شهدت مدينة القدس المحتلة مواجهات واسعة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال عقب اقتحام القوات الإسرائيلية المسجد
الأقصى الشريف واعتدائها على المصلين ومحاولة تفريغه من المصلين والمعتكفين، تمهيداً للسماح للمستوطنين بالدخول إلى باحات الحرم القدسى لأداء طقوسهم فى عيد الفصح اليهودى.
وعقب هذه الجريمة الصهيونية توسعت دائرة المواجهة حتى أصبحت المنطقة بأكملها معرضة لحرب إقليمية بين الكيان الصهيونى وعدة أطراف إقليمية، وهو تصعيد يسعى إليه نتنياهو للفرار من أزمته الداخلية مع تصاعد المعارضة له. لكن ما يريده نتنياهو هو تصعيد محسوب لا يصل إلى درجة المواجهة الشاملة.
عقب التصعيد الأخير سعت مصر لنزع فتيل الأزمة لحرمان حكومة الكيان الصهيونى من ذريعة الاعتداء على قطاع غزة، وهو احد أهداف نتنياهو لتخفيف الضغط الداخلى عنه وتوحيد الصفوف داخل دولة الاحتلال وراء الحكومة الحالية بذريعة دفاعها عن بقاء دولة الاحتلال.
التصعيد الإسرائيلى يتواصل
يقول رئيس حزب التجمع الوطنى الديموقراطى داخل الخط الأخضر دكتور جمال زحالقة إن التصعيد الإسرائيلى متواصل منذ بداية العام، واقترب عدد الشهداء الفلسطينيين من المائة، ويقوم الجيش الإسرائيلى يوميا بعمليات تصفية واعتقال، خاصة فى شمال الضفة الغربية. أما الجولة الحالية من التصعيد فمصدرها إصرار الحكومة الإسرائيلية على السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى، وقيام الشرطة الإسرائيلية بالاعتداء على المعتكفين فى المسجد القبلى بادعاء حماية "زيارات" اليهود لباحة المسجد، وتمادى سلطات الاحتلال فى الاعتداء على المصلين والمعتكفين فى مسجدهم. وهو ما يواجهه الشباب والشابات الفلسطينيون بحزم دفاعاً عن الحرم القدسى الشريف.
ويضيف زحالقة أن ما يحدث فى الأقصى، كما كان دائماً، يشعل فتيل الغضب الفلسطينى فى كل مكان، فى القدس والضفة الغربية وداخل الخط الأخضر وفى قطاع غزة والشتات وهذا ما شهدناه فى الأسبوع الأخير، ولن يتوقف حال استمرار الاعتداءات الإسرائيلية. وكنا نتمنى أن تعبر الدول العربية والإسلامية عن غضبها أيضاً.
ويقلل زحالقة من احتمالات اتساع رقعة المواجهة إلى حرب شاملة. لأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية غير معنية بها، حتى لو أرادها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لمصلحته الشخصية ولتجاوز الأزمة التى تمر بها الدولة الصهيونية جراء الخلاف حول الانقلاب على الجهاز القضائى. ومن جهة أخرى فإن حزب الله وحماس غير معنيين بالتصعيد بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى لبنان وقطاع غزة، والخشية من كارثة إنسانية فى حال مواجهة شاملة.
ويؤكد زحالقة أنه من الصعب التنبوء بسيناريوهات المستقبل فى الحالة الفلسطينية، كما لا يمكن التنبوء بآليات وأساليب الانتفاضة الثالثة حال اندلاعها، لكن من الواضح أن هناك احتقاناً فى الشارع الفلسطينى، وبحثاً عن طرق للتعبير عنه، فى ظل انسداد أفق الحل السلمى والحل العسكرى فى المرحلة الحالية.
