إنعاش عملية الإعمار ومفاوضات توحيد الفصائل ومباحثات لإحياء السلام

لم تغب القضية الفلسطينية يوماً عن أجندة صانع القرار المصرى، حتى خلال تراجع العلاقات المصرية مع هذا الفصيل الفلسطينى أو ذاك،

 فالقضية الفلسطينية جزء من امن مصر القومى، ,من أجلها خاضت خمس حروب وضحت بعشرات الآلاف من الشهداء، وهو ما لا يستطيع أحدا أن ينكره.

ورغم هذا الدور المصرى المشهود له عالمياً نجد بعض الأقلام، من هنا أو هناك، تنتقد الدور المصرى أو تحاول التقليل منه لأسباب إيديولوجية، وخلافات مع بعض القوى الإقليمية. لكن تظل الحقيقة الراسخة أن مصر هى الداعم الأول والرئيسى للقضية الفلسطينية، وأن هذا الدعم المصرى قد بلغ ذروته خلال حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى جعل إعمار قطاع غزة جزءاً من أجندة مصر، وهى جهود يلمسها المواطن الفلسطينى على الأرض فى قطاع غزة بعد بدء عمل الشركات المصرية فى إعادة الإعمار بعد انتهاء العدوان الصهيونى بعدة أيام. لتثبت مصر أن وعودها لم تكن يوماً حبراً على ورق.

 إعمار غزة استراتيجية مصرية

ويقول المحلل السياسى الفلسطينى دكتور ماهر صافى إن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعمار غزة تعتبر استراتيجية مصرية ثابتة، فهى تأتى إيمانا من القيادة المصرية بدور مصر فى دعم الأشقاء الفلسطينيين فى أزمتهم الحالية، وامتداداً لدور مصر فى دعم القضية الفلسطينية. وهو دور لم تتخل عنه مصر أبداً منذ عام 1948، بل وقبل هذا التاريخ. فمصر تدرك جيداً أن دعم ونصرة القضية الفلسطينية قدرها بوصفها قلب العروبة النابض، وصاحبة الثقل الدولى والريادى فى منطقة الشرق الأوسط.

 وأضاف "صافى" أن مصر كانت سباقة فى قضية دعم وإعادة بناء قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلى الأخير، فأصدر الرئيس السيسى قراره بتخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلى فى عدوان 2021. مضيفاً أن قرارات ومواقف القيادة السياسية المصرية تأتى انسجاماً مع إيمان هذه القيادة بأن دعم الموقف الفلسطينى هو جزء أساسى من دورها فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى بصفة خاصة، والأمن القومى العربى بصفة عامة.

وشدد "صافى" على أن القيادة المصرية تلعب دوراً مفصلياً فى تحقيق التهدئة فى قطاع غزة وتجنيب أهالى قطاع غزة ويلات العدوان الإسرائيلى، فضلاً عن دور مصر فى تحقيق الوحدة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام الفلسطينى بين حركتى فتح وحماس، وإحباط المخططات الإسرائيلية والتى تسعى لتكريس حالة الانقسام الفلسطينى واستدامتها حتى تحقق الفصل الكامل بين طرفى الدولة الفلسطينية المرتقبة، وهما الضفة الغربية وقطاع غزة.

 الثقل المصرى لخدمة القضية الفلسطينية

وأشار "صافى" إلى أن مصر تستخدم ثقلها الإقليمى والدولى فى خدمة القضية الفلسطينية، بغض النظر عن موقفها السياسى من هذا الفصيل الفلسطينى أو ذاك، فما يشغل القيادة المصرية هو المصلحة الفلسطينية العليا، ومصلحة المواطن الفلسطينى المتأثر بهذه الظروف المحيطة والذى يدفع ثمن المواقف السياسية من أمنه واستقراره. لذلك تبذل القيادة المصرية جهوداً كبيرة فى إقرار التهدئة فى قطاع غزة بين الفصائل الفلسطينية ودولة الاحتلال، وكذلك فى الضفة الغربية تسعى مصر للجم الاحتلال ووقف ممارساته القمعية ضد الشعب الفلسطينى، مستندة على دورها وثقلها التاريخى فى المجتمع الدولى، وهو الثقل الذى يجعلها تحظى بإجماع دولى على القيام بهذا الدور المهم، والذى تستخدمه لخدمة القضية الفلسطينية.

وأوضح "صافى" أن مصر قامت بعدة خطوات رئيسية لتحسين الوضع المعيشى بالنسبة لأهالى قطاع غزة والذين يعانون ظروفاً إنسانية واجتماعية متدهورة. وأهمها فتح معبر رفح فى الاتجاهين لفترات طويلة والسماح بدخول البضائع والأفراد ومواد البناء وما يحتاجه القطاع لإعادة الإعمار، فضلاً عن إدخال شركات المقاولات المصرية للبدء فوراً فى عملية إزالة الأنقاض والبدء فى إعادة بناء ما هدمته آلة الحرب الإسرائيلية.

