نحن الأن في منتصف شهر نوفمبر.. في نهاية فصل الخريف.. وعلى أعتاب فصل الشتاء.. حيث تنهمر الأمطار في بعض بقاع مصرنا المحروسة.. أما هنا في قاهرة المعز.. فلم تسقط الأمطار إلا مرة او مرتين..
واليوم.. وبعد طول انقطاع..غالبني الحنين.. وساقني الشوق لرشفة من قهوتي الفرنسية على مائدتي في المقهى الدبلوماسي.. حيث الأصدقاء والصحبة الطيبة.. وها أنا ذا على أعتاب المقهى.. جلت بناظري باحثا عن مائدتي.. فلم أجدها.. فناديت على عم ابراهيم .. فإذا بشاب صغير يأتيني سائلا: أأمر يا بيه.. اتفضل.. فنظرت إليه متسائلا: فين عم ابراهيم؟.. فطأطأ الفتى رأسه مجيبا.. والدي.. تعيش انت.. الله يرحمه.. فقلت له: عم ابراهيم مات.. امتى.. قال: من سنتين .. دور كورونا تقيل.. ما استحملش.. ومات.. فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله.. ربنا يرحمه.. وانت حسن ابنه.. مش كده.. أنا كنت باشيلك وانت صغير.. مش فاكرني.. فقال وهو يخبط مقدمة رأسه بيده: ياه.. أستاذ حمودة.. أهلا بيك اتفضل.. أكيد حضرتك بتدور على الترابيزة بتاعتك.. هي موجودة.. بس غيرنا مكانها علشان كنا بنوضب القهوة.. اتفضل.. أهه.. وعندها.. ظهر اثنان من الأصدقاء القدامى.. وتبادلنا السلامات والسؤال عن أحوال بعضنا البعض.. وجلست على مائدتي..وطلبت من حسن أن يأتيني بقهوتي الفرنسية.. وبينما أتفحص أرجاء المقهى مستعيدا ذكرياتي بها.. فإذا بيد تربت على كتفي.. فانتبهت.. فإذا بصديقي العزيز الذي طالما كان يتجاذب معي أطراف الحديث عما يدور ويحدث في مصر والعالم.. حيث كنت أحب أسئلته مثلما كنت أحب الإجابة عليه.. فإذا بصوته يخرجني من صمتي.. انت كنت مختفي فين يا راجل.. كده برضه تسيبني مش لاقي حد يقول لي أي حاجة.. انت كويس وبخير.. فابتسمت وأنا أطمئنه علي وعلى أحوالي.. وهنا وضع حسن القهوة أمامي.. وإذا بصديقي يقول: انت جيت في وقتك.. إيه بقى حكاية مؤتمر المناخ ده والـ COP27 ده اللي أخباره ماليه الدنيا.. فابتسمت وأنا أقول له: بس كده .. من عنيه ..حاضر..COP27 ده واحد من مؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي، ودي مؤتمرات سنوية تعقد في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي .. انعقد أول مؤتمر للأمم المتحدة حول التغير المناخي في عام 1995 في برلين في المانيا.. والسنة دي.. مصر حصلت على حق استضافة مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ.. ويوم الإثنين 7 نوفمبر افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي وقيادات العالم فعاليات القمة COP27 في مدينة شرم الشيخ .وتولى وزير الخارجية سامح شكري، رئاسة المؤتمر.. تسلم القيادة من بريطانيا.. رئيسة المؤتمر السابق..وهنا قاطعني الصديق العزيز قائلا: والمؤتمرات دي بدأت امتى .. وفين.. وكانت ليه؟.. فقلت له: انعقد أول مؤتمر للأمم المتحدة حول التغير المناخي في عام 1995 في برلين .. والسنة اللي بعدها في جنيف في سويسرا.. وفي عام 1997 أقيمت القمة في مدينة كيوتو اليابانية .. وفي القمة دي.. اعتُمدت اتفاقية كيوتو بعد مفاوضات مكثفة، واللي حددت الالتزام بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالإضافة إلى آليات كيوتو مثل الاتجار بالانبعاثات وآلية التنمية النظيفة والتنفيذ المشترك..