تلميذ عساف ياجورى فى حرب أكتوبر يحـذر إسرائيل من استفزاز المصريين

أقرَّ باقتراب سفينة إسرائيل من الغرق/ 4 قباطنة يقودون الدولة العبرية إلى الهاوية و«السبت الأسود» حطم بقايا الردع الإسرائيلي/ حكومة إسرائيل تفكر من أحشائها.. وأهدافها فشلت فى لبنان وسوريا وقطاع غزة وإيران

فرض واقع تبادل الضربات خالية المضمون بين إيران وإسرائيل واقعًا مسرحيًا، أفضى إلى حالة غير مسبوقة من الارتباك والتخبُّط على المستويين السياسى والعسكرى فى تل أبيب، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورفاق دربه فى مجلس الحرب فقدوا جميعًا بوصلة توجيه السفينة نحو مسارها الصحيح، وكادوا معًا يشعلون نار حرب عالمية ثالثة على مسرح الشرق الأوسط، ويطأون دون وعى دواعى وحسابات الأمن القومى الإسرائيلى لصالح حسابات شخصية ومصالح سياسية ضيقة؛ وربما أضحى ذلك واضحًا إلى حد كبير بعد إخفاق إسرائيل على أكثر من جبهة، وارتباك خارطة بنك أهدافها فى جنوب لبنان وسوريا وقطاع غزة وصولًا إلى إيران، التى كتمت أنفاس إسرائيل بمؤسساتها فى يوم «السبت الأسود»، وحطمت ما تبقى من ردعها على صخرة الواقع.

وتتباين تقديرات الموقف بين المستويين الرسمى ونقيضه فى تل أبيب، فجنرالات الحرب بقيادة نتنياهو يدركون زيفًا صواب الخُطى، ولا يرضون بغير قراراتهم، ولا ينصتون إلا لصوتهم حتى ولو كان الفشل عنوانًا لكل عملياتهم العسكرية على مختلف الجبهات، ويؤكد ذلك داهية الحرب الإسرائيلي، الجنرال المتقاعد، قائد سرية احتياط مدرعات فى حرب أكتوبر 73 إسحاق بريك، فالرجل المعروف لدى بارونات الحروب بلقب «المنظِّر»، وصاحب النبوءة الأشهر التى حذرت من نجاح حماس فى عملية «طوفان الأقصى» 7 أكتوبر الماضي، رأى أن «دولة إسرائيل حاليًا تشبه سفينة ضلت طريقها وسط بحر ضربته عاصفة عاتية».

وأوضح بريك أن واقع الحال يشى بأن السفينة الإسرائيلية أوشكت على الغرق فعليًا، وكاد شراعها يغوص فى أعماق البحر الهادر بعد فشل القباطنة الثلاثة فى حماية السفينة، وعجزهم عن الانتقام أو إنقاذ شرفهم بسبب الضربة القاسية التى وجهوها لإسرائيل فى يوم «السبت الأسود».

 البقاء السياسي

على رأس القباطنة الثلاثة، حسب تعبير الجنرال بريك، يقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذى تحركه اعتبارات البقاء السياسى وليس اعتبارات الأمن القومي. ومع رفاق دربه، يتخذ القرارات دون أن يضع فى الاعتبار عواقبها وتداعياتها الوخيمة؛ فاتخاذ القرارات بات يبتعد تمامًا عن العقل، وينطلق فقط من الأحشاء دون وجود لأية مسئولية.

القبطان الثانى على رأس السفينة المتهالكة هو وزير الدفاع يوآف جالنت، الذى يعمل منذ بداية الحرب على محاكاة الواقع، لكنه فقد تمامًا لغة المنطق أو استيعاب للواقع الحقيقى الذى وُضع فيه. وهو ينشر التهديدات فى كل مكان، بداية من «حماس ستُدمَّر بالكامل» إلى «لبنان سيعود إلى العصر الحجري». ويكتفى بتحذير إيران من رد الفعل الإسرائيلى بعد إطلاق 330 صاروخ كروز وصواريخ باليستية ومئات الطائرات المسيرة التابعة للحرس الثورى الإيرانى باتجاه إسرائيل. وبدا واضحًا أن جالنت يتصرف مثل «فيل داخل متجر للخزف الصيني»، فأصبحت قراراته تعكس خطرًا فادحًا على إسرائيل.

