نجاة على صوت يصافح الآذان ويجد له مسارا فى وادى الوجدان، فهى أول مطربة تغنى فى السينما الصامتة بالصوت فقط فى فيلم "معجزة السماء" عام 1930 للمخرج
"إبراهيم لاما"، وذلك من خلال الاسطوانات التى تدار أثناء المشاهد الصامتة، وغنى لها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب أغنية "يا نوال فين عيونك الجميلة" بفيلم "دموع الحب"، وكان هذا هو فيلمها الأول من إخراج "محمد كريم" وعرض عام 1935، ثم قدمت فيلمها الثانى عام 1938 بعنوان "شىء من لا شىء" مع المطرب "عبد الغنى السيد" إخراج "أحمد بدرخان"، أما فيلمها الثالث فهو "حب من السماء" مع المطرب "محمد أمين" من إخراج "عبد الفتاح حسن"، وفيلمها الرابع بعنوان "الحظ السعيد" أمام حسين صدقى، عام 1945 من إخراج "فؤاد الجزايرلى"، وفيلمها الخامس بعنوان "الكل يغنى" إخراج "عز الدين ذو الفقار" عام 1948 ، وجاء 1949 بفيلمها السادس والأخير فغنت فيه البطولة أمام "سراج منير" بعنوان "الشاطر حسن" وإخراج فؤاد الجزايرلى.
دائما ما يكون الملحن هو سبب شهرة وظهور المطرب أما فى حالة نجاة على والملحن رياض السنباطى فحدث العكس، فهى التى اكتشفت "رياض السنباطى" عندما كان مجرد عازف على العود بفرقتها، وقدم لها لحن "يا حياتى هجرنى حبى" فبدأ يعرف الناس "السنباطى" وكانت سببا له فى أولى خطوات النجاح، وهذا النجاح انعكس فى تقديمه لأجمل الألحان لها فقدم معها "يا ليل الروض غنى، التقينا بعد الغياب، الدمع حاير فى جفونى، صلح الحبيب، ويا بختها ضرتها طقت منها، يا ليالى فى النوى، اسهر وادارى سهرى".
المطربة نجاة على التى عبر عن ألحانها أساطين التلحين أمثال "محمد عبدالوهاب، القصبجى، حسين جنيد، الموجى، بليغ حمدى، سيد مكاوى، أحمد عبد القادر، داوود حسنى، أحمد صدقى، محمد فوزى، محمود الشريف، زكريا أحمد، القصبجى"،ومن الشعراء "عبد الوهاب محمد، عبد العزيز سلام، حيرم الغمراوى، إمام الصفطاوى، محمد على أحمد".
الكثير لا يعرف أن "نجاة على" سبقت "أم كلثوم" فى غناء "الأطلال" لإبراهيم ناجى، بجزء من قصيدة "الأطلال" وكانت بعنوان "وداع" من ألحان "محمد فوزى".
الطريف أن نجاة على كانت السبب فى تسميه المطربة نجاه الصغيرة بهذا الاسم؛ ففى فيلمها قبل الأخير "الكل يغنى" 1947 ظهرت معها المطربة "نجاة حسنى البابا"، وقامت بدور نجاة على وهى طفلة وأصبحت منذ ذلك الحين تعرف باسم "نجاة الصغيرة".
فصاحبة الصوت الكروان اختارت أن تنسحب من عالم الغناء بعدما أشجته بجميل الصوت فى أعوام الخمسينات واختارت العيش فى الاسكندرية بسيدى بشر، وفى أوائل الستينات نجح الإذاعى "جلال معوض" فى إقناعها أن تعود للغناء فى واحدة من حفلات أضواء المدينة، وغنت أشهر أغنياتها "سلم على" للملحن أحمد صدقى من كلمات الشاعر إمام الصفطاوى، ومن كثرة حب الجمهور لهذه الأغنية أطلقوا عليها ثلاثة أسماء "سلم على قلبى، فاكراك ومش هنساك، عش الهوى المهجور".
حصلت "نجاة" على وسام الجدارة فى عيد العلم والفن فى منتصف السبعينات، وفى عام 1993 منحت وسام الريادة من جمعية فن السينما ورحلت فى هدوء كما عاشت فى هدوء.
نتذكرها فى مرور 29 عاماً على رحيلها وننشر لها مقالا كتبته بنفسها عن نفسها على صفحات مجلة الراديو المصرى فى عددهارقم 589 الصادر فى 29 يونيو 1946.
كانت أسرة ريفية متواضعة، تفلح الأرض الطيبة بقرية بردين بمديرية الشرقية، هادئة راضية بما كتب الله لها، لا تحلم بأضواء القاهرة، حتى كان يوم من أيام يوليه بسنة ۱۹۱٥، رزق فيه رب هذه الأسرة، وكان موظفا بسيطا، طفلة كان اسمها فى ذلك العهد « نجية، واسمها الآن نجاة» التى تتحدث إليك.
