤكدًا إدانة مصر لكافة الأعمال العسكرية التى تستهدف المدنيين بالمخالفة والانتهاك الصريح لكافة القوانين الدولية، مشددًا على "رفض جميع الممارسات المتعمدة ضد المدنيين"، كما طالب المجتمع الدولى بالتدخل الفورى لوقفها.
تحذير من اتساع دائرة الصراع
بلا مواربة، خاطب الرئيس "السيسي"، المستشار الألمانى قائلاً: إن زيارتكم لمصر تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين بلدينا، والتزام البلدين باستكشاف سبل تدعيم العلاقات الثنائية، فى مختلف المجالات كما تتيح هذه الزيارة، التنسيق والتشاور المستمر، من أجل تحقيق أهدافنا وغاياتنا المشتركة، والتى يأتى فى مقدمتها؛ تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، وبما ينعكس أيضًا على أمن القارة الأوروبية".
ثم عرج الرئيس "السيسي" إلى مخاطبة قادة وزعماء وشعوب العالم، قائلاً: لقد تناولت مباحثاتنا مع المستشار الألمانى بشكل تفصيلي، المواجهات العسكرية بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني، والتصعيد العسكرى فى قطاع غزة، الذى أودى بحياة آلاف من المدنيين، وينذر أيضًا بمخاطر جسيمة على المدنيين وعلى شعوب المنطقة، كما أن الوضع الإنسانى فى قطاع غزة، آخذ فى التدهور بصورة مؤسفة وغير مسبوقة".
وفى رسالة تحذير مما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع فى المنطقة، قال الرئيس "السيسي": إن استمرار العمليات العسكرية الحالية، سيكون له تداعيات أمنية وإنسانية، يمكن أن تخرج عن السيطرة، بل تنذر بخطورة توسيع رقعة الصراع، فى حال عدم تضافر جهود كافة الأطراف الدولية والإقليمية، للوقف الفورى للتصعيد الحالي".
وأضاف: لقد تناولت والمستشار "شولتس"، الجهود المصرية من أجل احتواء الأزمة، من خلال اتصالاتنا المكثفة، مع طرفى الصراع وكافة الأطراف الدولية والإقليمية، على مدار الأيام الماضية واتفقنا فى الرؤى، حول الحاجة الضرورية لعودة مسار التهدئة، وفتح آفاق جديدة للتسوية، من أجل تجنب انزلاق المنطقة، إلى حلقة مفرغة من العنف، وتعريض حياة المدنيين للمزيد من المخاطر.
وتابع: أكدت كذلك على ضرورة التعامل مع القضية الفلسطينية بمنظور شامل ومتكامل، يضمن حقوق الفلسطينيين، بإقامة دولتهم المستقلة على حدود ١٩٦٧، وعاصمتها "القدس الشرقية"، كما اتفقنا فى الرؤى على أهمية العمل بشكل مكثف، على استئناف عملية السلام، عقب احتواء التصعيد الراهن، وإيجاد آفاق لتسوية القضية الفلسطينية.
إجهاض حلم الوطن البديل
الرئيس "السيسي" كان حريصًا خلال لقائه مع المستشار الألمانى على إجهاض الحلم الإسرائيلى فى أن تكون سيناء هى "الوطن البديل" للفلسطينيين، بتأكيده "رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية، أو أية محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا من أرضهم، أو أن يأتى ذلك على حساب دول المنطقة".
وكشف الرئيس "السيسي" أن السبب الحقيقى وراء الهجوم الأخير على غزة هو دفع الفلسطينيين للتحرك والهجرة نحو سيناء، حيث تستخدم إسرائيل ذريعة الحرب على "حماس" لتنفيذ فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
وبكلمات لا تحتمل التأويل أو التكهن بما يمكن أن يحدث مستقبلاً، قالها الرئيس "السيسي" صريحة على الملأ: إن مصر ستظل على موقفها الداعم للحق الفلسطينى المشروع فى أرضه، ونضال الشعب الفلسطيني".
وبينما كان الرئيس "السيسي" يكثف اتصالاته ومباحثاته مع زعماء وقادة العالم بشأن تطورات الأوضاع فى قطاع غزة كانت هناك تجهيزات لاستضافة "مؤتمر القاهرة للسلام" بالعاصمة الإدارية الجديدة. ورغم ضيق الوقت فقد شهد المؤتمر حضورًا مكثفًا لقادة ورؤساء حكومات ومبعوثى عدد من الدول الإقليمية والدولية.
