المشير أحمد إسماعيل..الوزير الذى ارتبط اسمه بأعظم انتصارات العصر الحديث

نال وسام نجمة الشرق عام 1973.. وميدالية 6 أكتوبر 1973.. ووسام الشرف العسكرى برتبة فارس من سوريا 1974.. ووسام نجمة الشرف من منظمة التحرير الفلسطينية 1974.. ووسام الشجاعة الليبى سنة 1974
واحد من أهم و أعظم من أنجبت مصر, بطل من أبطال حرب أكتوبر المجيدة, الملقب فيها بوزير النصر, قائد من القادة الذين حافظوا على تراب الوطن الغالي؛ فخلد ذكراهم التاريخ بحروف من نور لما قدموه من أعمال فريدة وتضحيات وبطولات أبهرت العالم.. المشير “أحمد إسماعيل على”، المشرف على التخطيط للحرب، والشريك الأول فى رسم خطة التدريب للقوات المسلحة فى حرب أكتوبر العظيمة، ووزير الحرب الذى اقترن اسمه بأعظم انتصارات العصر الحديث، والذى اتسمت شخصيته بالقوة كما وصفه الرئيس الراحل “أنور السادات” بصاحب الشخصية القوية الذى ابلى بلاء تاريخيا ساهم فى تحقيق النصر العظيم فى حرب العزة والكرامة..
فى الذكرى الـ50 لانتصارات أكتوبر تذكره مجلة الاذاعة والتليفزيون باستعراض مشواره من الميلاد للرحيل, وعبقريته فى إنقاذ الجبهة المصرية من الانهيار وقت الحرب.
الميلاد والنشأة
أحمد إسماعيل علي, ولد فى 14 أكتوبر عام 1917م, بالمنزل رقم 8 بشارع الكحالة بحى شبرا محافظة القاهرة, والده كان يعمل ضابط شرطة بوزارة الداخلية, وكانت والدته ربه منزل, هو الولد الوحيد على عدد من الأخوات البنات.
التحق بالمراحل التعليمية المختلفة حتى حصل على الشهادة الثانوية و كان يود الالتحاق بالكلية الحربية لكنه فشل فى ذلك فى ذلك الوقت فقام بتقديم أوراقه إلى كلية التجارة و فى الوقت نفسه لم ييأس من حلم الالتحاق بالحربية وفى السنة الثانية قام بتقديم أوراقه مع الرئيس الراحل أنور السادات إلى الكلية الحربية ولكن رفضتهما الكلية للمرة الثانية لنفس السبب لأنهما من عامة الشعب, و خلال نفس العام أصدر الملك فؤاد الأول قرارا استثنائيا بقبول طلاب الكلية الحربية من أبناء عامة الشعب فتقدم إسماعيل بأوراقه ليتم قبوله و يتم دراسته فيها, ليتخرج عام 1938م, ضمن الدفعة الثامنة حربية؛ دفعة «الضباط الاحرار», برتبة ملازم ثان بسلاح المشاة, وكان من زملائه: جمال عبد الناصر، ومحمد أنور السادات، وعبد المنعم رياض، ويوسف السباعى، وأحمد مظهر، وعمل ضابطا للاستطلاع وقائدا لفصيلة فى الكتيبة الرابعة مشاة..
وفى الأول من مايو سنة 1940م، ترقى أحمد إسماعيل إلى رتبة الملازم أول، وقاد سرية بالكتيبة الرابعة مشاة، وفى 5 سبتمبر عام 1942م, منح رتبة النقيب، و سافر بعدها إسماعيل بعثة التدريب بفلسطين تحديدا عام 1945م, وجاء ترتيبه الأول على الضباط المصريين والانجليز, وشارك فى الحرب العالمية الثانية وحرب فلسطين وكان قائدا لسرية مشاة فى رفح وغزة.
