محمد عبد المطلب يفتح خزائن أسراره

عندما تسمع صوته الشجى ذى النكهة المميزة وأداءه المنفرد الذى لا مثيل له فى الأداء، وحضوره الطاغى على المسرح وهو يؤدى أهم أغانيه «اسأل مرة عليا، حبيتك وبحبك وهحبك على

عندما تسمع صوته الشجى ذى النكهة المميزة وأداءه المنفرد الذى لا مثيل له فى الأداء، وحضوره الطاغى على المسرح وهو يؤدى أهم أغانيه «اسأل مرة عليا، حبيتك وبحبك وهحبك على طول، يا حاسدين  الناس، والناس المغرمين، تسلم إيدين اللى اشترى، ورمضان جانا»، ويدخل صوته إلى قلبك فتدرك  أنك تسمع إلى صوت المطرب محمد عبد المطلب، الذى ولد بشبراخيت بمحافظة البحيرة، وبلغ عدد أغانيه ألف أغنية بداية من «بتسألينى بحبك ليه إلى اسأل عليا مرة».

ولوجود تواريخ ميلاد مختلفة وأقاويل كثيرة حول ميلاده، فذكرنى فى كتاب "السبعة الكبار فى الموسيقى العربية المعاصرة، لفيكتور سحاب أنه ولد فى عام 1907، وذكر فى أحد مقالات إلياس سحاب عنه أنه من مواليد 1904، والصحيح الذى  ذكره الفنان بنفسه فى مقال بعنوان "حياتى" على صفحات مجلة الراديو المصرى فى 27 أبريل 1946 بالعدد (580).. أنه من مواليد 1910 فى مقال يعود تاريخه إلى (76 عاماً) وهذا هو تاريخ الميلاد الصحيح.

تربى عبد المطلب وهو طفل على صوت أسطوانات لكبار النجوم التى سمعها فى مقاهى بلدته، عرف وسط أطفال الحى بالصوت الجميل، شجعه شقيقه الأكبر أن يؤذن الفجر فى جامع القرية، وكان يهوى الغناء ويتغنى فى المزارع والحقول.

ولإعجاب شقيقه الأكبر بصوته طلب من الموسيقار "داوود حسنى" أن يضمه إلى المذهبجية فى تخته فتعلم على يده الكثير من المقامات الموسيقية، وظل معه منذ عام 1870 إلى 1937 وفى عام 1935 غنى فى مسرح "بديعة مصابنى" رغبة محمد عبد الوهاب  ضمن كورال فرقته منذ عام 1898 حتى 1991، وأنتج له فيلم "تاكسى و حنطور" وإخراج أحمد بدرخان، ولحن له أغنية "فايت وعينيه فى عينى، وأغنية يا نايمة الليل وأنا صاحى"- وأول أغنية أعطته الشهرة أوائل الثلاثينيات سجلها مع شركة بيضافون "بتسألنى بحبك ليه".

برع فى عدد من الأفلام منها "على بابا والأربعين حرامى" عام 1942 و"كدب فى كدب" عام 1944- "الجيل الجديد" عام 1945.

كما كون شركة إنتاج مع إحدى زوجاته "نرجس شوي"، وأنتج من خلالها فيلم "الصيت ولا الغني" وأنتج فيلم "5  شارع الحبايب".

تتلمذ على يديه المطرب محمد رشدى وشفيق جلال ومحمد رشدى..غنى عبد المطلب لكبار الملحنين منهم فريد الأطرش، وكلمات إسماعيل الحبروك، أغنية  الأفراح "يا ليلة فرحنا طولى"، كما لحن له رياض السنباطى "شفت حبيبى"، "وكمال الطويل وسيد مكاوى وغيرهم.

