محمد حرب باشا.. أعجب بى وقال إنى سأصل إلى أعلى مراتب النجاح

المونولوجست والممثل عبد الحميد زكى نجم من نجوم الفن المصرى، من مواليـــــد 2 ديسمبــــر      1899 بالقاهرة.. فى بداية مشواره الفنى كان من

 نجوم فن المونولوج وقام بتأليف العديد منها، كما برع فى أدوار المعلم والبائع والغفير والسمسار والفكهانى وغيرهم من الأدوار التى تمثل هذه الفئة الشعبية، فشارك فى 172 فيلما أهمهم "ليلى بنت الأغنياء، قلبى دليلى، ليلة العيد، القلب له واحد، ممنوع من الحب، غزل البنات، المليونير، لحن الخلود، ريا وسكينة، الطريق المسدود، ألمظ وعبده الحمولى".

ـ تنقل بين العديد من الفرق، منها فرقتا على الكسار والريحانى، مارس تجربة الإخراج بفيلم واحد وهو فيلم (أنا الشرق) عام 1956، كما عمل كمدير إنتاج فى 21 فيلما، أهمهم النائب العام عام 1946.. أولاد الشوارع عام 1951.. المنزل رقم 13 عام 1952.. قطارع الليل، فيلم عائشة وابن الإيجار عام 1953.. عام 1963 فيلم الأيدى الناعمة.. رحل هذا الفنان الأصيل فى 24 مايو 1970.

نتذكره فى ذكرى ميلاده  الـ123 وننشر له مقالا عمره 83 عاما تحدث فيه عن حياته الفنية بكل ما فيها من انكسارات وانتصارات على صفحات مجلة الراديو المصرى فى عددها رقم (215) الصادر بتاريخ 29 أبريل 1939.

فإلى نص المقال..

كنت مولعا منذ صغرى بفن الإلقاء والتمثيل، وقد سجلت صوتى على أسطوانة فى المدرسة تطبيقا لنظرية الصوت التى كنا نتعلمها فى دروس الطبيعة، فكان تسجيلى عبارة عن مقطوعات تمثيلية! ولم أكد أتم دراستى الثانوية حتى التحقت بفرقة الأستاذ "نجيب الريحاني" التمثيلية فى أول الأمر - لا يزيد على العمل بين أفراد "الكورس" فى رواياته الاستعراضية الكبرى.

ومع هذا فقد كنت أهتم بكل لحن كأنه رواية قائمة بذاتها، فأعد له الملابس الملائمة بعناية، حتى لقد سمانی زملائی "التيبست".

وقد أثار هذا الاهتمام الفنى غضب والدى رحمه الله، فكان ينهرنى ويشكو اهتمامى بالمسرح قائلا: "يعنی أنا كنت باصرف عليه فى المدارس علشان يطلع لى فى الآخر ممثل؟".

ولكننى اجتزت العقبات التى كان أبى وأهلى يضعونها فى طريقى، ورحت أتنقل فى جميع الفرق الكوميدية والفودفيلية، ونجحت بوجه خاص فى تمثيل الأدوار الغريبة الشاذة كالشامى والمغربى والتركى والأدوار الأخلاقية.

 يا غفير!

وعلى ذكر الأدوار التمثيلية أذكر أننى كنت أقوم بدور "غفير" فى رواية "القضية نمرة "١٤ مع الأستاذ "على الكسار".

ودعينا مرة إلى تمثيل هذه الرواية على مسرح البلدية بمدينة طنطا، وكان الجو حارا فى ليلة التمثيل فجلست فى الحديقة القريبة من المسرح ألتمس بعض النسيم، وكنت مرتديا ملابس "الغفير"، وتصادف أن مر بالمكان الذى جلست فيه سعادة مدير الغربية فلم يكد يرانى فى جلستى المتراخية حتى صرخ فى غاضبا يقول:

- انت قاعد كده ليه يا غفير..؟

ورددت على سؤاله بابتسامة بلهاء ليعرف أننى ممثل ولست غفيرا أهمل "الدرك"، وجاء ليستمتع بتلك الجلسة الهادئة فى الهواء الطلق، ولكن ابتسامتى الحلوة لم تعجب سعادة المدير فانطلق (يلسوع) الغفير الكسول بخيزرانة، كانت معه، حتى صرخت فى وجهه أقول: أنا ممثل يا بيه.. وفطن المدير إلى الحقيقة فضحك واعتذر لى وانصرف.

 ممثل!

وإذ نجحت كممثل وارتفع مرتبى وعلا مركزى فى الفرق التى كنت أشتغل معها أحببت أن أركز فى حياتى وأدعم مستقبلى، وأبنى لنفسى بيتا تحوطه الزوجة بعنايتها ورعايتها فتقدمت لخطوبة إحدى قريباتى ولكنها صدمتنى بالرفض لا لسبب إلا لأننى ممثل والعياذ بالله! ..

وعلمت أن هناك وظائف خالية بمصلحة المساحة فتقدمت إليها ودخلت امتحان المسابقة الذى عقد لاختيار من يشغلون هذه الوظائف، ومع أننى كنت قد هجرت الدراسة منذ زمن طويل، فقد وفقنى الله الى النجاح بتفوق وأصبحت فى عداد الموظفين، ثم اشتركت بعدئذ فى جمعية أنصار التمثيل.