حياته العسكرية.. المسيرة والمشوار والمناصب التى تقلدها
التحق أحمد إسماعيل بسلاح المشاة، وتم إرساله إلى «منقباد» ومنها إلى السودان ثم سافر فى بعثة تدريبية مع عدد من الضباط المصريين والإنجليز إلى «دير سفير» بفلسطين عام 1945م, وكان ترتيبه الأول واشترك فى الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) كضابط مخابرات فى الصحراء الغربية، ووقتها حصل على نوط الجلاء العسكرى 1945م, و قد جاءت مشاركته فى حرب فلسطين، نظرا لعقليته العسكرية الكبيرة, كما اختير لمنصب أركان حرب الكتيبة الثانية مشاة فى 7 يوليو من عام 1948م، ثم تمت ترقيته إلى رتبة رائد وتولى قيادة سرية فى رفح، ووقتها حصد إسماعيل العديد من الأنواط منها نوط الجدارة الذهبى عام 1949م, ومن الميداليات العسكرية، ميدالية فلسطين, وميدالية محمد على التذكارية..
و فى عام 1950م, حصل على درجة الماجستير فى العلوم العسكرية، وتمت ترقيته إلى رتبة مقدم فى 11 فبراير 1951، ثم وقع عليه الاختيار ليكون مدرسا بكلية القادة وأركان الحرب، التى كان يدرس فيها، وكان معروفا عنه النشاط والإفادة فى العلوم العسكرية والجدية فى نظام التدريس لطلبة الفرق التعليمية المختلفة, وعندما قامت ثورة 23 يوليو عام 1952م, قامت قيادة الجيش بعمل تغييرات فى القيادات العسكرية, وأصدرت أوامر عسكرية لأحمد إسماعيل بتولى رئاسة أركان حرب فرقة المشاة, وحصل وقتها إسماعيل على العديد من الجوائز والأوسمة والنياشين والبطولات، و نال وسام التحرير عام 52م, و فى الوقت نفسه ظل مدرسا بالكلية الحربية حتى عام 1953م، حتى تمت ترقيته لرتبة لواء, و حصل على نوط الواجب العسكرى عام 1955م، ونوط الاستقلال عام 1956م..
وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر بعد ظهر يوم 29 أكتوبر 1956م, بمشاركة كل من (انجلترا وفرنسا وإسرائيل) ، كان إسماعيل واحدا ممن تصدوا للمعتدين بصفته قائدا للواء الثالث فى رفح، وكان أول من تسلم مدينة بورسعيد بعد هزيمة العدوان والانسحاب البريطانى، ووقتها حصل إسماعيل على وسام الجيش الشعبى اليوغوسلافى, ثم قاد لواء ثالث مشاة فى القنطرة شرق، و فى عام 1957م, التحق بكلية مزونزا العسكرية بالاتحاد السوفييتى، و حصل على نوط النصر العسكرى 1957م، وعمل بعدها كبيرا للمعلمين بالكلية الحربية عام 1959م، و حصل فى العام ذاته على ميدالية الجيش, و نوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى, بعدها تولى قيادة الفرقة الثانية مشاة التى أعاد تشكيلها ليكون أول تشكيل مقاتل فى القوات المسلحة المصرية, و بعدها بعام تحديدا فى 1960م, عمل مع ثورة الكونغو مستشارا عسكريا، ثم أسندت إليه رئاسة هيئة العمليات للقيادة العليا لقواتنا المسلحة, و حصد بجدارة ميدالية العيد العاشر للثورة 1962م، وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة..
و فى خلال الفترة ما بين عام (1961 – 1965) تولى إسماعيل قيادة الفرقة الثانية مشاة بمنطقة القنطرة شرق, و خلال عام 1965م, وحتى يوليو 1966م, أتم دراسته بكلية الحرب العليا بأكاديمية ناصر العسكرية العليا, وتم تعيينه رئيسا لأركان قيادة القوات البرية بعد إنشائها مباشرة وظل بها حتى حرب الخامس من يونية 1967م؛ حيث عمل قائدا عاما لقوات قيادة الجبهة الشرقية والتى كانت تضم كافة القوات المصرية غرب القناة, وعقب الحرب تم تكليفه باستعادة الكفاءة القتالية وبناء الدفاعات، وبدأ بالفعل فى إعادة تكوين القوات المسلحة فأنشأ الجيشين الثانى والثالث الميدانيين، وكان له الفضل فى إقامة أول خط دفاعى للقوات المصرية بعد ثلاثة أشهر من النكسة..
