خالد سعيد: التصعيد الإسرائيلى محاولة من نتنياهو لإنقاذ مستقبله السياسى/ أيمن الرقب: تصريحات سموتريتش تؤكد تزايد التصعيد الاسرائيلى فى ظل الحكومة المتطرفة/ أسامة الهتيمى: نتنياهو يحاول ترميم شعبيته بالتصعيد فى الضفة الغربية
بعد نجاح مصر فى وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والاتفاق على التهدئة بين الكيان الصهيونى والفصائل الفلسطينية، لجأت حكومة الاحتلال إلى التصعيد فى الضفة الغربية، ما ينذر بانفجار كبير فى الضفة مع تكرار اقتحامات المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى المبارك.
ويحاول نتنياهو رفع شعبيته المنهارة فى الشارع الإسرائيلى من خلال التصعيد ضد الفلسطينيين، لضمان تأييد المتطرفين اليهود، خاصة مع تنامى النزعات اليمينية المتطرفة داخل الكيان الصهيونى، كما يحاول نتنياهو تأمين التحالف الحكومى والذى يعتمد فى قوامه الأساسى على الأحزاب اليمينية المتشددة.
حكومة فاشية بامتياز
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أيمن الرقب إن الأراضى الفلسطينية تشهد تصعيداً إسرائيلياً غير مسبوق فى ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية شديدة التطرف، تتسابق على قتل الشعب الفلسطينى وتدمير أى أمل للعملية السلمية فى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. وكان آخر مظاهر هذا التصعيد هو تصريح المتطرف سموتريتش، وهو أحد وزراء بنيامين نتنياهو، بأنه ينوى خلال السنوات القادمة توطين نصف مليون يهودى فى أراضى الضفة الغربية. وذلك خلال كلمته أثناء مشاركته فى مسيرة "الأعلام الصهيونية"، والتى جمعت عدداً كبيراً من اليهود المتطرفين، وجابت شوارع القدس وهتفت ضد العرب.
وأضاف الرقب أن مسيرة الأعلام الصهيونية شهدت هذه المرة حشداً كبيراً، يعتبر أكبر حشد فى تاريخ مسيرات الأعلام التى ينظمها اليهود فى الثامن عشر من مايو كل عام فى ذكرى احتلال الجزء الشرقى من مدينة القدس عام 1967. وقد وصل عدد المشاركين فى مسيرة هذا العام ما يقارب مائة ألف شخص، فى حين كان يشارك فى الأعوام الماضية ما لا يزيد على ثلاثين ألف يهودى. وهذا السلوك الذى يتكرر كل عام مضحك ومبك فى وقت واحد، فهو مضحك لأن هؤلاء اليهود الذين احتلوا كل فلسطين منذ خمسة وسبعين عاما، يحتفلون كل عام برفع أعلامهم داخل ما يطلقون عليه عاصمتهم، وهم مرعوبون ويشعرون بنقص فى استقلالهم وقيام كيانهم. وأيضاً وضع مبك لحالنا الفلسطينى الذى يعانى من انقسام يستغله المحتل للتفرد بكل منطقة فلسطينية دون أخرى.
وأشار الرقب إلى أنه فى آخر استطلاع للرأى وبعد مسيرة الأعلام مباشرة، رأى أغلبية اليهود أنهم لا يفضلون العيش فى القدس ولا يعتبرونها موحدة أو عاصمة لهم، وهذا يؤكد أنهم فى مسيرتهم هذه يبحثون عن شرعية منقوصة. مضيفاً أن هذا التصعيد الإسرائيلى يأتى بعد ما شهدناه قبل أيام قليلة من اعتداء إسرائيلى على شعبنا الفلسطينى فى قطاع غزة، وقصف القطاع بمئات الأطنان من المتفجرات، من خلال سلاح الجو الإسرائيلى الذى أغار على قطاع غزة بأربعين طائرة حربية، لاغتيال قيادات من تنظيم الجهاد الإسلامى رغم وجود تهدئة بين الاحتلال والمقاومة. هذا السلوك الإسرائيلى يستهدف بشكل كبير أى محاولة لبعث عملية السلام بعد سنوات من "الموت الإكلينيكى"، فحكومة نتنياهو تعتبر تصعيد الوضع مع الجانب الفلسطينى فرصتها الوحيدة للبقاء فى السلطة.
مصر تحقن الدم الفلسطينى
وأوضح الرقب أن مصر لعبت دوراً مهماً فى حقن دماء الشعب الفلسطينى من خلال توصلها لهدنة توقف عدوان طيران الاحتلال على قطاع غزة، كما تمكنت القاهرة بجهد فوق العادة، وبطلب أمريكى وأممى، من التوصل لتهدئة أوقفت الهجوم الإسرائيلى ضد شعبنا، ولقد كان لتأثير مصر فى المنطقة دور فى التوصل لهذه الهدنة.
