السفير محمد العرابي: آلية التشاور أمر مهم للدولتين والمنطقة العربية فى ظل التحديات الدولية
تعتبر مصر والسعودية رمانة الميزان فى المنطقة العربية، بل والشرق الأوسط والعالم الإسلامى كله، ويرتبط البلدان الشقيقان بعلاقة أخوية عميقة ومتينة، تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ.
كما يرتبط الرئيس عبد الفتاح السيسى والقيادة فى السعودية ممثلة فى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولى عهده الأمير محمد بن سلمان بعلاقة أخوية، وتعمل القيادة فى كلا البلدين على تأصيل هذه العلاقات لما فيه صالح واستقرار البلدين والمنطقة العربية ككل.
ومن هذا المنطلق دشنت حكومتا البلدين آلية التشاور بين مصر والسعودية، وعقدت أولى جلسات التشاور فى ذلك الحين، وفى الأسبوع الماضي، زار سامح شكرى وزير الخارجية، العاصمة السعودية الرياض، للمشاركة فى اجتماع لجنة المتابعة والتشاور السياسى بين البلدين على مستوى وزراء الخارجية.
وعقد شكري، لقاءً ثنائيًا مغلقًا مع نظيره السعودى الأمير فيصل بن فرحان، فى الرياض.
وتعتبر هذه الزيارة هى الجولة الخامسة للجنة المتابعة والتشاور السياسى بين وزارتى الخارجية، والتى تم إنشاؤها بموجب مذكرة تفاهم وقعت فى القاهرة عام 2007.
وقال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، إن انعقاد لجنة التشاور السياسى المصرية السعودية بشكل دوري؛ يعكس حرص الجانبين المصرى والسعودى على التنسيق والتشاور المستمر حول مختلف القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى وجه الخصوص تلك التى تمس مصالح البلدين الشقيقين والدول العربية، ارتكازًا على العلاقات التاريخية والأخوية الوثيقة بين البلدين، واتصالًا بجهودهما المستمرة لتعزيز التضامن العربى فى مواجهة التحديات الراهنة.
وأضاف أبو زيد أن وزير الخارجية سامح شكرى التقى بالأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكة العربية السعودية بشكل ثنائى قبيل بدء اجتماع لجنة التشاور السياسي، وأعقب ذلك جلسة مشاورات موسعة ضمت وفدى البلدين تم خلالها تناول كافة الموضوعات التى تتعلق بالعلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية المدرجة على جدول الأعمال.
وأوضح أبو زيد أن المشاورات شهدت حوارًا مستفيضًا وشاملًا حول تطورات القضية الفلسطينية، والأوضاع فى ليبيا والسودان واليمن وقضية السد الأثيوبى، وكذلك التطورات فى العراق وسوريا ولبنان وغيرها من القضايا الإقليمية، حيث تلاقت مواقف الجانبين الداعمة لتحقيق الاستقرار والسلام فى المنطقة، والمساندة لكل طرف تجاه التحديات التى يواجهها. كما تناولت المشاورات تبادل الرؤى والتقييم حول التطورات الدولية الجارية، وتم الاتفاق على أهمية الاستمرار فى تنسيق المواقف تجاه الأزمات الدولية الراهنة لضمان تحقيق المصالح المشتركة للدولتين وسائر الدول العربية.
وبعد جولة من المباحثات التى أجراها وزير الخارجية فى السعودية، صدر بيان مشترك بين وزيرى خارجية البلدين.
وأكد البيان الختامى على محورية دور مصر والسعودية فى محيطهما العربى والإقليمي، وأن الأمن العربى "كلٌ لا يتجزأ"، وعلى أهمية العمل العربى المشترك والتضامن العربى الكامل لـ"الحفاظ على الأمن القومى العربي".
وقالت مصر والسعودية، إن الحفاظ على الأمن العربى "مسئولية تقع على عاتق كل الدول العربية، وتضطلع كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية بدور قيادى ومحورى لتحقيق استقرار المنطقة سياسياً واقتصادياً بما يضمن التنمية المستدامة فى كافة دول المنطقة".
