فى 196 صفحة من القطع الصغير يصدر ديوان قاطرة "مرآة جديدة لإديت بياف" للشاعر محمود سيف الدين،
عن سلسلة الإبداع الشعرى، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
يطرح الديوان فى مجمله تجربة شعرية لها خصوصيتها من حيث البنية والتشكيل اللذين يستوعبان مجازًا محتدمًا يُعبدُ طريقًا نحو رؤية وجودية تتمحور حول انعكاسات الأنا والآخر عبر المواقف المتباينة، ومن ثم تخلص إلى رؤية الإنسان الذى يحب ويكره ويخاف ويشقى ويأمل ويتأمل ويبلغ مستويات متراتبة من الحكمة، والتى تلخص بدورها موقفًا متناقضا من حيث استيعابها.
"الحكمة أخفُ من جناح فراشةٍ،
وأثقلُ من أقدامِ فيل..
قل مثلًا على الدنيا السلام"
وعبرَ لغةٍ تحقق هذا المزيج المتوازن بين الشفاهية والكتابية، تتردد أصوات الوجود والموجودات، وتنعكس صورها فى تشكيل يستدعى الحواس التى تُحفزها طاقة الحزن فتتجلى بتبادل للأدوار، بحيث يُحقق المجاز فى الديوان مستوى من التماس مع كل رؤية. نلمح فى قصيدة "مرآة جديدة لإديت بياف"، والتى رأى الشاعرُ أن يكون عنوانها عنوانًا للديوان، تواصلًا بين الانطباع العام عن المطربة الفرنسية الشهيرة، كأيقونةٍ للفنِ والمأساةِ معًا، دون تتبع التفاصيل، للإشارة إلى هذه الجدلية بين الألم والتجلى.
"لأنَّ يدَ الربيعِ مغلولة إلى عنقه
الأيامُ البذيئة تمرُ من الفتنةِ إلى الهمجية".
حتى تتجاوز فكرة الأضداد مجرد المفارقة إلى التخليق، إذ تنتج هذه الملامح للإنسانِ الذى يقاوم بطاقةٍ روحية ما يحولُ دون إطلاقِ الحرية لفعل الوجود.. "همسٌ ناءٍ وبكاءٌ نحيل"، "الحياةُ ورديّةٌ فى الزحامِ المتلاشى.. الطبيعةُ لا تكفُّ عن الثرثرةِ.. الفوضى جُرحٌ هادئٌ فى القلب".
ولا تخلو الرحلةُ من السؤال الذى يمثل فى حد ذاته دافعًا لاستكمالِها:
"لماذا إذًا.. نعتنى بالشمسِ البعيدةِ عن أطرافِ أصابعنا"
وعبر صورٍ تتفاوت فى تكثيفها أو أخرى مركبة، يحلق ديوان "مرآة جديدة لإديت بياف"، نابشًا الأحوال المتفاوتة لتجليات الذات الإنسانية وعلاقتها بفضاء تجربتها المتكررة بصورةٍ ما، سواء فى تباين أحوال الأنا أو ما يقابلها، فى نظرة فلسفية من خلالها للحياة ككل، فنشاهد انعكاسات الذات فى حوار النفس الداخلى عبر مشاهدٍ من الخارج، ففى قصيدة "حكاية للآخر" يتبدى الصراع الوجودى بين صوتين فى جسدٍ واحدٍ لا يلتقيان إلا فى نهاية المطاف كضرورة للاستمرار، ومن ثم اكتشاف بداية جديدة تليق بهذا التصالح..
"استيقظنا معًا..
وأسقطنا الماء على وجهـَيـْنا..
ولم نكن نائميْن..
أو شيئًا من هذا القبيل
ارتدينا الجوربَ نفسه..
والحذاء..
وكنتُ أراه ويرانى..
بدقةٍ فى المرآة..
ومضينا معًا إلى سيارتنا..
ولأولِ مرةٍ..
لا نختلفُ على الطريق.."
ولأن الحياة هى الإطار الأشمل لصراع الوجود، احتلت نصيبًا كبيرًا من التأمل الذى أحالها لقطارٍ يُقل المسافرين نحو محطاتٍ إما يستقرون بها أو يعيدون قراءة المشهد، وكيف كان هذا القطار مجردَ لعبة بلاستيكية فى يدِ الطفل المتعجل لخوض التجربة، والنادمِ بعد ذلك وهو ينظر من شرفة القطار فى واقعه ومجازه..
"انظر للطريقِ بعينيك القديمتين
اللتين تركتهما جوار كومةٍ من ألعاب الصبا
تذكرْ؟
كنتَ متعجلًا وقتها
قفزت إلى القطار البلاستيكى"
ليكتشف أنه غادر هذه المساحة التى يحتل فيها الخيال الجانح كيان التجربة فى مهدها، ليجد ذاته وقد فوجئت بلحظتها الراهنة..
"وعبر هذه اللعبة القديمةِ يا هذا
باغتتك الأيام....
وجئتَ إلى هنا".
ولا يزال هذا الطفل الذى كبر فجأة فى غمار موجٍ من الصراعات التى لا تنتهى إلى نتيجةٍ لتأمل أو أسئلة لا شاطئ لها. إنها إذًا لعبة الأيام التى تمنحُ الفرص بمقايضة على حساب الهدأة فالمعرفة مقابل ثقل التفكير، والعمر مقابل الشقاء، وترتد الأمنيات على أعقابها لكن لا سبيل من عودة. وتبقى المحاولات سبيلا لقبول الواقع والتعايش معه..
"خرجتُ وقلبى فى نزهة
ولأنه كان الأكبرَ سنًا ومقامـًا
حملنى شاكرًا ـ فوق ساعدِه"
وإذ تنجح المحاولة ينفجر الظل للخروج من دائرة التابع إلى الكيان المستقل الذى تنسحب إليه ثورة الحواس، فيبدى رغبته فى الطريق أو فى ما يحب أن يكون:
كنتُ مُتعجلًا بعضَ الشىء
حتى جذبتُ ظلى من ياقتِه
قبلَ أن ينكسرَ فى استدارةِ جدارٍ
على مرمى بصر دسستُه فى جيبِ السترةِ المُنشّاةِ وعَدَوْت وإذ وقفتُ على خشبةِ المسرح المهجور
فى سماءِ المدينةِ.. وهممتُ بإفاقتِه
خربشَ أوتارَ حنجرتي
وصرخ: لا
الإضاءةُ هُنا مُزعجة.
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
غام الطريق، واشتد الصقيع، وشعر السائق أنه بحاجة لالتماس قدرٍ من الدفء بالتوقف عن الحركة التى توقظ صقيع رياح الشتاء
يأتى شهر رمضان حاملا معه الفرحة للجميع، صغارا وكبارا، ولكل منا ذكرياته المرتبطة بهذا الشهر، إلى جانب بعض طقوسه الخاصة،
السيدة خديجة بنت خويلد، أولى زوجات النبى محمد صلى الله عليه وسلم وأول امرأة تصلى خلفه، وتدعمه فى اليوم الأول...
فى نهايات الستينيات، كتب رجاء النقاش رئيس تحرير مجلة "الكواكب" مقالا ينتقد فيه المطربة الكبيرة فايزة أحمد، ويعتب عليها لرفضها