ولفت "صافى" إلى أن الشعب الفلسطينى يتلقى دعماً سياسيا متواصلاً من جانب القيادة المصرية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يتمسك بالموقف المصرى الثابت والداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى كل المحافل الدولية، ويعرب عن تطلع مصر لتجديد الأمل لدى الشعب الفلسطينى فى تحقيق السلام المنشود والحصول على حقوقه المشروعة وفق المرجعيات الدولية، وهو ما يفرض حتمية انهاء دائرة العنف والتصعيد المتكرر سعياً لفتح الباب أمام فرص وجهود التسوية وتحقيق الاستقرار والهدوء تمهيداً لاطلاق عملية السلام بين الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى، التى من شأنها تغيير واقع المنطقة بأسرها.

وشدد "صافى" على أن مصر لم تتخل يوماً عن دعم القضية الفلسطينية ولا عن أشقائها الفلسطينيين، ووقفت بجوارهم منذ أكثر من 70 عاما، ولا تزال تؤدى دورها القومى على أكمل وجه.

 مصر محور القضية الفلسطينية

من جانبه يقول أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة سامح الجارحى إن مصر هى نقطة المحور والمركز فى القضية الفلسطينية منذ بدايات القرن العشرين، فمنذ الربع الأول من القرن الماضى وتلعب مصر دوراً محورياً مهماً فى القضية الفلسطينية بداية من الدور العسكرى الذى يتمثل فى جميع الحروب التى خاضتها مصر من حرب فلسطين ١٩٤٨ مروراً بالعدوان الثلاثى على مصر ثم نكسة يونيو ٦٧ وصولاً إلى الانتصار العظيم فى حرب السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣، وبالإضافة إلى الدور العسكرى هناك الدور السياسى والأمنى والاستخباراتى الذى تقوم به مصر دائما حيث كانت فلسطين حاضرة وبقوة فى مفاوضات كامب ديفيد بين الرئيس الراحل أنور السادات ورئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن. وفى بداية القرن الحادى والعشرين لم يهمل الدور المصرى المركزى  القضية حيث تطالب مصر دائما المجتمع الدولى بضرورة حل الدولتين من أجل إنهاء القضية الفلسطينية والوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف.

وأضاف "الجارحى" أن مصر لعبت الدور الأبرز فى إنهاء جولات العدوان الإسرائيلى المتكررة على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة خلال الأعوام الماضية، وهو دور مشهود له ومعترف به عالمياً، فقد تدخلت الأجهزة المصرية على جميع المستويات من أجل تهدئة الأوضاع، لافتاً إلى أنه بعد التهدئة انطلقت مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإعادة إعمار قطاع غزة حيث تمثلت هذه المبادرة فى إعادة البنية التحتية للقطاع وتأسيس دار مصر ١ و ٢ و ٣ بالإضافة إلى خطط لإنشاء مطار فى غزة. كل هذه المبادرات والجهود تثبت دائما أن القضية الفلسطينية كانت وتظل قضية مصر الأولى والمركزية لتحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط.

 الهجوم على الدور المصرى معروف المصدر

أما عن الهجوم على الدور المصرى الريادى فى حل القضية الفلسطينية أو موقف مصر من دعم صمود الشعب الفلسطينى فيقول "الجارحى" إنه ليس مستغربا لأن مصدره دائماً هو تيارات تابعة لخفافيش الظلام الذين يريدون دائماً الانتقاص من دور مصر لصالح القوى الإقليمية الأخرى، وهو الأمر غير المرتبط تماماً بزيارة وزير الخارجية الأمريكى للمنطقة فى هذا التوقيت لتهدئة الأوضاع فى المنطقة وخصوصاً بعد انتخاب حكومة إسرائيلية جديدة يغلب عليها التيار اليمينى المتطرف فى إسرائيل.

وأشار "الجارحى" إلى أن تضحيات مصر والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية المصرية فى سبيل الحقوق الفلسطينية وسبل الحفاظ عليها لا تخفى على أحد لأن مصر أكبر دولة عربية وأكثر دولة فى العالم قدمت شهداء فى سبيل القضية الفلسطينية، ويتجاوز عدد شهداء مصر ١٢٠ ألف شهيد خلال حروبها المختلفة مع إسرائيل من أجل الحفاظ على حق الفلسطينى فى الحياة والوجود. كما أن فلسطين حاضرة بقوة فى الذاكرة السياسية للنظام المصرى طوال التاريخ بالإضافة إلى أنها باقية راسخة ومتجذرة فى الذاكرة الجمعية المصرية أبد الدهر وطوال التاريخ وهذا الأمر لا يمكن إنكاره، أو المزايدة عليه من هذا الطرف أو ذاك.

