عالم آثار يكشف أسرار حجر رشيد الثاني وفلسفة الكتابة المصرية القديمة

ألقى أ. د. عمرو الهوارى، بجامعة بون الالمانية، وأستاذ كرسى سمبسون الشرفى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، محاضرة عامة، بعنوان "فلسفة الكتابة المصرية القديمة: "حجر رشيد الآخر BM EA 194" ، تحدث فيها عن مشاكل فهم اللغة المصرية وامكانيات العلامات الهيروغليفية المتعددة.

وتناول بالمحاضرة التي أقيمت بقاعة مؤتمرات كلية الآثار بجامعة القاهرة، قصة هذا الأثر، حيث قال الهواري، إنه فى خريف عام 1816 عثر المغامر جان باتيستا بيلزوني، أثناء أول حفائر لحسابه الخاص بالكرنك على حجر مربع غريب عليه كتابات هيروغليفية داخل جدول ضخم و على الفور - كما سجل فى يومياته- واعتقد في حينه أن هذا الحجر قد يكون مهم فى حسم قضية فك الرموز الهيروغليفية وأفصح عن رغبته لنقل الحجر الى لندن لعرضه على العالم العبقرى الشاب "توماس يونج" ليكون له السبق فى اعلان انتصار العلم الحديث على الخرافة وأساطير الماضى الغابرة عن طريق التفسير الممنهج لمعانى العلامات الهيروغليفية كما تظهر فى جدول حجر الكلمات المتقاطعة.

وأضاف الهواري: " لكن مجرى الاحداث لم يسمح له بذلك نتيجة لخلافه مع راعيه القديم "هنرى سالت" واضطراره إلى السفر جنوباً بحثاً عن الكشف والمغامرة إلى أن لقى حتفه بعدها بعدة أعوام بمرض الملاريا فى "تمبكتو" ليباع الحجر ضمن مجموعة مقتنيات "سالت" الثانية إلى المتحف البريطانى.

وتابع: "فى خلال تلك الفترة أعلن شامبليون بالفعل فك رموز حجر وشيد ودشن بذلك بداية علم المصريات الحديث بعيدا عن الخرافات والتفسيرات الباطنية والسحرية للعلامات الهيروغليفية كما كان سائداً منذ العصور الوسطى ليبقى حجر الكلمات المتقاطعة ‏BM EA 194 حبيس أقبية وسراديب المتحف البريطانى بلندن و لم يعتد أحد بفحص الحجر و أهميته لفهم اللغة المصرية القديمة باعتبار أن القضية قد تم حسمها لتضيع فرصة مهمة لفهم أعمق لفلسفة اللغة المصرية من منظور مصرى-مصرى.

وأكد الهواري أنه تمكن من إعادة ذلك الأثر النادر للواجهة، بعد دراسة مستفيضة، ليتم فتح النقاش من جديد حول مشاكل فهم اللغة المصرية وامكانيات العلامات الهيروغليفية المتعددة التى لا مجال لمناقشتها من خلال المنهج الغربى و نموذجه النحوي اليونانى، إذ يسمح لنا ذلك النص الفريد الفرصة لنرى كيف مارس المصرى القديم الكتابة الهيروغليفية وما هى أولوياته و مسلماته المعرفية النابعة من الثقافة المصرية بلا أى خلط بأولويات أو منهجيات مؤسسى علم المصريات الأوروبيين.