 ومن أشهر أغانيه.. "رمضان جانا" من كلمات "حسين طنطاوى وألحان محمود الشريف.. وأغنية "البحر زاد، ياليلة بيضا،  تسلم أيدين اللى اشترى،   حبيبتك وبحبك، قلت لأبوكى،  يا حاسدين الناس، ساكن فى حى السيدة، يا أهل المحبة، اسأل عليا مرة، الناس المغرمين، شفت حبيبى،  ياحبايبى هللو، وأنا مالى.. وإلى نص المقال:

  قيل لى حينما كبرت مع الزمن، إننى خرجت إلى الحياة فى يوم من أيام سنة 1910، ببلدة شبراخيت.

نشأت فلاحا، بين أفراد أسرتى المشتغلة بالزراعة وكنت فى طفولتى أقضى شطراً من يومى فى كتاب متواضع، أتعلم فك الخط، ثم أقضى بقية اليوم مع أبناء القرية بين الحقول، نفلح الأرض، وندرس الغلة وأردد لهم أغانى عبد اللطيف البنا، الذى كان يتربع على عرش الغناء فى ذلك العهد، وكنت أحبه دون أن أراه، إعجابا  بصوته وتعصبا لبلدتى،  إذ إنه نشأ هو الآخر فى شبراخيت، وقد بلغ من إعجابی به، أننى كنت أسرق من والدتى قرشا أو قرشين فى أيام الخميس، وأذهب إلى سوق البلدة فأشترى كتب الطقاطق التى يغنيها عبد اللطيف البنا، ورأيته لأول مرة فى سنة ١٩٢٤، إذ كان يغنى فى فرح ببلدتنا فاقتحمت الزحام، وأرهقت إليه سمعى وهو يغنى "يا حليلة يا حليلة"، "وحظر فظر راح أقول لك إيه" وبين الوصلتين، استجمعت شجاعتى واقتربت منه ثم انهلت عليه عناقا وتقبيلا، وعدت إلى مكانى معتزاً بهذه الذكرى.

أظن أن تلك الليلة كانت حادثا غير مجرى حياتى، فقد تجلى لوالدى زهدى فى المدرسة، وتعلقى بالغناء فخشى علىّ أن أطلع خائباً، وكان لى أخ متخرج فى مدرسة التجارة، فبعث بى والدى إليه فى القاهرة  ليتولانى ويتعهدنى ويلحقنى بالمدرسة الابتدائية ويبعدنى عن الغناء.

فما الذى حدث فى القاهرة؟ جئتها فى سنة ١٩٢٥، وألحقنى أخى بمدرسة محمد على، ولكن رأسى وقلبى وسمعى كانت تزخر جميعا بالموسيقى، ولا تؤمن بأن هناك شيئا غير الموسيقى خليقا بأن يتعلمه الإنسان، وهكذا أهملت المدرسة، والتحقت بمعهد الموسيقى، ثم قصدت الى المرحوم الأستاذ داود حسنی، فسلمته المصروفات التى أرسلها والدى لأسددها لمدرسة محمد على، وسألته أن يعلمنى،  فعلمنى.

وكبرت مع الزمن، وكنت أعرف الأستاذ محمد عبد الوهاب، إذ كان يدرس لنا النوتة فى المعهد وفى ذات يوم ذهبت إليه فى بيته – بالظاهر وسألته أن يلحقنى بفرقته كمنشد فى الكورس فقبل عن طيب خاطر، وبقيت معه على هذا الوضع ست سنوات لقيت خلالها الكثير من عطفه وتشجيعه، وسافرت معه إلى الشام والعراق.

تم آثرت أن أغنى بنفسى،  فتحولت الى الصالات.