وبعد حرب 1967م, وجدت تلك المراكز مبررا للإطاحة بإسماعيل، وبالفعل نجحوا فى ذلك، ولكن الرئيس (جمال عبد الناصر) استدعاه, وسلمه قيادة القوات شرق قناة السويس، وبعد ثلاثة شهور فقط من معارك 67, أقام أول خط دفاعي, كما قام بإعادة تنظيم هذه القوات وتدريبها وتسليحها، وبعد فترة وجيزة تمكنت هذه القوات من أن تخوض معركة رأس العش، ومعركة الجزيرة الخضراء، وإغراق المدمرة الإسرائيلية (إيلات)؛ ومن المعروف أنه وبعد أيام من النكسة أصدر الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر» قرارا بإقالة عدد من الضباط وكبار القادة وكان من بينهم أحمد إسماعيل، وبعد أقل من 24 ساعة أمر الرئيس عبد الناصر بإعادته للخدمة وتعيينه رئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة, وتولى منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة و كان ذلك عقب استشهاد الفريق أول «عبد المنعم رياض» رئيس أركان حرب القوات المسلحة على الجبهة فى 9 مارس 1969م, وتولى إسماعيل رئاسة أركان حرب القوات المسلحة، وفى 12 سبتمبر عام 1969م, تم إعفاؤه من منصبه بسبب انزال الزعفرانة وترك الحياة العسكرية.
و فى عام 1970م, بعد وفاة الرئيس عبد الناصر, وتولى الرئيس «أنور السادات» خلفا لناصر؛ تم تعيين أحمد إسماعيل فى 15 مايو 1971م, رئيسا للمخابرات العامة, وبقى فى هذا المنصب قرابة العام ونصف العام, حتى يوم 26 أكتوبر عام 1972 - 19 رمضان 1392 هـ، فى تمام الساعة الثالثة بعد الظهر، واثناء تواجده داخل منزل الرئيس السادات بالجيزة، تحديدا فى حديقة المنزل, لم يكن يدرى سبب استدعائه، ولكنه توقع أن يكون الأمر خطيرا، وبعد حديث قصير دار بينهما، أبلغه السادات بقرار تعيينه وزيرا للحربية, وقائدا عاما للقوات المسلحة خلفا للفريق أول «محمد صادق»؛ و ذلك نظرا لخلفيته العسكرية، وحصوله على أدق المعلومات عن قدرات الجيش الإسرائيلى بحكم منصبه، وخوضه معارك ميدانية عديدة قبلها, ليقود إسماعيل الجيش المصرى فى مرحلة من أدق المراحل لخوض ملحمة التحرير..
و فى 28 يناير 1973 عينته هيئة مجلس الدفاع العربى قائدا عاما للجبهات الثلاثة؛ الشرقية «الأردن», والشمالية «سوريا», والجنوبية «مصر».
