ليلى مراد: هربت من بيت أبى مــن أجل لغـة الغرام

صوت قال عنه الموسيقار "عبدالحليم نويرة" - مؤسس فرقة الموسيقى العربية فى مصر - إنه يشبه هديل الحمام، هو صوت يغرد للحياة والسعادة والحب والأمل، وفى وقت يشعر الإنسان فيه بظروف مواتية حوله، تعطيه هذا الشعور الذى يفرح به ويحرص عليه.

وقال عنه الموسيقار "داوود حسنى" إنه أحلى صوت نسائى بعد أم كلثوم وألمظ.

إنه الصوت الذى لا مثيل له.. صوت "ليلى مراد" التى تمتلك حنجرة ذهبية.. من صوت بديع النبرات، أطلت علينا بهذا الصوت البديع من خلال  22 فيلما سينمائيا فى خلال ما يقرب من عشرين عاما، ورصيدها يصل إلى 1200 أغنية أعطتها للسينما وللإذاعة من الثلاثينيات وحتى الخمسينيات.

ولدت ليلى فى مناخ فنى فى فبراير 1922 بمدينة الإسكندرية بمحرم بك، ثم انتقلت الأسرة إلى حى العباسية فى القاهرة، ثم انتقلوا إلى حى السكاكينى.

لم ينسوا أحباء هذا الصوت أغنياتها التى مازالت فى الوجدان لمحلنين كبار، أمثال أغنية "لما رق النسيم"  لمحمد عبدالوهاب.. "يا قلبى مالك سهران" من ألحان "محمد القصبجى" و"قلبى دليلى" من ألحان "رياض السنباطى"، و من ألحان"أحمد صدقى" "بحب اثنين سوا"و "ريداك"، ولمحمود الشريف "اسأل عليا اطلب عينيه"، و"لعبد الحليم نويرة" "أنا كل ما أقول التوبة"، وألحان "محمد فوزى" و"يا اعز من عينى".. و"منايا فى قربك".

ولكمال الطويل أغنية "ليه خلتنى أحبك"، وأغنية "القلب بيتنهد" ، كما لحن لها شقيقها "منير مراد" أغنية "يا طبيب القلب" وأغنية " أنا زى ما انا"، وللملحن رؤوف ذهنى أغنية "سنتين وانا احايل  فيك"، وأغنية "كلمة أحبك".

غياب اسمهان المبكر جعل صوت ليلى مراد يصبح أهم صوت مطربة عربية بعد كوكب الشرق" أم كلثوم".

أول ظهور لها فى السينما كان من خلال فيلم "يحيا الحب" أمام عبدالوهاب، إخراج "محمد كريم" وآخر ظهور لها عام 1955 بفيلم "الحبيب المجهول".. نتذكرها فى ذكرى رحيلها  الـ 27، ونعيد نشر  حديث لها عمره 84 عاما، نشر على صفحات مجلة الراديو المصرى فى عددها رقم 190 الصادر فى 5 نوفمبر 1938.

وإلى نص الحديث:

 الأوزة الصغيرة

كان ذلك منذ سنوات، وكان الأب قد غادر مصر فى رحلة إلى أمریکا.. استغرقت بضع سنوات، وعاد بعدها فإذا به يرى ابنته الطفلة المحبوبة قد شبت عن الطوق واستقبلت الربيع الثالث عشر فى خطى وئيدة متمهلة، وأقبل الأهل والأصدقاء على الأب يهنئونه بسلامة العودة بعد طول الغياب، وهز الشوق الطفلة ورغبت فى أن تحيى أباها تحية أملتها عليها نزعتها  المدرسية، فانطلقت تنشد عليه إحدی المقطوعات التى تعلمتها فى المدرسة فى صوت امتزجت فيه روح الطفولة بعذب النشيد، وأعجب الأب ودهش السامعـون لحلاوة الصوت وجمال الترجيع، وكانت مفاجأة للوهلة الأولى؛ ولكن سرعان ما تبددت الدهشة وأيقن الجميع بصدق المثل المعروف وراحوا يقولون أليس: "ابن الوز عوام" أما الأوزة فكانت ليلى أما العوام فكان المطرب المعروف زكى مراد..!