وبعدين أقيم المؤتمر في بوينس أيرس بالأرجنتين، وفي المؤتمر ده..عبرت الأرجنتين وكازاخستان عن التزامهما بتعهد خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.. ثم توالت المؤتمرات سنة ورا سنة.. في بون بالمانيا ثم في لاهاي بهولندا، وفي المؤتمر ده.. انهارت المحادثات في لاهاي وتم الإعلان أن اجتماعات الدورة السادسة لمؤتمر الأطراف ستُستأنف في بون في ألمانيا، في النصف الثاني من شهر يوليو.. ثم في 2001 في مراكش بالمغرب ثم نيودلهي بالهند ثم ميلان في إيطاليا وانعقد مرة تانية في بوينس أيرس بالأرجنتين ثم في 2005 أقيم المؤتمرفي المدينة الكندية مونتريال ثم بالعاصمة الكينية نيروبي و في 2011 استضافته مدينة ديربان بجنوب أفريقيا.. ثم أقيم المؤتمرفي الدوحة بقطر ولغاية ما وصلنا السنة دي إلى شرم الشيخ في مصر.. وانعقدت القمة تحت شعار " معا للتنفيذ".. بحضور 40 ألف مشارك على رأسهم 120 من قادة العالم.. من ملوك ورؤساء ورؤساء حكومات ووزراء من 200 دولة .. بالإضافة لممثلي المنظمات الدولية والإقليمية.أيوة يعني بيعملوا إيه في المؤتمر ده؟..المؤتمر السنة دي بيركز على 4 حاجات .. زي التخفيف والحد من الانبعاثات الكربونية اللي بتسبب تغير المناخ في المقام الأول.. والتكيف بتجنب الأضرار الناتجة عن تغير المناخ، والخسائر والأضرار.. والحد من الآثار اللي يسببها التغير المناخي.. ده غير مناقشة وسائل تنفيذ اتفاقية باريس خاصة فيما يتعلق بجانب التمويل.طيب احنا هنستفيد إيه من كل ده.. يعني إيه العائد اللي هيعود علينا من المؤتمر ده؟قلت له: لو قصدك فايدة مادية يعني.. فمصر وقعت اتفاقيات بأكثر من 10 مليارات دولار لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية والإسهام في المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج نوفي .. وكمان أمريكا وألمانيا والاتحاد الأوروبي هيقدموا حزمة تمويل لمصر بقيمة 500 مليون دولار لتسهيل انتقال مصر للطاقة النظيفة.. وفيه كمان تنشيط السياحة والعلاقات والتعاون الدولي .. وفوايد تانية كتيير .. وهنا أومأ صديقي برأسه موحيا بفهم ما قلته له.. ثم غادر مائدتي خارجا من المقهى.. فابتسمت وأنا أشعر بالسعادة لعودتي مرة أخرى .. للمقهى الدبلوماسي.. وللحديث بقية..
لمزيد من المقالات
المقهى الدبلوماسي - ليبيا.. قصة لم تنته
محرر بالموقع الموحد للهيئة الوطنية للإعلام
بينما كنت أرتشف قهوتي الفرنسية على مائدتي بالمقهى الدبلوماسي.. إذ جاءني صديقي العزيز يسألني.. انت كنت مختفي فين بقالك يومين.....
ما إن ينتهي الشهر الكريم.. حتى يغلبنا الشوق إليه.. ونبدأ في انتظار عودته.. ونشعر بذلك ونحن نودع شهر شوال أيضا.....
لا أدري ما الذي جعل هذه المأثورة للإمام الحسن البصري تقفز أمام عيني.. وكانها تحدث أمامي الأن.. ربما لأهمية الرسائل...
ومثلما جاء رمضان ..انقضى.. وجاء العيد وانتهى.. وعادت الأيام لرتابتها المعتادة.. فما أن يأتي الصباح.. فنتمنى قدوم الليل.. حتى ينقضي...