توجيهات رئاسية للسيطرة على الأسعـار.. وعقوبات مغلظة تنتظر المتلاعبين بالسو

لا حديث فى البيوت المصرية ـ خلال هذه الأيام ـ  إلا عن ارتفاع الأسعار، وعدم القدرة على مواجهة أعباء الحياة؛ فيما تسارع الحكومة الخطى لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية؛ بشأن اتخاذ التدابير

اللازمة للسيطرة على انفلات السوق؛ عبر مواجهة تلاعب بعض التجار، وتوفير السلع والمنتجات بكميات وأسعار مناسبة للمواطنين.

الجميع يعانى تبعات الأزمة الراهنة على حد سواء؛ فالأسعار تواصل صعودها بشكل لحظي، والمواطن يئن فى ظل محدودية موارده المادية وزيادة مسئولياته الأسرية، والحكومة تسعى بكل الطرق لتوفير السلع الأساسية لأطول فترة ممكنة فى ظل تبعات الأزمة الدولية التى سببتها تشابكات الأزمة الروسية -الأوكرانية، وما نتج عنها من تراجع فى إمدادات سلاسل الغذاء العالمية.

تأخر مشروعات "حياة كريمة"

الرئيس "السيسي" يحرص دائمًا على وضع المواطن البسيط فى قلب المشهد؛ ليكون جزءًا من الحل أو على الأقل لا يكون شريكًا فى تفاقم الأزمة. وخلال زيارته الأخيرة لمدينة "المنصورة الجديدة"، استعرض الرئيس جانبًا من تداعيات الأزمة "الروسية ـ الأوكرانية"، على معدلات الأعمال التى تنفذها الحكومة فى جميع القطاعات، ومن بينها مشروعات حياة كريمة " التى كان من المقرر الانتهاء منها خلال 3 سنوات.

وخلال جولته فى جامعة المنصورة، قال الرئيس السيسي، إن "عدم انتهاء خطة حياة كريمة فى القرى والأقاليم ـ وفق البرنامج الزمنى المعد سلفًا ـ  يرجع إلى الظروف الاقتصادية التى سببتها تداعيات الأزمة الروسية، مضيفًا:"لقد فوجئنا أن الشركات ـ العاملة فى المبادرة ـ غير قادرة على إنهاء الأعمال الموكلة إليها فى المواعيد المحددة، مشيرًا إلى أن تنفيذ المبادرة بالكامل كان مخططا الانتهاء منه خلال 3 سنوات، بتكلفة 700 مليار جنيه إلا أن الظروف الراهنة فرضت علينا زيادة أخرى  تتجاوز الـ300 مليار جنيه.

واستكمل:  فوجئنا ـ أيضًا ـ أن المواد المتداخلة فى العمل كمياتها غير كافية، وإنتاج الشركات لا يلبى الاحتياجات لتنفيذ المطلوب، ولكننا وعدنا.. ووعدنا قائم بإنجاز هذه الأعمال".

 ليس زيادة فلوس..

فى سياق متصل؛ أجاب الرئيس "السيسي" عن بعض التساؤلات المتداولة فى الشارع  المصري، ومن بينها سر  إصرار الدولة على مواصلة تنفيذ عدد ضخم من المشروعات العملاقة فى وقت تعانى فيه ملايين الأسر المصرية عدم القدرة على مواجهة أعباء الحياة.

وفى هذا الصدد،  قال: "كان حد كلمنى نخف الأعمال بتاعتنا شوية، قلت لهم: عدد الشركات(الحكومية) العاملة فى المشروعات المصرية محدود، أما بالنسبة للقطاع الخاص فهنلاقى  مش أقل من 5 آلاف شركة شغالين.. ولن أقول إن متوسط العاملين فى كل شركة من هذه الـ  5 آلاف.. لا..  قول ألف عامل، يعنى 5 ملايين إنسان.. يعنى 5 ملايين أسرة.. لو قفلت(هذه الشركات)  قولوا لى الملايين دى كلها تعيش إزاي؟..  طيب أديهم "تكافل وكرامة" ولا أخليهم يشتغلوا ويبنوا البلد؟".

وتابع قائلاً: "هذه المشروعات مش زيادة فلوس معانا ولكنها أمور حتمية.. لازم نعمل كده.. ولو معملناش كده يبقى قصرنا فى الحاضر والمستقبل"، فيما شدد الرئيس "السيسي" على حتمية المشروعات التى تم الانتهاء منها وتلك الجارى تنفيذها، قائلاً: "النمو السكانى هياكل البلد، وعندما نقول ذلك إحنا مش بنخوفكم ولكننا نقول الكلام ده لكل المؤسسات فى مصر بما فيها المؤسسات الدينية".

 حلول غير تقليدية لمواجهة الأزمة

نستخلص من هذه الكلمات أن الحكومة تواجه تحديات جسيمة بسبب الظروف الاقتصادية التى فرضتها الأزمة "الروسية ـ الأوكرانية"، إلا أنها تعمل وتبحث عن حلول غير تقليدية لإنجاز ما تم الالتزام به أمام المواطنين.

