المطربة فاتن حمامة تغنى من كلمات كامل الشناوى وألحان عبد الوهاب/ الخيانات المتبادلة بين مى وجبران خلال 19سنه من الغرام
هل غنت فاتن حمامة من كلمات كامل الشناوى وألحان عبدالوهاب؟.. ولماذا أخفت الأغنية بعد تسجيلها؟.. وأين ذهبت تلك التجربة "المجنونة" والمدهشة فى حياة سيدة الشاشة؟. وهل كانت قصة غرام مى زيادة وجبران خليل جبران مجرد وهم جميل صنعناه وصدقناه؟.. هل تبادلا العاشقان الخيانة، ولم يكن ما بينهما سوى "تسلية ظريفة"، لم ترق لدرجة الحب الحقيقى؟
(1)
فاتن تغنى من ألحان عبد الوهاب!
فى هذا المساء، كان المحاور القدير مفيد فوزى يحاور سيدة الشاشة فاتن حمامة فى شقتها بالطابق الثانى عشر بالعمارة الشهيرة فى حى الزمالك، وفجأة قطعت فاتن الحوار وسألته بطريقتها الفاتنة:
- تحب تسمع حاجة؟
وطبعا أومأ مفيد بالإيجاب، وكل ما جال بخاطره فى تلك اللحظة أن الست فاتن تريد أن تخفف من حدة الحوار الساخن الذى زاده قيظ حر أكتوبر إلتهابا، وأنها ترغب فى تشغيل مزيكا خفيفة تلطف الأجواء، ولذلك لم يتردد فى الموافقة، ومن الذى يجرؤ يومها أن يرد طلبا للست فاتن، ومن الأحمق الذى يرفض أن يسمع مقطوعة موسيقية على ذوق الست فاتن!
وقامت سيدة البيت والقلوب وشغّلت جهاز الريكوردر، وكانت المفاجأة التى ألجمت مفيد فوزى، فلما ذهبت عنه الصدمة ركبه الفضول وبدأ فى استجواب الست فاتن عما سمعه ليتأكد أنه لم يكن يحلم!
كان الشريط يحمل بروفة أغنية بصوت فاتن حمامة..!
إنها تجربة غريبة على فاتن.. بل قل مجنونة، فهى لم يسبق لها الغناء، ولم يسمع أحد صوتها فى أغنية إلا ككورس مع فريد الأطرش فى أغنية "جميل جمال" بفيلم "لحن الخلود" (1952)، فما الذى يدفع فاتن لتلك المغامرة المجنونة وهى التى تحسب كل خطوة وكل همسة فى مشوارها الفنى!
وتزداد الدهشة وتصل إلى منتهاها عندما تكشف لمفيد فوزى ببساطة أن الأغنية من كلمات كامل الشناوى وألحان محمد عبد الوهاب!
يا للهول، على رأى يوسف وهبى، حتى لو عرفنا بعد قليل أنها ستكون مؤدية لكلمات كامل بك على موسيقى عبد الوهاب!
كان الشريط مسجلا عليه مقطعا من تلك التجربة الغنائية العجيبة، فاتن تؤدى تلك الكلمات شديدة الجرأة بالنسبة لها: ساقاكى العاريتان ترقصان وتثيران رعشة الحنين إليكِ، وعيونك العارية الراقصة تثير سخريتى من نفسى عندما لا أراها، غطى ساقيكِ، غطى عيونكِ، فلن تثيرنى بعد اليوم، لقد نضب حنينى ونضبت غفلتى!
يومها – مطلع السبعينيات وبدايات حكم السادات – كانت فاتن عائدة لتوها إلى الوطن بعد "تغريبة" امتدت لسنوات، ابتعدت فيها عن مصر وعن التمثيل، وتفرغت لمرافقة – أو قل مطاردة – عمر الشريف زوجها ووالد ابنها، فى رحلته مع "العالمية"، وكان عليها أن تتبعه فى رحلاته بين عواصم العالم وقارات الدنيا، واستقر بها المقام لفترة فى لندن حيث التحق ابنهما طارق بإحدى مدارسها، ولما أيقنت أن حلمها تبخر وأن "عمر" لم يعد لها، اتخذت قرارا بالانفصال والعودة.
