قراءة في نتائج وتوصيات القمة العربية بالمنامة

"الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة والتغلب على كل العراقيل التي تفرضها إسرائيل أمام دخول المساعدات إلى قطاع غزة و عقد مؤتمر دولي للسلام بالشرق الأوسط".. هذه من أبرز توصيات القمة العربية الـ33 بالمنامة الخميس 16 مايو وسط ظروف استثنائية تمر بها المنطقة ما بين التحديات والأزمات المعقدة بعدة دول وبالتزامن مع حرب إسرائيلية شعواء ضد الشعب الفلسطيني الشقيق.
*قمة ناجحة وكلمات قوية

وتعقيبا على نتائج القمة العربية بالمنامة و رسائل الرئيس السيسي التاريخية خلال كلمة مصر .. قال د.حسام الدين محمود رئيس مركز أفريقيا للتخطيط الاستراتيجي لموقع أخبار مصر إن القمة ناجحة وحاسمة ووضعت كل المنظمات الدولية من مجلس الأمن والأمم المتحدة و المنظمات الفاعلة أمام مسؤولياتها الدولية لتنفيذ ما صدر من قرارات لتأمين مصالح المنطقة و لإيقاف الحرب بغزة ووصف كلمات الدول خلال فعاليات القمة بكلمات رصينة و متزنة وبعيدة عن "الحنجورية والشعارات" وتناولت قضايا وملفات مهمة بجدول أعمالها.
وتابع : كلمة الرئيس السيسي خلال قمة المنامة قوية وواثقة وواضحة تؤكد موقف مصر الثابت قولا وفعلا من القضية الفلسطينية ورفض تصفية القضية وتهجير الشعب الفلسطيني أو نزوحه قسرياً أو من خلال خلق الظروف التي تجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها كما أن مصر حريصة على وجود حياة في قطاع غزة كحق أصيل للشعب في إقامة دولة فلسطينية مستقلة .
وقد وضع الرئيس السيسي كل الأطراف أمام مسؤولياتها الدولية موضحا اننا في هذا الظرف التاريخي الدقيق وتلك اللحظة الفارقة أمام مسارين ..إما السلام والاستقرار وهو ما تبنته مصر منذ 7 أكتوبر الماضي حتى لاتصل الأمور بغزة إلى ما آلت إليه و لتجنب التوسع في الحرب ومسار اخر للفوضى والدمار الذي يدفع إليه التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة.
ولفت إلى تنبيه كلمة الرئيس أن الحلول الأمنية والعسكرية مؤسفة فيما يتعلق بالقادة الذين يعتقدون أنها تؤمن مصالحهم ومساراتهم السياسية وتحقق الأمن وهذا أمر خاطيء لأنها فد تدفع المنطقة لحالة من انعدام الأمن لايعلم مداها إلا الله.
وأكد رئيس مركز أفريقيا للتخطيط الاستراتيجي أن مصر تحملت كثيرا حاليا وتاريخيا لدعم أمن واستقرار المنطقة والمعروف أن أمن مصر من محيطها العربي الإقليمي بمعنى أن أمن المنطقة جزء من أمنها القومي.
وأضاف أن مصر أضاءت شعلة سلام بالمنطقة وتبنت مفاوضات السلام منذ البداية إلا أن هناك من يعرقلها بوضع بنود تستفز حماس أو إسرائيل حتى لا تحقق أهدافها المنشودة التي تتبناها القاهرة لكن مصلحة المنطقة وشعوب الدول العربية أكبر من كل الأطراف التي تسعى لتدمير واقع أمن العرب.