ولفت الرقب إلى أن الاحتلال الإسرائيلى تجاوز كل المحاولات العربية والدولية لتهدئة الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية خاصة فى شهر رمضان الماضى، كما تجاهل نتائج اجتماعى العقبة وشرم الشيخ بمشاركة السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال بجانب المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية بإشراف أمريكى. إلا أن الاحتلال الإسرائيلى لم يلتزم بمخرجات هذه الاجتماعات ويواصل الانقلاب عليها دوما، مما دفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للتعبير عن احباطه من سلوك الاحتلال الإسرائيلى فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى يوم التضامن مع الشعب الفلسطينى، وكذلك فى كلمته فى القمة العربية الأخيرة.
وعن أسباب تمسك حكومة نتنياهو بمواصلة التصعيد فى الأراضى المحتلة، يقول الرقب إن نتنياهو يعيش أزمة داخلية ولذلك يتهرب من أى التزام لتحريك عملية السلام بذريعة الحفاظ على أمن إسرائيل، ويشن حروباً على الشعب الفلسطينى إن كان فى الضفة الغربية التى تشهد حالة قتل يومى من قبل الاحتلال لشعبنا، أو من خلال الهجوم على قطاع غزة واستهداف فصيل بعينه دون غيره على اعتبار أن الرد قد يكون محدوداً، ويستطيع إعادة الكرة وقتما يشاء لتوحيد بيته الداخلى، لذلك لا أتوقع أن يكون الهجوم على قطاع غزة هو الجولة الأخيرة، ولكنه جولة ضمن جولات وسينقلب الاحتلال الإسرائيلى قريباً على اتفاق التهدئة بأى ذريعة.
وأوضح الرقب أنه رغم الدعم العربى خلال قمة جدة لتحرك السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل فى المؤسسات الدولية ومن بينها الجنائية الدولية، فإن السلطة لن ترفع أى قضية ضد الاحتلال فى الجنائية الدولية وكل ما نسمعه حتى الآن هو أحاديث إعلامية دون أى إجراء، وذلك لتجنب السلطة أى صدام مع الاحتلال والذى يتبعه بالعادة عقوبات على صناع القرار فى السلطة مثل تقييد الحركة داخل المدن وغيرها من إجراءات عقابية على الصعيد الفردى والجماعى.
نتنياهو يرمم شعبيته المنهارة
ويقول الخبير فى الصراع العربى - الإسرائيلى أسامة الهتيمى إن تصعيد حكومة نتنياهو فى الضفة الغربية أو فى قطاع غزة لم يكن مفاجئاً. وقبيل هجوم إسرائيل على قطاع غزة حذر كثير من المراقبين من اتجاه حكومة نتنياهو إلى إشعال حرب مع قطاع غزة وأنها تبحث عن الذريعة، مهما كانت واهية. وجاءت الفرصة لحكومة نتنياهو بإطلاق عدة صواريخ من لبنان فى الأسبوع الأول من شهر إبريل الماضى. وكما توقع الكثيرون أن يتجنب نتنياهو الرد على مصدر النيران فى لبنان لأنه قد يشعل حرباً واسعة مع حزب الله اللبنانى، وهو ما لا يريده نتنياهو، بينما يمثل قطاع غزة بالنسبة لحكومة الاحتلال "الحلقة الأضعف"، والتى يمكن من خلالها الرد، واغتيال الكوادر الفلسطينية وإرضاء الداخل الإسرائيلى وإشغاله عن التظاهر ضد فساد نتنياهو.
وأضاف الهتيمى أن حكومة نتنياهو التى لم يمر على تشكيلها نحو ستة أشهر، لكنها تعيش فى دوامة من الأزمات الداخلية والخارجية، والتى يمكن أن تفقد أغلبيتها فى الكنيست فى أى وقت، وتعانى من تراجع شعبية نتنياهو والتظاهرات الشعبية المنددة بقراراته بشأن التعديلات القضائية، ما يدفع هذه الحكومة إلى التصعيد مع الجانب الفلسطينى كمحاولة للهروب للأمام وتصدير أزماتها الداخلية فضلاً عن رغبة نتنياهو فى ترميم علاقة مكونات حكومته المتعددة، خاصة بعد تهديدات وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير بتعليق مشاركة أعضاء حزبه فى الحكومة عدة مرات من قبل حال عدم تبنى حكومة نتنياهو لمواقف متشددة تجاه الفلسطينيين.
وشدد الهتيمى على أنه وعلى الرغم من التهدئة التى قادتها مصر لوقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، إلا أن ذلك لن يكون مانعاً قوياً أمام نتنياهو وحكومته للتصعيد ضد الفلسطينيين سواء فى الضفة الغربية أو فى قطاع غزة لأن مثل هذه الجرائم التى يرتكبها نتنياهو تسهم فى رفع شعبيته فى الشارع الإسرائيلى، وإثبات قدرته على تحقيق الأمن بعدما تكشف أمام الإسرائيليين بأن الفصائل الفلسطينية نجحت، وإلى حد كبير، فى تأكيد ما أعلنته من "وحدة الساحات" سواء فى لبنان أو سوريا أو قطاع غزة، مع قدرتها على تهديد الأمن الإسرائيلى واستهداف المدن والمستوطنات الإسرائيلية بزخات من الصواريخ التى فشلت القبة الحديدية فى التعامل معها وإسقاطها.