كانت فاتن ترغب فى تعويض ما فاتها، وفى وصل ما انقطع من مجد ونجومية، وفى البحث عن مشروعات فنية مختلفة وجديدة تعيدها إلى القمة التى توشك أن تفقدها.. وهو ما يفسر قبولها بتلك المغامرات الفنية التى لا تتفق مع طبيعتها المحافظة وشخصيتها غير المُغامِرة.
ولم تكن مغامرتها مع الغناء من كلمات كامل الشناوى وألحان عبد الوهاب هى الوحيدة، فقد وافقت على الدخول فى مغامرة أخرى لا تقل دهشة عن الغناء، وهى الوقوف على خشبة المسرح!
ولأنها فاتن حمامة فإن المسرح القومى وحده يليق بها، وبالفعل اتفقت مع مديره يومها الأستاذ آمال المرصفى على أن تقف على خشبته لأول مرة، وهو حدث لو تعلمون عظيم، ولذلك اختار لها مخرجا على قدر الحدث، هو الأستاذ سعد أردش، ثم جرى البحث عن نص يليق بسيدة الشاشة.
كان شرط فاتن الوحيد لقبول مغامرة المسرح هو أن تكون كراسى المسرح "كويسة" و"مريحة"، فقد حدث أن ذهبت وقتها لمشاهدة عرض "بيت برنارد آلبا" فى مسرح الطليعة، ففوجئت أن كراسيه مزعجة وغير مريحة أو ما اختصرته هى فى وصفها "بقيت قاعدة على نار"!
الطريف أن فاتن سرعان ما استعادت عقلها، وقررت أن تؤجل هذه المغامرات المجنونة إلى الأبد، فاختفى مشروعها الغنائى مع عبد الوهاب وكامل الشناوى، ونسيت مشروعها مع سعد أردش على خشبة المسرح القومى، ورأت أن تلعب فى المضمون، وفى الساحة التى تعرف قواعدها وأسرارها وحققت من خلالها مجدها، فعادت إلى السينما ملكة متوجة، فقدمت "الخيط الرفيع" من إخراج بركات (1971) و"إمبراطورية ميم" من إخراج حسين كمال (1972)، وعادت لتتألق وتجلس على عرش السينما من جديد.
لكن يبقى السؤال: أين اختفى هذا التسجيل النادر للمطربة فاتن حمامة؟!
(2)
الخيانات المتبادلة بين مى وجبران!
عن "مى" و"جبران" وقصة حبهما الأسطورية لا يمكنك أن تحصى ما نشر عنها من كتب ومقالات ودراسات، حكت وفصّلت وحللت وحلقت وأذاعت وأشاعت كل حرف وكل رسالة كتباها وكل زفرة شوق تبادلاها، ولكنك فى النهاية ستستسلم طائعا لتلك الأسطورة الخالدة بين قصص الغرام، وستصدق أننا أمام تجربة لا تقل سحرا عن قيس وليلى أو روميو وجولييت..!
ولا يتسع المقام لأن نورد قائمة الكتب التى تناولت قصة مى وجبران، يكفى أن نذكر منها "الشعلة الزرقاء..رسائل جبران إلى مى"، و"مى زيادة مآساة النبوغ" لسلمى الحفار الكزبرى، و"مى أديبة الشرق والعروبة" لمحمد عبد الغنى حسن، و"رسائل مى" لجميل جبر.
لكن فى مقابل كل هؤلاء ظهر من قرر أن يهدم هذه الأسطورة، وأن يثبت أن قصة غرام مى وجبران مجرد أكذوبة كبيرة ووهم عقيم وخيال سقيم!
ولم يكن ما كتبه الأستاذ أحمد حسين الطماوى من قبيل الإثارة الصحفية ولا للفت الأنظار أو مخالفة السائد، ذلك أن صاحب هذا الرأى كان معروفا بجديته وأصالته كباحث مدقق ومؤرخ معتبر وصاحب رصيد مميز فى الدراسات التاريخية وكتب التراجم والسير، ويعتبره المنصفون أبرز من كتب وآرخ للصحافة الأدبية، فضلا عن أنه كان من تلاميذ العقاد ومن رواد صالونه الشهير.