الإنسانية المصرية فى مواجهة الحضارة الغربية
خلال الجلسة الافتتاحية لقمة القاهرة للسلام، ألقى الرئيس "السيسي" كلمة عبّر خلالها عن مدى المعاناة التى يعيشها الشعب الفلسطينى جراء القصف المتواصل لقوات الاحتلال، قائلاً: نلتقى اليوم بالقاهرة، فى أوقات صعبة؛ تمتحن إنسانيتنا، قبل مصالحنا.. تختبر عمق إيماننا بقيمة الإنسان، وحقه فى الحياة وتضع المبادئ، التى ندعى أننا نعتنقها، فى موضع التساؤل والفحص".
وفى رفض قاطع لكل الجرائم والممارسات البشعة التى يرتكبها الاحتلال فى حق الشعب الفلسطيني، وسط صمت غربى وأمريكى مريب، قال الرئيس "السيسي": إن مصر تدين بوضوح كامل؛ استهداف أو قتل أو ترويع كل المدنيين المسالمين وفى الوقت ذاته، تعبر عن دهشتها البالغة من أن يقف العالم متفرجًا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، فى قطاع غزة يُفرض عليهم عقاب جماعي، وحصار وتجويع وضغوط عنيفــة للتهجير القسرى فى ممارسات نبذها العالم المتحضر الذى أبرم الاتفاقيات، وأسس القانون الدولي، والقانون الدولى الإنسانى لتجريمها، ومنع تكرارها مما يدفعنا لتأكيد دعوتنا، بتوفير الحماية الدولية، للشعب الفلسطينى والمدنيين الأبرياء.
فى إشارة إلى ازدواجية المعايير التى يتعامل بها المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، مع القضية الفلسطينية، قال الرئيس "السيسي" : دعونى أتساءل بصراحة، أين قيم الحضارة الإنسانية التى شيدناها على امتداد الألفيات والقرون؟.. أين المساواة بين أرواح البشر دون تمييز أو تفرقة أو معايير مزدوجة؟".
وإبرازًا للدور المتحضر والإنسانى الذى تعاملت به الدولة المصرية مع معاناة الفلسطينيين، أضاف: إن مصر، منذ اللحظة الأولى، انخرطت فى جهود مضنية آناء الليل وأطراف النهار؛ لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية، إلى المحاصرين فى غزة.. لم تغلق معبر رفح البرى فى أى لحظة؛ إلا أن القصف الإسرائيلى المتكرر لجانبه الفلسطينى حال دون عمله.
وتابع: فى هذه الظروف الميدانية القاسية، اتفقت مع الرئيس الأمريكي، على تشغيل المعبر بشكل مستدام، بإشراف وتنسيق كامل مع الأمم المتحدة، ووكالة "الأونروا"، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وأن يتم توزيع المساعدات، بإشراف الأمم المتحدة، على السكان، فى قطاع غزة.
"الأوهام السياسية".. وحقوق الفلسطينيين
خلال كلمته فى قمة "القاهرة للسلام"، جدّد الرئيس "السيسي"، التأكيد على أن سيناء لن تكون الوطن البديل تحت أى ظرف، وأن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري، قائلاً: إن العالم لا يجب أن يقبل استخدام الضغط الإنساني، للإجبار على التهجير، وقد أكدت مصر، وتجدد التشديد، على الرفض التام، للتهجير القسرى للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضى المصرية فى سيناء؛ إذ أن ذلك، ليس إلا تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإنهاء لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة، وإهدارًا لكفاح الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية، بل وجميع الأحرار فى العالم، على مدار ٧٥ عامًا، هى عمر القضية الفلسطينية".
وأضاف: أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين وبتعبير صادق عن إرادة وعزم جميع أبناء الشعب المصرى فردًا فردًا، أن تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث وفى كل الأحوال "لن يحدث على حساب مصر".
واستخدم الرئيس "السيسي" كلمات معبرة عن حجم المعاناة التى يعيشها الشعب الفلسطيني، واصفًا قناعة البعض باستمرار الأوضاع على ما هى عليه دون تغيير بـ"الوهم السياسي"، متسائلاً: هل كتب على هذه المنطقة، بأن تعيش فى هذا الصراع للأبد؟.. ألم يأن الوقت للتعامل مع جذر مشكلة الشرق الأوسط؟.. ألم يأت الحين، لنبذ الأوهام السياسية، بأن الوضع القائم قابل للاستمرار؟.
ولفت الرئيس "السيسي" إلى أن الوضع القائم يتمثل فى "وضع الإجراءات الأحادية والاستيطان وتدنيس المقدسات وخلع الفلسطينيين من بيوتهم وقراهم، ومن القدس الشريف، مؤكدًا أن "مصر دفعت ثمنًا هائًلا، من أجل السلام فى هذه المنطقة.. بادرت به عندما كان صوت الحرب هو الأعلى وحافظت عليه وحدها؛ عندما كان صوت المزايدات الجوفاء هو الأوحد، وبقيت(مصر) شامخة الرأس، تقود منطقتها، نحو التعايش السلمى القائم على العدل.