التصعيد مخطط لإنقاذ نتنياهو
ويقول الخبير فى الشئون الفلسطينية الدكتور خالد سعيد إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية ممثلة فى وزير الأمن القومى المتطرف إيتمار بن غفير هو نهج وطبيعة سيتبعهما خلال مسيرته وتواجده فى أى حكومة إسرائيلية، سواء كان فى حكومة بنيامين نتنياهو أو غيره، باعتباره أحد أقطاب التطرف والتشدد فى إسرائيل. لكنه سيكون أكثر تشدداً بالطبع فى حكومة نتنياهو الحالية لأن يتلقى دعماً غير محدود من رئيسها الذى يحاول رفع شعبيته فى مواجهة موجة الغضب الشعبى والتظاهرات المستمرة منذ أسابيع. مضيفاً أن بن غفير يحظى بدعم كبير من الشارع الإسرائيلى الذى يتجه حالياً بقوة إلى "اليمين المتطرف" ويظهر هذا جلياً فى حجم "مسيرة الأعلام" التى شارك فيها نحو مائة ألف يهودى فى شوارع القدس بينم كان العدد خلال السنوات الماضية لا يصل إلى ثلاثين ألف مشارك.
وأضاف سعيد أن الاقتحامات المتكررة لوزير الأمن القومى المتطرف بن غفير لباحات المسجد الأقصى المبارك جزء من مخطط إسرائيلى لتغيير هوية مدينة القدس المحتلة وفى القلب منها المسجد الأقصى، ومحاولة تقسيمه زمانياً ومكانياً، وذلك من خلال زيادة أعداد المستوطنين المقتحمين للمسجد الأقصى، وعدد مرات الاقتحام، ما يمهد لتقسيم الحرم القدسى مكانياً وزمانياً بين المسلمين واليهود، وتكرار سيناريو الحرم الإبراهيمى فى الخليل. وهو مخطط يمثل خطوة كبيرة فى اتجاه تهويد المدينة المقدسة وقطع الطريق على أى مفاوضات مستقبلية مع الجانب الفلسطينى حول وضع القدس الشرقية، والتى يعتبرها الفلسطينيون عاصمة دولتهم المستقلة على التراب الوطنى المحتل فى سنة 1967.
وأشار سعيد إلى أن التصعيد الإسرائيلى الأخير فى الضفة الغربية لم يكن مفاجئاً، رغم أنه يأتى بعد أيام من اتفاق التهدئة على جبهة غزة. فحكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو تحاول استمالة أكبر عدد ممكن من اليهود المتطرفين إلى دعمها. والمتابع للمشهد الإسرائيلى يكتشف أن حكومة نتنياهو حاولت إظهار مسيرة الأعلام فى مدينة القدس المحتلة، بمشاركة آلاف المستوطنين وبحماية من الشرطة الإسرائيلية، حاولت إظهارها كمظاهرة تأييد لحكومة نتنياهو فى مواجهة المظاهرات المتواصلة منذ أسابيع ضد نتنياهو بسبب موقفه من التعديلات القضائية.
ولفت سعيد إلى أن تواجد العديد من الوزراء وأعضاء الكنيست فى "مسيرة الأعلام"، وعلى رأسهم الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، لم يكن صدفة بل هو محاولة لجمع عدد كبير من المتطرفين لدعم نتنياهو فى مواجهة الشارع الإسرائيلى الغاضب والمطالب بمحاكمته؟
وأشار سعيد إلى أن حكومة نتنياهو تواصل التصعيد لأهداف داخلية وآخر جولات التصعيد كان انعقاد الاجتماع الأسبوعى للحكومة الإسرائيلية فى أحد أنفاق حائط البراق، أسفل المسجد الأقصى المبارك، وهى المرة الثانية فى تاريخ الحكومة الإسرائيلية، وكانت الأولى فى عام 2017، ويحاول نتنياهو الاستفادة من مثل هذه الخطوات داخلياً وخارجياً. فهو يحاول تكريس الأمر الواقع وإجبار المجتمع الدولى على الاعتراف بأن القدس عاصمة أبدية لدولة الاحتلال.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
أبو الغيط: إسرائيل ترتكب أبشع جرائم الحرب والإبادة الجماعية على مرأى ومسمع من المجتمع الدولى/ عرفي: مصر ترفض تصفية القضية...
جاء افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسى لمعرض الصناعات الدفاعية والعسكرية "إيدكس 2023" يوم الاثنين الماضى
"سيمفونية" فى حب الوطن بدأت من أمام صناديق اقتراع المصريين فى الخارج وصولا إلى تصويت الداخل/ جالياتنا حول العالم: نساند...
استمراراً لجهود القوات المسلحة لترسيخ دعائم الاستقرار وصون مكتسبات الوطن، تم تحقيق نجاحات مؤثرة فى التصدى للمهربين والعناصر الإجرامية