أما القبطان الثالث فهو رئيس الأركان هارتسى هاليفي، الذى يفرض خيوط اللعبة على المستويات السياسية والعسكرية الأعلى، فيحيلهم إلى دُمى فى عرض مسرحى للأطفال، ويفعل كل ما يتبادر إلى ذهنه. وأضاف جنرال الاحتياط الإسرائيلى نصًا: «لم يعد لدى إسرائيل فى هذه الأيام قائد مسئول ذو مكانة، يستطيع قيادتها ومواطنيها إلى شاطئ آمن. الثلاثة، يمسكون أيدى بعضهم البعض بإحكام ليكونوا معتمدين على بعضهم البعض، وليس جنبًا إلى جنب».

 تلميذ الساحر

وينضم إلى القباطنة الثلاثة رفيق الدرب، وزير الدفاع الأسبق بنى جانتس؛ لكنه بدلًا من المساهمة والموازنة بين الثلاثة، أصبح عضوًا فى مجلس الحرب، وبات يتقمص دور «تلميذ الساحر الذى يخدم سيده رئيس الوزراء». الآن، حسب ما كتبه إسحاق بريك فى صحيفة «معاريف»، بات الأربعة يقبضون على دفة السفينة، ويقودون إسرائيل إلى طريق مسدود. إنهم يشبهون مهووسى الحرائق الذين يمكن أن يشعلوا حريقًا كبيرًا فى الشرق الأوسط، أوشك على أن يؤدى إلى حرب عالمية ثالثة. الأربعة يتخذون قرارات عشوائية دون إبداء رأى أو تفكير فى النتائج الكارثية والتداعيات المتوقعة.

ويعترف الجنرال الاسرائيلى المتقاعد بأنه حتى بعد نصف عام من حرب الاستنزاف بين حماس و«حزب الله» من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، لم يحقق الجيش الإسرائيلى أهداف الحرب؛ فلا هزيمة حماس، ولا إطلاق سراح رهائن، ولا يزال الجيش الإسرائيلى يتخبط فى الوحل، دون أن يرى أى شيء يقود إلى احتمالية التوصل إلى حل لهذا الوضع المزري؛ وعلى خلاف المتوقع، قررت مجموعة القادة فتح ساحة حرب إضافية ضد إيران.

ومن بين القرارات الإسرائيلية التى وصفها بريك بالمتخبطة، جاء قرار رئيس الوزراء نتنياهو وحاشيته بالهجوم على قنصلية إيران لدى دمشق؛ ويتساءل: ما الداعى وراء قصف القنصلية؟ ولماذا لم يفكر نتنياهو وقادة جيشه فى العواقب التى ينطوى عليها هذا التصرف؟ ويرد على نفسه قائلًا: «إن رد فعل إسرائيل على انتقام إيران بعد الهجوم على قنصليتها، واغتيال أحد كبار جنرالاتها قد يشعل نارًا كبيرة فى الشرق الأوسط، لتجد إسرائيل نفسها حينئذ وسط هذه النيران».

 السبت الأسود

ووضع الجنرال المتقاعد إسحاق بريك تصورًا لما قد تكون عليه إسرائيل خلال اندلاع حرب إقليمية، مشيرًا إلى أن كامل إسرائيل سيتعرض آنذاك وكل يوم لمئات الهجمات. سيتم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار فى وقت واحد من عدة دول معادية، ولن يكون لإسرائيل حينها قدرة للدفاع عن نفسها، سواء كانت قدرة الاعتراض، أو امتلاك كمية الأسلحة المتاحة لها خلال ثلاثة أسابيع من الحرب. ورغم أن إسرائيل خرجت من محنة «السبت الأسود» بسلام، والتى تم فيها اعتراض 330 صاروخًا وطائرة بدون طيار، إلا أن المحنة ذاتها زرعت بذور القفز إلى الأمام فى الحرب الإقليمية المقبلة، التى من غير المستبعد إصابتها كافة أركان إسرائيل.

ولا يرى الجنرال المتقاعد إمكانية للخروج من النفق المظلم إلا الاعتماد على رؤية الرئيس الامريكى جو بايدن، ومشاركته عند اتخاذ أى قرار يتعلق بإيران أو بغيرها من الجبهات التابعة لها فى المنطقة، وأضاف نصًا: «وحدها مشاركة الرئيس جو بايدن هى التى يمكن أن توقف «القباطنة الأربعة» الذين يفكرون من بطونهم وليس من رؤوسهم. ولذلك، فإن أى رد نتخذه بشأن إيران، مهما كان مهمًا، يجب أن يكون بالتنسيق الكامل مع الرئيس الأمريكي. وعلينا أن نتأكد تمامًا أن رد فعلنا لن يقود إلى رد فعل آخر من الحرس الثوري. وهو ما قد يؤدى إلى اندلاع معارك فى ست ساحات فى وقت واحد بمشاركة «حزب الله». بالتأكيد، ونحن لسنا مستعدين لذلك».