وقبل كل ذلك فإن الطماوى كان يعتمد فى رأيه على أدلة قوية وحجج موضوعية، أراد بها أن يثبت أن غرام مى وجبران لم يكن حبا بالمعنى المعروف بين رجل وامرأة، بل قصة اختلطت فيها الحقيقة بالخيال، والواقع بالأوهام، وجرى تحميلها بأكثر مما تحتمل، بل يمد الطماوى حبل الصدمة إلى منتهاه ويقرر أن مى وجبران تبادلا الخيانة العلنية!
لا يشكك الباحث فى الرسائل المتبادلة بين مى وجبران طيلة 19 عاما (بين 1912 وحتى رحيل جبران 1931)، ويقر بصحة كل كلمة كتبها جبران فى رسائله الـ 37، وكل حرف ردت به مى على تلك الرسائل، ويقول بنص كلماته: ولا يدانينا شك فى صحة المراسلات بين الصديقين ولا فى مادتها أو أسلوبها الشفيف المعبر عن أشواق كل منهما للآخر".. ثم يفجر السؤال الصادم: ولكن هل كان هذا الحب عميقا شديدا فى القلوب على نحو ما جاء فى الرسائل وفى وصف الكُتاب والمترجمين لمى وجبران؟.. أو أن الأمر صار قصة غرامية تستريح الأذن فيها على أسلوب أنيق خيالى وعبارة موسيقية لطيفة الإيقاع وكلمات حافلة بالشوق والحنين، تستسلم النفس فيها حزنا على هذين العشيقين الذى مات كل منهما دون أن يقضى وطره من الآخر؟!
بجرأة يجيب الباحث بأن كل من جبران ومى لم يكونا مخلصين فى قصة حبهما، وأنه كان مجرد حب على ورق، أما الواقع فكان شيئا آخر على النقيض!
ففى الوقت الذى كان فيه جبران يرسل برسائل الغرام الساخنة من وراء المحيط إلى مى فى القاهرة، فإنه كان لا يتورع عن الدخول فى مغامرات ونزوات وعلاقات نسائية مع جميلات نيويورك وبوسطن وباريس، ذاعت منها علاقته بالأمريكية الثرية "مارى هاسكل" التى قابلها فى بوسطن، فتعلق بها وتعلقت به وآمنت بموهبته ورعتها وأرسلته على نفقتها إلى باريس ليصقل موهبته فى الرسم والتصوير، كما شجعته على الكتابة بالإنجليزية، واعترافا بجميلها فإنه أهداها بعض كتبه، كما كتب عن عشقه لها، وعن قوامها الفاتن وجسدها المثير، واعترف صراحة بأن هذه السيدة الأمريكية تروق له جماليا وجسديا وحسيا، وكتب لها مرة: أقبل يدك بجفنى يا أم قلبى العزيزة.. والآن دعينى أصرخ بكل ما فى حنجرتى من صوت إنى أحبك!
ولم تكن مارى هاسكل وحدها التى وقع جبران فى غرامها من الغربيات الشقراوات، فقد قيل الكثير عن علاقته مع "ميشيلين" الفرنسية و"هيلدا" اليهودية!
وعلى الشاطئ الآخر، وفى حين كانت مى تتبادل مع جبران رسائل الغرام، فإنها كانت هى الأخرى تمنح نفسها مساحات واسعة من الحرية والانطلاق.. "فقد كان صالونها الأدبى يجمعها بالرجال، حيث تتحدث إليهم فى شئون الأدب، وتعزف لهم الموسيقى وتقوم بالغناء، وكان من جراء ذلك أن تعلق بها معظم الذين ترددوا عليها وأفصحوا لها عن غرامهم بالتلميح أو التصريح.. أما هى فكانت تخص بعضهم بعلاقات خاصة، ولها رسائل غرامية تكشف شيئا من هذا الجانب فى حياتها"!