وفى محاولة للسيطرة على الأسواق والتلاعبات التى قد تشوبها، تقدمت الحكومة إلى البرلمان بمشروع لتعديل "قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية" ووافق عليه البرلمان مؤخرًا.

وتستهدف تلك التعديلات مواجهة عمليات التركز الاقتصادى والحد من السيطرة على السلع، إلى جانب فرض رقابة مسبقة على تلك التركزات أو الاحتكارات، كما تعمل التعديلات على فتح المجال أمام المنافسة الحرة وتذليل عوائق الدخول فى السوق، ومن ثم تضمن الحكومة انسيابية وصول السلع إلى الأسواق والسيطرة على الأسعار؛ أخذا فى الاعتبار أن القطاع الخاص يشكل أكثر من 70% من حجم السوق المصرية.

وعلى ذكر التشوهات التى قد تشهدها الأسواق المصرية فى أوقات الأزمات، والجهود التى تبذلها الحكومة للسيطرة على الأسعار؛ فى ظل انتهاج سياسة السوق الحرة التى تُلزمنا بها "منظمة التجارة العالمية"، ولا يمكننا الفكاك منها، نؤكد أن الأسواق المصرية تمر بحالة من الشك والريبة حول ما يمكن أن تسفر عنه الأزمة العالمية، وما يمكن أن تتخذه بعض الدول الكبرى من إجراءات للتخفيف من آثار الأزمة "الروسية ـ  الأوكرانية" على أسواقها.

 عقوبات مغلظة تنتظر المتلاعبين

فى ظل حالة الضبابية التى فرضها عدم استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري،  يحرص كبار التجار والمستوردين على اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر للحيلولة دون تكبدهم أية خسائر مستقبلية، وفى سبيل تحقيق ذلك فإن جانبًا من هؤلاء يعملون على تخزين السلع أو تقليل المطروح منها بغرض تعطيش السوق ورفع الأسعار على المستهلكين. وفى مواجهة ذلك أكدت الحكومة مؤخرًا على تفعيل العقوبات المنصوص عليها فى "قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية".

 وتنص المادة السادسة من القانون ـ قبل التعديل الأخير ـ على "غرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تتجاوز 500 مليون جنيه"، والحبس والغرامة  لكل من "الأشخاص الذين تسببوا فى ارتفاع أسعار غلال أو بضائع أو بونات أو سندات مالية معدة للتداول عن القيمة المقررة لها فى المعاملات التجارية".

ولم تكتف الحكومة بتلك العقوبات، بل إنها تقدمت بمشروع قانون ـ وافق عليه البرلمان مؤخرًا ـ لتغليظ العقوبات المنصوص عليها فى قانون" حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية".

الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لمواجهة انفلات الأسعار لم تأت من فراغ ولكن كانت نتيجة طبيعية لما يجرى فى السوق العالمية وما تم رصده من ممارسات لا أخلاقية يرتكبها تجار الأزمات وبعض ضعاف النفوس فى حق المواطن المصري.

 السوق المصرية تسير عكس الاتجاه

بالرجوع إلى أحدث تقارير "منظمة الأغذية والزراعة" عن شهر نوفمبر الماضى سنجد أن هناك تراجعًا عالميًا فى أسعار الحبوب ومنتجات الألبان واللحوم، مقارنة بما كانت عليه فى شهر أكتوبر الفائت، حيث انخفضت أسعار الحبوب بـ1.3% خلال فترة المقارنة.

وشهدت الأسعار العالمية للقمح تراجعًا بنسبة 2.8% خلال شهر نوفمبر، مدفوعةً بعودة الاتحاد الروسى إلى مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب وتمديد الاتفاق، وتراجع الطلب على استيراد الإمدادات من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب أسعارها غير التنافسية، وازدياد المنافسة فى الأسواق العالمية مع تزايد عدد الشحنات من الاتحاد الروسي.

وتراجعت أسعار الذرة بنسبة 1.7% شهريًا متأثرة أيضًا بالتطورات الحاصلة على صعيد "مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب"، كما تراجعت أسعار منتجات الألبان للمرة الخامسة على التوالى بنحو 1.2%، وهبطت أسعار الحليب المجفف كامل الدسم إلى حد كبير، ويرجع هذا فى الأساس إلى تراجع الاهتمام بالشراء من جانب الصين.

 ووفق تقرير "منظمة الأغذية والزراعة" العالمية، فقد تراجعت أسعار اللحوم بنحو 1% للشهر الخامس، كما هبطت أسعار السكر بما نسبته 5.2%  بسبب توقعات بوفرة الإمدادات العالمية خلال الموسم 2022/2023.

