لقد اختارهم القدر أن يحملوا لقب شهداء، وإن كانوا قد تركوا فى القلب غصة، بعدما راحوا ضحية الإرهاب الغاشم الذى اغتال شبابهم،
وعلى الرغم من لوعة الحزن ومرارة الفقد التى سببوها لذويهم، إلا أن تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسى لأسر الشهداء أثلج قلوبهم وترك أثرا كبيرا فى نفوسهم جعلهم يشعرون وكأن فلذات أكبادهم ما زالوا فى أحضانهم أحياء يرزقون، كما منحهم التكريم القوة والفخر والعزة بأولادهم، لتكون الشهادة تتويجا لمسيرتهم العطرة ومنحتهم الصبر والقوة.
وبصوت يملأه الفخر والعزة، يقول والد الشهيد مجند أحمد سمير الشحات الذى استشهد أثناء تأدية واجبه الوطنى فى هجوم إرهابى بالشيخ زويد يوم 9 أبريل عام 2019، بكمين سبيكة أثناء تمشيط الطريق من الكمين لرفح: إننى شعرت خلال احتفالية يوم الشهيد وتكريم الرئيس عبدالفتاح السيسى لنا، بأن ابنى لا يزال فى حضني، وأن مصر وعلى رأسها القيادة السياسية لا تنسى شهداءها أبدا، بل على العكس الشهيد فى قلب كل مصري.
وبصوت ممزوج بالحزن على فقيدها والسعادة بتكريم الرئيس لهما، أعربت والدة الشهيد أحمد سمير، عن سعادتها بتكريم الرئيس لهما مؤكدة أن شهيدها هو مصدر فخرها واعتزازها، فقد كان حسن الخلق، طيب القلب، هادئ الطباع وكان يحلم بالشهادة ولم يبخل بها الله عليه بل كتبها له. وتابعت: استشهاد ابنى وسام على صدرى فأنا أصبحت أم الشهيد، وهو حى يرزق وعلى يقين أنه يرانى ويشعر بنا وإن كنت لا استطيع أن أراه أو احضنه، داعية له بالرحمة ولنفسها ولأمهات الشهداء بالصبر والثبات والسلوان، فما زال قلبى يعتصر ألما عليك يا نور عينى ولا يمكن أن أنساك.
الاستشهاد فى سبيل الله وعلى أرض الوطن دفاعا عنه، أمنية ظلت تلاحق الشهيد حسين عبد الله أحمد الجزار ، يذكرها من حين لآخر ويرددها على مسامع زوجته حتى كتبها الله له، هكذا قالت مروة أحمد زوجة الشهيد بصوت حزين ومتشوق لزوجها الذى راح ضحية الإرهاب، وأضافت أن زوجها أول شهيد من القوات المسلحة، استشهد يوم ٢٩ يوليو من عام ٢٠١١ على يد مجموعة من الأفراد الملثمين أثناء تأمينه قسم شرطة ثان بالعريش، حيث أطلقوا عليه النيران بشكل عشوائى وقتلوه.
وأضافت: قبل الاستشهاد بربع ساعة، هاتفنى وأوصانى كثيرا بعبد الله، وقال لى ادعيلى أموت شهيد وخلى بالك من عبدالله وحفظيه القرآن، ولكنى بادرته وقلت له أنت هتربى عبدالله، فأنت ظهرنا وسندنا فى هذه الحياة، لكنى فوجئت به يقول لى لن أكون معكم بعد اليوم، نظرا لظروف عملي، وكأنه كان يودعنى دون أن أعى ذلك آنذاك، فكان قلبه حاسس إنه هيموت، وبعد مرور ١٥ دقيقة هاتفته لكن موبايله أعطانى جرس ورد علىّ زميله وبعدها الموبايل اتقفل.