 القضية الفلسطينية محط اهتمام الرئيس السيسى

من جانبه يقول الكاتب الفلسطينى ثائر نوفل أبوعطيوى إن مصر تتمسك بدعم القضية الفلسطينية على جميع الصعد والمستويات، وتتحمل مصر ما لم تتحمله أى دولة أخرى فى دعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطينى والوقوف بجانبه رغم الكثير من الأزمات والعقبات، فمنذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية، ورغم الظروف العصيبة التى مرت بمصر قبل مجيئه وبعدها، إلا أنه أعطى الشأن الفلسطينى الأولوية والأهمية والاعتبار. فكان الدور المصرى ملحوظًا وبارزًا فى عدة مجالات، والتى منها إعادة إعمار قطاع غزة بعد جولات العدوان والحروب المتكررة عليه من جانب الكيان الصهيونى. فقد استطاعت مصر أن تقوم بإنجاز مشاريع سكانية لأهالى قطاع غزة، تستهدف الفئات الفقيرة والمهمشة من سكان القطاع، وتحملت مصر تكلفتها التى بلغت ملايين الدولارات.

ويرى أبو عطيوى أن دور مصر الأهم يظهر خلال جولات العدوان الإسرائيلية المتكررة على الشعب الفلسطينى، ففور وقوع أى عدوان على الشعب الفلسطينى تبدأ جولات مكوكية متواصلة من جانب المسئولين المصريين، وتتواصل زياراتهم للأراضى الفلسطينية وإلى الكيان الصهيونى للقاء المسئولين، من أجل منع التصعيد والانجرار لحرب مفتوحة تسعى دولة الاحتلال لإشعالها مع الشعب الفلسطينى، وهو ما تحبطه مصر بعقد اللقاءات والمبادرات  للجم فتيل العدوان الصهيونى، والضغط على دولة الاحتلال لوقف عملية التصعيد، وهو ما تنجح فيه مصر دوماً. وهو ما جعلها محط أنظار العالم فور وقوع أى عدوان على الشعب الفلسطينى فهى وحدها القادرة على وقف التصعيد ووقف نزيف الدم.

 وقف نزيف الدم الفلسطينى

ولفت أبو عطيوى إلى أن هذه الجهود المصرية هدفها الرئيسى هو الوقوف بجانب الفصائل والتنظيمات الفلسطينية فى قطاع غزة، ومنع دولة الاحتلال من مواصلة العدوان على الشعب الفلسطينى الأعزل خاصة أن الضربات الإسرائيلية دائماً ما تستهدف البنية التحتية للمدن الفلسطينية وكذلك المناطق السكنية.

وأوضح أبو عطيوى أن الجهود المصرية لدعم القضية الفلسطينية تسير فى عدة محاور متوازية، منها الدعم الاقتصادى والسياسى والاجتماعى، فمصر تواصل التنسيق مع السلطة الفلسطينية وبقية الفصائل الفلسطينية من أجل إنهاء حالة الانقسام، وتجاوز سلبيات المرحلة الحالية.  كما تعمل مصر دوماً من أجل تفويت الفرصة على حكومات الاحتلال المتعاقبة والتى تسعى لارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطينى من أجل زيادة شعبيتها فى الشارع الإسرائيلى المتجه بقوة نحو التطرف.

وشدد أبو عطيوى على أهمية الدور المصرى الداعم للقضية الفلسطينية فى ظل وجود الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، وفى ظل ممارساتها التعسفية من قتل واعتقال واجتياح ومداهمات ضد المدن والمخيمات الفلسطينية، وهى جرائم يحد منها كثيراً الموقف المصرى الرافض لتصرفات هذه الحكومة المتطرفة.

واختتم أبو عطيوى بالتأكيد على أن مصر ستظل صمام الأمان للقضية الفلسطينية وعامل تعزيز وبناء لجميع الجهود الفلسطينية للوصول لدولة مستقلة على التراب الوطنى المحتل فى يونيو سنة 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

Katen Doe

ناصر حجازي

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

تحذيرات من تجهيز إسرائيل لعمليات عسكرية جديدة ضد الفلسطينين فى غزة
صمود أصحاب الأرض يفضح أكاذيب الإســرائيليين فى الحرب الإيرانية

المزيد من سياسة

سفارة المغرب تحتفل بالذكرى ال 26 ليوم العرش الوطنى

بحضور «هنو» و«المسلمانى» أحمد هنو: مصر والمغرب علاقات عميقة وتاريخية وتقوم على الاحترام والتعاون

« ديميترى بريجع»ترامب أطلق الإنذار الأمريكى باتجاه المواجهةالمباشرةضد روسيا

تقليص مهلة وقف الحرب الأوكرانية يضع العالم أمام حرب نووية محتملة تسليح أوكرانيا بصواريخ « أتاكمز» بعيدة المدى هو إحدى...

وزيرالدفاع يلتقى عدداًمن مقاتلى الجيش الثانى الميدانى وكلية الضباط الاحتياط

التقى الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى بعدد من مقاتلي الجيش الثانى الميدانى...

الإخوان.. من تل أبيب إلى القاهرة

جماعة تؤدى وظيفة الاحتلال