وما لبثنا أن انتقلنا من بردين إلى دكرنس وهى بلدة أمى - واشتغل أبى ناظر زراعة فى قرية مجاورة لدكرنس، وألحقنى هناك بالمدرسة الأميرية للبنات حيث بدأت صلتى بالفن، إذ كانت المدرسة تلقننا أناشيد وزارة المعارف، فكنت أحفظها وأكلف بترديدها أمام المدير كلما زار المدرسة.
وفى دكرنس، رأيت الفونوغراف للمرة الأولى وسمعت اسطوانات أم كلثوم، وكانت تغنى فى ذلك العهد «آل إيه حلف» و «أنا على كيفك» و «الدلاعة والخلاعة مذهبي» و «مالی فتنت» فحفظتها ورددتها، وكنت أغنيها بساحة المدرسة فى ساعات الفسحة، وكان المركز والمدرسة الأميرية للبنين مجاورين لمدرستنا، فكان موظفو المركز وتلاميذ المدرسة ومدرسوها يسمعوننى كلما غنيت وعرف أبى أن لى صوتا، وكان هو الآخر صاحب صوت شجى، وكان صديقا حميما للشيخ محمد رفعت بل كان يقلده فى ترتيل آى الذكر الحكيم تقليدا محكما، فلما وجدنى متجهة للغناء بكل عواطفى علمنى دورا قديما مطلعه "فى البعد ياما كنت أنوح" وذات يوم جاءت أم كلثوم إلى بلدة مجاورة اسمها «ميت طريف، لإحياء ليلة، فأخذنى أبى - إلى هناك، وقال لى «ستسمعين الليلة أم كلثوم» . فاهتززت من أعماقى طربا إذ سيتاح لى أن أرى صاحبة هذا الصوت الملهم الذى ألهب فىّ روح الفن وقابلت أم كلثوم لأول مرة، وقيل لها إن هذه الفتاة ذات صوت لطيف، فسألتنى أن أغنى، فغنيت الدور الذى أخذته عن أبى «فى البعد ياما»، ففرحت بى وأجلستنى خلفها مع التخت وراحت تغنى أغنيتها الحبيبة "آل ايه حلف ما يكلمنيش" وكلما قالت «قال ايه حلف» توليت الرد عليها. وحدى قائلة «ما يكلمنيش»، وكانت هذه أول فرصة، بل أول فرحة، فى حياتى الفنية، وعدنا بعد ذلك إلى بردين، وأنا فى العاشرة من عمرى، فأقمنا بها ثلاث سنوات كنت أتردد خلالها على ديار الأسرة الأباظية التى اشتهرت بنصرة الفن ومصادقة أهل الفن، وكانت تقيم الحفلات والليالى وتدعو الأهل والأصدقاء وأهل الفن من مصر، وأغنى لهم فألمح على وجوههم أمارات الرضا وأسمع منهم عبارات التشجيع والتقدير وسمعنى أحد ضيوف الأسرة الأباظية، فلما عاد إلى القاهرة، ذكر لمدير شركة أوديون أنه سمع فى قرية «بردين» طفلة ينتظر لها مستقبل مرموق لو أنها تعلمت أصول الغناء، وسرعان ما أوفدت هذه الشركة مندوبا قابل أبى وفاوضه فى الأمر واختلفت أسرتنا فى الأمر، فمن مشجع محبز إلى ناقد معترض.
على أن أبى وافق فى نهاية الأمر، وانتقلنا إلى القاهرة، وأقمنا فى بيت متواضع على حساب الشركة التى بدأت مهة تعليمى على الفور، فكنت أتلقى دروسا يومية على يد الأستاذ صقر على والمرحوم داوود حسنى، واستمر الحال على هذا المنوال سنة كاملة وكانت أول اسطوانة سجلتها هى "سر السعادة فى شفتيك".
كنت إلى ذلك الحين أعتقد أن صوتى موهوب للاسطوانات وحدها، وأننى لن أصنع شيئا فى حياتى إلا ملء الاسطوانات وكنت قليلة الثقة فى نفسى الى أن شجعنى المرحوم مختار المثال على أن أحيى حفلة على مسرح الأزبكية، ومازال بى حتى أقنعنى ووقفت على المسرح، وغنيت..
كان ذلك فى ١١ أبريل سنة ١٩٢٩ ولا أخفيك أننى كنت خائفة شديدة الاضطراب فى تلك الليلة وقد قدرت أسوأ الفروض، وعالجتها مقدما، فقلت لو أننى سقطت على الأرض أمام الناس، فأتظاهر بأننى إنما أركع تحية لهم.