وأشار زحالقة إلى أن السلطة الفلسطينية فى حالة يرثى لها، والحديث عن تفاهمات مع إسرائيل برعاية أمريكية هو تسويق لسراب ولأوهام. لأن الحكومة الإسرائيلية الحالية هى أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً، وهى تضع السلطة الفلسطينية فى موقف حرج أمام شعبها، وتواصل الضغط عليها للالتزام بما لا تلتزم به إسرائيل، التى تريد أن تفرض معادلة "الهدوء مقابل العنف"، فإسرائيل تطالب السلطة بضمان الهدوء فى الوقت الذى تواصل فيه القتل والتدمير والاستيطان والاعتداء على القدس والمقدسات. فى المواجهة الحالية تبدو السلطة الفلسطينية كلاعب هامشى لأنها قائمة على اتفاق أوسلو، الذى مات ويحتاج لقرار بدفنه.
مصر الداعم الأكبر للفلسطينيين
وعن الدور المصرى فى الدفاع عن الشعب الفلسطينى، يقول زحالقة إن مصر كانت وستبقى السند الأهم لشعب فلسطين، وهى تسعى جاهدة لإقناع الولايات المتحدة بلجم إسرائيل ومنعها من تفجير الأوضاع فى المسجد الأقصى وعلى جبهة غزة. لكن المشكلة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية أكثر تطرفاً من سابقاتها وأقل استجابة للوساطة المصرية وحتى الأمريكية.
ولف زحالقة إلى أن الفلسطينيين داخل الخط الأخضر (عرب 1948) هم جزء من الشعب الفلسطينى ويتفاعلون معه فى كل صغيرة وكبيرة. وقضية المسجد الأقصى تحديداً هى الأكثر تأثيراً عليهم وعلى حراكهم النضالى. وقد حدثت فى الأسبوع الأخيرة عشرات المواجهات فى البلدات العربية الفلسطينية فى داخل الخط الأخضر. كما أن أعداداً غفيرة منهم متواجدة يومياً فى المسجد الأقصى ويشاركون فى الدفاع عنه مثلهم مثل بقية الفلسطينيين من القدس والأقصى.
وألمح زحالقة إلى أنه فى ظروف معينة من الممكن أن تمتد الانتفاضة الفلسطينية إلى داخل الخط الأخضر، ومنها ألا تكون انتفاضة عسكرية، حيث من الصعب جداً أن يشاركوا بها، لأنهم اختاروا طريق النضال غير المسلح لأسباب كثيرة. كما أن اندلاع مواجهات فى المسجد الأقصى وحوله، تثير مشاعر الناس، وإذا استمرت المواجهات فهذا سيؤدى حتما إلى امتداد الانتفاضة إلى الداخل.
غضب فلسطينى متوقع
ويقول القيادى بحركة فتح وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس دكتور أيمن الرقب إنه من الطبيعى انفجار بركان الغضب الفلسطينى فى الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وداخل الخط الأخضر رداً على جرائم الاحتلال بحق المسجد الأقصى. ففى فجر عيد الفصح اليهودى هاجم جنود الاحتلال المسجد الأقصى بهدف تفريغ المسجد من المصلين والمعتكفين تمهيداً لدخول قطعان المستوطنين اليهود إلى باحات المسجد الأقصى وإقامة صلوات تلمودية، وأكثر من ذلك كان يخطط المتطرفون اليهود لذبح القرابين فى باحات المسجد الأقصى.
وأضاف الرقب أن الهجوم على المصلين فى المسجد الأقصى ليس بجديد، ولكن الغريب هذه المرة أنه يأتى بعد قمتين فى العقبة وشرم الشيخ بمشاركة جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية والسلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلى والولايات المتحدة الأمريكية وكان هدف القمتين هو تهدئة الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية ووقف أى تصعيد خلال شهر رمضان.