حق يراد به باطل

 استغل الكثير من التجار انعكاسات الأزمة "الروسية ـ الأوكرانية" على الأسواق العالمية، ورفعوا الأسعار بشكل مبالغ فيه، وعندما تسأل أحدهم عن السبب يجيبك :" الحرب يا بيه"، ولا ندرى ما علاقة هذا بزيادة سعر حزمة الفجل أو الجرجير لأكثر من الضعف، وما علاقة الأحداث العالمية بزيادة سعر رغيف الخبز الحر لنحو جنيهين، فى حين أن الدولة حافظت على إمدادات المخابز باحتياجاتها من الدقيق، وبنفس السعر القديم.

قد يقول قائل إن مصر ليست بمعزل عن الأسواق العالمية، وأى تغير هناك يستتبعه أثر هنا؛  استنادًا على نظرية "الأوانى المستطرقة" التى تحكم النظام الاقتصادى العالمي، ولهؤلاء نقول إن أسانيدكم تقوم على حق يراد به باطل؛ لأن السوق المحلية ليست مُحرّرة بالشكل الذى يجعلها تتأثر بأى هزة ولو ضعيفة فى السوق العالمية، فضلاً عن أن الحكومة المصرية لديها ـ الآن ـ من الأدوات ما يُمكنها من حفظ توازن الأسعار فى السوق الداخلية، وفى ذلك نشير إلى نجاح الدولة فى تشييد أحدث منظومة صوامع لحفظ الغلال والسلع الاستراتيجية على مستوى الجمهورية، فضلاً عن الدور الذى تلعبه المنافذ الثابتة والمتنقلة، لـ"جهاز الخدمة الوطنية"، وكذا منافذ"أمان" والأخرى التابعة لوزارتى الزراعة والتموين فى ضبط إيقاع السوق وتوفير السلع الاستراتيجية بالكميات والأسعار المناسبة.

 رسائل تحذيرية فى مواجهة التلاعبات

لا يمكن أن نغفل أيضًا الدور الهام والحيوى الذى تقوم به المجمعات الاستهلاكية، والتى أعاد الرئيس  "السيسي" إحياءها عقب توليه المسئولية فى العام 2014. وفوق كل هذا تجب الإشارة إلى  أن الدولة المصرية لم تقم بتحريك الأسعار فى السوق المحلية؛ رغم تداعيات الأزمة "الروسية ـ الأوكرانية" على الأسواق العالمية للسلع الاستراتيجية.

وفى ضوء كل ما سبق، يجب على الجميع (تجار ومسئولين ومواطنين) استيعاب رسائل الرئيس "السيسي" التى بعث بها خلال توقف موكبه لتبادل الحديث مع بعض الأسر التى تصادف وجودها أثناء جولته التفقدية بمنطقة مصر القديمة والقاهرة التاريخية؛ فى وقت سابق من هذا العام.

خلال الجولة، توقف الرئيس ليتحدث مع صاحب أحد الأفران، وسأله عن سعر الرغيف الحر، قائلاً: "بتبيعه بكام.. بصراحة؟"، فأقسم الأخير: "والله بنص جنيه الرغيف".

 الرئيس باغت محدثه بتعقيب كاشف لما يجرى فى السوق، قائلاً: "يبقى أقل من تمنه.. يعنى أنت بتبيع الحاجة بأقل من تمنها؟.. إذا كان هو بيتكلف 65 قرشًا، بتبيعه أنت بـ 50 قرشا؟!.

وفى ذلك التعقيب؛ كانت هناك رسالة واضحة من رئيس الجمهورية إلى الجميع  بأن القسم الذى يردده غالبية التجار ليس صحيحًا، وسوف يحاسبون عليه فى الدنيا والآخرة، أما فى الدنيا فسوف يوقّع عليهم أقصى عقوبة ممكنة قد تصل فى بعض الأحوال إلى حد السجن والغرامة المغلظة، لأنهم يتلاعبون بأقوات الغلابة ويستغلون الظروف القاسية التى يعيشها المواطنون أسوأ استغلال.

Katen Doe

مسعد جلال

محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام

أخبار ذات صلة

wave
حياة كريمة

المزيد من سياسة

wave
أجواء الحرب العالمية الثالثة تلوح فـوق البحر الأسود

تصاعدت حدة المواجهات بين أمريكا وروسيا بشكل مفاجئ على خلفية الحرب الأوكرانية، وذلك فى أعقاب إسقاط طائرة

مصر تربك حسابات "بارونات القمح" بقرار الانسحاب من اتفاقية الحبوب الأممية

يحرص الرئيس "السيسي" فى كل مناسبة أن يبعث بمجموعة من الرسائل للداخل والخارج؛ علّها تكون مرشدًا ودليلاً للخروج

فيلم يروى بطولات شهداء مصر فى الحرب على الإرهاب

حما أرضه وصان عرضه ولا انحنى لغير مولاه

أسر الشهداء: الدولة لا تنسانا أبداً.. وتكريم الرئيــس مصدر فخر واعتزاز

لقد اختارهم القدر أن يحملوا لقب شهداء، وإن كانوا قد تركوا فى القلب غصة، بعدما راحوا ضحية الإرهاب الغاشم الذى...