*حل الدولتين وتدابير فورية لوقف جرائم القتل

أما الدكتور عادل عامر الخبير السياسي والقانوني، فقال : تتسم هذه القمة بزخم كبير في موضوعاتها على الجانبين السياسي والاقتصادي، حيث يحتل الجانب الأكبر من مناقشاتها الوضع في غزة، لكونها القضية الأولى والمركزية للعرب، وأنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة دون حل للقضية الفلسطينية وفق حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967م وعاصمتها القدس، والوقوف على ما بعد قرار محكمة العدل الدولية، بإقرار تدابير إجرائية فورية تشمل وقف إسرائيل ارتكاب جرائم قتل الفلسطينيين وإلحاق الأذى الجسدي أو المعنوي بهم وإخضاعهم لظروف معيشية تستهدف التدمير المادي لهم، إضافة إلى أهمية توفير الاحتياجات الإنسانية.
وأيضا تؤكد القمة أن التهجير القسري للفلسطينيين أو التسبب بنزوحهم «جريمة حرب وخط أحمر"، وبحثت في التداعيات الكارثية للحرب الإسرائيلية الشعواء على غزة اقتصادياً.
وثمنت القمة أهمية أن يضطلع المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن، بمسؤولياته في تنفيذ قرارات وقف إطلاق النار في القطاع، بما يحفظ أرواح المدنيين، ويوفر لهم المساعدات الإنسانية والإغاثية دون عوائق.
وحثت القمة على بلورة موقف عربي موحد يسهم في وقف العدوان فوراً، وإنهاء هذه المحنة المأساوية المستمرة.
*مبادرة سلام دولية
ويرى د.عادل عامر أن طريق السلام، و المسئولية العربية فى إطلاقه عمليا، أمامه الكثير من العوائق والمصاعب ولكنه بمبادرة عربية دولية يمكن أن يصل إلى تحقيق الأهداف المنشودة وهي أهداف واقعية لحل الصراع، وشرعية إذ تستند إلى القرارات الدولية ذات الصلة وإلى الدعم الفعلي، وبالتالى الفعال للقوى الدولية المعنية بالاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط.
وتابع : هذه المبادرة ننتظر أن تبصر النور وتنطلق بحزم وعزم من القمة العربية في البحرين. بحيث تعالج هذه الرؤية التحديات الأمنية التي تواجه دول المنطقة، وتأثيرها على الأمن والسلم الدوليين، مع توثيق العمل المشترك من أجل إيجاد نظام إقليمي أكثر سلما واستقرارا وازدهارا.
*لم الشمل العربي وسقف زمني للمفاوضات

وأوضح الكاتب الصحفي والمحلل السياسي العارف بالله طلعت مدير تحرير باخبار اليوم أن قمة البحرين ركز ت على لم الشمل العربي والسلام وعدم السماح بأن تتحول المنطقة العربية إلى ساحة صراعات وتوحيد اللحمة العربية، وتكريس جهودها في دعم القضايا العربية وتعزيز الاستقرار والتنمية لدول العالم العربي كافة.
وأكد الزعماء العرب في بيانهم ضرورة وضع سقف زمني للعملية السياسية والمفاوضات لاتخاذ إجراءات واضحة لتنفيذ حل الدولتين، على أن يتم بعده إصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتواصلة الأراضي على خطوط ما قبل الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وإنهاء أي وجود للاحتلال على أرضها، مع تحميل إسرائيل مسؤولية تدمير المدن والمنشآت المدنية في قطاع غزة».
* تصفير الأزمات
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أن قمة البحرين استثنائية بكل مخرجاتها ونحن مقبلون على مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك الفاعل وتصفير الأزمات في المنطقة والعمل على تعزيز التعاون والتنمية الاقتصادية التي تنعكس على رفاهية شعوب المنطقة، وكذلك تضع مصالح الأمة العربية وتنميتها المستدامة بالتعاون المشترك على رأس الأولويات للمرحلة المستقبلية مع التأكيد على تضامن الدول العربية كافة في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها وحماية مؤسساتها الوطنية ضد أي محاولات خارجية للاعتداء أو فرض النفوذ أو تقويض السيادة أو المساس بالمصالح العربية حيث كان العنوان الأبرز لقمة البحرين هو «تدشين مرحلة جديدة في العمل العربي المشترك، تتألف من مسارين متوازيين أولهما القدرة على إيجاد حلول جذرية لما تشهده المنطقة من أزمات وتحديات والآخر هو التعاون في مجال التنمية المستدامة بمختلف روافدها للحاق بركب التقدم العالمي.
