الزعامة ليست لفظًا يُطلق على كل من تولى سلطة أو مسئولية، ولا تقتصر كذلك على تسيير شئون الناس والمؤسسات،
بل تتمثل في القدرة على إلهام الآخرين، وتقديم يد العون والمساعدة لكل محتاج، وينسحب ذلك على الدول كما على الأفراد.
والزعامة تعني أيضًا المسئولية ومد يد العون للأصدقاء والأشقاء وقت الشدائد والنكبات، فمصر بحكم تاريخها وحضارتها الضاربة في جذور التاريخ، وبفضل مواقفها المشهودة على مر العصور حظيت بزعامة الأمتين العربية والأفريقية بلا منازع.
الزعامة المصرية للقارة السمراء؛ ظهرت جلية في مشاركة الرئيس "السيسي" في قمة "مجلس السلم والأمن الإفريقي"، التي انعقدت لبحث الأزمة الراهنة في السودان، بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات الأفارقة، وعلى رأسهم الرئيس "يورى موسيفينى"، رئيس جمهورية أوغندا، الرئيس الحالي لـ"مجلس السلم والأمن"، بالإضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وأمين عام جامعة الدول العربية، وسكرتير عام منظمة "الإيجاد"، ومبعوثة سكرتير عام الأمم المتحدة للقرن الأفريقي.
مصر تحذر من التدخلات الخارجية
في إشارة إلى أن الدولة المصرية لم ولن تتخلى أبدًا عن دعم ومساندة الشعب السوداني في محنته الراهنة، أكد الرئيس "السيسي"، أن "جهود مصر من أجل إنهاء الأزمة الحالية، تتكامل مع مختلف المسارات الإقليمية ذات الصلة، بما فيها الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية".
وأوضح الرئيس "السيسي" رؤية الدولة المصرية لخروج السودان وشعبه من حالة عدم الاستقرار التي يعانيها نتيجة التصعيد المسلح بين "قوات الدعم السريع" والجيش الوطني، لافتًا إلى أن تلك الرؤية " تستند إلى عدد من المحددات والثوابت، أبرزها ضرورة التوصل لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار؛ ووجوب الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، التي تعد الضمانة الأساسية لحماية الدولة من خطر الانهيار".
وقطع الرئيس "السيسي" الطريق أمام الساعين لزعزعة أمن واستقرار السودان؛ طمعًا في خيراته وموارده الطبيعية بتأكيده على "أن النزاع يخص الأشقاء السودانيين أنفسهم، ومن ثم فإن دور الأطراف الإقليمية هو مساعدتهم على إيقافه، وتحقيق التوافق حول حل الأسباب التي أدت إليه في المقام الأول".
وعلى غرار ما حدث مع الأزمة الليبية، ورفض مصر القاطع لأي تدخلات خارجية؛ شدد الرئيس "السيسي" على "احترام إرادة الشعب السوداني، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، وضرورة عدم السماح بالتدخلات الخارجية في أزمته الراهنة"، مؤكداً استمرار مصر، في بذل كل الجهود، من أجل إنهاء الأزمة الحالية، ومواصلة التنسيق، مع كافة الشركاء والمنظمات الإغاثية، لدعم جهود توفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة، للتخفيف من الوضع الإنساني المتدهور هناك.
مسارات الحل للأزمة السودانية
الزعامة الحقيقية؛ هي التي تقوم على التصرف بمسئولية وحكمة لنجدة الشعوب في مواجهة المخاطر التي تتهددها، وفي هذا الإطار قال الرئيس "السيسي": إن الجهود المبذولة في إطار الاتحاد الإفريقي، تأتى مكملة لمسارات أخرى، ومن ضمنها جامعة الدول العربية، التي أقرت قمتها الأخيرة، تشكيل مجموعة اتصال وزارية عربية، للتعامل مع الأزمة، ونصت كذلك على الالتزام بوقف إطلاق النار، وفتح الطريق لنفاذ وتوزيع المساعدات الإنسانية، وسحب القوات مــن المسـتشفيات والمرافـق العامة".
وشدد على أن "تلك المسارات يتعين أن تقوم على معايير موحدة ومنسقة؛ يدعم بعضها البعض، وتؤسس لخارطة طريق لعملية سياسية تعالج جذور الإشكاليات، التي أدت إلى الأزمة الحالية، وتهدف إلى مشاركة موسعة وشاملة، لجميع أطياف الشعب السوداني".