وفى صدارة هؤلاء العشاق كان العقاد، وكان يومها فى عنفوان الشباب وبدايات السطوع، والدلائل كثيرة وقوية على علاقة غرام متبادلة ربطته بمى، ويمكننا أن نستشفها بوضوح من خلال تلك الرسالة التى يعود تاريخها إلى 30 من أغسطس عام 1925، وأرسلتها مى من برلين ردا على قصيدة فيها أرسلها لها العقاد، ويبدو أن القصيدة كانت مفعمة بمشاعر فياضة تجاهها جعلت مى تكتب إليه بتلك الحميمية وتعترف له صراحة بحبها:
"إننى لا أستطيع أن أصف لك شعورى حين قرأت تلك القصيدة، وحسبى أن أقول لك إن ما تشعر به نحوى هو نفس ما شعرت به نحوك منذ أول رسالة كتبتها إليك وأنت فى بلدتك التاريخية أسوان.. "بل إننى خشيت أن أفاتحك بشعورى نحوك منذ زمن بعيد، منذ أول مرة رأيتك فيها بدار جريدة "المحروسة"، إن الحياء منعنى، وقد ظننت أن اختلاطى بالزملاء يثير حمية الغضب عندك، والآن عرفت شعورك، وعرفت لماذا لا تميل إلى جبران خليل جبران.."لا تحسب أننى أتهمك بالغيرة من جبران فإنه فى نيويورك لم يرنى ولعله لن يرانى، كما أنى لم أره إلا فى تلك الصور التى تنشرها الصحف.."سأعود قريبا إلى مصر، وستضمنا زيارات وجلسات أقص فيها لك بما تدخره نفسى ويضمه وجداني، فعندى أشياء كثيرة سأقولها لك فى خلوة من خلوات مصر الجديدة".
لا تحتاج رسالة مى للعقاد إلى شرح أو توضيح، بل تكاد تتنصل فيها من حبها لجبران، فعلاقتها به بدا أنها فقط على الورق، فلم تلتق به ولا تعرف ملامحه إلا من خلال الصور التى تنشرها الصحف.
ولأن العقاد أصبح له فى قلب مى مكانة خاصة، فقد خصصت له وحده يوم الأحد، تقابله وحده بعيدا عن أصدقاء صالونها يوم الثلاثاء الذى تقابل فيه الباقيين، وأحيانا كانت تهيم معه فى صحراء مصر الجديدة أو تصحبه وحده إلى كنيسة "الضاهر" لتشاهد معه العروض السينمائية فى القاعة الملحقة بالكنيسة.
إنها الحقيقة عارية وصادمة، ولا تدع مجالا للشك فى أن قلب مى كان يتسع لغير جبران، وأن قلب جبران كان فيه متسع لغير مى، وهو ما يجعل الطماوى يقرر وهو مطمئن إلى نتيجته الأخيرة:
"وواضح من رسائل مى وجبران أن كلا منهما يهوى الآخر على مهل، فيبعث أحدهما برسالة وينتظر من الآخر الرد عليها، وكانت الحالة بينهما تسلية ظريفة، وتقوم بدور الفضفضة عما ران على نفسيهما من آلام الحياة وأوجاعها..
"وما جرى بين مى وجبران لم يتجاوز حد الكلام والسلام والشوق والوئام دون أن يحاول أى منهما أن يطوى المسافات التى تفصل بينهما..".
ورغم أن ما قاله الباحث يبدو صحيحا ومنطقيا وعقلانيا وعليه بدل الدليل عشرا، إلا أن أحدا لم يتوقف عنده، واستمرت أسطورة مى وجبران وذاعت وانتشرت وترسخت ولم تخدشها محاولات هدمها ونسفها.. ذلك أن الوهم فيها أجمل كثيرا من الحقيقة!
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
فى حادث سير رحل الفنان أشرف عبدالغفور مساء الأحد الماضى عن عمر ناهز 81 عاماً ودون شك ما قدمه أشرف...
فى يوم 11 من ديسمبر 1911، دخل «نجيب محفوظ» الدنيا، وخدمته الظروف فمنحته عائلة ميسورة مستورة، فاستطاع اللحاق بالمدارس ثم...
منعوها من دخول البيت الأبيض وتليفوناتها مراقبة/ قالت إن «حجم القنابل التي أُسقطت على غزة تعادل القنبلة التي أُسقطت على...
على مدار خمسين يوما استمرت ضربات المحتل الإسرائيلى تجاه غزة.. تحصد الزرع والضرع، لا تفرق بين طفل وعجوز..