*تحديات غير مسبوقة
وذكر المحلل السياسي أن انعقاد القمة العربية في البحرين للمرة الأولى يشكل حدثا بالغ الأهمية يكتسب أهميته بالنظر إلى تحديات غير مسبوقة في مقدمتها: استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتأزم الأوضاع في السودان وليبيا واليمن بالإضافة إلى قضايا أمنية واقتصادية تحتاج إلى معالجة سريعة و جدول أعمال القمة كان مثقلا بملفات شائكة وصعبة.
واكدت القمة أن الأولوية هي وقف إطلاق النار وإغاثة الفلسطينيين وإعادة الحد الأدنى من عمل المؤسسات التي تخدم الحياة اليومية في قطاع غزة وأن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي الذي لا بديل عنه لتأسيس نظام إقليمي متجدد ومتوازن و البحرين قادرة على أن تقود القمة العربية إلى تحقيق مكتسبات ملموسة تضاف إلى مسيرة العمل العربي المشترك.
وأشار العارف بالله طلعت إلى أن القمة تعد بمثابة توجيه وخطة عمل تقوم بها الأمانة العامة في الجامعة العربية من خلال تحقيق فوري في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وإعداد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي ترتكبها السلطة القائمة بالاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة مشيراً إلى أن إسرائيل لا تبدي أي التزام تجاه مسؤولياتها الدولية ويمكنها أن تفسد آليات تطبيق أي قرارات تتعارض مع مصالحها.
ولفت إلى أن خطة الاستجابة الطارئة التي ناقشها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمرفوعة إلى «قمة البحرين» تتناول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين وتشمل برامج تتعلق بالاستجابة الطارئة والإغاثة الشاملة والإنعاش المبكر.
ويرى أن المجموعة العربية والإسلامية تمتلك الكثير من أوراق الضغط التي يمكن استخدامها للتأثير في إسرائيل والكثير من تلك الدول لديها بالفعل علاقات سياسية واقتصادية مع تل أبيب كان من الضروري استخدامها في دفع سلطات الاحتلال للتوقف عن ارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
وذكر أن المساعدات إنسانية بدأت الدخول إلى قطاع غزة منذ 21 أكتوبر الماضي أي بعد أسبوعين من بدء العمليات الإسرائيلية ضد القطاع عبر معبر رفح البري مع مصر والسلطات المصرية انتقدت أكثر من مرة وضع إسرائيل عراقيل لوجيستية وتغيير قواعد دخول الشاحنات إلى الجانب الفلسطيني من المعبر، مؤكدا أن منع وصول المساعدات الإنسانية يشكل انتهاكا صارخا من اسرائيل لأن المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على حق إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق للمدنيين في الأراضي المحتلة، كما تلزم المادة 59 من الاتفاقية نفسها سلطة الاحتلال بالسماح بمرور جميع شحنات الإغاثة.
وشدد على أنه لا يحق لإسرائيل بوصفها دولة احتلال أن تمنع دخول المساعدات الإنسانية لغزة بحجة الأمن؛ لأن ذلك يشكل عقاباً جماعياً محظوراً وفقاً للمادة 33 من "اتفاقية جنيف".
*ضرورة الاصطفاف العربي

ويرى الدكتور خالد عكاشة،المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن "قمة البحرين" عقدت وسط ظروف استثنائية وشددت على ضرورة الاصطفاف العربي لمواجهة مخطط إبادة الفلسطينيين ودفعهم للنزوح خارج أرضهم لتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء حل الدولتين، وأكد الزعماء العرب للعالم أجمع أنهم لن يقبلوا سوى بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967.
* دعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
.وثمن الدكتور عكاشة التحركات العربية المثمرة في الأروقة الإقليمية والدولية وخاصة بالأمم المتحدة ما أسفر عن تصويت أغلبية أعضاء الجمعية العامة لدعم أهلية فلسطين للعضوية الكاملة بالامم المتحدة، بشكل يثبت نجاح الجهود العربية في دفع مختلف دول العالم إلى التوجه نحو الاعتراف بدولة فلسطين لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أنه رغم تصدر الأوضاع في قطاع غزة "قمة البحرين" إلا أن القادة العرب ناقشوا جدول أعمال مثقل بالقضايا العربية والملفات الصعبة منها تداعيات حرب السودان الإنسانية والسياسية على الأمن القومي العربي والتي تستلزم ضغوطاً عربية لوقف القتال وإعادة الاستقرار لشعب السودان، و الأوضاع في ليبيا واليمن ولبنان وملفات أخرى تتعلق بدعم العمل العربي المشترك على كل الأصعدة، علاوة على قضية تأمين حركة الملاحة الدولية في الممرات البحرية ذات الصلة بالمصالح العربية مثل البحر الأحمر والخليج العربي .
*سلطة وطنية فلسطينية موحدة
وأكد على ضرورة إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سلطة وطنية فلسطينية موحدة و أن القادة العرب عبروا عن إدانتهم ورفضهم لاستهداف مدينة رفح الفلسطينية التي يتمركز فيها معظم سكان قطاع غزة، متوقعا تشكيل مجموعة عربية لمتابعة الموقف والتواصل مع دول العالم المختلفة للتوصل إلى حلول لتلك الأزمة و تحقيق حل الدولتين الحل الوحيد لإنهاء هذا الصراع .
وشدد على أهمية رسالة القادة العرب من المنامة إلى المجتمع الدولي أنهم مصرون أكثر من أي وقت مضى على إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإنجاز حل الدولتين، منوهاً بأن توصية أغلبية الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة بإعطاء فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة تثبت رغبة دول العالم في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد د.عكاشة ضرورة بحث ملف إعمار قطاع غزة الذي تعمدت حكومة تل أبيب تدميره ، و إعمار الضفة الغربية التي تعمل القوة المتوحشة في إسرائيل على تخريبها ومطالبة دول العالم بالمساهمة مع العرب في تحقيق السلم والأمن بالشرق الأوسط، والمشاركة في العمليات الإنسانية من أجل إغاثة أهل غزة.
*ويترقب العالم مصير نتائج القمة العربية بالمنامة وآليات تفعيلها لتحقيق آمال الشعوب العربية في الضغط على المجتمع الدولي لوقف نزيف دماء الفلسطينيين ومنحهم حقهم في العيش بسلام بدولة مستقلة وتنفيذ توصياتها لتسوية الأزمات ومواجهة التحديات بدول المنطقة .
أخبار ذات صلة
المزيد من تحقيقات وحوارات
خلال موجات الطقس الحارة .. كيف تحمي نفسك من الإجهاد الحراري؟
مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف وفي ظل تحذيرات هيئة الأرصاد من موجات حارة قادمة .. تتعالى الشكاوى من...
أحمد سلام : مصر بوابة محورية لحضور الصين الاقتصادي والثقافي في المنطقة
في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، تتجه أنظار الدول إلى بناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة...
كيف تتجنب أخطاء التنسيق الإلكتروني؟
تزامنا مع بدء المرحلة الثانية من تنسيق القبول بالجامعات الحكومية والمعاهد لطلاب الثانوية العامة الأربعاء 6 أغسطس وفي إطار جهود...
صوتك في انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. رسالة للعالم
طموحات وتحديات تشغل الكثير من المصريين أثناء التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 سواء بالخارج خلال يومي 1 و2 أغسطس...