وأَضاف: اليوم تقول لكم مصر بكلمات ناصحة أمينة، إن حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى؛ بل إن حلها الوحيد، هو العدل؛ بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، فى دولة مستقلة على أرضهم مثلهم مثل باقى شعوب الأرض".
خارطة طريق لإنقاذ العالم من عواقب حرب غزة
حذّر الرئيس "السيسي" من تفاقم الأزمة الراهنة، بالقول: نحن أمام أزمة غير مسبوقة؛ تتطلب الانتباه الكامل للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة، ويهدد السلم والأمن الدوليين".
ووضع الرئيس "السيسي" خارطة طريق دولية للخروج من المأزق الراهن، وإحياء مسار السلام من خلال عدة محاور، تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، وتنتقل فورًا إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل فى مفاوضات لإحياء عملية السلام وصولًا لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التى تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل على أساس مقررات الشرعية الدولية، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل فى الأراضى الفلسطينية.
قمة "القاهرة للسلام" التى استضافتها العاصمة الإدارية الجديدة، كانت تستهدف بناء توافق دولى عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية؛ إلا أن عدم اتفاق الوفود المشاركة على إصدار بيان موحد يدين أعمال العنف ضد المدنيين العُزل، ويطالب بالوقف الفورى للأعمال العسكرية من الجانبين، جاء ليؤكد حرص الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على الدعم المطلق لدولة الاحتلال؛ دون أدنى اعتبار لحقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
خلل جسيم فى قيم المجتمع الدولي
وفى مواجهة هذا الانقسام الحاد بين الوفود المشاركة؛ أخذت الرئاسة المصرية ـ بصفتها الداعية لمؤتمر القاهرة للسلام ـ على عاتقها مهمة إصدار بيان ختامي، أكدت خلاله أن "الدولة المصرية تطلعت إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالميًا للسلام يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولى مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، بحيث يتم الخروج من رحم الأزمة الراهنة بروح وإرادة سياسية جديدة تمهد الطريق لإطلاق عملية سلام حقيقية وجادة؛ تُفضى خلال أمد قريب ومنظور إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال بيان الرئاسة المصرية: إن المشهد الدولى عبر العقود الماضية كشف عن قصور جسيم فى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية لكونه سعى لإدارة الصراع، وليس إنهائه بشكل دائم، واكتفى بطرح حلول مؤقتة ومُسكنات لا ترقى لأدنى تطلعات شعب عانى على مر أكثر من ثمانين عامًا من الاحتلال الأجنبى ومحاولات طمس الهوية وفقدان الأمل.
وأضاف البيان: كشفت الحرب الجارية عن خلل فى قيم المجتمع الدولى فى التعامل مع الأزمات، فبينما نرى هرولة وتنافسا على سرعة إدانة قتل الأبرياء فى مكان، نجد ترددًا غير مفهوم فى إدانة نفس الفعل فى مكان آخر، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطينى أقل أهمية من حياة باقى البشر.
وتابع البيان: إن الأرواح التى تزهق كل يوم خلال الأزمة الراهنة، والنساء والأطفال الذين يرتجفون رُعبًا تحت نيران القصف الجوى على مدار الساعة تقتضى أن تكون استجابة المجتمع الدولى على قدر فداحة الحدث.
وأكد البيان، أن "حق الإنسان الفلسطينى ليس مستثنى ممن شملتهم قواعد القانون الدولى الإنسانى أو الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. والشعب الفلسطيني.. لابد أن يتمتع بكافة الحقوق التى تتمتع بها باقى الشعوب، بدءًا بالحق الأسمى، وهو الحق فى الحياة، وحقه فى أن يجد المسكن الآمن والرعاية الصحية اللائقة والتعليم لأبنائه وأن تكون له قبل كل شيء دولة تُجسد هويته ويفخر بالانتماء لها.
تحذير مصرى من المساس بأمننا القومي
وحسب البيان، فإن "مصر صاحبة المبادرة بالدعوة إلى قمة السلام، تعرب عن تقديرها العميق للدول والمنظمات التى استجابت لتلبية الدعوة رغم اعتبارات ضيق الوقت، وتؤكد أنها لن تألو جهدًا فى استمرار العمل مع جميع الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التى دعت إلى عقد هذه القمة، مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع.