وتابعت سرد ذكريات يوم الاستشهاد قائلة: بدأ القلق يساورني، حتى اتصلت بزملائه وعلمت خبر الاستشهاد، حسبنا الله ونعم الوكيل، فيمن حرمنى من زوجي، وتسبب فى يتم أولادي، ربنا ينتقم منهم، حرمونا من كل المناسبات الحلوة ومفيش حاجة بقى لها طعم، وبدلا من احتفالنا سويا بعيد الأم فى مثل هذه الأيام، أصبحنا نترحم على روحه الطاهرة فى يوم الشهيد ونحتفى به فى قبره.
تستكمل والدة الشهيد الحوار وبدموع منهمرة، وتقول: حبيبى كانت إجازاته صعبة وكان لما يأخذ إجازته يصطحبنا جميعا، ويداعبنى كل اللى نفسك فيه، قوليلى عليه ولو مزعلك فى حاجة، قولى كل اللى يهمنى فى الدنيا انك تبقى مبسوطة وراضية عني"، كان دائما يقول لى أتمنى أن أكون واحد من الشهداء، وأدافع عن أرضى وبلدى وأموت شهيد، فكنت ادعيله وأقول له مفيش حد هيربى ابنك غيرك، فيرد علىّ ويقول لى عبدالله فى كفالة ربنا فلا أخشى عليه بل الله أحن عليه مني، وربنا أكبر منى ومنكم وسيتولاكم برحمته، وبدعى ربنا أنول الشهادة قريب، وكأن باب السماء كان مفتوح فقد اغتالته يد الإرهاب الأسود ولم يتعد عمر عبدالله آنذاك الـ٤ شهور.
وبصوت متحشرج تعود زوجة الشهيد لتستكمل الحديث قائلة: كان بيحب كل الناس ومش بيزعل حد، نفسى يتم إعدام كل من يتّم ابنى وأبناء غيرى فى ميدان عام على مرأى ومسمع من الجميع، حتى يكونوا عبرة لغيرهم ممن لا يعتبر، فقد يتموا أبناءنا وحرموهم من سندهم وظهرهم وآمانهم، وحرقوا قلوبنا على أعز وأغلى ما نملك فكانوا كل شيء فى حياتنا.
«لما أكبر إن شاء الله هبقى ضابط وهرجع حق بابا وحق كل الشهداء اللى استشهدوا وهدافع عن البلد ضد الإرهاب الأسود، اللى سود حياة ناس كتير»، هكذا قال عبدالله ابن الشهيد حسين والذى يبلغ من العمر ١١ عاما، وأضاف: بابا بطل دافع عن البلد ضد الإرهاب، علشان نعرف نعيش فى أمان وسلام، وهو حى عند ربنا، وربنا اختاره يموت شهيد علشان كان يستاهلها، بس كان نفسى اشوفه، لكن أنا بزوره واقعد اتكلم معاه ودايما بحتفل معه بأى مناسبة، وبقوله هاخد حقك وحق كل الشهداء، وأنا فخور بك وفخور إنى ابنك لأنك رافع رأسى فى كل مكان اروحه حتى فى مدرستي.
وتقول مروة على زوجة الشهيد أحمد الفقى إن الشهيد كان يتمنى من صغره أن يلتحق بكلية الشرطة، وبالفعل تحققت أمنيته، والتحق بكلية الشرطة وتخرج فيها والتحق للعمل بالأمن العام بمديرية أمن الجيزة، وتم إدراجه بقطاع الشمال بقسم أول إمبابة برتبة ملازم، ثم عمل بالانتشار السريع بمرور الجيزة، وشهد له الجميع بالاجتهاد فى عمله وكان ضمن أكفأ 20 ضابطا، وتم نقله للعمل بمباحث المنطقة الأثرية بقطاع غرب الجيزة، ثم التحق للعمل بقطاع قوات أمن الجيزة، واستشهد بعد زفافه بـ5 أشهر ونصف فى انفجار سيارة مفخخة بمحيط قسم ثالث العريش فى أبريل 2015، مشيرة إلى أنه فى عام 2014 التحق للعمل بمديرية أمن شمال سيناء بقسم ثالث العريش، وعُرف بتعلق قلبه بأرض الفيروز، ورفض العودة إلى مديرية أمن الجيزة أكثر من مرة رغم أنه وحيد والده، وكان يحق له العودة إلا أنه رفض، وبعد مرور عام على وجوده هناك، وفى أبريل 2015 أنهى الشهيد أحمد الفقى خدمته فى الكمين، عائدا إلى قسم الشرطة بالعريش، حيث اندفعت إحدى السيارات لاقتحامه، إلا أنه تعامل معها وباقى الخدمات الأمنية وفجروها، واستشهد متأثراً بإصابته.