 اكتشاف

إذن فقد عاد الأب من أمريكا ليكتشف فى ابنته مطربة عتيدة تبشر بمستقبل كبير، وهزه هذا الاكتشاف إلى مطالعة بعض أصدقائه الفنيين بذلك الاكتشاف، فلما أن استمعوا إلى صوت ليلى مراد نصحوا أباها بأن يهذب هذا الصوت ويصقله وأن يخلق من صاحبته مطربة، وتحدثنا الآنسة ليلى مراد، بعـد هذه المقدمة فتقول:

كانت أول حفلة عامة غنيت فيها أمام الجمهور منذ حوالی ست سنوات، وقد استأجر أبى لهذه الحفلة مسرح رمسيس بشارع عماد الدين،  ووزعت تذاكر هذه الحفلة واستعددت لها جيدا حتى إذا حل موعد الغناء وامتلأت الصالة بالسامعين؛ خيل إلى أن شجاعتى بدأت تتسرب وتتلاشى، وأحسســت بشعور من الخجـل والاضطراب، وودت لو انسحبت من مکانی وتراجعت من عزيمتى، ولكن نظرات التشجيع حملتنى على البقاء وبدأت الحفلة.

ولست أدرى كيف غنيت الوصلة الأولى، ولا كيف كنت أبدو خلال الغناء، فلما تمت هذه الوصلة وتجاوبت فى الصالة أصوات الإعجاب والاستحسان مختلطة بالتصفيق أيقنت بأننى قد فزت بقسط من النجاح.

وأقبل المهنئون يمطروننى بعبارات الإعجاب والتشجيع.. وفى الحق أقول إن الرهبة التى عرتنى فى أول الحفلة تبددت وحلت مكانها ثقة واعتداد بالنفس لعل مرجعها إلى أننى رأيت أن أغلبية المستمعين والذين حضروا الحفلة كانوا من أصدقائنا ومعارفنا، فلماذا أخشى وأخاف وأضطرب؟

ـ وكانت الوصلة الثانية فأديتها شديدة الطمأنينة، ولست أغالى إذا قلت إننى فزت بنجاح من درجة (باهر).

 أمام الميكروفون

وكان نجاحى فى هذه الحفلة سببا فى تشجيعى على الإذاعة أمام الميكروفون، فدعيت إلى الغناء فى بعض المحطات الأهلية التى كانت منتشرة قبل إنشاء محطة الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية، ولما أنشئت هذه المحطة دعيت إلى ميكروفونها، وكنت قد تغلبت ـ منذ حفلة رمسيس ـ على شعور الرهبة والاضطراب، فكان غنائى أمام الميكروفون لا يشوبه خوف ولا وجل رغم معرفتی بأن المستمعين إلى صوتى فى الإذاعة يزيدون أضعافاً مضاعفة على عدد "المعازيم" الذى استمعوا إلىّ فى حفلتى الأولى على الشاشة البيضاء.

وشرع الأستاذ محمد عبد الوهاب فى إخراج أول أفلامه السينمائية، فعرض علىّ أن أعمل معه ولكنا لم نصل الى اتفاق، ثم عرض علىّ أن أمثل معه فى روايته الثانية ولكن ما حصلش قسمة". وأصارحك بأننى أحب السينما حبا کبيرا، وطالما تمنيت أن أظهر على الشاشة البيضاء كالنجوم الذين كنت أراهم وأعجب بهم؛ فلما أن عرض عليّ الأستاذ محمد عبد الوهاب أن أقوم معه بالدور النسوى الأول فى رواية "يحيـا الحب" ووصلنا إلى اتفاق يرضى كلا منا، تملكنى السرور والاغتباط وانكببت على دورى، باذلة كل جهدی فى سبيل النجاح به غناء وتمثيلا إلى الدرجة التى تطمئن إليها نفسى، ويرتاح بالى إلى الفوز بإعجاب الجمهور.