 مونولوجست

وأراد أحد المديرين أن يكرم أحد المحسنين فأقام له حفلة كنت واحدا ممن اشتركوا فى إحيائها فألقيت مونولوجا باللهجة السورية، وبعض المونولوجات الكشكشاوية والكسارية التى كنت أحفظها عن ظهر قلب، وكان سعادة "محمد طلعت حرب باشا" من بين المدعوين إلى هذه الحفلة فأظهر لى إعجابه، وقال إننى أستطيع أن أصل إلى أعلى مراتب النجاح إذا جعلت لمونولوجاتی موضوعات ذات أغراض سامية "موراليتيه "، على النحو الذى بدا فى المونولوج السورى الذى ألقيته.. ولما انضممت إلى جمعية الاستقلال الاقتصادى، لاحظت أن أغانينا خالية من الدعاية للمنتجات المصرية، وتذكرت نصيحة طلعت باشا فوضعت بعض مقطوعات فيها دعاية للمنتجات المصرية،  لقيت كثيرا من التشجيع والنجاح. فحفزنى هذا إلى دخول میدان جدید: میدان المونولوجست، والتأليف، فأصبحت مؤلفا "على قدى" أستمد كتابتى من وحى قلبی و قومیتی.

 طلعوه بره

وحدث عند زيارة البعثة السامية لمصر فى العام الماضى (1938)، أن أقامت جمعية الشبان المسلمين حفلة تكريم لرئيس الوزارة الإيرانية وزملائه، فأعددت اسكتشاً غنائياً أظهر فيه كبائع حب العزيز وكانت الحفلة مقامة فى مدرج الجمعية الكبير، فوقفت فى الخارج إلى أن يأتى دوری وأدخل وأنا فى ملابس كبائع حب العزيز، وأحمل كمية كبيرة منه.

وتصادف أن كان يقف خارج المدرج بعض طلبة إحدى المدارس يستعدون للدخول لإلقاء نشيد، فلما رآنى الطلبة حسبونى بائعا بحق وحقيق فأقبلوا علىّ يشترون فلم أخيب ظنهم ورحت أوزع عليهم حب العزيز مجانا.

وتهافت الطلبة حولى ولمحنى ناظرهم فانتهرنی، وأمرنى أن أبتعد، ولكننى لم أعبأ به، وبقيت فى مكانى، وعندئذ أسرع إلى جنود البوليس وطلب إليه أن يبعد البائع الصفيق ويخرجه من الحفلة وصاح قائلا: مين اللى جاب الأشكال دى هنا طلعوه بره!

ولم يسؤنى هذا الكلام بل سررت كثيرا إذ أيقنت بأننى قد استطعت أن أتقن دورى وأخفى شخصيتى وتركت الناظر يتمادى فى غلوائه وجندى البوليس يدفعنى أمامه، إلى أن فطن أحد معارفى إلى الحقيقة فبادر إلى إنقاذى.

وكثيرا ما كنت ادعى إلى حفلات فكنت أتقمص روح القطعة التى سوف ألقيها وأخرج من بيتى بالمكياج والملابس الملائمة لها - بهدوم الشغل - دون تكلف أو مغالاة .

 منولوجست المناسبات

وأحب شىء إلى نفسى ان أضع مونولوجات خاصة ألقيها فى مناسباتها، وقد اشتهرت بذلك بين زملائى حتى أطلقوا علىّ وصف "مونولوجست المناسبات» وقد كلفنى ذلك كثيرا، إذ أننى أعد لكل دور من أدوار هذه المناسبات الملابس اللائقة بها حتى أصبح عندى من الملابس المختلفة ما يكفى فرقة تمثيلية، مع أن كل مونولوج من هذه المونولوجات لا يلقى إلا مرة واحدة.

وحتى فى الإذاعة أمام الميكروفون لا ألقى مقطوعاتى إلا وأنا بهدوم الشغل متقمصاً شخصية الدور الذى أمثلة فأقوم بالحركات والإشارات كأننى أمام جمهور من السامعين والمتفرجين..

 وقد حدث مرة أن ذهبت إلى محطة الإذاعة مع فرقتى لنذيع بعض المونولوجات وما كدنا ندخل الاستوديو حتى قيل لنا إن إذاعتنا قد أجلت فى آخر لحظة بمناسبة إذاعة إحدى الحفلات الطارئة وأسقط فى يدى ولم أجد مناصاً من الانصراف..

وكان مقررا أن تسجل إذاعتى على شريط مارکونى المسجل وتذاع بعدئذ فى إحدى إذاعات الصباح، وقرأت فعلا فى مجلة «الراديو المصرى» موعداً لإذاعة ذلك الشريط، وكان ذلك بعد الإفطارمباشرة فى شهر رمضان.

وانتهزت الفرصة وصحبت زملائى إلى المحطة قبل موعد الإفطار، وأفطرنا بها ثم قمنا على الفور لإذاعة الشريط ، فكانت هذه الحلقة من خير حفلاتى الناجحة.

Katen Doe

سماح جاه الرسول

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave
قديم

المزيد من المجلة زمان

wave
«زكى رستم».. أطيب شرير فــى السينما المصرية

"زكى محرم محمود رستم" أو "زكى رستم" فنان قدير لمع اسمه على مدى أربعين عاما، من منتصف العشرينيات وحتى

أحمد مظهر فى حوار عمره 59 عامًا: كلنا عمال من أجل بلدنا

ولد "أحمد حافظ مظهر" بحى العباسية وسط القاهرة، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1938، وضمت دفعة تخرجه

فاتن حمامة فى حديث عمره 63 عاماً: صفعة من والدى حرّرتنى من الغرور

ولدت "سيدة الشاشة العربية" فى 27 مايو عام 1931 بالمنصورة، وقدمت -وهى لاتزال طفلة- فيلمين،

«وردة » فى حوار عمره 63 عاماً: كنت أغار من «أم كلثوم » فى طفولتى

ولدت "وردة فتوكى" أو "وردة الجزائرية" فى فرنسا فى 22 يوليو 1939 لأب جزائرى وأم لبنانية، وبدأت الغناء فى وقت