كما كشف الرئيس "السيسي" عن المسارات التي تتحرك فيها الدولة المصرية لإنهاء الأزمة السودانية، أهمها :
ـ ضرورة التوصل لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار وبما لا يقتصر فقط على الأغراض الإنسانية.
- وجوب الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية في السودان، والتي تعد العمود الفقري، لحماية الدولة من خطر الانهيار.
- إن النزاع هناك يخص الأشقاء السودانيين ودور مصر والأطراف الإقليمية، مساعدتهم على إيقافه، وتحقيق التوافق حول حل الأسباب، التي أدت إليه في المقام الأول.
- تتجاوز التداعيات الإنسانية للأزمة السودانية، حدود الدولة وتؤثر على دول الجوار، التي يتعين التنسيق معها عن قرب.
وقد التزمت مصر بمسئولياتها في هذا الشأن، عبر استقبال الإخوة السودانيين حتى اليوم، بجانب استضافة نحو 5 ملايين مواطن سوداني، تتم معاملتهم كمواطنين.
الخارجية المصرية تفضح الأكاذيب الإثيوبية
الزعامة يا سادة لا تصنعها الحناجر الناطقة بالزيف والأكاذيب، كما هو حال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي يسعى بكل الطرق لوضع موطئ قدم بين الكبار حتى ولو كان ذلك على حساب شعبه وأمته.
فبينما كانت القيادة المصرية مهمومة بلم الشمل العربي، والسعي لتحقيق الأمن والاستقرار في السودان الشقيق؛ فاجأت الخارجية الإثيوبية الجميع بإصدار بيان ملئ بالمغلطات وليّ الحقائق بشأن أزمة السد الأثيوبى، وزادت على ذلك بمحاولتها دق إسفين بين الأشقاء الذين أظهروا تضامنًا مع مصر في هذه القضية خلال "قمة جدة" الأخيرة.
وفي رد سريع وكاشف للأكاذيب الإثيوبية، أكد المتحدث باسم "الخارجية" المصرية السفير أحمد أبو زيد، أن بيان وزارة الخارجية الإثيوبية تعقيبًا على قرار القمة العربية الأخيرة بدعم موقف مصر والسودان في قضية السد الأثيوبى مضلل ومليئ بالمغالطات ولى الحقائق.
وأشار "أبو زيد" إلى أن بيان أديس أبابا "محاولة يائسة للوقيعة بين الدول العربية والإفريقية من خلال تصوير الدعم العربي لموقف مصر العادل والمسئول باعتباره خلافاً عربياً إفريقيا".
"أبو زيد" أعرب عن أسفه لما حواه البيان الإثيوبي من ادعاءات غير حقيقية بأن "الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، اتفقت بالفعل خلال المفاوضات على حجم المياه التي سيتم تخزينها وفترة ملء خزان السد"، وأن "لجوء مصر والسودان لطلب الدعم العربي يُعد انتهاكاً لاتفاق المبادئ"، بل والادعاء بأن "الدول العربية الأعضاء في الاتحاد الإفريقي لا تدعم القرار العربي الصادر عن القمة الأخيرة بالإجماع".
وفي تعقيب يؤكد أن زعامة مصر للمنطقة العربية والقارة الإفريقية لم تأت من فراغ، وإنما جاءت نتاج تاريخ طويل من الدعم والمساندة لقضايا القارة، قال "أبو زيد": إن تاريخ مصر الداعم لحركات النضال الوطني والتحرر من الاستعمار في إفريقيا، وما تبذله من جهود وترصده من موارد لدعم برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبناء السلام في القارة، لا يتماشى مطلقاً مع ادعاءات واهية بأن مصر تحشد الدول العربية ضد المصالح الإفريقية.
وأضاف: إن كون إثيوبيا دولة المقر للاتحاد الأفريقي لا يؤهلها للتحدث باسمه أو دوله الأعضاء بهذا الشكل، للتغطية على مخالفاتها لقواعد القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار.