واتفق الطرفان على أهمية استمرار تنسيق جهودهما من أجل "دعم دول المنطقة وأمن شعوبها واستقرارها".
وأدان الجانبان، "محاولات المساس بأمن وسلامة الملاحة فى الخليج العربى ومضيق باب المندب والبحر الأحمر"، وأكدا أهمية "دعم وتعزيز التعاون المشترك لضمان حرية الملاحة بتلك الممرات البحرية المحورية".
واتفق البلدان على دعم الجهود العربية لحث إيران على "الالتزام بالمبادئ الدولية لعدم التدخل فى شئون الدول العربية، والمحافظة على مبادئ حسن الجوار وتجنيب المنطقة جميع الأنشطة المزعزعة للاستقرار، بما فيها دعم المليشيات المسلحة، وتهديد الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية".
وأكدت السعودية دعمها الكامل للأمن المائى المصرى باعتباره "جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومى العربي"، وأعربت المملكة عن "تضامنها التام مع كل ما تتخذه مصر من إجراءات لحماية أمنها القومي".
ودعت السعودية فى البيان الختامي، إثيوبيا لعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة تنفيذًا للبيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن فى سبتمبر 2021م بما يحقق أهداف التنمية لأثيوبيا ويحول دون وقوع ضرر ذى شأن على أى من مصر والسودان، وبما يعزز التعاون بين شعوب مصر والسودان وأثيوبيا.
وأكد الجانبان على أهمية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، وأن الحل العادل والشامل لها يتطلب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استنادًا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأهمية التنسيق فى هذا الملف مع القوى الإقليمية والدولية المهتمة بالشأن الفلسطيني.
وثمنت السعودية استضافة مصر لجولات المسار الدستورى الليبي، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، كما جدد الجانبان دعمهما للجنة (5+5) العسكرية المشتركة، وطالبا بضرورة تنفيذ بند خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، والمقاتلين الأجانب من ليبيا فى مدى زمنى محدد، وحل الميلشيات، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مسارى برلين وباريس ذات الصلة، وبما يحقق أمن ليبيا ووحدة أراضيها ويصون سيادتها.
وشدد البلدان على رفضهما لأى تهديدات بعمليات عسكرية تمس الأراضى السورية وتروع الشعب السوري.
كما أكد الجانبان، أهمية أمن واستقرار لبنان، داعين القوى السياسية لتحمل مسئولياتها لتحقيق المصلحة الوطنية، والإسراع فى إنهاء الفراغ الرئاسى واستكمال الاستحقاقات الدستورية ذات الصلة من أجل العمل على تلبية طموحات الشعب اللبنانى فى الاستقرار السياسى والإصلاح الاقتصادى الذى يسمح بتجاوز الصعوبات الجمة التى يواجهها لبنان فى السنوات الأخيرة.
من ناحية أخرى، تطرق الطرفان إلى الأوضاع الجيوسياسية العالمية وتبعاتها الاقتصادية دوليًا وإقليميًا، واتفقا على أهمية زيادة وتيرة التعاون الاقتصادى الثنائى والعربى من أجل تعزيز قدرة الدول العربية على مجابهة تلك التحديات والتصدى لآثارها المختلفة.
ويرى السياسيون والخبراء أن استمرار انعقاد جلسات لجنة المتابعة والتشاور بين مصر والسعودية على مستوى وزراء الخارجية، يؤكد قوة العلاقة بين البلدين و حرصهما على الحفاظ على تفردها وتميزها، من أجل الحفاظ على الأمن القومى العربي، وحل مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، لاسيما قضايا المنطقة العربية.