إنجازاته فى حرب أكتوبر
كان للمشير أحمد إسماعيل دور بارز ومعنوى كبير بل وقيادى فى حرب السادس من أكتوبر عام 1973م, فقد استطاع بذكائه و حنكته العسكرية انقاذ الجبهة المصرية من الانهيار، حيث انه فى يناير 1973م, عين إسماعيل قائدا لقوات الجبهتين الشمالية والجنوبية, وقام بإدارة الحرب بمهارة وثبات وصبر، مما ساعد على اجتياز الأوقات العصيبة للحرب بنجاح، كما نجح فى تنسيق الجهود والتعاون مع القوات السورية أثناء الإعداد للحرب وبدء الأعمال القتالية فى 6 أكتوبر 1973م, وحقق النصر الكبير, خاصة بعد قرار السادات بتطوير الهجوم شرقا, وتوغل القوات المصرية فى سيناء لتخفيف الضغط على الجبهة السورية, ووقتها حدث الخلاف الشهير بين الرئيس السادات ورئيس هيئة الأركان الفريق «سعد الدين الشاذلي» وقرر السادات إعفاء الشاذلى من منصبه بشكل مؤقت، وكان للفريق الشاذلى شعبية واسعة فى الجيش بين كبار القادة والجنود، إلى جانب أن الخلافات بدأت فى عز اشتعال المقاومة الإسرائيلية وظهور ثغرة الدفرسوار, بالإضافة إلى الحساسية التى كانت تسيطر على علاقة إسماعيل والشاذلى، وميل الأول إلى تأييد الرئيس على حساب آراء رئيس الأركان فى التعامل مع الثغرة، تولٌى إسماعيل قيادة هيئة الأركان بنفسه، وعاونه المشير «محمد عبد الغنى الجمسي» رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة آنذاك, و الذى جرى تصعيده إلى المنصب رسميا مع انتهاء الحرب, ونجح أحمد إسماعيل فى الحفاظ على وحدة الصف بين القادة، وانصاع فى الوقت نفسه إلى تعليمات القائد الأعلى للقوات المسلحة, و نال إسماعيل وسام نجمة الشرق عام 1973م, وميدالية 6 أكتوبر 1973م, ووسام الشرف العسكرى من رتبة فارس من سوريا 1974م، ووسام نجمة الشرف من منظمة التحرير الفلسطينية 1974م، ووسام الشجاعة الليبى من ليبيا سنة 1974م.
تكريم ورحيل
فى 19 فبراير عام 1974م, تزامنا مع احتفالات مجلس الشعب, منح الرئيس السادات «أحمد إسماعيل» رتبة «المشير» بأثر رجعى ليكون إسماعيل مشيرا اعتبارا من السادس من أكتوبر عام 1973م, وهى أرفع رتبة عسكرية مصرية، وهو أول ضابط مصرى على الإطلاق يصل لهذه الرتبة, و بعد شهرين تحديدا فى 26 أبريل 1974م, تم تعيين إسماعيل نائبا لرئيس الوزراء، إضافة إلى منصبه السابق وزيرا للدفاع, و فى ظل هذه النجاحات و تقلد المناصب الرفيعه, وبعد أيام من اختيار مجلة الجيش الأمريكى المشير أحمد إسماعيل واحدا من ضمن 50 شخصية عسكرية عالمية أضافت للحرب تكتيكا جديدا..
رحل إسماعيل عن عالمنا بجسده بعد إصابته بسرطان الرئة, وفارق الحياة يوم الأربعاء ثانى أيام عيد الأضحى الموافق 25 ديسمبر عام 1974م, عن عمر يناهز 57 عاما داخل أحد مستشفيات لندن, ليظل عائشا بيننا فى مصرنا الحبيبة بروحه الطاهرة الزكية, يخلد ذكراه التاريخ و تجدد سيرته كل عام تزامنا مع الاحتفال بذكرى انتصارات اكتوبر المجيدة.
أخبار ذات صلة
المزيد من سياسة
سفارة المغرب تحتفل بالذكرى ال 26 ليوم العرش الوطنى
بحضور «هنو» و«المسلمانى» أحمد هنو: مصر والمغرب علاقات عميقة وتاريخية وتقوم على الاحترام والتعاون
« ديميترى بريجع»ترامب أطلق الإنذار الأمريكى باتجاه المواجهةالمباشرةضد روسيا
تقليص مهلة وقف الحرب الأوكرانية يضع العالم أمام حرب نووية محتملة تسليح أوكرانيا بصواريخ « أتاكمز» بعيدة المدى هو إحدى...
وزيرالدفاع يلتقى عدداًمن مقاتلى الجيش الثانى الميدانى وكلية الضباط الاحتياط
التقى الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى بعدد من مقاتلي الجيش الثانى الميدانى...
الإخوان.. من تل أبيب إلى القاهرة
جماعة تؤدى وظيفة الاحتلال