وأشار الرقب إلى أن الواضح من هذا الحدث أن حكومة نتنياهو بهذه الخطوة كانت تحاول قياس ردة الفعل الفلسطينية والعربية والدولية لتكمل مخططها لتنفيذ التقسيم الزمانى والمكانى للمسجد الأقصى، خاصة أن شريكى نتنياهو، اتيمار بن غفير وسيموتريتش قد وعدا المتطرفين اليهود بتحقيق هذا الحلم، ولكن أمام ردة الفعل الفلسطينية والعربية والدولية تدخل نتنياهو وأوعز لشرطة الاحتلال وجيشه بوقف الاعتداء على المسجد الأقصى ومنع دخول الكباش لذبحها كقرابين داخل المسجد الأقصى.
وأكد الرقب أن الموقف المصرى كان سريعاً وحاداً، فبعد الهجوم على المصلين فى المسجد الأقصى بدقائق صدر بيان من الخارجية المصرية أدان هذه الجريمة وطلب من الاحتلال التوقف فوراً عن هذا المخطط، ثم توالت بيانات الإدانة من المملكة الأردنية الهاشمية ودول عربية وإسلامية لهذا الاعتداء الوحشى ومطالبة دولة الاحتلال بالتوقف عن هذا الإجراءات. كما تحركت مصر، وما زالت، بشكل متواصل بعد انطلاق الصواريخ من قطاع غزة بالتحديد لمنع التصعيد وحقن دماء الشعب الفلسطينى، خاصة أن القاهرة تدرك أن حكومة اليمين الإسرائيلى تود الانقضاض على الشعب الفلسطينى مستغلة أى حدث.
الانتفاضة الشاملة مستبعدة
وأوضح الرقب أنه رغم الأحداث وتسارعها إلا أننى استبعد انفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة لعدة أسباب أهمها فقدان الثقة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس وخشية السلطة الفلسطينية ترك العنان لحركة حماس للتسلح فى الضفة فتعيد سيناريو ما حدث فى قطاع غزة عامى 2006 و2007، وتنقض على السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية كما حدث فى قطاع غزة. صحيح أنه يوجد حراك شعبى ومقاومة مسلحة فى الضفة الفلسطينية ولكنها محدودة ولا توحى بانفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة قريباً.
وحول ردة الفعل العسكرية على اقتحام الأقصى يقول الرقب إن ردات فعل المقاومة من قطاع غزة أو جنوب لبنان من خلال إطلاق الصواريخ كانت محدودة العدد والمدى ولا تحمل تأثيرا كبيرا على دولة الاحتلال سوى الأثر النفسى، لذلك فإن الرهان على المقاومة فى الضفة الفلسطينية والقدس، ففدائى منفرد قد يؤلم الاحتلال أكثر من مئات الصواريخ التى أطلقت لكسب ماء الوجه والإشارة لمصطلح وحدة الساحات التى تطلقها المقاومة منذ شهور، والتى اكتملت بإطلاق ثلاثة صواريخ من سوريا باتجاه الجولان المحتل.
وشدد الرقب على أن الشعب الفلسطينى لن يقف مكتوف الأيدى أمام جرائم الاحتلال ولن يفقد الوسيلة، لذلك فإن نجاح أى تهدئة مرهون بموقف دولة الاحتلال والتى اختبرت رد فعل الشعب الفلسطينى حال العدوان على مقدساته، وكذلك ردات الفعل العربية والإسلامية والتى يكون حجمها دوماً بحجم الحدث.
نتنياهو يبحث عن مخرج
وعن محاولات حكومة نتنياهو للتصعيد يقول الرقب إن نتنياهو يحاول الهروب من أزمته الداخلية ويحاول استغلال إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا رغم محدودية تأثيرها، من خلال شن هجمات محدودة على قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا دون الدخول فى حرب قد تزيد من الرافضين له ولحكومته لان الحرب المقبلة لن تكون نزهة لجيش الاحتلال، وفى نفس الوقت يريد نتنياهو إطالة الحرب على عدة جبهات دون حسم ليكسب الوقت لتوحيد جبهته الداخلية بذريعة وجود أعداء يريدون تدمير دولة اسرائيل، وبالتالى يحاول نتنياهو صيد كل العصافير بحجر واحد، وسيستغل التهديدات الايرانية عبر وسائل الإعلام المختلفة وسيهدد بضرب كل الاعداء لتوحيد الجميع خلفه بذريعة حماية كيانهم من الأعداء.