والتحقت بفرقة بديعة ثم بفرقة بيبا، وهنا بدأت أحس بالسعادة، إذ وجدت تقديراً من الجمهور الذى راح يصفق لى ويستعيدنى ويطرب لما أغنى، وفاتنى أن أذكر أننى وقفت قبل ذلك على المسرح مع المرحوم عبد الحميد القضابى والأستاذ سامى الشوا فى حفلة بمسرح الأزبكية سنة ١٩٢٦، واذكر أننى غنيت فى تلك الليلة أغنيتين المرحوم داود حسنى نظما ولحنا، هما.. «عاوز تحلى ولا تحدق، وأنا فى غرامك شفت عجايب». فصفق الجمهور لى طويلا، وهنا اقتنعت بأننى أستطيع أن أترك الكورس وأغنى لوحدى فاتجهت إلى الصالات، والواقع أننى استفدت من الصالات فائدة كبرى، فقد كانت ألحانها من وضع أحمد صبره وفريد غصن وعزت الجاهلى وغيرهم من الملحنين الناجحين، كما ان البرامج كانت تتغير كل أسبوع، مما أتاح لى تدريبا هائلا وأظهر على مجموعة واسعة من الألحان المختلفة.

وسافرت مع فرقة ما إلى تونس فى سنة ١٩٣٥، وعدت بعد ذلك إلى القاهرة ولكن أفق حلمى كان محدوداً، ورزقا ضيقا، إلى حد جعلنی أقبل أى عمل بأى ثمن، وأذكر على سبيل المثال أننى تعاقدت مع إذاعة القدس فى سنة ١٩٣٧ أن أغنى شهرا كاملا بثلاثين جنيها، ومع  ضألة المبلغ فأنى كنت أعتبره يومئذ ثروة كبيرة.

ومثل آخر لهذا الضنك، أن الأستاد محمد عبدالوهاب ـ وهو صاحب الفضل على على فى حياتى الفنية بعد المرحوم داود حسنی – توسط لى من إحدى شركات الاسطوانات سنة ١٩٣٨، لملء ست اسطوانات، منها أغنيتى المشهورة «بتسألنى باحبك ليه»، التى لا أزال أعتبرها أحسن ما غنيت، فهل تعرف كم تقاضيت الشركة عن هذه الأسطوانات الست؟ اثنى عشر جنيها؛ ولكنى صبرت على هذا البأس، وجاهدت حتى تغلبت عليه، وظهرت بالتقدير الذى كنت أحلم به.

س ـ وهل أنت متزوج؟

ج ـ منذ عدة سنوات، وزوجتى هى شقيقة السيدة ببا عز الدين، ولكنها بعيدة عن دنيا الفن متفرغة لبيتها ولأولادها.

 س ـ أعندك أولاد؟

ج – ولدان توأمان، ها نور وبهاء، وعمره الآن ست سنوات.

س ـ ما شاء الله.. وهل يحبان الفن؟ ج ـ انهما يطيلان الإصغاء إلى الراديو ويسمونه بابا، وخيالهما الطفل يصور لهما أن كل مغن وكل عازف وكل متحدث فى الراديو، هو بابا وحده اللهم إلا الآنسة أم كلثوم، فهما يميزان صوتها من بين ألف صوت، ويحبانه حبا بالغا.

س – وهل تشجع فيهما حب الفن ؟ ج – بالعكس، إنهما فى المدرسة، وأنا أجاهد لتجريدهما من روح الفن جهاداً كبيرا حتى لا يجتازا الظروف التى عانيتها فى حياتى الماضية.

س ـ وهل تعتقد أن الفنان يسعد بالزواج؟

ج – من غير شك، وأعتقد أن للزواج فضلا كبيرا على حياتى وفنى . ولا أؤمن بقول من يقولون إن الفنان لا بد أن يكون بوهيميا هائما على وجه فى الحياة.

س ـ والسينما ما حظك فيها؟

ج ـ اشتركت فى أفلام على بابا والحب الأول والجيل الجديد وكازينو اللطافة وتاكسى حنطور.

وكنت البطل فى فيلم "على بابا"، غير أنى لم أحقق0 شيئا من أحلامى،   لأن الفيلم كان "زفت"، كما وصفه منتجه الأستاذ توجو مزراحى، كما كنت البطل فى فيلم "تاکسی حنطور"، الذى حقق نصف أحلامى ـ نصفها فقط ـ فأنا غير راض عن موضوعه وإن كنت راضيا كل الرضا عن أغانيه ولا سيما أغنية «يا أبوالعيون السود، أما الفيلم الذى أحييت دورى فيه فهو "الجيل الجديد"، بيد أن حلمى الكامل فى السينما لن يتحقق إلا حينما أنتج فيلما لحسابى، أرسم لنفسى فيه الدور الذى أعتقد أنى أصلح له.