وشدد البيان على أن "مصر سوف تحافظ دومًا على موقفها الراسخ الداعم للحقوق الفلسطينية، والمؤمن بالسلام كخيار استراتيجى لا حياد أو تراجع عنه، حتى تتحقق رؤية حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اللتين تعيشان إلى جوار بعضهما البعض فى سلام".
واختتم بيان الرئاسة بالتأكيد على أنه "فى إطار سعى مصر نحو تحقيق تلك الأهداف السامية، لن تقبل أبدًا بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أى دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة فى الحفاظ على سيادتها وأمنها القومى فى ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات مستعينة فى ذلك بالله العظيم، وبإرادة شعبها وعزيمته".
سبب الرفض الغربى لبيان قمة القاهرة للسلام
عن سبب رفض الدول الأوروبية والولايات المتحدة مسودة البيان الختامى لقمة "القاهرة للسلام"، أفاد المستشار احمد فهمي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، بأن"نقاط الخلاف الأساسية واضحة، وانعكست من قبل فى قرارات مجلس الأمن؛ التى لم تصدر فى العديد من المناسبات الأخرى".
وفى تصريح لشبكة "سكاى نيوز"، أشار "فهمي" إلى أن "عددًا من الدول تُصر على إدانة طرف واحد بمنتهى القوة وعدم إدانة الطرف الآخر، فيما يرى البعض بأنه لا مجال للحديث عن وقف إطلاق النار الآن"، مؤكدًا أن "موقف مصر واضح فى هذا الصدد، وطرحته فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ثم بيان الرئاسة الذى يضع الجميع أمام مسئولياته، ويؤكد الضرورة القصوى للعمل على المستوى الإنساني، ثم التحرك نحو التهدئة، ثم إحياء مسار السلام".
ولفت "فهمي" إلى أن "أحد أهم أسباب دعوة مصر لقمة القاهرة للسلام، هو التحرك على المستوى الفورى والآني؛ للتعامل مع الأزمة الإنسانية الكارثية، والضرورة القصوى لإدخال المساعدات"، مؤكدًا على "وجود توافق عام وجامع وشامل بين المشاركين على أهمية إدخال المساعدات لقطاع غزة".
الصين تعلن رفضها السياسات الغربية
فى ضوء الموقف الذى اتخذته الدول الغربية ضد حقوق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، دعت الصين من خلال مبعوثها الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاى جون، الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر سلام واسع النطاق، وفى أسرع وقت ممكن، لبحث الصراع الفلسطينى - الإسرائيلي.
وأشار "تشاي" إلى أن "التصعيد الذى يشهده الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، أثبت مرة أخرى أنه لا يمكن تجاهل القضية الفلسطينية أو نسيانها"، مشددًا على أن "المخرج من الحلقة المفرغة لهذا الصراع هو العودة إلى خطة حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
تبقى الإشارة إلى أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فشل مؤخرًا فى تبنى مشروع قرار قدمته روسيا، يدعو إلى وقف إطلاق نار إنسانى فى غزة، ويدين كل أعمال العنف ضد المدنيين والأعمال الإرهابية ويدعو لإطلاق سراح كل الرهائن، وإيصال المساعدات الإنسانية والإجلاء الآمن للمدنيين.
كما فشل المجلس أيضًا فى تبنى مشروع آخر لقرار قدمته البرازيل، يدعو إلى وقف الأمر الإسرائيلى بتهجير سكان قطاع غزة، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق "الفيتو" لنقض مشروع القرار، وقبل التصويت عليه مباشرة، فشل مجلس الأمن فى تبنى تعديلين روسيين يتعلقان بإدانة استهداف المدنيين فى غزة دون تمييز، والدعوة لوقف فورى لإطلاق النار.
أخبار ذات صلة
المزيد من سياسة
تحقيق هآرتس: آلاف الجنود ينهارون نفسيا ويتركون القتال في غزة
سلطت صحيفة هآرتس العبرية الضوء على تصاعد حالات الأزمات النفسية بين الجنود الإسرائيليين نتيجة حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة...
يسرائيل هايوم: مصر تسعى لتأسيس تحالف عربي على غرار "حلف الناتو"
كتبت صحيفة يسرائيل هايوم العبرية نقلًا عن تقرير لصحيفة "الأخبار" اللبنانية، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسعى لإطلاق "قوة...
تفاصيل الخريطة الأممية لتوحيد المؤسسات الليبية
«النواب الليبى» يعلن دعمه لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال 18 شهراً
سيناريوهات الجولة القادمة من الحرب بين إيران وإسرائيل
ماذا تريد إسرائيل من "جر شكل إيران؟ وهل تتأهب لإشعال حرب جديدة ضد بطهران؟.. شواهد متعددة وأحاديث كثيرة تتردد وسيناريوهات...