وأضاف الجنرال الإسرائيلى أيضًا: «بالإضافة إلى ذلك، فإن أى هجوم خطير على القواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط يمكن أن يؤدى إلى حرب عالمية ثالثة. وحتى لو تمكنا من ضرب الإيرانيين بقوة، فإننا سنتلقى منهم أيضًا ضربة قوية، تخلف وراءها دمارًا رهيبًا وخسائر فادحة».

 زوال إسرائيل          

وتشير سيرة الجنرال إسحاق بريك الذاتية إلى أنه من مواليد 7 نوفمبر 1947، وهو عسكرى إسرائيلى متقاعد، خدم فى سلاح المدرعات، وشغل منصب قائد الكليات العسكرية؛ وقاد إحدى سرايا المدرعات الإسرائيلية فى حرب أكتوبر 73 «يوم الغفران». على خلفية خبرته العسكرية الواسعة، أصبح بريك من أبرز منتقدى المستوى العسكرى فى تل أبيب، ورأى أنه إذا اندلعت حرب إقليمية فمن غير المستبعد زوال إسرائيل من الخارطة، وأن التهديد الوجودى الذى تعرضت له إسرائيل إبان حرب أكتوبر 73 سيصبح أقل بكثير من خطر اندلاع حرب إقليمية متعددة الجبهات. ويحذر بريك من استفزاز الجبهة المصرية، مشيرًا إلى أنها من أخطر الجبهات على إسرائيل.

فى حرب أكتوبر 73، شغل بريك منصب قائد سرية فى الكتيبة الإسرائيلية 113 تحت قيادة عساف ياجوري. كانت الكتيبة تابعة للواء 217 من الفرقة 162. بدأ بريك الحرب بتجهيز نفسه وقيادة قوة صغيرة باتجاه قناة السويس، وتم القبض على القوة التى كانت تحت قيادته فى كمين كوماندوز مصرى وأصيب بريك بصاروخ مضاد للدبابات وأصيب وجهه بحروق بالغة.

رغم انتقاداته الواسعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، استعان به الأخير فى إدارة بوصلة الحرب الدائرة فى قطاع غزة، لكن نتنياهو لم يتعاط بجدية مع وصايا الجنرال المتقاعد، ما دعا بريك إلى زيادة إشعال انتقاداته، وأوضح فى مقال للرأى بصحيفة «معاريف»: «قادة إسرائيل ضلوا طريقهم وخرجوا عن إطار الواقع والعقلانية بعد هجوم حماس فى 7 أكتوبر على المستوطنات المحيطة بغزة، هم الذين يقودون البلاد نحو الهاوية. قراراتهم ليست عقلانية ومدروسة. يحفزهم الشعور بالانتقام، ورغبتهم فى استعادة كرامتهم المفقودة. ولهذا السبب يتصرفون على هذا النحو، لأنه لم يعد لديهم ما يخسرونه، وقد يقودون إسرائيل إلى نهاية طريقها».

Katen Doe

محمد نعيم

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

المزيد من سياسة

رئيس فيتنام يلقى خطابًا فى الجامعة العربية لتعزيز التعاون مع العالم العريي

أبو الغيط يؤكد على أهمية تعزيز العلاقات بين الدول العربية وفيتنام الرئيس الفيتنامى يعرب عن تقديره لمصر قيادة وشعبًا

مصر وأوغندا يداً واحدة فى مواجهة تحديات القرن الأفريقى

حجاج: مصر أنشأت العديد من المشاريع التنموية لخدمة الشعب الأوغندي القوصي: التعاون بين مصر وأوغندا يركز على المصالح المائية المشتركة

وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة

التقى الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي بعدد من مقاتلي القوات الخاصة من...

ماذا لو اعترفت كل دول العالم بفلسطين ورفضت أمريكا وإسرائيل؟

ما بين مؤيد ومعارض ومحايد في إعلانه الاعتراف بدولة فلسطين... شهدت الساحة الدبلوماسية الدولية.

"الأونروا": المجاعة في غزة "متعمدة"
  • الجمعة، 22 اغسطس 2025 01:46 ص