 س ـ ولماذا لا تلحن لنفسك، كما يفعل بعض المطريين؟

ج ـ يقول المثل العامى – ادى العيش لخبازينه ، هذا حق. فهذه جناية على الفن أن يقتحم المغنى والمغنية ميدانا لا يكونان موهوبين فيه.

س ـ هل سمعت المونولوجست محمد الجنيدى حين يقلدك؟

ج ـ أجل، وأحببت منه هذا التقليد اللطيف الذى أعتبره صورة كاريكاتورية لشخصيتى وغنائى.

س ـ وأى هؤلاء الثلاثة هو الميدان الصحيح الفنى،  الذى تتجلى فيه مواهبه على حقيقتها: المسرح أم السينما أم الإذاعة؟

ج ـ المسرح بلا شك، لأن المغنى على المسرح يتصل بجمهوره مباشرة، ويشعر بالتقدير، أو عدم التقدير شعورا مباشرا، ويستطيع الجمهور أن يسمع صوت المغنى على حقيقته، بلا تضخيم ولا تخفيض ولكن الميكروفون فى السينما والإذاعة يعين كثيرا من الأصوات الضعيفة على الظهور.

سحر الموسيـقى

لما تولى السلطان مراد الرابع على بغداد سنة ١٠٤٨ هجرية أمر بقتل ثلاثين ألف إيرانى ووقف يشهد هذه المذبحة الرهيبة بقلب  يشهد سخر فاعترض موسيقی إيرانى يقال له شاه قولى وجعل يعزف على قيثارته ويغنى بصوت شجى فرق قلب السلطان حتى جرت مدامعه وأمر بالعفو عن هؤلاء الأبرياء ووجه بهذا الموسيقى مع أربعة غيره من الموسيقيين الإيرانيين إلى ستانبول فتمد الترك فى فن الموسيقى ولم يكن لهم من قبل علم به.


Katen Doe

سماح جاه الرسول

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave
ليلى مراد المجلة زمان
5 أزمات صنعت نجومية ثريا حلمى نجمة المونولوج
بديع خيرى يكشف طرائف خالد الذكر سيد درويش
أسرار صدمة الحب الأول فى حياة الملحن الشهير محمود الشريف
عبد العزيز محمود.. أول من قدم الفرانكو آراب
أحمد رامى: لا أزال مراهقا في عاطفتى
طه حسين لـ«الإذاعة والتليفزيون»:بعدالثمانين عامًا لم أذق طعم السعادة
«نادرة»:الشيخ سيد الصفتى أقــرب أهل الغناء إلى روحى

المزيد من المجلة زمان

wave
«الموجى الصغير»: والدى احتفظ بـ «دبلة» أم كلثوم فى إصبعه حتى وفاته

"مـحـمـد أمــين مـحـمـد" الشـهـيـر "بمحـمـد الموجى" اسم يعرفه كل المصريين، فقد ارتبط اسمه بعالم الموسيقى والطرب؛

أهم مراحل الحقن المجهري بمستشفى "بداية"

يعتبر الحقن المجهري من أهم التقنيات الطبية الحديثة، حيث يعكس العديد من التطورات التكنولوجية في عالم الأجنة، ويحدث من خلال...

نصيحة عمرها 77 عامًا لـ «هالة فاخر» من والدها

ولد الفنان "فاخر محمد فاخر" عام 1912 فى قرية الدوير مركز صدفا بمحافظة أسيوط، وهو ممثل من العيار الثقيل؛

«أندريه رايدر».. أبو «الموسيقى التصـويرية» بمصر

تاريخنا الموسيقي حافل بالرواد الذين شكلوا بفنهم  وجدان الشعب المصري، وذلك مع الاحتفاظ بموروثتنا الموسيقية الشرقية،