ولكن الله سلم، ولم أسقط، بل نجحت نجاحا ملأ نفسى حيوية وروحى بهجة وإقداما، وغنيت فى تلك الليلة توشيح «لما بدا يتثنى» ودور "حسن الجميل" لداوود حسنى و سر السعادة، وهى اسطوانتى الأولى، وقصيدة «وحقك أنت الملى والطلب» للشيخ أبو العلا محمد.
وظهرت الصحف، وفيها تشجيع عظيم لى، وكانت السياسة الأسبوعية يومئذ فى أوج عزها فإذا بها تطلع وفيها مقال عنى، ومنذ ذلك اليوم لزمت المسرح، فأصبحت أحيى أكثر من عشرين حفلة فى كل شهر !
وبقيت حتى سنة ١٩٣٥ أحيى الأفراح والليالى الملاح، إلى أن طرأ على حياتى تطور هائل، إذ وقع على اختيار الأستاذ محمد عبد الوهاب لأقوم أمامه بدور البطلة فى فیلم "دموع الحب" ومنذ ذلك اليوم، بدأت حياتى تزدهر، وتفتح قلبى للحياة، ورحت أصطاف فى أوربا كل عام فذهبت إلى لندن وباريس وفيينا وجنيف وبرلين وجميع عواصم ذلك العالم الغربى الحافل بالجمال والفن، وارتدت المسارح ودور الأوبرا، بيد أننى لم أستمتع فى إحداها قدر ما استمتعت فى كار لسباد، حيث كنت أقضى ليلى، من السادسة إلى الحادية عشرة، فى الاستماع إلى الموسيقى وهناك غنيت، وسمعنى رئيس الأوركسترا، فطلب إلى أن أبقى، على أن يعلمنى الغناء الغربى ويدربنى على الأوبرا، ويطوف بى فى أوروبا لأغنى بعواصمها، ولكن الحنين إلى مصر، وإلى موسيقى الشرق، حالا بينى وبين الإصغاء له. وأروع ما رأيت هناك، تلك التماثيل الجميلة لأعلام الموسيقى، القائمة فى جميع الميادين الكبرى بكار لسباد، كم كنت أفرح إذ أراها، وإذا أرى ذلك التقدير الرفيع لأهل الفن، وأتألم لما يلاقى أهل الفن عندنا من إهمال ونسيان. عدت إلى مصر، لا لأعود إلى الفن، بل لأمارس حياة جديدة استقبلتها بفرحة بالغة، هى حياة الزوجية.
أجل تزوجت، واحتجبت عن دنيا الفن أربع سنوات، ولكن الحنين إلى الفن غالبنى فغلبنى فعدت إلى أحضانه، وفى رأيى أن الفنانة لا تستطيع أن تتزوج اللهم إلا إذا كان زوجها فنانا يقدر ظروفها ويفهم روحها.
عدت إلى الفن، وكان أول موعد لى معه أمام الميكروفون، سنة ١٩٤٢، وسرعان ما استرددت منزلتى عند الناس، ثم اختارنى استوديو مصر لبطولة فيلم "حب من السماء" ثم فيلم «العشرة الطيبة» للمرحوم سيد درويش، وقد أتممنا منه جزءا، وأجل تنفيذ بقيته لوفاة المرحومة إحسان الجزايرلى، ثم فيلم «الحظ السعيد»، على أننى لم أحقق أحلامى فى السينما حتى اليوم، وذلك للنقص الظاهر فى الاستعداد الفنى عند المشتغلين بصناعة السينما فى مصر، فمخرجونا قديرون على إبراز عيوب الفنانة دون محاسنها، والتصوير والمكياج والإنتاج وكل عنصر من عناصر السينما فى مصر، لم يصل إلى المستوى المحمود بكل أسف، لأن أكثر المشتغلين بهذه الصناعة فى مصر إنما أخذوا الفن ارتجالا لا عن تعليم صحيح، ومن الخير أن تقوم الحكومة بإيفاد البعثات إلى أمريكا، لتنشئة نفر صالح لإخراج أفلام خالدة باسم مصر.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
"زكى محرم محمود رستم" أو "زكى رستم" فنان قدير لمع اسمه على مدى أربعين عاما، من منتصف العشرينيات وحتى
ولد "أحمد حافظ مظهر" بحى العباسية وسط القاهرة، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1938، وضمت دفعة تخرجه
ولدت "سيدة الشاشة العربية" فى 27 مايو عام 1931 بالمنصورة، وقدمت -وهى لاتزال طفلة- فيلمين،
ولدت "وردة فتوكى" أو "وردة الجزائرية" فى فرنسا فى 22 يوليو 1939 لأب جزائرى وأم لبنانية، وبدأت الغناء فى وقت