مع بدء العام الثاني لأكبر هجوم في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية .. ووسط ترحيب روسي وأوكراني وتشكيك أمريكي .. قدمت الصين مقترحا من 12 نقطة دعت فيه إلى إجراء محادثات بين روسيا وأوكرانيا، قائلة إنه يجب احترام السيادة الوطنية.
في حين شهدت جلسة مجلس الأمن تبادل الاتهامات .. والاتحاد الأوروبي يفرض حزمة عقوبات عاشرة أشد قسوة على موسكو.
فكيف تنتهي الحرب في أوكرانيا التى حولت حياة مواطنيها إلى جحيم.. وأدت إلى أكبر أزمة نزوح لم تشهدها أوروبا منذ عقود؟
مقترح الصين بين مؤيد ومعارض
تباينت ردود الفعل الدولية حول الاقتراح الذي قدمته الصين، الجمعة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للعملية العسكرية الروسية هناك، إلا أن هناك ترحيبا أوكرانيا وروسيا بذلك الاقتراح.
أوكرانيا: تفكير الصين في التوسط في السلام "أمر مبشر"
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رحب "ببعض" عناصر الاقتراح الصيني، لكنه قال إن "الدولة التي تدور فيها الحرب هي التي ينبغي أن تطلق خطة السلام"، معلنا اعتزامه لقاء الرئيس الصيني، شي جين بينغ.
وأضاف زيلينسكي أنه من الضروري العمل مع الصين، سعيا إلى إيجاد حل للنزاع مع روسيا، "يبدو بالنسبة لي أن هناك احتراما لوحدة أراضينا في الوثيقة الصينية، ولأمور تتصل بالأمن، علينا أن نعمل مع الصين على هذه النقطة، أعتقد أن الصين كشفت ما تفكر فيه، الصين بدأت بالحديث عن أوكرانيا، وهذا ليس أمرا سيئا".
وأضاف "أعتقد أن من الصواب الاعتقاد بأنه إذا كانت هناك أفكار تتوافق بطريقة أو بأخرى مع احترام القانون الدولي وسلامة الأراضي .. فلنعمل مع الصين في هذه النقطة".
وأردف "الصين لم تقدم خطة حقيقية، بل بعض الأفكار"، موضحا أن هناك بعض الأجزاء التي "لا يوافق" عليها.
وحث الرئيس الأوكراني بكين على عدم تزويد موسكو بالسلاح، لكنه أوضح أن "تفكير الصين (حليفة روسيا) في التوسط في السلام، أمر مبشر".
الرد الروسي
وزارة الخارجية الروسية، قالت إن "روسيا تقدر جهود الصين"، لوضع حد للنزاع في أوكرانيا، لكنها أكدت أن أي تسوية يجب أن تعترف بسيادتها على أربع مناطق تقول إنها ضمتها إلى حكمها.
وأعلنت موسكو، العام الماضي، أنها ضمت أربع مناطق من أوكرانيا - دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابورجيا - على الرغم من أن قواتها لا تسيطر بشكل كامل على أي من هذه المناطق.
المندوب الروسي لدى مجلس الأمن، أكد أن "وضع حد للأعمال القتالية في أوكرانيا، سيسمح للعالم بالتعافي".
مواقف الغرب
رغم التشكيك الذي أبدته دول غربية في الاقتراح الصيني، إلا أن المستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أبلغا زيلينسكي بضرورة الأخذ بعين الاعتبار مفاوضات السلام.
في استونيا، أشار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج، إلى أن بكين "وقعت اتفاقية مع روسيا قبل أيام فقط من غزوها أوكرانيا قبل عام"، معتبرا أن "الصين لا تتمتع بالكثير من المصداقية، لأنها لم تكن قادرة على إدانة الغزو غير المشروع لأوكرانيا".