وفنّد "أبو زيد"ادعاء إثيوبيا بأنها "راعت شواغل مصر والسودان"، مؤكدًا أن "ذلك يتناقض مع حقيقة استمرار المفاوضات لأكثر من 10 سنوات دون جدوى، ودون أي التزام أو اعتبار لحقوق دول المصب"، مطالباً الجانب الإثيوبي بالتوقف عن التذرع المغرض بما تسميه بـ"الاتفاقيات الاستعمارية" للتحلل من التزاماتها القانونية، التي وقعت عليها، وهى دولة كاملة السيادة، وواجبها الأخلاقي عدم الإضرار بدول المصب، والتوقف عن إلقاء اللوم على الأطراف الأخرى لمجرد مطالبتها بالالتزام بالتوصل للنتيجة الطبيعية للمفاوضات، وهى اتفاق قانوني ملزم يراعي الشواغل الوجودية لدول المصب، ويحقق التطلعات التنموية للشعب الإثيوبي.
مساع مصرية لتخفيف الأعباء عن الدول الأفريقية
الدور المحوري الذي تلعبه مصر في خدمة محيطها الإقليمي والعربي لم يقتصر يومًا عند حد التدخل لحل الصراعات بين الأطراف، بل إنه امتد ليشمل هموم الدول الأفريقية قاطبة، ومؤخرًا استضافت مدينة شرم الشيخ الاجتماعات السنوية لـ"بنك التنمية الأفريقي" للمرة الثالثة على التوالي.
وخلال الفعاليات، أكد الرئيس "السيسي" على الدور الحيوي الذي يقوم به "بنك التنمية الإفريقي" في دعم قضايا التنمية بالقارة السمراء، في ظل التحديات الاقتصادية المتنامية على المستوى الدولي، مشددًا على أن مصر مستمرة في دعمها لدفع جهود تحقيق التنمية الاقتصادية لدول القارة الإفريقية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وقال: إن استضافة مصر الاجتماعات السنوية لبنك التنمية الإفريقي للمرة الثالثة، تأتى تأكيدًا على بالغ الاهتمام بتعزيز المساعي الدولية والإقليمية الداعمة لجهود التنمية في جميع ربوع قارتنا الإفريقية، لافتًا إلى حجم بعض الاحتياجات التمويلية لدول القارة الإفريقية، طبقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وبنك التنمية الإفريقي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: (200 مليار دولار سنويًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة- 144 مليار دولار سنويًا لمعالجة الآثار السلبية لجائحة "كوفيد- 19"- 108 مليارات دولار سنويًا لتمويل مشروعات تهيئة ورفع مستوى البنية التحتية).
ودعا الرئيس "السيسي" المؤسسات التمويلية متعددة الأطراف إلى إعادة النظر في المعايير والشروط، التي تؤهل الدول للحصول على قروض ميسرة، بحيث تكون متاحة للدول منخفضة ومتوسطة الدخل على حد سواء، خاصة في ظل تصاعد تكلفة الاقتراض، وزيادة أعباء خدمة الدين وما له من انعكاسات سلبية على الموازنات المالية لتلك الدول.
تلك هي مصر، التي لم تتوان لحظة عن مساعدة الأشقاء في القارة الأفريقية وتدافع عن قضاياهم في المحافل الدولية والأممية، وهذه مسئوليتها التي لا تتماشى مطلقاً مع ادعاءات إثيوبية واهية تزعم بأن مصر تحشد الدول العربية ضد المصالح الإفريقية.
ونخلص من كل هذا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي لا ينطق إلا كذبًا، لإخفاء الإخفاقات التي تسبب فيها نظامه، وحتى يظهر أمام شعبه المغلوب على أمره بأنه بطل قومي، وحقيقة الأمر أنه لا يخرج عن كونه مجرد خنجر مسموم في خاصرة القارة الأفريقية وشعوبها.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
عقد مؤخرا فى مقر جامعة الدول العربيه إجتماع مجلس الجامعة على مستوى وزارء الخارجيه العرب في دورته العادية(160) برئاسة ناصر...
الدكتور سعادة نجح فى تخليق وقود للصواريخ من عينات منتهية الصلاحية
مصر استبقت «يوم الغفران» بكسر «جناح» تل أبيب في معارك الاستنزاف / إسرائيل فقدت 100 مقاتلة في الأيام الأولى للحرب...
الرئيس ذهب ليتحدث لأهالى ضحايا العاصفة الليبية ويلبى مطالب البسطاء من سكان القرى