 الأب.. المعلم

وسألنا الآنسة "ليلى مراد" على من تتعلم أغانيها الجديدة.. وأى الملحنين أقرب إلى نفسها؟

 قالت إنها تتعلم على يد كثير من الملحنين، وقد بدأت بالأخذ عن الملحنين الكبيرين: المرحوم داوود حسنى والأستاذ زكريا أحمد. 

قلنا: ولم لا تأخذين الفن عن أبيك وهو أقرب إليك؟

قالت : إن أبى لا يتوانى عن تعليمى بل هو معلمى الأول الذى أشرف على خطواتى الفنية الأولى، وغرس فى نفسى البذور الفنية الأولى التى أجنى ثمارها الآن، ولكن هناك فارقا بين الأب والمعلم وخصوصا فى الغناء.

إذن فأنت ترتاحين إلى الأخذ عن المعلمين الأغراب، أكثر مما ترتاحين إلى أبيك؟

ـ وسكتت المطربة الشابة قليلا، وأطرقت ثم راحت تحاول التملص من الجواب، ولكنا عدنا إلى السؤال وإلى الإلحاح فقالت:

-ما هى اللغة الشائعة فى أغانينا؟ استطردت  تقول: أليست هى لغـة الحب والغرام والهيام وعبارات الوجد والشوق والتلهف على لقاء الحبيب والشكوى من الهجر والبعاد؟

إذن فكيف تجيد الفتاة إزاء هذه المعانى وتنغيمها أمام أبیها أو تأخذ   أغانيها عنه؟ وبأی شعور تغنى هذه العبارات وجها لوجه مع أبيها.. دى حاجة تكـسف وتخلى الواحدة تخجل فلا تعرف كيف تغنى على الوجه الصحيح، بل إن غناءها فى هذه الحالة يكون بلا شعور وبلا روح.

Katen Doe

سماح جاه الرسول

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave
5 أزمات صنعت نجومية ثريا حلمى نجمة المونولوج
بديع خيرى يكشف طرائف خالد الذكر سيد درويش
أسرار صدمة الحب الأول فى حياة الملحن الشهير محمود الشريف
عبد العزيز محمود.. أول من قدم الفرانكو آراب
محمد عبد المطلب يفتح خزائن أسراره
أحمد رامى: لا أزال مراهقا في عاطفتى
طه حسين لـ«الإذاعة والتليفزيون»:بعدالثمانين عامًا لم أذق طعم السعادة
«نادرة»:الشيخ سيد الصفتى أقــرب أهل الغناء إلى روحى

المزيد من المجلة زمان

wave
خطوات الانتقال لمنزلك الجديد مع شركة "الماسة" الالمانية

عند شراء منزل جديد وتجهيزه للانتقال إليه نحتاج دائما إلى معرفة كيفية نقل العفش والاثاث من المنزل القديم الى المنزل...

«الموجى الصغير»: والدى احتفظ بـ «دبلة» أم كلثوم فى إصبعه حتى وفاته

"مـحـمـد أمــين مـحـمـد" الشـهـيـر "بمحـمـد الموجى" اسم يعرفه كل المصريين، فقد ارتبط اسمه بعالم الموسيقى والطرب؛

أهم مراحل الحقن المجهري بمستشفى "بداية"

يعتبر الحقن المجهري من أهم التقنيات الطبية الحديثة، حيث يعكس العديد من التطورات التكنولوجية في عالم الأجنة، ويحدث من خلال...

نصيحة عمرها 77 عامًا لـ «هالة فاخر» من والدها

ولد الفنان "فاخر محمد فاخر" عام 1912 فى قرية الدوير مركز صدفا بمحافظة أسيوط، وهو ممثل من العيار الثقيل؛