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قالت إن "الصين لم تعرض خطة سلام، بل بعض المبادئ"، مضيفة: "سننظر في المبادئ بالطبع، لكننا سننظر إليها في ضوء انحياز الصين إلى أحد الطرفين".
تشكيك أمريكي
وزير الخارجية الأمركي، أنتوني بلينكن، قال: "أي اقتراح يمكن أن يدفع عجلة السلام هو أمر يستحق النظر. إننا نلقي نظرة عليه"، "هناك 12 نقطة في الخطة الصينية. إذا كانوا جادين بشأن النقطة الأولى، وهي السيادة، فإن هذه الحرب يمكن أن تنتهي غدا".
"تحاول الصين الجمع بين الشيء ونقيضه: فمن ناحية تحاول تقديم نفسها علنا على أنها محايدة وتسعى إلى السلام، بينما تدافع في نفس الوقت عن رواية روسيا الزائفة عن الحرب".
"الصين تقدم مساعدات غير فتاكة لروسيا من خلال شركاتها"، مكررا اتهام بكين بأنها "تفكر الآن في تقديم مساعدة فتاكة".
من جانبها، اعتبرت الأمم المتحدة أن خطة السلام الصينية بشأن أوكرانيا "مساهمة مهمة".
في مجلس الأمن .. اتهامات متبادلة
تزامنًا مع مرور عام على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، عقد مجلس الأمن الدولي، الجمعة، جلسة على مستوى وزاري دعا خلالها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى تشجيع كل الجهود الهادفة إلى "وقف سفك الدماء وإتاحة الفرص أمام تحقيق السلام".
جوتيريش، أضاف في كلمته، أن "الدمار الناجم عن "الغزو" الروسي لأوكرانيا انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي".
وقال جوتيريش: "إن نحو 17.6 مليون مواطن أوكراني، أي ما يقرب من 40% من سكان أوكرانيا، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية.. وقد محت الأزمة 30% من الوظائف التي كانت موجودة قبل الحرب.
وأضاف جوتيريش: "إن الاتحاد الروسي أيضًا يعاني من عواقب مميتة بسبب الحرب. إننا بحاجة للسلام الذي يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وشدد على أن "حماية المدنيين يجب أن تبقى أولوية قصوى.. يتعيّن وقف استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالبلدات والمدن والقرى. ويتعيّن ضمان وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بشكل آمن وبدون عوائق".
وحث جوتيريش جميع الأطراف على إنشاء منطقة سلامة وحماية أمنية في محطة زابوروجيا التي تعتبر أكبر محطة توليد طاقة نووية في أوروبا، "لتجنب وقوع أي حادثة خطيرة قد تخلف عواقب كارثية".
مبادرة البحر الأسود
وتحدّث جوتيريش عن مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، فشدد على أهمية مواصلة الانخراط في هذه المبادرة، مجددًا دعوته إلى تمديد العمل بها بعد مارس المقبل.
وأكد التزام الأمم المتحدة بالعمل لإزالة العقبات المتبقية أمام صادرات المواد الغذائية والأسمدة الروسية بما في ذلك الأمونيا، وتعد تلك الصادرات أساسية لجهود خفض الأسعار ومعالجة انعدام الأمن الغذائي في العالم.
المندوب الروسي: أوكرانيا ليست ضحية
وتحدث المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا، فأكد أنه "من الواضح أن أوكرانيا ليست ضحية لأنها شنّت حربًا ضد سكان دونيتسك ولوغانسك".
وقال نيبينزيا: "ممثلو أوكرانيا والدول الغربية يستخدمون كلمة "سلام" لكنهم يقصدون استسلام روسيا"، مضيفًا أنهم "يريدون إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا يتبعها تفكك البلاد".
وأضاف: "لم نعلن أبدًا أن الهدف من عمليتنا العسكرية هو تدمير أوكرانيا"، ولفت نيبينزيا إلى أن "الغرب يأمل في إضعاف روسيا وتشتيت الصين لتبقى له اليد العليا في العالم".