وقالت والدة الشهيد أحمد الفقى إنه كان دائما يتمنى الشهادة، ونالها وكان يراها شرفا كبيرا مش أى حد ينولها، لكنه كان مخلص النية لذلك استشهد ونال الشهادة، وكان دائما يقول أتمنى أن لا اُضرب فى ضهري، احب اخد الطلقة فى صدري، وأنا بواجه، فقد اغتال الإرهاب أعز ما نملك فقد كان الأب والأخ والابن والسند والحبيب فكان آمانا للجميع.
وأضافت: ربيته منذ صغره على حب الوطن وحب الناس ومساعدتهم، وزرعت فيه منذ نعومة أظفاره حب الخير لجميع الناس، ومساعدتهم والحفاظ على الوطن وسمعته وأمنه، حتى صار عزوة لنا وسندا فى حياته، وفخرا لنا بعد استشهاده تاركا لنا قطعة منه "أحمد الصغير"، جنينا فى بطن أمه، ليبلغ من العمر اليوم 8 سنوات.
وبنظرة من الاعتزاز والفخر الممزوجة بالدموع والابتسامة التى تكسو الوجه لكنها لا تخفى مرارة الفقد تقول زوجة الشهيد إن زوجها كان يتمنى أن يكون أول أبنائه من الذكور حتى يكون ضابطا مثله، لكنه استشهد دون أن يعلم نوعه، وبعدما علمت بأنه ذكر أصريت على اسم أحمد ليكون مثل والده فى كل شىء، وحتى يثأر لروحه الطيبة، وليستكمل مسيرته فى الحياة وليملى عينى عندما أراه يرتدى زى الشرطة مثل أبيه، فكان يطلق على الفقى لقب الأسد فى قسم بولاق، وكان طيب القلب لينا، لذا أتمنى أن أرى ابنى مثله، ويعلم أحمد عن أبيه أنه "بطل سيناء".
وأكدت الأم: الرئيس لم ينسنا أبدا وهناك تواصل باستمرار للاطمئنان على حالنا وتذليل أى عقبات، لكن هديتى وأمنيتى الوحيدة أن يستكمل زملاؤه المشوار كى يقضوا على الإرهاب، وتستمر جهود الدولة فى محاربتها لهذا العدوان الغاشم، داعية الله أن يعوضها فى حفيدها خيرا ليستكمل مسيرة والده كما كان يتمنى، وندعو الله أن يلهمنا الصبر.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
خالد سعيد: التصعيد الإسرائيلى محاولة من نتنياهو لإنقاذ مستقبله السياسى/ أيمن الرقب: تصريحات سموتريتش تؤكد تزايد التصعيد الاسرائيلى فى ظل...
نالت القضية الفلسطينية كالعادة باعتبارها القضية الأم والمركزية لكل العرب وأولى الأولويات اهتماما خاصا فى كل
ضربت مصر أروع الأمثلة في الإنسانية، في التعاطي مع قضية اللاجئين، ففي الوقت الذي ترفض فيه دول أوروبا وأمريكا استقبالهم،
الزعامة ليست لفظًا يُطلق على كل من تولى سلطة أو مسئولية، ولا تقتصر كذلك على تسيير شئون الناس والمؤسسات،