إسرائيل تحاول تصدير أزمتها الداخلية
ويقول الكاتب والباحث فى العلوم السياسية الدكتور عزام شعث إن التصعيد فى هذه الأوقات هو من اختيار الحكومة اليمينية المتطرفة فى إسرائيل، وهو جزء ضمن السياسات التى اعتمدتها هذه الحكومة المتطرفة فى خطتها العامة منذ تنصيبها، والتى تقوم على: توسيع سيطرتها ونفوذها فى الضفة الغربية وعلى كامل الأرض الفلسطينية، وتعزيز الاستيطان وشرعنته، والاعتداء اليومى على الفلسطينيين، واستباحة المقدسات فى مدينة القدس المحتلة.
وأضاف شعث أن المواجهات الفلسطينية- الإسرائيلية انطلقت من باحات المسجد الأقصى بعد اعتداء قوات الاحتلال على المصلين والمعتكفين فى مخالفة صريحة للأعراف ولقواعد القانون الدولى، وفى خلفية هذا المشهد رسالة إسرائيلية صريحة بأنها لا تتقيد بتفاهمات قمتى العقبة وشرم الشيخ، المخصصتين للتهدئة وخفض التوترات فى الضفة الغربية، ثم إن الحكومة الإسرائيلية أرادت تصدير الأزمة السياسية الداخلية التى تعانى على امتداد الشهور الثلاثة الماضية إلى الفلسطينيين.
وأضاف شعث أن تطور الأحداث ووصولها إلى محطة الانفجار الشامل على جبهتى غزة والضفة الغربية يتوقف على مستوى الاعتداءات الإسرائيلية، فكلما ضاعفت إسرائيل من اعتداءاتها ضد المدنيين الفلسطينيين العزل والمقدسات فى مدينة القدس المحتلة، ارتفعت مستويات المواجهة والرد الفلسطينى انطلاقًا من قطاع غزة، وليس من الوارد أن يتدخل "حزب الله" فى هذه المواجهة، فى ظل التهديدات الإسرائيلية، والأوضاع المتردية على المستويين الاقتصادى والسياسى داخل الدولة اللبنانية، وقد يكتفى حزب الله ببعض العمليات الرمزية والتى تجلعه بعيداً عن المواجهة الشاملة مع إسرائيل.
مصر الحاضر دائماً
وأكد شعث أن الدولة المصرية سجلت حضوراً فاعلاً ومهماً فى الوساطة بين فلسطين وإسرائيل خلال السنوات الأخيرة، وهذا يحسب لمصر فى أنها وضمن مساعيها وجهودها الاستباقية جنبت المدنيين الفلسطينيين ويلات الحروب، ذلك أن دولة الاحتلال لا تتوقف عن اعتداءاتها لولا التدخلات الجادة من مصر بين الطرفين.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
استمراراً لجهود القوات المسلحة لترسيخ دعائم الاستقرار وصون مكتسبات الوطن، تم تحقيق نجاحات مؤثرة فى التصدى للمهربين والعناصر الإجرامية
اللوح يطالب المجتمع الدولى بحماية أطفال فلسطين من العدوان الإسرائيلى الغاشم
حديقة «الليكود» الخلفية أدارت الأزمة لحساب اليمين المتطرف وسوَّقت لوضع المحتل فى دائرة «الضحية» / مشروع التهجير اعتمد على تسوية...
بفضل الجهود المصرية الكبيرة والمتواصلة، تم إبرام هدنة انسانية فى غزة. ومنذ اليوم الاول تمسكت مصر بموقفها من رفض وإدانة...