وتابع: "مستعدون للتفاوض بشأن كيفية تنفيذ أهداف عمليتنا العسكرية باستخدام الوسائل السلمية"، قائلًا: "لسنا مستعدين للنظر في السيناريوهات التي لا تتحقق فيها أهداف عمليتنا العسكرية".
وختم نيبينزيا: "إذا أنهت أوكرانيا الأعمال العدائية فستتاح لها فرصة أن تولد من جديد كدولة طبيعية".
مندوب الصين: يجب التوصل إلى سلام
بدوره، أكد مندوب الصين بمجلس الأمن تشانغ جون، أنه "يجب التفكير في وقف القتال والوصول إلى سلام في أوكرانيا وأوروبا".
وقال تشانغ جون: إن "بعض الدول تركز على سلامة أوكرانيا وأراضيها ولا تكترث بسلامة وأراضي الدول الأخرى"، مشيرا إلى أن "الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة الأوكرانية".
وشدد تشانغ جون على أنه "من الضروري عدم اجتياز الخط الأحمر المتعلق بالسلاح النووي"، معتبرا أنه "لتحقيق سلام واستقرار دائمين في أوروبا يجب التخلي عن عقلية الحرب الباردة".
بلينكن: يجب أن نضغط من أجل سلام عادل ودائم
وتحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن فرأى أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فشل في وضع يده على أوكرانيا بفضل مقاومة الأوكرانيين"، مشيرا الى أن "روسيا قتلت عشرات الآلاف من الأوكرانيين من النساء والأطفال على مدار عام"، معتبرا أنه "يجب أن نضغط من أجل سلام عادل ودائم في أوكرانيا"، ومشيرا إلى أن "أي سلام يضفي الشرعية على استيلاء روسيا على الأرض بالقوة سيضعف ميثاق الأمم المتحدة".
ومن وجهة نظر بلينكن فإن "روسيا ستستخدم أي توقف في القتال لتعزيز سيطرتها على الأراضي التي احتلتها بشكل غير قانوني".
وشدد على أنه ينبغي ألا يدعو أي عضو بمجلس الأمن إلى السلام بينما يدعم الحرب الروسية على أوكرانيا.
زيلينسكي: إنشاء محاكم عسكرية لمعاقبة روسيا على جرائمها
وتعليقًا على جلسة مجلس الأمن، قال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي: "نأمل توحيد المواقف بالأمم المتحدة لإنشاء محاكم عسكرية خاصة لمعاقبة روسيا على جرائمها.. نحن متأكدون من تحقيق النصر هذا العام ولدينا كل ما يلزم لذلك".
أضاف زيلنسكي: "خيب أملي كل من تركوا أوكرانيا بينما كان عليهم أن يدافعوا عنها، والروس لا يسعون حتى لإخفاء جرائمهم ويتحدثون عن السلاح النووي"، لافتًا إلى قيامه بخطوات باتجاه مفاوضات سلام وتقديمه صيغة لحل سلمي"، على حد قوله.
وأعرب زيلنسكي عن رغبته بمشاركة الصين والهند ودول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها في مؤتمر للسلام، وقال: "نعمل على آلية إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة روسيا معقدة جدا ونعمل بجهد على ذلك".
من جهته، أكد مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل"، أن الرئيس الأوكراني قدم خطة سلام من 10 نقاط ونحن نؤيدها.
خطة زيلينسكي
أعلن زيلينسكي للمرة الأولى صيغته للسلام في قمة في نوفمبر لمجموعة العشرين.
وتدعو الخطة إلى:
- السلامة الإشعاعية والنووية، بالتركيز على استعادة الأمن حول أكبر محطة نووية في أوروبا وهي محطة زابوريجيا في أوكرانيا التي تخضع حاليا للسيطرة الروسية.