وقال السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، إن آلية المتابعة والتشاور بين مصر والسعودية واحدة من أهم ما يميز العلاقات بين البلدين، لاسيما فى ظل حالة عدم الاستقرار التى تسود العالم والمنطقة العربية بشكل خاص، مشيرا إلى أن الحفاظ على تميز العلاقات بين مصر والسعودية واستمرار التشاور فى القضايا التى تخص البلدين والمنطقة العربية خطوة جيدة.
وأضاف أن لجنة التشاور على مستوى وزيرى الخارجية تختص بالتشاور فى مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك وقضايا المنطقة، بالإضافة إلى القضايا الدولية، لاسيما فى ظل حالة الاضطراب الدولي، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والأزمة الاقتصادية العالمية، مؤكدا أن التشاور بين البلدين مستمر منذ سنوات طويلة، ولكن وضع آلية لهذا التشاور أمر مهم للدولتين والمنطقة العربية ككل، لاسيما أن مصر والسعودية تعتبران أكبر دولتين فى المنطقة، ولكل منهما دور محورى على المستويين الإقليمى والدولي.
ولفت إلى أن السعودية ودول الخليج لديهم حرص كبير على التشاور مع مصر فى مختلف القضايا، خاصة القضايا العربية، وما يختص أو ما يرتبط بها من قضايا دولية.
وقال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مصر والسعودية دولتان محوريتان فى المنطقة والعالم، ولديهما ثقل سياسى واقتصادي، فيما يخص القرارات المصيرية فيما يخص القضايا العربية أو القضايا الدولية ذات الصلة بالمنطقة ودولها، مشيرا إلى أن التنسيق بين مصر والسعودية أو مصر وباقى دول الخليج أمر مهم للمنطقة وأمنها القومي، خاصة فى ظل حالة عدم الاستقرار التى تعانى منها بعض الدول العربية، وحالة الاستقطاب وعدم الاستقرار الدولى جراء الحرب الأوكرانية، وما تبعها من أزمات سياسية واقتصادية.
وأوضح أن إنشاء آلية للتشاور والحرص على دورية انعقاد الآلية، يؤكد أن البلدين لديهما إصرار على الحفاظ على الأمن القومى العربي، وحل المشكلات العربية بطرق سياسية وودية، بالإضافة إلى تأصيل التعاون السياسى والاقتصادي، وفى جميع المجالات، لاسيما أن هناك علاقات متينة بين الشعبين، ومشروعات اقتصادية وتنموية، وعلاقات أخوية بين الرئيس عبد الفتاح السيسى وأخيه جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، وولى العهد محمد بن سلمان، وكل ذلك من أجل الحفاظ على أمن واستقرار دول الخليج الذى يعتبر جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصري.
وقال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن العلاقات الوثيقة بين مصر والسعودية أحد أهم محاور استقرار المنطقة العربية، مشيرا إلى أن البلدين يعتبران نموذجا يحتذى به فى العلاقات الطيبة التى تقوم على الأخوة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وكلما كانت علاقات مصر والسعودية متينة وجيدة، صب ذلك فى صالح قضايا العالم العربي، والأمن القومى العربي.
ولفت إلى أن التاريخ يثبت أن العلاقات السعودية المصرية تاريخية ومثال للعلاقات الدولية النموذجية، وهناك أمثلة كثيرة على عمق العلاقات منها حرب أكتوبر 1973، ومؤخرا موقف السعودية من ثورة 30 يونيو 2013.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
يحرص الرئيس "السيسي" فى كل مناسبة أن يبعث بمجموعة من الرسائل للداخل والخارج؛ علّها تكون مرشدًا ودليلاً للخروج
حما أرضه وصان عرضه ولا انحنى لغير مولاه
لقد اختارهم القدر أن يحملوا لقب شهداء، وإن كانوا قد تركوا فى القلب غصة، بعدما راحوا ضحية الإرهاب الغاشم الذى...
تحرص الدولة على رد الجميل لأبناء وأسر الشهداء والمصابين فى الحرب ضد الإرهاب، وتعمل وزارة التربية والتعليم