- الأمن الغذائي، بما يشمل حماية وضمان صادرات الحبوب الأوكرانية لأفقر الدول في العالم.- أمن الطاقة، بالتركيز على قيود الأسعار على موارد الطاقة الروسية إضافة إلى مساعدة أوكرانيا في - إصلاح وتأهيل البنية التحتية للكهرباء التي تضرر نحو نصفها من الهجمات الروسية.- الإفراج عن كل السجناء والمبعدين بما يشمل أسرى الحرب والأطفال الذين تم ترحيلهم لروسيا.- إعادة وحدة الأراضي الأوكرانية وتأكيد روسيا عليها بموجب ميثاق الأمم المتحدة في بند قال عنه زيلينسكي إنه "غير قابل للتفاوض".- سحب القوات الروسية ووقف العمليات القتالية وإعادة الحدود بين أوكرانيا وروسيا لسابق عهدها.- العدالة، بما يشمل تأسيس محكمة خاصة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب من روسيا.- منع إبادة البيئة الطبيعية والحاجة لحماية البيئة بالتركيز على إزالة الألغام وإصلاح منشآت معالجة المياه.- منع تصعيد الصراع وبناء هيكل أمني في الفضاء اليورو-أطلسي بما يتضمن ضمانات لأوكرانيا.- تأكيد انتهاء الحرب من خلال توقيع وثيقة من كافة الأطراف المعنية.
حزمة عقوبات عاشرة "أشد قسوة"
على صعيد متصل أقر الاتحاد الأوروبي حزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، مجددا التأكيد الاتحاد الأوروبي على أنه يقف موحدا في صف أوكرانيا، والشعب الأوكراني، وسيستمر في دعم أوكرانيا طالما استدعى الأمر ذلك. بعد مشاورات استمرت حتى اللحظات الأخيرة، وفق بيان صادر من الرئاسة الدورية للاتحاد والتي تتولاها السويد حاليا.
وتعد حزمة العقوبات الجديدة هي العاشرة ضد روسيا، منذ بداية الحرب العام الماضي، وقد تم تصميمها جميعا لتقليل القدرات الروسية على تمويل حربها في أوكرانيا، وحرمان موسكو من المعدات التقنية اللازمة، وقطع الغيار المطلوبة لصيانة المعدات العسكرية، والأسلحة.
وتتضمن حزمة العقوبات الجديدة، قيودا أشد قسوة على الصادرات، فيما يتعلق بالسلع ذات الاستخدامات المزدوجة، علاوة على عقوبات على المؤسسات التي تدعم الحرب، ونشر الدعاية الروسية، أو توريد المسيرات التي تستخدمها روسيا.
وشملت الحزمة الجديدة إجراءات تستهدف شخصيات يقول الغرب إنها تروج للدعاية الروسية، وشخصيات أخرى تتهمها أوكرانيا بنقل أطفال أوكرانيين إلى روسيا، وشخصيات مسؤولة عن إنتاج المسيرات الإيرانية التي تستخدمها روسيا في الحرب.
واستهدفت الحزمة أيضا عددا من البنوك، وبينها بنوك خاصة "مثل بنك ألفا، وبنك تينكوف الرقمي" وتم استبعادها من نظام سويفت الخاص بالتحويلات البنكية، وبذلك يتم تخفيض حجم التجارة البينية بين روسيا وأعضاء الاتحاد الأوروبي بنحو 10 مليارات يورو.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
كان للتوسعات السعودية المتعاقبة في المسجد الحرام منذ عهد الملك عبدالعزيز حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز...
جدد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جدة بالمملكة العربية السعودية، جدد آمال الشعب...
75 عاما مرت على مذبحة الطنطورة إحدى قرى دولة فلسطين المحتلة وما زال غروب الشمس على شاطئها الساحر .. رملها...
بتوافق عربي تاريخي ووحدة غير مسبوقة بين جميع الدول العربية، اتفق القادة العرب في ختام القمة العربية العادية في دورتها...